الجيش اللبناني يعزز وجوده على الحدود تحسباً لـ«طارئ» من الجهة السوريةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5088232-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D8%B2%D8%B2-%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%AA%D8%AD%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%8B-%D9%84%D9%80%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D8%A6-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A9
الجيش اللبناني يعزز وجوده على الحدود تحسباً لـ«طارئ» من الجهة السورية
آليات للجيش اللبناني عند الحدود مع سوريا خلال تنفيذ عملية «فجر الجرود» التي نفذها عام 2017 لطرد تنظيم «داعش» من المنطقة (مديرية التوجيه)
يجد الجيش اللبناني المنهمك بمتابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب مع إسرائيل، نفسه أمام مهمة لا تقل أهمية عند الحدود الشمالية مع سوريا. فتقدم الفصائل المسلحة، وبالتحديد «هيئة تحرير الشام»، والفصائل المتحالفة في حلب وريف حماة، وكذلك وصولها إلى تخوم مدينة حماة، جعل قيادة الجيش تستنفر لاتخاذ إجراءات وقائية خشية وصول مجموعات متشددة إلى الحدود اللبنانية أو تحرك خلايا نائمة داخل البلاد.
نشر راجمات وتعزيزات
وبحسب مصدر أمني لبناني تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، فقد «تم نشر راجمات صواريخ، وتم تعزيز الوحدات المنتشرة عند الحدود الشمالية؛ كي تكون هناك جهوزية للتعامل مع أي طارئ»، لافتاً إلى أن هناك «انتشاراً كبيراً للجيش في عكار وبعلبك الهرمل، حيث إن هناك فوجَي حدود برية، ولواءين، وسرايا من وحدات خاصة، حيث إنها تعد منطقة مفتوحة، وضبط الحدود ليس بالأمر السهل».
ويشير المصدر إلى أن «المعطيات الراهنة تفيد بتصدي الجيش السوري لمحاولات التقدم في حماة ومحيطها، لكن ذلك لا يعني أنه يمكننا النوم على حرير، لذلك تواكب الإجراءات العسكرية المتخذة، متابعة مخابراتية خشية تحركات لسوريين أو لبنانيين متعاطفين مع الفصائل في الداخل اللبناني»، لافتاً إلى «تكثيف الإجراءات والحواجز ودوريات الجيش في مناطق الشمال».
ولا ينكر المصدر أن «الخوف من جبهة الشمال أكبر من جبهة الجنوب؛ حيث هناك اتفاق برعاية دولية، أما شمالاً فالأمور قد تتدهور دون سابق إنذار إذا لم نكن في يقظة كاملة وعلى استعداد للتدخل في أي لحظة».
خشية من تكرار أحداث 2014
ويخشى لبنان من أن تتكرر الأحداث التي شهدتها الحدود الشرقية مع سوريا عام 2014، حين اقتحمت مجموعات من «داعش» و«جبهة النصرة» بلدة عرسال الحدودية، وقتلت عسكريين ومدنيين قبل أن تحتل لسنوات مساحات عند الحدود اللبنانية - السورية، كما يخشى تحرك خلايا نائمة بالتزامن مع ما يحصل في سوريا، خصوصاً مع وجود مئات الآلاف من النازحين السوريين المنتشرين في معظم المناطق اللبنانية.
ضبط الحدود الشمالية أسهل؟
ويشير العميد المتقاعد، جورج نادر، ابن منطقة عكار الحدودية الشمالية، إلى أن «التعزيزات التي قام بها الجيش ليست كبيرة، وتأتي تحسباً لأي طارئ، خصوصاً إذا سحب الجيش السوري وحدات من الفرقة الرابعة للاستعانة بها عند الجبهات المشتعلة، وإبقاء وحدات عادية على الحدود اللبنانية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ضبط الحدود الشمالية مع سوريا أسهل من ضبط الحدود الشرقية معها، طالما هناك نهر فاصل بين البلدين والمعابر محدودة (بين 3 و4)، وبالتالي لا خشية حتى الساعة من تطورات دراماتيكية، وخصوصاً أن لبنان مع اتفاق وقف إطلاق النار دخل في (العصر الأميركي)، ولا مصلحة أميركية بخرق الحدود الشمالية اللبنانية».
