كتل المعارضة اللبنانية تشغّل محركاتها استعداداً لجلسة انتخاب الرئيس

نقاش جدّي بالأسماء... وقائد الجيش يتصدّر المشاورات

جانب من الجلسة البرلمانية الأخيرة التي مُدّد فيها لقائد الجيش والقادة الأمنيين والتي أعلن رئيس البرلمان نبيه بري في مستهلها تحديد موعد لانتخاب رئيس للجمهورية (الوكالة الوطنية للإعلام)
جانب من الجلسة البرلمانية الأخيرة التي مُدّد فيها لقائد الجيش والقادة الأمنيين والتي أعلن رئيس البرلمان نبيه بري في مستهلها تحديد موعد لانتخاب رئيس للجمهورية (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

كتل المعارضة اللبنانية تشغّل محركاتها استعداداً لجلسة انتخاب الرئيس

جانب من الجلسة البرلمانية الأخيرة التي مُدّد فيها لقائد الجيش والقادة الأمنيين والتي أعلن رئيس البرلمان نبيه بري في مستهلها تحديد موعد لانتخاب رئيس للجمهورية (الوكالة الوطنية للإعلام)
جانب من الجلسة البرلمانية الأخيرة التي مُدّد فيها لقائد الجيش والقادة الأمنيين والتي أعلن رئيس البرلمان نبيه بري في مستهلها تحديد موعد لانتخاب رئيس للجمهورية (الوكالة الوطنية للإعلام)

ما إن حدد رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه برّي، التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لانتخاب رئيس الجمهورية، حتى سرّعت الكتل النيابية والقوى السياسية المعارضة اتصالاتها ولقاءاتها؛ للتشاور بشأن الأسماء المطروحة والاتفاق على اسم المرشّح الذي تتقاطع حوله، وتكون قادرة على تسويقه مع الفريق الآخر، خصوصاً الثنائي الشيعي («حزب الله» و«حركة أمل») الذي كان له الدور الأساسي في تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ نحو 25 شهراً حتى الآن.

ومع أن المهلة الفاصلة عن موعد الجلسة كافية لتتفق جميع الكتل النيابية أو أغلبها على مرشحٍ واحد، فإن هامش الاختيار لم يعد واسعاً كما كان في السابق، بفعل الاهتمام العربي والدولي بهذا الاستحقاق، الذي بحثه جان إيف لودريان، مبعوث الرئيس الفرنسي، مع القيادات اللبنانية في بيروت الأسبوع الماضي. وأعلن عضو كتلة حزب «القوات اللبنانية» النائب غياث يزبك أن «قوى المعارضة منكبّة على درس كلّ المعطيات الرئاسية؛ بما فيها الأسماء والمواءمة بين الأشخاص والمتطلبات الوطنية المنتظرة من الرئيس العتيد». واعترف يزبك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «هناك مراجعة فيما خصّ ترشيح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور؛ بسبب المنحى العام المختلف حالياً، ولأن فريق الممانعة يعدّه مرشح تحدٍّ. من هنا بدأ البحث عن طروحات وأشخاص لا يشكلون تحدياً للآخرين، ويفترض بفريق الممانعة أيضاً أن يبحث عن اسم غير مستفزّ».

ورغم مضي أكثر من عامين على الفراغ الرئاسي، فإن الأطراف؛ بما فيها نواب المعارضة، عادوا للحديث عن مواصفات الرئيس العتيد، ورأى النائب يزبك أن «المرحلة المقبلة تحتاج إلى رئيس ملّم بالاقتصاد، وقادر على القيام بالإصلاحات المطلوبة، ويحظى بثقة المؤسسات الدولية؛ بما فيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وإذا اقتضت اللعبة السياسية البحث عن أسماء أخرى لا تشكل تحدياً لأحد، فلا مانع». وقال: «نمى إلينا أن مرجعية الممانعة (الثنائي الشيعي) بدأت تدرس التخلي عن ترشيح سليمان فرنجية، لذلك بات المسرح مفتوحاً على مقاربة ملفّ الرئاسة بصفته حاجة وطنية ودستورية»، مشيراً إلى أن «(القوات اللبنانية) وقوى المعارضة لا تسعى لملء موقع رئاسة الجمهورية بأي شخص، بل تريد رئيساً سيادياً إصلاحياً قادراً على النهوض بلبنان، وعلى معالجة الملفات السياسية والأمنية، وإعادة بناء الجسور مع الأشقاء العرب، بعد الإساءات التي صدرت بحقهم عن قوى الممانعة».

