حراك نيابي للتوافق على رئيس للبنان يواكب التحول في المنطقة

باسيل يتحرك أميركياً لشطب اسمه من لائحة العقوبات

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (رويترز)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (رويترز)
TT

حراك نيابي للتوافق على رئيس للبنان يواكب التحول في المنطقة

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (رويترز)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (رويترز)

يدخل انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية دائرة اختبار النيات للتأكد من مدى استعداد النواب للتوافق على مرشح يحظى بتأييد مسيحي ولا يشكل تحدياً أو استفزازاً للثنائي الشيعي، ويتمتع بالمواصفات التي حددتها «اللجنة الخماسية» للانتقال بلبنان إلى مرحلة التعافي، ويأخذون في الحسبان مواكبته التحول الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط بإقفال ملف الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» بتطبيق القرار «1701» بكل مندرجاته، وبسقوط الرئيس بشار الأسد في سوريا.

فاختبار النيات يتلازم مع فتح قنوات التواصل بين رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، وقوى المعارضة والكتل النيابية التي تتموضع في منتصف الطريق بين الطرفين، لعله يؤدي إلى إحداث ثغرة يمكن التأسيس عليها للتوافق على اسم المرشح الذي تلتف حوله الأكثرية النيابية على نحو يسمح بأن تكون جلسة الانتخاب، بدعوة من بري، حاسمة لإخراج انتخابه من التأزم، بخلاف الجلسات السابقة التي أدت إلى تمديد تعطيل انتخابه.

ومع أن بري يصر على انعقاد جلسة الانتخاب في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل استباقاً لانتقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 20 منه، ولا يحبذ تأجيلها، فإن الحراك النيابي لتهيئة الظروف للتوافق على اسم المرشح لا يزال في طور التأسيس، ويتوقف على ما سيؤول إليه حواره المرتقب مع حزب «القوات اللبنانية» والكتل النيابية، سواء المنتمية إلى المعارضة وتلك التي تتموضع في منتصف الطريق بين الفريقين.

وعلمت «الشرق الأوسط» بأن التواصل بين بري و«القوات» لم ينقطع، ويفترض أن يرتفع منسوبه في الأيام المقبلة، وهذا ما جرى التأكيد عليه في اجتماع سمير جعجع بـ«التكتل النيابي المستقل» الذي يدعم ترشيح أحد أعضائه وهو إبراهيم كنعان للرئاسة، رغم أن الاجتماع لم يتطرق إلى أسماء المرشحين وتمحور حول ضرورة التقاطع على رئيس توافقي فعلاً لا قولاً، بدلاً من انتخاب مرشح يمكن أن يصنّف في خانة فريق دون الآخر ولا يواكب التحول الذي تشهده المنطقة ويتصرف كأن لبنان ليس مشمولاً به ويمكن إدارته على غرار المرحلة التي سبقت التدخل الدولي لوقف الحرب في الجنوب.

وفي هذا السياق، تعلّق مصادر نيابية أهمية على الثقل الذي يتمتع به «اللقاء الديمقراطي» ومعه كتلتا «الاعتدال النيابي» و«لبنان الجديد» وعدد من المستقلين والنواب المنتمين إلى «قوى التغيير»، والذي يتيح لهم أن يشكلوا الكفة الراجحة للتوافق على مرشح استثنائي يلقى دعماً دولياً لأنه يتمتع بالمواصفات التي حددتها «الخماسية» في مقاربتها انتخاب الرئيس.

وتؤكد المصادر النيابية لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ضرورة للتوافق على رئيس قادر، بالتعاون مع حكومة فاعلة؛ شرط ألا تكون نسخة طبق الأصل عن حكومات الوحدة الوطنية التي شُكّلت سابقاً وأوصلت البلد إلى حائط مسدود وتسببت في انهياره، على أن تتقدم من اللبنانيين ببرنامج اقتصادي يعيد إدراج اسم لبنان على لائحة الاهتمام الدولي».

وتلفت إلى أنه كثر الحديث لدى التداول في أسماء المرشحين عن احتمال تقاطع الثنائي الشيعي ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على دعم مرشح معين، لكن الدخول في غربلة الأسماء يُبقي على اسم قائد الجيش العماد جوزف عون على رأس السباق الرئاسي، خصوصاً أن التحول المتنقل بين لبنان وسوريا يرفع حظوظه ويتوقف على مدى استعداد بري وحليفه «حزب الله» لترجيح كفة انتخابه، مع أنهما لم يضعا «فيتو» على اسمه وأنه يحتاج، من وجهة نظر بري، إلى تعديل دستوري.

وتكشف مصادر عن أن سفراء «اللجنة الخماسية» لدى لبنان يدرسون التداعي إلى اجتماع يستبق جلسة انتخاب الرئيس للتداول فيما آلت إليه الاتصالات النيابية للتوافق على رئيس، من دون دخولهم في أسماء المرشحين؛ لأنهم يشكلون بالنيابة عن دولهم مجموعة دعم ومساندة لتسهيل انتخابه.