وأوضح نادر: «إضافة إلى أن المعطيات الراهنة تفيد باستعادة الجيش السوري المبادرة وبإبعاد المسلحين حتى عن ريف حماة... لأنه إذا سقطت حماة واستمر تقدم الفصائل، فذلك يعني وجود توجه لتغيير النظام في سوريا، ولا نرى توجهاً مماثلاً حالياً، مع ترجيحنا أن ما يحصل في سوريا جزء كبير منه رسالة أميركية - إسرائيلية للأسد لقطع طريق الإمداد من إيران والعراق إلى (حزب الله)».
موجة نزوح جديدة؟
ولا تقتصر الخشية اللبنانية من اقتحام مسلحين الحدود الشمالية، إنما أيضاً من موجة نزوح جديدة نتيجة القتال المحتدم في الشمال السوري. وقال المصدر الأمني اللبناني، إنه «تم اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع تدفق النازحين من المعابر غير الشرعية»، لافتاً إلى أنه «حتى الساعة لم يتم تسجيل أي حركة نزوح جديدة باتجاه لبنان».
يُذكر أن نحو 400 ألف نازح سوري كانوا قد غادروا لبنان في الشهرين الماضيين بعد توسيع إسرائيل الحرب إلى لبنان.
وتشير الناطقة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان، دلال حرب، إلى أنه «حتى الساعة، لا توجد تقارير مؤكدة عن توجه السوريين الفارين من الأعمال العدائية في شمال غربي سوريا إلى لبنان»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «ومع ذلك، تراقب المفوضية الوضع عن كثب، وتبقى على اتصال مع الجهات الفاعلة ذات الصلة على جانبي الحدود لتقييم أي تحركات أو احتياجات محتملة».
تؤكد مصادر عسكرية لبنانية أن لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف النار بين إسرائيل و«حزب الله» بدأت فعلياً عملها على أن تعقد أول اجتماعاتها مطلع الأسبوع المقبل.
دمار عند معبر حدودي قصفته إسرائيل اليوم الجمعة بين لبنان سوريا في منطقة العريضة (أ.ب)
تبدو سوريا، هذه الأيام، على أبواب تغيير كبير في موازين القوى لم تشهده منذ عام 2011، فالزحف السريع لمقاتلي «هيئة تحرير الشام»، بمعاونة فصائل مسلّحة أخرى، من حلب شمالاً باتجاه العاصمة دمشق جنوباً، مروراً بحماة بالأمس، وربما حمص الآن، بات يهدد فعلاً بتغيير جذري في خريطة السيطرة والنفوذ بالبلاد، وهي خريطة كانت شبه ثابتة منذ عام 2020. وواضح أن تمدد الفصائل المسلحة في أجزاء واسعة من سوريا ستكون له تداعيات كبيرة على الداخل السوري، خصوصاً أن هدفها المعلَن قلب نظام الحكم. لكن تداعيات ما يحصل لن تكون محصورة في النطاق السوري المحلي، فثمة قلق واضح في دول الجوار السوري من تقدم الفصائل نحو دمشق، ربما باستثناء تركيا التي شكلت، لسنواتٍ، المظلة التي احتمى تحتها معارضو الرئيس السوري بشار الأسد، والتي ترى في انتصاراتهم ضد قواته فرصة سانحة لتحقيق أهدافها في سوريا.