وبشأن ما إذا كان «القوات اللبنانية» استبعد ترشيح قائد الجيش، أكد يزبك أنه «في المسار السياسي القائم، لا يزال اسم قائد الجيش مطروحاً بقوّة، وإذا حصل التقاطع على اسمه بالنظر إلى تجربته الناجحة على رأس المؤسسة العسكرية، فلا مانع لدينا مطلقاً».

وفي حين يحاذر نواب المعارضة الدخول في الأسماء تجنباً للإحراج، أو تحسباً من تبدّل يطرأ في الساعات الأخيرة، أعلن النائب المستقلّ ميشال ضاهر صراحةً أن مرشحه لرئاسة الجمهورية هو قائد الجيش العماد جوزف عون. ورأى أن «انتخاب الرئيس لا يعني الاتفاق على أي شخصية تملأ الفراغ في (قصر بعبدا) وتسيطر عليها الطبقة السياسية، لتعود من جديد إلى نغمة المحاصصة والصفقات». وأكد ضاهر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رجل الأمن يمكنه أن يضبط الاستقرار، وهذا الاستقرار يأتي بالاستثمارات للبنان. أما رجل الاقتصاد، فلا يستطيع أن يفرض الأمن».

الخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية لن يكون بانتخاب الرئيس فقط، بل بالبرنامج الذي يحمله والقادر على تطبيقه مع الحكومة التي ستشكَّل، ويؤكد النائب ميشال ضاهر أنه «سيطالب بعد انتخاب الرئيس بإعطاء حكومة العهد الأولى صلاحيات استثنائية تتعلّق بالوضعين المالي والاقتصادي؛ لأن المجلس النيابي الحالي هو مجلس شعبوي فاشل بغالبيته، وغير قادر على الرقابة والمحاسبة، ولا يشرّع إلّا يما تقتضيه مصلحة منظومة السلطة الفاسدة».

وتتعامل الكتل النيابية مع جلسة التاسع من يناير المقبل على أنها ستشهد انتخاب الرئيس وإنهاء مرحلة الشغور، بالاستناد إلى إعلان برّي أنه سيدعو السفراء والدبلوماسيين العرب والأجانب لحضورها، ولفت عضو كتلة «تحالف التغيير» النائب ميشال الدويهي إلى أن «التحرّك الجدي والفاعل للمعارضة سينطلق مطلع هذا الأسبوع»، عادّاً أن «الاتصالات واللقاءات يجب ألّا تقتصر على نواب المعارضة فقط، بل كلّ الكتل النيابية؛ لرصد الملاحظات والتحفظات على الأسماء المطروحة». وأكد الدويهي لـ«الشرق الأوسط» أن «موعد انتخاب الرئيس يجب أن يكون مناسبة يتواضع فيها الجميع، خصوصاً (الثنائي الشيعي) لننتخب رئيساً سيادياً، ونبدأ مرحلة بناء الدولة». وقال: «حتى الآن لم تتخذ كتلة (تحالف التغيير) موقفاً نهائياً بشأن مرشحها المفضّل، لكنها متفقة على المجيء برئيس يعيد للدولة هيبتها، ويبدأ مرحلة بناء المؤسسات ومعالجة الأزمات، وليس رئيساً لإدارة الأزمة».

حتى الآن لم يحسم طرفا المعارضة والموالاة موقفيهما من إمكانية تخلّي كلّ منهما عن مرشحه، ففي حين لم يعلن «الثنائي الشيعي» تخلّيه عن ترشيح فرنجية، فقد عدّ النائب الدويهي أن «مرشّح المعارضة جهاد أزعور الذي نال 59 صوتاً في جلسة الانتخاب الأخيرة التي انعقدت في 14 حزيران (يونيو) 2023، قد تتقاطع على اسمه أغلب الكتل». وقال: «نتمنّى أن ننتخب رئيساً بأكثرية 86 صوتاً (أي ثلثي أعضاء البرلمان)، لكن إذا لم يتحقق ذلك، فيجب أن تعقد الجلسة بدورات متتالية حتى ننتخب رئيساً ولو بـ65 صوتاً»، مستبعداً أن تنتهي الجلسة دون رئيس؛ «لأن الضغط الدولي بات كبيراً، خصوصاً بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار». وختم الدويهي قائلاً: «لو اقتنع (الثنائي الشيعي) بعدم تعطيل الاستحقاق، لكنّا انتخبنا رئيساً صُنع في لبنان».


