أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

يدعو إلى إطلاق سراح الرهائن وتوصيل المساعدات ويرفض تجويع الفلسطينيين

المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)
المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)
TT

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)
المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أحبطت الولايات المتحدة أسابيع من الجهود الدبلوماسية لبقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وخرجت عن الإجماع الدولي إذ استخدمت حق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار فوراً ومن دون شروط في غزة، بالإضافة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، فضلاً عن رفض تجويع الفلسطينيين وتوصيل المعونات الإغاثية إلى كل أنحاء القطاع.

وباستثناء الولايات المتحدة، صوتت بقية الدول الـ14 مع القرار بعدما راهن دبلوماسيون بشكل خاطئ على امتناع إدارة الرئيس جو بايدن عن التصويت، مما يسمح بتمرير قرار جديد ذي مغزى على غرار ما فعلته إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما عندما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت عام 2016 لتمرير القرار «2234» الذي يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ حرب يونيو (حزيران) 1967، ووصفها بغير شرعية بموجب القانون الدولي.

وكان النص يحتاج إلى ما لا يقل عن تسعة من الأصوات الـ15 في المجلس، مع عدم استخدام حق الفيتو من أي من الدول الخمس الدائمة العضوية: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا.

أعضاء مجلس الأمن يرفعون أياديهم تأييداً لمشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)

وكان مقرراً أن يصوّت مجلس الأمن، الثلاثاء، على الصيغة المقترحة للنص الذي أعدته الدول العشر المنتخبة في المجلس: الإكوادور وغويانا واليابان ومالطا وموزمبيق وكوريا الجنوبية وسيراليون وسلوفينيا وسويسرا. غير أن الولايات المتحدة طلبت عقد جلسة مشاورات مغلقة كشف دبلوماسيون عن أن «هدفها كان تخفيف لغة مشروع القرار»، بالإضافة إلى «اشتراط» المطالبة بوقف إطلاق النار بإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، مما أدى إلى تأجيل التصويت إلى الأربعاء. غير أن الدول المعنية رفضت التعديلات الأميركية المقترحة، وكذلك أيدت روسيا والصين الإبقاء على الصيغة الأصلية المقدمة من الدول العشر التي أزالت مسبقاً إشارة إلى وضع القرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

12 محاولة

وهذه هي المرة الـ12 التي يصوّت فيها مجلس الأمن على قرار بخصوص حرب غزة. ولم ينجح إلا في أربع مرات أدت إلى إصدار القرارات «2712» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، و«2720» في 22 ديسمبر (كانون الأول) 2023، و«2728» في 25 مارس (آذار) 2024، و«2735» في 10 يونيو (حزيران) 2024، التي لم يدع أي منها مباشرة إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم ومستدام.

ووفقاً لدبلوماسي غربي رافق الجهود المبذولة لتسويق مشروع القرار الأخير الذي أعد منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالتنسيق بين الجزائر وغويانا، فإن «المفاوضات شهدت صعوبات جمة، مما اضطر الدول التي صاغته إلى تقديم تنازلات» بغية «إقناع الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت». غير أن ذلك أحبط بعض الأعضاء الآخرين لاعتقادهم أن «الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض بصرف النظر عن هذه التنازلات».

وقادت غويانا هذه الجهود لكونها المنسقة بين الدول العشر غير دائمة العضوية، فأجرت مشاورات عدة مع الدول الخمس الدائمة العضوية في نوفمبر الحالي، ووزعت أربع مسودات منقحة قبل أن تضع النص الأخير تحت ما يسمى «الإجراء الصامت» مما مهد الطريق للتصويت من دون الموافقة على طلب الولايات المتحدة «الربط الشَرْطي» بين وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، علماً أن الأعضاء المنتخبين وافقوا على نقل الإشارة إلى إطلاق سراح الرهائن إلى الفقرة التي تطالب بوقف إطلاق النار. ولكن المفاوضين الأميركيين عدّوا ذلك دون ما يرغبون فيه.

«فوري وغير مشروط»

وتفيد الصيغة النهائية التي وضعت بالحبر الأزرق بأن مجلس الأمن يذكر بـ«مسؤوليته الأساسية عن دعم السلام والأمن الدوليين»، ويطالب «بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم من كل الأطراف»، ويكرر مطالبته «بإطلاق سراح فوري وغير مشروط لجميع الرهائن». ويكرر مطالبته بأن «تمتثل الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالأشخاص الذين تحتجزهم»، ويطالب «بالوصول الفوري إلى السكان المدنيين في قطاع غزة إلى الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي لا غنى عنها لبقائهم، مع رفض أي جهد لتجويع الفلسطينيين»، مع المطالبة كذلك «بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وبسرعة وأمان ومن دون عوائق على نطاق واسع إلى قطاع غزة وفي كل أنحائه وتسليمها إلى جميع المدنيين الفلسطينيين الذين يحتاجون إليها، بما في ذلك المدنيين في شمال غزة المحاصر، والذين هم في حاجة ماسة إلى الإغاثة الإنسانية الفورية، بتنسيق من الأمم المتحدة». ويدعو كل الأطراف إلى «الامتثال الكامل للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين، وخصوصاً النساء والأطفال، والأشخاص العاجزين عن القتال، وكذلك فيما يتعلق بحماية الأهداف المدنية».