فما تداعيات ما يحصل في سوريا على دول الجوار؟
تركيا... فرصة مواتية
نأت تركيا، منذ البداية، بنفسها عن هجوم «هيئة تحرير الشام» على حلب، لكنها حمّلت، في الوقت نفسه، حكومة الأسد المسؤولية بسبب رفضها إبرام اتفاق مع معارضيها. قد تكون حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان صادقة فعلاً في نفيها وقوفها المباشر وراء الهجوم الحالي للفصائل. لكن مؤيدي حكومة دمشق سيكون من الصعب، في المقابل، إقناعهم بأن أنقرة لم يكن في وسعها، لو أرادت، منع «هيئة تحرير الشام» من إطلاق معركة حلب. فهذه «الهيئة»، مع فصائل أخرى، كانت تحتمي تحت مظلة الانتشار العسكري التركي في شمال غربي سوريا، على الأقل منذ عام 2020، وهو التاريخ الذي تمكنت فيه حكومة الأسد، بمساعدة روسيا وإيران، من دفع معارضيها باتجاه جزء من محافظة إدلب؛ الجيب الوحيد الذي بقي تحت سيطرة الفصائل المسلحة. كان المعارضون وقتها على شفا الهزيمة، لولا التدخل العسكري التركي الذي منع روسيا من إكمال مهمتها في مساعدة الأسد على استعادة شمال غربي البلاد. وأسهم التدخل التركي في قيام ما أصبح يُعرَف لاحقاً بـ«مناطق خفض التصعيد» أو منطقة «بوتين - إردوغان» التي رسم حدودها الرئيسان الروسي والتركي، وبقيت ثابتة منذ عام 2020.
أعادت «هيئة تحرير الشام»، منذ ذلك الوقت، بناء قواتها وفرضت هيمنتها على كثير من الفصائل المسلحة التي كانت منتشرة في شمال وشمال غربي البلاد. وبالتوازي مع إعادة بناء قوتها، سعت «الهيئة» إلى إعادة رسم صورتها من خلال تأكيد فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة»، وتقديم نفسها على أنها فصيل معارض نشاطه محصور بسوريا وليست له علاقة بمشروع «الجهاد العالمي». وهكذا أطلق زعيم «الهيئة» أبو محمد الجولاني حملة إعلامية سعى فيها إلى تسليط الضوء على صورته الجديدة بوصفه قائد فصيل همُّه تغيير نظام الحكم في دمشق. خلع الجولاني عباءة «الزعيم المتشدد» التي ظهر بها عندما كان زعيماً لـ«جبهة النصرة»؛ فرع «القاعدة» في سوريا، وصار يجول بملابس مدنية على البلدات المسيحية والدرزية في ريف إدلب، محاولاً طمأنة سكانها القليلين الخائفين من ممارسات تستهدفهم من قِبل جماعات متشددة.
لكن الإنجاز الأكبر، الذي تمكّن الجولاني من تحقيقه، تمثَّل في تنفيذه تعهداته للأتراك، كما يبدو، وعبرهم لأطراف خارجية، بأنه لن يسمح باستخدام مناطق نفوذه لشن هجمات خارج سوريا. في هذا الإطار، قام الجولاني بتحجيم نفوذ مؤيديه السابقين الذين رفضوا فك الارتباط بـ«القاعدة»، وألزم فصائل مسلحة أخرى بالبقاء تحت سقف ما يقرره تنظيمه. شمل ذلك فصائل عدة؛ بينها جماعات متشددة من خارج سوريا، كمقاتلي الحزب الإسلامي التركستاني؛ وهم من الأويغور الصينيين الذين قَدِموا إلى سوريا مع بدء الثورة عام 2011 وباتوا، اليوم، وفق بعض التقارير، جزءاً من التركيبة السكانية في شمال غربي البلد نتيجة تزوجهم من سوريات. وشمل تحرك الجولاني أيضاً مقاتلين من الأوزبك والروس والشيشان، من ضمن مناطق أخرى.
وفوق ذلك كله، شنت «هيئة تحرير الشام» حملة واسعة ضد خلايا تنظيم «داعش»، التي تبيَّن أنها تنشط سراً في إدلب، علماً بأن زعيميْ «داعش» السابقين أبو بكر البغدادي وأبو إبراهيم الهاشمي القرشي قُتلا في عمليات أميركية بريف هذه المحافظة. وعلى الرغم من حملات الجولاني ضد «داعش»، فإن خلايا التنظيم ظلت قادرة على شن هجمات متفرقة، بينها هجوم انتحاري يُنسب لها أودى بحياة قيادي كبير سابق في «هيئة تحرير الشام» هو أبو ماريا القحطاني الذي كان حليفاً للجولاني لدى تمرده على زعيمه السابق أبو بكر البغدادي. وكان القحطاني قد اختلف مع الجولاني قبل مقتله، في وقت سابق هذه السنة، إذ كان يدعو إلى حل تنظيم «القاعدة» كلياً نتيجة نفوذ إيران على قادته المقيمين على أراضيها.