مقالات ذات صلة

مفاوضات ما بين الجولتين تضم «الثنائي الشيعي» إلى التوافق النيابي

المشرق العربي خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)

مفاوضات ما بين الجولتين تضم «الثنائي الشيعي» إلى التوافق النيابي

لم يكن إخراج انتخاب الرئيس جوزيف عون سهلاً، بسبب العائق الدستوري المتمثل في نص «المادة 49»، الذي يمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى قبل مرور سنتين على استقالتهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص الرئيسان أمين الجميل وحافظ الأسد خلال قمة عدم الانحياز في نيودلهي عام 1983 (غيتي)

خاص حافظ الأسد لأمين الجميل: لهذه الأسباب باقون في لبنان

تنشر «الشرق الأوسط» فصلاً جديداً من كتاب وزير الخارجية اللبناني السابق إيلي سالم بعنوان «الفرص الضائعة».

المشرق العربي أحد أفراد قوات حفظ السلام الإسبانية التابعة لـ«اليونيفيل» يقف أمام أنقاض المباني المدمرة في قرية برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية عصر اليوم (الأربعاء) تفجيرات في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان، عقب توغل قوة إسرائيلية باتجاه الأحراج الواقعة بين بلدتي عيتا الشعب ودبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة.

هدى علاء الدين (بيروت)
خاص قوات إسرائيلية على شاطئ صيدا خلال اجتياح لبنان عام 1982 (غيتي)

خاص «الفرص الضائعة»... إيلي سالم يروي قصة الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي

يروي إيلي سالم، وزير خارجية لبنان السابق، في كتابه «الفرص الضائعة»، تفاصيل ما عُرف بـ«اتفاق 17 أيار» عام 1983 بين لبنان وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)
عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)
TT

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)
عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

أظهرت تركيا عبر تصريحات لمسؤولين سياسيين وعسكريين تمسكاً بعملية عسكرية شمال سوريا ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) وأكبر مكوناتها «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تصنفها أنقرة إرهابية، وفي المقابل كثفت واشنطن من مساعيها لإقناع أنقرة بالعدول عن التصعيد، وأوفدت مبعوثاً للتباحث مع المسؤولين الأتراك حول الأمر.

واتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في المعارك الدائرة على محور «سد تشرين» (شرق حلب)، وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية إن تنظيم «وحدات حماية الشعب الكردية» (أكبر مكونات «قسد») يستخدم «المدنيين الأبرياء دروعاً بشرية في منطقة (سد تشرين)، ويرسل مجموعات إرهابية إلى المنطقة».

خط الدفاع الأخير

وشدد المسؤول العسكري التركي، خلال إفادة صحافية أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، على أنه «مع مراعاة احترام وحدة أراضي سوريا، فإن القوات المسلحة التركية عازمة على مواصلة عملياتها عبر الحدود ما لم تلقِ المجموعات الإرهابية (الوحدات الكردية - «قسد») أسلحتها».

وقال إن سد تشرين على نهر الفرات، الذي يعدّ نقطة استراتيجية مهمة من حيث موارد المياه وإنتاج الطاقة والأمن الإقليمي في سوريا، تعدّه «قسد» خط الدفاع الأخير بالنسبة لها، مؤكداً أن القوات التركية عازمة على منع جهود «التنظيم الإرهابي» الرامية لزعزعة استقرار المنطقة باستخدام مثل هذه البنى التحتية الاستراتيجية.

قصف تركي على محور سد تشرين في شرق حلب (المرصد السوري)

وأفاد «المرصد السوري» بمقتل ما لا يقل عن 322 شخصاً على مدى 29 يوماً من القتال بين الفصائل و«قسد».

وقال «المرصد» في بيان، إن «5 مدنيين بينهم امرأة قُتلوا، وأُصيب 14 آخرون، جراء قصف نفذته طائرات مسيّرة تركية استهدف سيارة إسعاف وسيارة مدنية ضمن قافلة شعبية قرب سد تشرين، حيث يعتصم مدنيون جاءوا من عين العرب (كوباني) ومناطق أخرى احتجاجاً على تصعيد القوات التركية والفصائل».

وفي الوقت ذاته، قُتل جندي من القوات التركية وأصيب آخر بجروح متفاوتة، جراء استهداف مسيرة تابعة لـ«قسد» قاعدة «العريشة» الواقعة ضمن منطقة «نبع السلام» بريف رأس العين جنوب شرقي الحسكة.

