مصر تحشد دولياً لمؤتمر «مساعدات غزة»

السيسي يدعو في «يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني» لإحياء «حل الدولتين»

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

مصر تحشد دولياً لمؤتمر «مساعدات غزة»

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

تُكثف مصر جهودها للحشد دولياً لمؤتمر «الاستجابة الإنسانية في غزة»، المقرر انعقاده بالقاهرة الاثنين المقبل، في وقت جدّدت القاهرة، الجمعة، تأكيدها ضرورة «وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية».

وتستهدف القاهرة مشاركة إقليمية ودولية واسعة في مؤتمر «مساعدات غزة»، في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة لسكان القطاع مع حلول الشتاء، ويرى خبراء أن «الحشد المصري دولياً للمؤتمر يستهدف الضغط على الجانب الإسرائيلي لتدفق المساعدات داخل القطاع».

وتحدّثت وزارة الخارجية والهجرة المصرية عن أهداف تنظيم مؤتمر وزاري دولي لتعزيز الاستجابة الإنسانية لغزة، وقالت في إفادة، الجمعة، إن المؤتمر يأتي «لحشد الدعم الدولي، لتقديم المساعدات الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني، بما يسهم في التخفيف من وطأة معاناته الإنسانية». وجدّدت «الخارجية» تأكيدها «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة» إلى جانب «النفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية».

وقال وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، خلال مشاركته في النسخة العاشرة لـ«منتدى حوارات روما المتوسطية» بإيطاليا، الأسبوع الماضي إن «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة».

ويُعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (رويترز)

وشدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الأربعاء الماضي، على «أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لضمان وصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، والدور المحوري لـ(الأونروا) في هذا الإطار»، وفق «الرئاسة المصرية».

كما وجّه السيسي رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الجمعة، بمناسبة «يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني»، معبراً عن تضامن مصر الثابت مع الفلسطينيين، في ظل الأزمات المتلاحقة، خصوصاً المأساة الإنسانية بقطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي.

وأكد السيسي أن هذه المأساة «تُظهر عجز المجتمع الدولي عن وقف إراقة الدماء الفلسطينية»، مشدداً على أهمية «استذكار نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة».

ووفق بيان لـ«الرئاسة المصرية»، دعا السيسي إلى معالجة جذور الصراع، من خلال إحياء مسار حل الدولتين وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، مع تأكيد ضرورة تكاتف الجهود الدولية لإنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكد التزام مصر بدعم صمود الشعب الفلسطيني، رافضاً تصفية القضية وتهجير الفلسطينيين، داعياً إلى ضرورة ترسيخ ثقافة السلام والتعاون لتحقيق استقرار المنطقة.

وتجري القاهرة استعدادات مكثفة لاستضافة مؤتمر «مساعدات غزة»، ووفق «الخارجية والهجرة المصرية» سيشارك في المؤتمر سكرتير عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وعدد كبير من وزراء الخارجية.

كما أشارت هيئة الاستعلامات المصرية إلى أن الحضور في المؤتمر سيتضمن تمثيلاً إقليمياً من دول المنطقة، ودولياً من المجتمع الدولي، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

جانب من قافلة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة في وقت سابق (مجلس الوزراء المصري)

رئيس «الهيئة الدولية لدعم فلسطين»، صلاح عبد العاطي، يرى أن مؤتمر القاهرة لدعم الاستجابة الإنسانية لغزة «فرصة لحشد الجهود الدولية لتدفق المساعدات الإغاثية إلى سكان القطاع»، وعدّ أن المؤتمر «يوفر آلية لتشكيل تحالف دولي إنساني يستهدف الضغط على الجانب الإسرائيلي، بهدف فتح المعابر لدخول المساعدات».

عبد العاطي قال إن المؤتمر «محطة مهمة للتحركات العربية الداعية إلى ضرورة التدخل لإنهاء الكارثة الإنسانية في قطاع غزة»، وعَدّ المؤتمر «فرصة لوضع حلول وإجراءات عملية لوقف سياسة (التجويع) التي تنفذها إسرائيل بحق سكان القطاع». وقال إن «التأكيد المصري والعربي على محورية دور (الأونروا) يوفر الدعم الدولي للوكالة في مواصلة دورها لدعم الفلسطينيين».