وانطلاقاً مما سبق، يمكن توقع أن تكون تركيا سعيدة بما يحققه الجولاني وتنظيمه في سوريا، وستَعدُّ ذلك في النهاية انتصاراً لسياستها وتمدداً لنفوذها في اتجاه دمشق. لكن تمدد حلفاء تركيا جنوباً في اتجاه العاصمة السورية يرافقه تمدد آخر سيصب في مصلحتها أيضاً، باتجاه ريف حلب الشرقي. وفي هذا الإطار، تبدو الفصائل الموالية لتركيا عازمة على طرد القوات الكردية الناشطة، في إطار ما يُعرف بـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، من الضفة الغربية لنهر الفرات، إذا نجح هجومها على ريف منبج. وتُحقق الفصائل السورية هنا رغبة الرئيس التركي التي كررها مراراً بأنه يريد إبعاد القوات الكردية عن الشريط الحدودي مع بلاده. ولم يتمكن إردوغان من تنفيذ رغبته هذه، في السنوات الماضية، بسبب الفيتو الأميركي. فالولايات المتحدة تَعدُّ الأكراد حلفاء لها؛ كونُهم كانوا رأس الحربة في القضاء على تنظيم «داعش» عام 2019. وتأتي عمليات الفصائل الموالية لتركيا ضد الأكراد، اليوم، في وقت تمر فيه الإدارة الأميركية بمرحلة انتقالية بين إدارتين، ما يعطي انطباعاً بأن حكومة الرئيس جو بايدن قد تكون عاجزة عن وقف التحرك الحالي ضد الأكراد السوريين.
العراق قلِق والجولاني يطمئنه
تشعر الحكومة العراقية بأنها معنية مباشرة بما يحصل في سوريا، لكنها عالقة بين نارين: نار الماضي الذي يثير مخاوفها من الفصائل السورية، ونار المستقبل الذي يُحتم فتح صفحة جديدة معها في ضوء رسائل الطمأنة التي تبعثها إلى بغداد.
تتخذ الفصائل الشيعية العراقية، التي لعبت دوراً أساسياً في الهزيمة التي ألحقها الأسد بخصومه، قبل انتكاسته الحالية، من محافظة دير الزور، شرق البلاد، قاعدة أساسية لنشاطها الذي اندرج في إطار رغبة إيران في تأمين خط إمداداتها عبر العراق وسوريا إلى «حزب الله» في لبنان. لكن الفصائل العراقية تبدو عاجزة، اليوم، عن التدخل مجدداً لإنقاذ الحكومة السورية. قد تكون هناك رغبة لدى بعض الفصائل في التدخل عسكرياً لمساعدة الأسد، لكن غير واضح ما إذا كان هذا الأمر مسموحاً به أميركياً. ومعلوم أن الطيران الأميركي وجّه، قبل أيام، ضربات ضد فصائل عراقية يُزعم أنها كانت تتجه من شرق سوريا لمساعدة الجيش النظامي في صدّ الهجوم على ريف حماة، ما يوحي بأن الأميركيين ربما يعارضون انخراط الفصائل العراقية في مساعدة الرئيس الأسد.
من جهتها، تبدو الحكومة العراقية، المدعومة من فصائل بعضها شارك في الحرب السورية، قلقة من التغييرات الحاصلة في سوريا، وهو أمر عبّر عنه كبار المسؤولين العراقيين. والقلق ربما يكون مرتبطاً بهوية الفصائل التي تُقاتل الحكم السوري. فالحكومة العراقية تعرف أن الجولاني نفسه كان عنصراً في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق بقيادة أبو بكر البغدادي. يتذكر العراقيون بالطبع أن هذا التنظيم كان وراء إرسال جيش من الانتحاريين الذين ارتكبوا فظاعات في البلاد وكادوا يجرُّونها إلى حرب أهلية. وكان لافتاً أن الجولاني سعى، في الأيام الماضية، إلى طمأنة حكومة محمد شياع السوداني بأنها يجب ألا تخشى وصولهم إلى الحكم في دمشق، وبأنهم لا يريدون التدخل في الشؤون العراقية، رابطاً ذلك بالطبع بتحييد الحشد الشعبي العراقي عما يحصل في سوريا اليوم.