دور «الأونروا»

وكذلك يطالب النص الأطراف «بتنفيذ كل أحكام قرار مجلس الأمن (2735) لعام 2024 بالكامل ومن دون قيد أو شرط ومن دون تأخير، بما يؤدي، من بين أمور أخرى، إلى إطلاق سراح الرهائن، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وإعادة رفات الرهائن الذين قتلوا، وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى منازلهم وأحيائهم في كل مناطق غزة، بما في ذلك في الشمال، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة». وإذ يؤكد أن وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (الأونروا) تظل العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة، ويدعو كل الأطراف إلى «تمكين الوكالة من تنفيذ ولايتها كما اعتمدتها الجمعية العامة، في كل مناطق العمليات، مع الاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، واحترام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية مرافق الأمم المتحدة والمرافق الإنسانية»، ويرحب بالتزام الأمين العام للأمم المتحدة و«الأونروا» تنفيذ توصيات المراجعة المستقلة للآليات والإجراءات لضمان التزام «الأونروا» مبدأ الحياد الإنساني بالكامل.

ويطلب النص تقييماً مكتوباً من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في شأن تنفيذ هذا القرار في غضون ثلاثة أسابيع من اعتماده، وكذلك يطلب من الأمين العام أن يقدم «تقريراً كتابياً شاملاً إلى مجلس الأمن في غضون 90 يوماً من اعتماد القرار، على أن يتضمن التقرير تقييماً للحاجات في غزة على المدى القصير والمتوسط ​​والطويل، وتوضيحاً للعواقب الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للصراع في غزة، ونظرة عامة على عمل مختلف أجزاء منظومة الأمم المتحدة ذات الصلة بغزة، إلى جانب توصيات بشأن كيفية تعزيز التنسيق بين هذه الأجزاء».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
TT

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

نالت المستشفيات في جنوب لبنان، حصتها من الحرب الإسرائيلية، باستهدافات مباشرة وغير مباشرة. ومع دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين لبنان وإسرائيل، ها هي تحاول النهوض مجدداً رغم كل الصعوبات، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل أو تعمل بأقسام محددة، وتحت الخطر.

مستشفى بنت جبيل

في بلدة بنت جبيل، عاد مستشفى صلاح غندور للعمل. ويقول مدير المستشفى الدكتور محمد سليمان: «فتحنا الأبواب في اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار، بداية مع قسم الطوارئ، الذي استقبلنا فيه حالات عدّة، وقد جرى العمل على تجهيز الأقسام الأخرى، منها قسم العمليات، الذي بات جاهزاً، إضافة إلى قسمي المختبر والأشعة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ستتمّ إعادة فتح القسم الداخلي خلال أيام، أما العيادات الخارجية فتحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستقبل المرضى، وكذلك الصيدلية».

ويتحدَّث عن أضرار كبيرة أصابت المستشفى، قائلاً: «لكننا نعمل من أجل إصلاحها. قبل أن نُخلي المستشفى كان لدينا مخزون كافٍ من المستلزمات الطبية، وهو ما سهّل عملنا».

ومع استمرار الخروقات الإسرائيلية والمسيَّرات والطائرات الحربية التي لا تفارق الأجواء، يؤكد سليمان أن «المستشفى يعمل بشكل طبيعي، والأهم أن الطاقمين الطبي والإداري موجودان».

وكان المستشفى قد استُهدف بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي تسبّب بإصابة 3 أطباء و7 ممرضين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تمّ حينها الإخلاء، علماً بأن محيط المستشفى قُصف لمرات عدة قبل ذلك.

لكن مستشفى بنت جبيل الحكومي لم يفتح أبوابه، في حين استأنف مستشفى مرجعيون الحكومي استقبال المرضى اعتباراً من يوم الخميس، 5 ديسمبر (كانون الأول).

مستشفى ميس الجبل

«لم يُسمح لنا بالتوجه إلى ميس الجبل، لذا بقي المستشفى مقفلاً ولم نعاود فتح أبوابه»، يقول مدير الخدمات الطبّيّة في مستشفى ميس الجبل الحكومي، الدكتور حليم سعد، لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «يقع المستشفى على الحدود مباشرة، أُجبرنا على إقفال أبوابه بعد نحو أسبوع من بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد تمّ قصفه مرات عدة، ونحن حتّى يومنا هذا لم نتمكّن من العودة إليه»، وذلك نتيجة التهديدات الإسرائيلية المستمرة في هذه المنطقة ومنع الجيش الإسرائيلي الأهالي من العودة إلى عدد من القرى، ومنها ميس الجبل.