ووفق «الاستعلامات المصرية» سيناقش المؤتمر «الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة».

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، أن «تركيز مؤتمر القاهرة على المسار الإنساني خطوة مهمة في هذا التوقيت، للضغط على الجانب الإسرائيلي لتدفق المساعدات للقطاع»، وقال إن «ملف المساعدات الإنسانية يحظى بتوافق جميع الأطراف في المجتمع الدولي، ومن ثم يُمكن تحقيق تقدم ملموس فيه على أرض الواقع».

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

وعَدّ عكاشة أن «تنظيم القاهرة للمؤتمر يأتي امتداداً لدورها في إنفاذ المساعدات للقطاع، منذ بداية الحرب العام الماضي»، وقال إن «أي تقدم في ملف المساعدات الإنسانية لغزة سيسهم في تخفيف الضغط على الفلسطينيين، وعلى المجتمع الدولي في الوقت نفسه، في ضوء الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع».

ووفق «الاستعلامات المصرية»، فإن القاهرة وفّرت أكثر من 80 في المائة من المساعدات لغزة، و72 في المائة من حجم «المساعدات البرية» التي قدّمتها 50 دولة مجتمعة لأهالي القطاع في 10 أشهر.

ويعتقد عكاشة أن «نجاح التحركات الدولية للضغط على الجانب الإسرائيلي لتنفيذ هدن قصيرة لتدفق المساعدات إلى قطاع غزة، قد يُمهد الطريق لإنهاء الحرب على غزة»، مشيراً إلى أن «اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يعطي فرصة للسير في هذا الاتجاه».

وطالبت وزارة الخارجية والهجرة المصرية مجدداً، الجمعة، بـ«ضرورة تكاتف الجهود الدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية»، والعمل على «تحقيق تطلعات وآمال الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة».


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: تحركات مصرية جديدة بحثاً عن «اتفاق جزئي»

شمال افريقيا رد فعل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية قرب المستشفى الأهلي بغزة (رويترز)

«هدنة غزة»: تحركات مصرية جديدة بحثاً عن «اتفاق جزئي»

تحركات جديدة للقاهرة في جبهة قطاع غزة التي تراوح مفاوضاتها منذ أشهر، مع حديث إعلام عبري عن وصول وفد مصري لإسرائيل لبحث إنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا نازحون فلسطينيون يجمعون أغراضهم لإخلاء منطقة المواصي جنوب غربي خان يونس (أ.ف.ب)

مصر تطالب بإدخال المساعدات الإغاثية إلى غزة «دون شروط»

طالبت مصر بإدخال المساعدات الإغاثية إلى غزة «دون شروط»، وذلك عشية استضافة القاهرة لمؤتمر «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة» بمشاركة إقليمية ودولية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا صورة جماعية للمشاركين في المؤتمر الوزاري حول «المرأة والأمن والسلم»  (جامعة الدول العربية)

«الجامعة العربية» لتنسيق جهود حماية النساء في مناطق النزاع

أكدت جامعة الدول العربية، الأربعاء، سعيها لتنسيق جهود حماية النساء في مناطق النزاعات.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الغزيون يكابدون الأمطار والبرد

تسبب الانخفاض الجوي الذي تشهده غزة، هذه الأيام، في زيادة معاناة سكان القطاع الذين يعانون أصلاً ويلات الحرب منذ 14 شهراً.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

قال مسعفون إن ما لا يقل عن 40 فلسطينياً لقوا حتفهم في ضربات للجيش الإسرائيلي، مساء أمس الخميس واليوم الجمعة، في غزة، في حين تلقت جهود إحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة دفعة مع توجه قادة من حركة «حماس» الفلسطينية إلى القاهرة؛ لإجراء جولة جديدة من المحادثات.