على أي حال، لا يُعتقد أن الفصائل العراقية يمكن أن تتحرك لمساعدة الرئيس السوري إلا إذا كان ذلك رغبة إيران؛ فهذه الدولة كانت وراء إقامة تحالف يضم جماعات شيعية من أكثر من دولة (مثل الفصائل العراقية و«حزب الله» اللبناني وجماعتي «فاطميون» و«زينبيون») للتدخل في سوريا ودعم حكومتها تحت مسمى حماية المراقد الشيعية المقدسة. وفي حين بدت طهران مترددة، في الأيام الماضية، في اتخاذ خطوة واضحة لدعم الأسد من جديد، يبدو أن هذا الأمر على وشك أن يتغير إذا صحت الأنباء التي سَرَت، اليوم، عن قرار إيراني بالتدخل. فقد نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول إيراني كبير أن طهران تعتزم إرسال صواريخ وطائرات مسيّرة إلى سوريا، وزيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك؛ لدعم الرئيس الأسد. وذكر المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته: «من المرجح أن طهران ستحتاج إلى إرسال مُعدات عسكرية وصواريخ وطائرات مسيّرة إلى سوريا... وقد اتخذت طهران كل الخطوات اللازمة لزيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا ونشر قوات».
لبنان... «حزب الله» الضعيف وشهية معارضيه
لا يبدو لبنان، بدوره، بمنأى عما يحصل في سوريا. ففي سنوات الحرب السورية، شهد لبنان جزءاً من هذه الحرب على حدوده الشرقية التي انتشر فيها مقاتلون من «داعش» و«جبهة النصرة»، قبل طردهم منها منذ سنوات في إطار ما يُعرَف بـ«معركة الجرود» (جرود منطقة عرسال). لكن تلك المعركة لم تكن سوى جزء بسيط من الصورة الأشمل التي تمثلت بانخراط «حزب الله» بكامل قوته في دعم قوات الرئيس السوري ضد معارضيه. ولا شك أن تدخل الحزب لعب دوراً أساسياً في منع سقوط حكومة دمشق التي كانت تمر بأحلك أيامها بين عاميْ 2013 و2014، قبل أن تتدخل روسيا عسكرياً في سبتمبر (أيلول) 2015، وهو التدخل الذي لعب دوراً حاسماً في تغيير خريطة السيطرة والنفوذ لمصلحة الأسد.
لكن تدخُّل «حزب الله»، اليوم، يبدو كأنه يواجه صعوبات، فالضربات الإسرائيلية، في الحرب الأخيرة، ألحقت خسائر ضخمة بقيادات الحزب وعناصره ومُعداته؛ ليس فقط في لبنان، ولكن أيضاً داخل سوريا، بما في ذلك قاعدته الأساسية في القصير بريف حمص. وفي حين نقلت «رويترز» عن مصدرين أمنيين أن «حزب الله» أرسل، ليلاً، عدداً من عناصره من لبنان إلى حمص، وشنت إسرائيل غارات فجراً على معابر حدودية بين لبنان وسوريا، في رسالة واضحة تؤكد قرار منع تحرك الحزب إلى الداخل السوري. وأوضح الجيش الإسرائيلي، في بيان، أن سلاح الجو «شن غارات على طرق تهريب أسلحة وبنى تحتية إرهابية قرب معابر النظام السوري عند الحدود السورية اللبنانية».
ويُتوقع أن يكون «حزب الله» قلقاً، اليوم، من لجوء الفصائل السورية إلى الانتقام منه؛ لمشاركته في إلحاق الهزيمة بها خلال سنوات الحرب.