أما مستشفى تبنين الحكومي، فإنه صامد حتّى اليوم، بعدما كان يعمل وحيداً خلال الحرب، ليغطي المنطقة الحدودية هناك كلها، علماً بأنه استُهدف مرات عدة بغارات سقطت في محيط المستشفى، كما أصابت إحدى الغارات الإسرائيلية قسمَي العلاج الكيميائي والأطفال، وأخرجتهما عن الخدمة.

النبطية

من جهتها، عانت مستشفيات النبطية طوال فترة الحرب من القصف الكثيف والعنيف في المنطقة، والدليل على ذلك حجم الدمار الهائل في المدينة وجوارها؛ ما تسبب في ضغط كبير على المستشفيات هناك.

تقول مديرة مستشفى «النجدة الشعبية» في النبطية، الدكتورة منى أبو زيد، لـ«الشرق الأوسط»: «كأي حرب لها نتائج سلبية، أثرت بنا وعلينا، خصوصاً أننا في القطاع الصحي، نعيش أساساً تداعيات أزمات كثيرة، منذ قرابة 5 سنوات، منها جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والمالية؛ ما منعنا عن تطوير إمكاناتنا وتحسين الخدمات الطبية لمرضانا».

قوات إسرائيلية تتنقل بين المنازل المدمرة في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أثر نفسي

وتتحدَّث الدكتورة منى أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» عن أمور أساسية مرتبطة بتداعيات الحرب. وتقول: «نقطتان أساسيتان، لا بد من التطرق إليهما عند الحديث عمّا أنتجته الحرب الإسرائيلية، الأولى: الوضع النفسي لجميع العاملين في المستشفى، الذين مكثوا داخله طوال فترة الحرب التي استمرّت 66 يوماً على لبنان. وفور انتهاء الحرب، وجد بعضهم منزله مدمراً وأصبحت عائلته دون سقف أو مأوى، وفقد آخرون أحباباً وأقارب لهم».

وعلى خلفية هذا الواقع، لا يزال كثير من الأطباء خارج المستشفى، لإعادة تنظيم حياتهم؛ ما تسبب بنقص في الكادر البشري داخل المستشفى، وفق ما تؤكد الدكتورة منى، التي اضطرت لدمج أقسام وتسكير أخرى.

وعن يوم إعلان وقف إطلاق النار، تروي الدكتورة منى كيف كان وقع عودة الأهالي إلى بلداتهم وقراهم: «استقبلنا 57 مريضاً في اليوم الأول، الغالبية منهم أُصيبت بوعكة صحية جراء رؤيتهم الدمار الذي حلّ بمنازلهم وممتلكاتهم».

معاناة متفاقمة

أما النقطة الثانية التي تطرّقت إليها، فإنها تتعلق بتبعات مالية للحرب أثرت سلباً على المستشفى، إذ «في الفترة الماضية تحوّلنا إلى مستشفى حرب، ولم يكن لدينا أيّ مدخول لتغطية تكلفة تشغيل المستشفى، ومنها رواتب الموظفين» حسبما تقول.

وتضيف: «لدي 200 موظف، وقد واجهنا عجزاً مالياً لن أتمكّن من تغطيته. نمرُّ بحالة استثنائية، استقبلنا جرحى الحرب وهذه التكلفة على عاتق وزارة الصحة التي ستقوم بتسديد الأموال في وقت لاحق وغير محدد، وإلى ذلك الحين، وقعنا في خسارة ولن يكون بمقدورنا تأمين كامل احتياجات الموظفين».

وعمّا آلت إليه أوضاع المستشفى راهناً، بعد الحرب، تقول: «فتحت الأقسام كلها أبوابها أمام المرضى؛ في الطوارئ وغرفة العناية وقسم الأطفال وغيرها».

وتؤكد: «رغم الضربات الإسرائيلية الكثيفة التي أصابتنا بشكل غير مباشر، ونوعية الأسلحة المستخدَمة التي جلبت علينا الغبار من مسافات بعيدة، فإننا صمدنا في المستشفى حتّى انتهت الحرب التي لا تزال آثارها مستمرة».

صور

ولا تختلف حال المستشفيات في صور، عن باقي مستشفيات المنطقة، حيث طال القصف، وبشكل متكرر، محيط المستشفيات الخاصة الموجودة هناك، وهي 3 مستشفيات: حيرام، وجبل عامل، واللبناني الإيطالي، لكنها استمرّت في تقديم الخدمة الطبية، وكذلك المستشفى الحكومي، لكنه يعاني أيضاً كما مستشفيات لبنان بشكل عام ومستشفيات الجنوب بشكل خاص؛ نتيجة أزمات متلاحقة منذ أكثر من 5 أعوام.