بدوره، يؤكد مرجع سياسي، فضل عدم ذكر اسمه، أن «التحول الذي تشهده المنطقة يتطلب من (حزب الله) التعامل معه بواقعية على خلفية مراجعة حساباته وتقويمه أداءه السياسي في ضوء سوء تقديره رد إسرائيل على إسناده غزة، شرط أن ينأى بنفسه عن المكابرة والإنكار؛ لأنه يفتقد الذرائع لتبرير عدم انفتاحه، كما يجب، على قائد الجيش بحسبان أن حظوظه الرئاسية تتقدم على منافسيه، وألا مانع من انفتاحه عليه بعد أن توالى عدد من نواب (الحزب) على الإشادة بأداء المؤسسة العسكرية طوال العدوان الإسرائيلي على لبنان». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب» يخطئ «إذا قرر التشدد للمجيء برئيس حليف له أسوة بتعطيله في السابق جلسات الانتخاب ولم يفرج عنها إلا بعد أن ضمن إيصال العماد ميشال عون إلى الرئاسة، وهو يدرك سلفاً أن الظروف السياسية تبدلت ولم يعد (الحزب) طليق اليد كما كان، بعد سقوط نظام الأسد الذي أخرج محور الممانعة بقيادة إيران من المعادلة في الشرق الأوسط، وقبل أن يلتزم لبنان بتطبيق القرار (1701)، وهذا ما يدعوه إلى الانخراط في الحراك النيابي سعياً وراء التوافق على رئيس لا يدعوه للقلق، ما دام لا نية لأحد في عزله عن الشراكة في انتخابه، ولن يجد في عداد المتنافسين أفضل من العماد جوزف عون لطمأنته وتبديد ما لديه من مخاوف».

ويلفت إلى أن باسيل «وإن كان يبدي انفتاحاً على الكتل النيابية، ويروج خصومه لاحتمال تقاطعه مع الثنائي الشيعي على مرشح معين من دون أن يقطع صلته بعدد من أطراف المعارضة، فإن ما يهمه أولاً وأخيراً أن يشطب اسمه من العقوبات الأميركية المفروضة عليه، وهذا ما بحثه مع مستشار الرئيس الأميركي المنتخب مسعد بولس عندما التقاه أخيراً في باريس، وبالتالي فلن يجد من عائق أمام توسيع خياراته الرئاسية إذا حال تلقى وعداً يدعوه للتفاؤل برفع العقوبات عنه».


مقالات ذات صلة

إسرائيل: ملتزمون بوقف النار في لبنان لكننا «لن نتنازل عن أمننا»

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (أ.ف.ب)

إسرائيل: ملتزمون بوقف النار في لبنان لكننا «لن نتنازل عن أمننا»

أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الأربعاء، أن بلاده ملتزمة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، مؤكداً في الوقت نفسه أنها لن تتنازل عن أمنها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ مورغان أورتاغوس المتحدثة السابقة باسم وزارة الخارجية الأميركية (أ.ف.ب)

خلفاً لهوكشتاين... مَن هي مورغان أورتاغوس المبعوثة الأميركية الجديدة للشرق الأوسط؟

وسط تغيير الإدارة في واشنطن، وتسلم الرئيس دونالد ترمب مقاليد الحكم، من المتوقع أن يتم تعيين وسيطة جديدة بين إسرائيل ولبنان - مورغان أورتاغوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي الشيخ محمد حمادي (الوكالة الوطنية للإعلام)

لبنان: مقتل مسؤول «حزب الله» في البقاع برصاص مسلحين

كشف الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية عن مقتل مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي برصاص مسلحين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يتحدث في القصر الرئاسي في بعبدا 14 يناير 2025 (رويترز)

سلام: حكومة لبنان الجديدة لن تستغرق وقتاً للتشكيل

قال رئيس وزراء لبنان المكلف نواف سلام، اليوم (الثلاثاء)، إن تشكيل الحكومة الجديدة يسير بخطى ثابتة ولن يستغرق وقتا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان يتحدث خلال جلسة حوارية ضمن الاجتماع السنوي للمنتدى في دافوس (الخارجية السعودية) play-circle 01:15

وزير الخارجية السعودي: تفاؤل حذر بشأن سوريا... وسأزور لبنان قريباً

قال الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إن لديه «تفاؤلاً حذراً» بشأن سوريا، كاشفاً عن نيته زيارة لبنان في الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (دافوس)

الاتحاد الأوروبي لاتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا

صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)
صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي لاتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا

صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)
صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)

قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، اليوم الأربعاء، إنها تأمل في التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأسبوع المقبل، بحسب إفادة لـ«رويترز».