وذكر مسعفون أنهم انتشلوا 19 جثة لفلسطينيين قُتلوا في المناطق الشمالية من النصيرات، أحد مخيمات اللاجئين الثمانية القديمة في القطاع، فيما قال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية أودت بحياة 10 فلسطينيين على الأقل في منزل ببيت لاهيا بشمال القطاع في وقت لاحق اليوم الجمعة.

وأوضح المسعفون أن الباقين قتلوا في المناطق الشمالية والجنوبية من قطاع غزة. ولم يصدر الجيش الإسرائيلي أي بيان جديد، اليوم الجمعة، لكنه قال أمس إن قواته تواصل «ضرب أهداف إرهابية في إطار العمليات في قطاع غزة».

واقتحمت دبابات إسرائيلية شمال مخيم النصيرات وغربه، الخميس. وانسحبت الدبابات من المناطق الشمالية، الجمعة، لكنها ظلت في المنطقة الغربية من المخيم. وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن فرقه لم تتمكن من الاستجابة لنداءات الاستغاثة من سكان محاصرين داخل منازلهم.

وعاد عشرات الفلسطينيين، الجمعة، إلى المناطق التي انسحب منها الجيش لتفقد الأضرار التي لحقت بمنازلهم.

وغطى مسعفون وأقارب جثثاً، بعضها لنساء، كانت ملقاة على الطريق بالبطانيات أو بأكفان بيضاء وحملوها على محفات.

استهداف «كمال عدوان»

وقال مسعفون إن طائرة إسرائيلية مسيرة قتلت في وقت لاحق من الجمعة، أحمد الكحلوت، رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى كمال عدوان، في بيت لاهيا في أقصى شمال قطاع غزة.

وقال الجيش الإسرائيلي لوكالة «رويترز» للأنباء إنه ليس لديه علم بحدوث هجوم على المستشفى في هذا الوقت.

ومستشفى كمال عدوان واحد من ثلاثة مرافق طبية تقع في أقصى شمال قطاع غزة، تعمل بالكاد الآن في ظل نقص الإمدادات الطبية والوقود والغذاء. وقال مسؤولون صحيون إن معظم أفراد الطاقم الطبي في المستشفى إما اعتقلهم الجيش الإسرائيلي وإما طردهم.

وذكر الدفاع المدني الفلسطيني و«حماس» ووكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أن عدد الفلسطينيين الذين لقوا حتفهم في غارتين إسرائيليتين في بيت لاهيا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية يبلغ 70 قتيلاً. ولم تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية حتى الآن سقوط هذا العدد من القتلى.

وفي الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، واتهم إسرائيل «باستخدام سلاح التجويع ضد المواطنين (في شمال غزة) بهدف تهجيرهم عن أرضهم ومنازلهم».

استئناف جهود وقف إطلاق النار

قال قياديان من «حماس» لوكالة «رويترز»، في وقت متأخر من مساء الجمعة، إن وفداً من الحركة سيصل إلى القاهرة، السبت، لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين.

وتأتي الزيارة بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة أنها ستبدأ جهوداً جديدة مع قطر ومصر وتركيا؛ لإحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة.

ولم تثمر مفاوضات استمرت لأشهر من أجل وقف إطلاق النار في غزة عن تقدم يذكر. والمحادثات متوقفة الآن.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية، حليفة «حماس»، حيز التنفيذ قبيل فجر الأربعاء، لتتوقف أعمال قتالية تصاعدت بشدة في الأشهر القليلة الماضية، وصرفت الاهتمام بعيداً عن صراع غزة.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، في أثناء إعلانه عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، إنه سيجدد الآن مساعيه للتوصل إلى اتفاق مماثل في غزة، وحث إسرائيل و«حماس» على اغتنام الفرصة.

وقال مسؤولون في غزة إن الحملة الإسرائيلية أودت بحياة أكثر من 44 ألفاً و300 شخص، وأجبرت كل سكان القطاع تقريباً على النزوح مرة واحدة على الأقل.