ووقعت اشتباكات بين الجانبين بالأسلحة الثقيلة في عين عيسى وتل أبيض، وقرى في شمال غربي الحسكة.

عملية عسكرية تركية

ومع استمرار الاشتباكات الجارية على محوري «سد تشرين»، و«قره قوزاق»، وكذلك جنوب وجنوب شرقي منبج، التي سيطرت عليها الفصائل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ظهرت مؤشرات قوية على استعداد تركيا لشن عملية عسكرية جديدة ضد مناطق سيطرة «قسد» في شمال وشمال شرقي سوريا.

مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركية زكي أكتورك خلال إفادة صحافية الخميس على إحدى السفن الحربية المشاركة في مناورة «الوطن الأزرق» في تركيا (الدفاع التركية)

وقال مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركية وكي أكتورك، خلال الإفادة الأسبوعية للوزارة، الخميس، إننا «نرحب بالعملية الجديدة التي نشأت في جارتنا سوريا، سنستمر في الوقوف إلى جانب الشعب السوري وسنعمل على إرساء الأمن والاستقرار الدائمين في المنطقة، بالتعاون الوثيق مع الإدارة الجديدة وبصورة أقوى».

وأضاف: «نؤكد مرة أخرى أننا لن نسمح مطلقاً لأي تنظيم إرهابي سواء (داعش) أو (الوحدات الكردية) بفرض أمر واقع في المنطقة».

وشدد على أن «القوات المسلحة التركية عازمة على مواصلة عملياتها عبر الحدود، بحزم، من أجل ضمان أمن بلدنا وحدودنا، مع احترام وحدة أراضي سوريا، وستواصل قواتنا المسلحة حربها ضد الإرهاب في مصدره عبر عمليات متواصلة وشاملة، وإجراءات وقائية وتدميرية وهدامة، بتصميم لا يتزعزع وإصرار متزايد ما دام لم يلق الإرهابيون أسلحتهم».

استعدادات مكثفة

ونقلت صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية عن مصادر عسكرية أن القوات المسلحة التركية، وُضعت في حالة تأهب قتالي تحسباً لعملية محتملة ضد المسلحين الأكراد في سوريا، لافتة إلى أن الدبلوماسية نجحت حتى الآن في كسب الوقت، لكن العد العكسي للعملية العسكرية قد بدأ.

وأشارت الصحيفة إلى أن قيادات «حزب العمال الكردستاني»، وكذلك «وحدات حماية الشعب» تسعى للمفاوضات. لكن الإدارة السورية الجديدة، وتركيا «ترفضان إجراء أي مفاوضات».

وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أكد، الأحد الماضي، أن القيادة السورية الجديدة عاقدة العزم على اجتثاث «الانفصاليين»، وتظهر موقفاً حازماً للغاية في الحفاظ على وحدة أراضي البلاد وهيكلها الموحد.

قوات تركية عقب دخولها مناطق في شمال شرقي سوريا خلال عملية «نبع السلام» العسكرية عام 2019 (أرشيفية - الدفاع التركية)

وأرسلت أنقرة إلى «الجيش الوطني السوري» (الموالي لتركيا)، أسلحة ثقيلة إلى خطوط الجبهة مع «قسد» في منطقة عملية «نبع السلام» في شمال شرقي سوريا.

كما توجه مقاتلون مع عربات ودبابات أرسلتها «القوة المشتركة» للجيش الوطني السوري، إلى الخطوط الأمامية المطلة على مدينة عين العرب (كوباني) بمحافظة حلب، وبلدة عين عيسى بالرقة، وبلدة تل تمر بالحسكة.

ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن قائد «القوة المشتركة» للجيش الوطني السوري في مدينة رأس العين بمنطقة عملية نبع السلام، أبو عبد الله محمد، أنهم رفعوا الجاهزية الكاملة، وأرسلوا تعزيزات إلى جميع الجبهات.

مساعٍ أميركية

في المقابل، تسعى الولايات المتحدة، التي ترى القوات الكردية حليفاً أساسياً في الحرب على «داعش» في سوريا، إلى إقناع تركيا بالعدول عن العملية العسكرية.

وبدأ نائب وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، جون باس، الخميس، مباحثات تستمر على مدار يومين، مع نائبي وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، وبرهان الدين دوران، تركز بشكل خاص على التطورات في سوريا والمنطقة، إلى جانب العلاقات التركية - الأميركية.

نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ خلال استقبال نظيره الأميركي جون باسا بأنقرة في سبتمبر الماضي لمباحثات حول سوريا (الخارجية التركية)

وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن باس «سيعرض خلال المباحثات وجهة نظر أميركا بشأن سوريا، وستركز المباحثات على تقييم متعدد الأوجه للوضع في سوريا، وعلى الخطوات التي يمكن اتخاذها لضمان الاستقرار والأمن في سوريا ودعم إنشاء حكومة وحدة وطنية وإدارة شاملة».

وقدّرت المصادر أن «الجانب التركي سيؤكد، مرة أخرى بقوة، على ضرورة تطهير سوريا من التنظيمات الإرهابية التي تهدد استقرارها واستقرار المنطقة، ووقف الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية بدعوى دورها في الحرب على تنظيم (داعش)».

ولفتت إلى أن «المباحثات تركز أيضاً على توسيع نطاق الإعفاءات المقدمة لتسهيل بعض المعاملات التجارية لدمشق، وضمان تقديم الخدمات العامة الأساسية عبر تخفيف العقوبات على سوريا».

وذكر بيان للخارجية الأميركية، أن باس سيؤكد على أهمية الانتقال السياسي السلمي والشامل بقيادة وملكية سورية، استناداً إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وأهمية الاستقرار الإقليمي، ومنع استخدام سوريا قاعدةً للإرهاب، وضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم «داعش».

وطالبت تركيا، مراراً، أميركا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بوقف دعمها «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تسيطر على مساحات شاسعة في شمال سوريا، وشنَّت ضدها عدداً من العمليات العسكرية.

جنود أميركيون يتجولون في القامشلي بمحافظة الحسكة (أ.ف.ب)

«دور فرنسي»

بدورها، قالت الرئيس المشارك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية (الكردية) بشمال شرقي سوريا، إلهام أحمد، إننا مستعدون لأن تتولى أميركا وفرنسا مسؤولية تأمين المنطقة الحدودية في شمال سوريا.

وأضافت أحمد في حديث إلى قناة «تي في5 موند» مساء الأربعاء: «نطلب من فرنسا إرسال قوات إلى هذه الحدود لتأمين المنطقة منزوعة السلاح، لمساعدتنا في حماية المنطقة وإقامة علاقات جيدة مع تركيا، بمجرد أن تتمكن فرنسا من إقناع تركيا بقبول وجودها على الحدود، عندها يمكننا أن نبدأ عملية السلام، نأمل أن تتم تسوية كل شيء في الأسابيع المقبلة».

وأكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، منذ أيام أن بلاده لن تتخلى عن «قسد»، وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أثناء زيارته لدمشق، الجمعة الماضي، حيث التقى قائد الإدارة السورية أحمد الشرع، إنه يجب أن يكون للأكراد دور في بناء سوريا الجديدة.

عودة اللاجئين

على صعيد عودة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم، قال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، إن 52 ألفاً و622 سورياً عادوا إلى بلادهم خلال شهر من سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا خلال مؤتمر صحافي أمام معبر جليوا غوزو (باب الهوى) (حسابه في إكس)

وقال يرلي كايا، خلال زيارته معبر جيلوا غوزو في بلدية الريحانية في ولاية هطاي جنوب تركيا (يقابله باب الهوى في الجانب السوري) إنهم بدأوا تطبيق نظام «المهاجر الرائد» منذ الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي، لأولئك الذين يريدون التحقق من أراضيهم ومنازلهم وحالة عملهم في سوريا قبل اتخاذ القرار النهائي بالعودة».

وشرح أن نظام «المهاجر الرائد» يعني «السماح لأحد أفراد العائلة بالدخول والخروج 3 مرات خلال 6 أشهر»، وأفاد بأنه تم «إرسال 1766 مهاجراً رائداً منذ بداية الشهر الحالي».

وقال كايا: «رغبتنا هي إرساء بيئة آمنة في سوريا في أقرب وقت ممكن، وسنقدم الدعم اللازم للإدارة السورية الجديدة في دمشق من أجل تحقيق هذا الهدف».

من جانبه، قال وزير النقل والبنية التحتية، عبد القادر أورال أوغلو، إن تركيا إن أنقرة تعتزم بدء تسيير رحلات طيران إلى مطار دمشق الدولي في الأيام المقبلة بعد تشغيل أنظمة الرادار.

وأضاف، في مقابلة تلفزيونية، الخميس: «عندما يتم الربط بين دمشق وإسطنبول، سنكون قد لبّينا احتياجاً كبيراً».