ومن المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الوضع في سوريا خلال اجتماع يعقد في بروكسل 27 يناير (كانون الثاني).

وبدأ المسؤولون الأوروبيون إعادة النظر في نهجهم تجاه سوريا بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد على يد قوات المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» التي تصنفها الأمم المتحدة جماعة إرهابية.

مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس

وتريد بعض العواصم الأوروبية التحرك بسرعة لتعليق العقوبات الاقتصادية، في علامة على دعمها لعملية الانتقال في دمشق. بينما تسعى عواصم أخرى إلى ضمان احتفاظ بروكسل بنفوذها في علاقتها بالسلطات السورية الجديدة، حتى في حالة تخفيف بعض العقوبات.

وقالت كالاس في مقابلة مع «رويترز»: «نحن مستعدون لتطبيق نهج تدريجي، وأيضاً لمناقشة الموقف البديل». وأضافت: «إذا رأينا أن التطورات تسير في الاتجاه الخطأ، فسنكون حينها أيضاً مستعدين للتراجع».

ودعت 6 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هذا الشهر التكتل إلى تعليق العقوبات المفروضة على سوريا مؤقتاً في مجالات مثل النقل والطاقة والخدمات المصرفية. وتشمل العقوبات الحالية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي حظراً على واردات النفط السوري وتجميد أي أصول للبنك المركزي السوري في أوروبا.

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يحضر مؤتمراً صحافياً في دمشق الأربعاء (رويترز)

في الأثناء، أكد المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، أن احتلال إسرائيل لأراضٍ في سوريا غير مقبول على الإطلاق ولا يوجد أي عذر أو مبرر لذلك.

وأضاف المبعوث الأممي خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، في دمشق، أن «بعض مبادئ القرار الأممي 2254 ما زالت قائمة ومنها حماية سيادة سوريا ووحدة أراضيها والحاجة إلى عملية سياسية شاملة بمساعدة الأمم المتحدة، ويجب أن يقودها ويملكها السوريون وتشارك فيها جميع الفئات، ولا يجب أن تأتي من الخارج».

وأشار إلى أن «هناك إجماعاً قوياً لدعم سوريا الجديدة ونريد انتقالاً سياسياً شاملاً، وهناك ضرورة لتشكيل جيش وطني يضم جميع الفصائل».

وشدد بيدرسون على ضرورة رفع العقوبات على سوريا «إذا كنا نريد إعادة إعمار سوريا وننقذ الشعب من الفقر فيجب رفع العقوبات، ورأينا رغبة لدى المجتمع الدولي في دعم سوريا، ومن المهم جداً أن تعيد الدول النظر في العقوبات المفروضة على النظام السابق».

لقاء قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن (سانا)

وأوضح المبعوث الأممي أنه ناقش وقائد إدارة الجديدة، أحمد الشرع: «السوريون يجب أن يأخذوا المبادرة وهناك الكثير من الفرص، وبعد اجتماعين قمت بهما مع السيد الشرع، أستطيع القول إن هناك سبع نقاط ناقشناها، أولاً محاولة أن تنضوي الفصائل المسلحة ضمن جيش وطني، والفرص المتاحة بالنسبة لشمال شرقي سوريا، وحماية جميع السوريين، والانتقال السياسي، والعدالة الانتقالية، المجال الاقتصادي، وإعادة الإعمار، مسألة الوجود الإسرائيلي في الأراضي السورية، وهذه النقاط تحدثنا بها مع الشرع والشيباني، ونحن فهمنا جميع الأفكار فيما يخص الانتقال السياسي».

وأكد بيدرسون أن الأمم المتحدة تتابع ما يجري في سوريا: «نحن ما زلنا فقط في الشهرين الأولين لأخذ الحكم في سوريا، وهذا جاء بعد 14 عاماً من النزاع وحكم الرجل الواحد، وأي حكومة بالتالي ستواجه الكثير من التحديات».

وحول مؤتمر الحوار الوطني في سوريا المزمع عقده، أوضح بيدرسون: «بالنسبة للحوار الوطني وكيفية تطوره هذا بيد السوريين، وحتى الآن لا توجد خطة واضحة، ولكن يتم الإعداد لها لكن من المهم أن تتم بشكل جيد ومدروس».

وشدد المبعوث الأممي على ضرورة المحاسبة لتحقيق العدالة، وقال: «المساءلة والمحاسبة مهمتان جداً وهذا جوهري إذا كنا نريد أن نضمن السلم الأهلي في سوريا، والأمم المتحدة لديها عدة أقسام وهي تدعم مسائل الإدارة والحكومة والمسائل السياسية».

ووصل المبعوث الأممي إلى سوريا، الاثنين، وعقد لقاء مع القيادة الجديدة في سوريا، إضافة إلى لقاء مع ممثلين عن المجتمع المدني وهذه هي الزيارة الثانية له منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 من الشهر الماضي.