لكن قلق الحزب ينسحب، بشكل طبيعي، على لبنان ككل، نتيجة تداعيات ما يحصل في سوريا، على أوضاعه الداخلية. فخلال سنوات الحرب السورية، ظهرت في لبنان جماعات مسلحة مؤيدة لدعم معارضي الرئيس الأسد، في مقابل انخراط «حزب الله» عسكرياً لمصلحته. وفككت السلطات اللبنانية، في السنوات الماضية، جماعات مسلحة مؤيدة للمعارضين السوريين، لكن ضعف «حزب الله»، اليوم، وانتكاسة قوات حكومة الأسد، قد يثيران شهية بعض الجماعات لإعادة إحياء نشاطها في لبنان.
الأردن... القلق على التهديد الآتي من الحدود السورية
لم يتدخل الأردن عسكرياً في النزاع السوري، لكنه سيكون بالطبع قلقاً من التغييرات التي تحصل على حدوده الشمالية. كان مصدر القلق الأساسي للأردن، في السنوات الماضية، مرتبطاً بتهريب المخدرات (الكبتاغون) والأسلحة، وبانتشار فصائل شيعية مُوالية لإيران قرب الجانب السوري من حدوده. لكن القلق، اليوم، سيكون منصبّاً على احتمال وصول جماعات متشددة طالما ناصَبَها العداء، إلى حدوده. ومعروف أن الأردن لعب دوراً مهماً في الحرب ضد خلايا الجماعات المتشددة المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في السنوات الماضية، لكنه يبدو، اليوم، أمام احتمال أن تصل هذه الجماعات إلى حدوده لتحل محل الجماعات الموالية لإيران.
لكن الأردن يمكن أن يراهن على العلاقة الجيدة التي نسَجها مع عشائر الجنوب السوري خلال سنوات الحرب، وهو رهان يمكن أن يجنبه تداعيات أي تغييرات يمكن أن تحصل في سوريا. وليس واضحاً تماماً كيف سيكون مستقبل منطقة التنف الحدودية مع الأردن، والتي تنتشر فيها قوات أميركية وغربية أخرى إلى جانب فصيل سوري مسلح معارض لحكومة دمشق. وبالإضافة إلى قاعدة التنف، يوجد على الحدود الأردنية السورية مخيم الركبان للاجئين السوريين المعارضين لحكومة الرئيس الأسد.
إسرائيل... منطقة عازلة؟
ولا تبدو إسرائيل بدورها بعيدة عن تداعيات ما يحصل في سوريا. كان همها الأساسي تحجيم نفوذ إيران و«حزب الله»، وهو أمر حققته، إلى حد كبير، من خلال سلسلة غارات أسهمت، في الواقع، في انهيار دفاعات القوات الحكومية السورية، خلال الهجوم الحالي للفصائل المسلحة.
وإذا كانت إسرائيل متمسكة بسياسة منع «حزب الله» وإيران من إعادة التموضع في سوريا، إلا أنها قد تواجه في مرحلةٍ ما احتمال أن تحلّ مكان الفصائل الشيعية المُوالية لإيران فصائلُ سنيّة متشددة كانت حتى وقت قريب جزءاً من تنظيم «القاعدة». ويجري الحديث، اليوم، عن استعدادات إسرائيلية لإقامة منطقة عازلة على الحدود في سوريا، إذا وصلت فصائل المعارضة المسلحة إلى دمشق. ولن يكون هذا السيناريو هو الأول من نوعه لإسرائيل، فقد كشفت تجربة سنوات الحرب السورية أن معارضين مسلحين كانوا ينتشرون على الحدود مع إسرائيل، لكن همّهم الأساسي كان مواجهة القوات الحكومية السورية، وليس شن هجمات ضد الدولة العبرية. لكن إسرائيل قد تكون قلِقة، اليوم، من وصول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» إلى حدودها، خصوصاً أن الجولاني نفسه كان قد أدلى بمواقف أشاد فيها بهجوم حركة «حماس» ضد إسرائيل في طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.