هوكستين من بيروت: ثمة «فرصة حقيقية» لإنهاء النزاع بين «حزب الله» وإسرائيل

TT

هوكستين من بيروت: ثمة «فرصة حقيقية» لإنهاء النزاع بين «حزب الله» وإسرائيل

بري مستقبلاً هوكستين في بيروت الثلاثاء (رويترز)
بري مستقبلاً هوكستين في بيروت الثلاثاء (رويترز)

استهل الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين لقاءاته في العاصمة اللبنانية بيروت، الثلاثاء، في عين التينة، بلقاء رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

وعبَّر هوكستين، بعد لقائه بري، عن أمله في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، معتبراً أن حل الصراع الدائر بين إسرائيل و«حزب الله» بات «في متناول أيدينا». وقال إنه عاد إلى المنطقة نظراً لوجود «فرصة حقيقية لوضع نهاية لذلك الصراع».

وذكر هوكستين أنه أجرى محادثات «بنَّاءة جداً» مع بري لتقليص الفجوات من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار. وأضاف: «هذه لحظة اتخاذ القرار، وأنا هنا في بيروت لتسهيل ذلك القرار، لكنه في النهاية قرار الطرفين للتوصل إلى حل لهذا الصراع. فقد بات الآن في متناول أيدينا».

والتقى هوكستين خلال زيارته أيضاً رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الذي أكد له أن أولوية بلاده هي وقف إطلاق النار وحفظ سيادتها. وقال ميقاتي في حسابه على منصة «إكس»: «خلال الاجتماع مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين، أكدت أن الأولوية لدى الحكومة هي وقف إطلاق النار والعدوان على لبنان وحفظ السيادة اللبنانية على الأراضي اللبنانية كافة، وكل ما يحقق هذا الهدف له الأولوية».

كما أشار إلى أن الشاغل الأساسي للحكومة هو عودة النازحين سريعاً إلى ديارهم ووقف الحرب الإسرائيلية «والتدمير العبثي الحاصل للبلدات اللبنانية». وشدد رئيس حكومة تصريف الأعمال أيضاً على «تطبيق القرارات الدولية الواضحة وتعزيز سلطة الجيش في الجنوب». ووصل هوكستين إلى بيروت، الثلاثاء، في إطار جهوده للوساطة من أجل وقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

 

وكان هوكستين وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي صباح الثلاثاء، مبدداً حالة عدم اليقين التي خيَّمت على زيارته إلى بيروت.

إلى تل أبيب الأربعاء

وينتقل هوكستين إلى إسرائيل، الأربعاء، حاملاً موقف لبنان و«حزب الله» من التسوية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والحزب، وتسود حالة من الترقب لإمكان نجاح الاتفاق من دون اصطدامه بعراقيل قد يرفعها رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو.

هوكستين يخضع للتفتيش

ووفق وكالة الأنباء المركزية، خضع هوكستين مع الوفد المرافق له للتفتيش، كما قام من تلقاء نفسه بوضع حقيبته على جهاز «السكانر» لكي يُكشَف عليها، تطبيقاً للقوانين.

تكثيف الجيش الإسرائيلي قصفه عدداً من المناطق

وتترافق زيارة هوكستين الأحدث للمنطقة مع تكثيف الجيش الإسرائيلي قصفه كثيراً من المناطق اللبنانية، وقضائه على مزيد من قيادات «حزب الله»، لزيادة الضغط عليه؛ بغية القبول بصيغة مسوّدة الاتفاق التي سلمتها السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون إلى بري أواخر الأسبوع الماضي، والذي نقلها بدوره إلى «حزب الله».

وكانت وسائل إعلام لبنانية ذكرت، الاثنين، أن هوكستين سيلتقي بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وذلك بعد تسلم السفارة الأميركية في بيروت رد لبنان على مقترح اتفاق لوقف إطلاق النار. وأشارت إلى أن «حزب الله» لم يعطِ بري أي رد مكتوب على مقترح وقف إطلاق النار، موضحة أن هناك «بعض الملاحظات العادية من الحزب تمت صياغتها مع رئيس مجلس النواب».

ويوم الأحد الماضي، قالت وسائل إعلام محلية إن لبنان أبلغ الولايات المتحدة بموافقته على اقتراح وقف إطلاق النار مع الجانب الإسرائيلي، وأن المبعوث الأميركي سيجري مراجعة أخيرة للاتفاق خلال زيارته لبيروت.

 

ونقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية عن مسؤول لبناني، لم تسمّه، أن «حزب الله» قدم رده للسلطات اللبنانية مساء الأحد، واصفاً ذلك الرد بـ«الإيجابي» إلى حد كبير، وإن تضمن بعض التحفظات.

ولم تتطرق المصادر التي تحدثت عن تفاؤل بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار إلى مصير العقبة الكبرى المتمثلة في طلب إسرائيل حرية العمل والتدخل عسكرياً ضد «حزب الله» في لبنان، حال تم خرق الاتفاق.

على الجانب الآخر، شكَّك مصدر إسرائيلي مطلع على المحادثات في احتمال التوصل إلى اتفاق وشيك، مشيراً إلى أنه على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه، قد يعرّض رفض «حزب الله» قبول طلب إسرائيل حرية التدخل العسكري العملية التفاوضية برمتها للخطر، بحسب «سي إن إن».

وذهب المصدر ذاته إلى أنه من دون هذا البند «من غير المؤكد ما إذا كان (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو سيتمكن من الحصول على موافقة مجلس الوزراء على الاتفاق»، أم لا.

وربما يبدو هذا الاستنتاج منطقياً، إذا وُضع جنباً إلى جنب مع تصريحات بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، الاثنين، التي وصف فيها «حرية العمل الكاملة» للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان بأنها «شرط غير قابل للتفاوض».

وأضاف سموتريتش أنه «في نهاية الحرب، ستكون لدينا حرية عملياتية في غزة، وبالتالي ستكون لدينا أيضاً حرية عملياتية في لبنان. لن نوافق على أي ترتيب لا يساوي قيمة الورق الذي كتب عليه».

وربما تكمن نقطة خلافية أخرى، بحسب مصادر مطلعة، في رفض لبنان توسيع اللجنة المنوط بها مراقبة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، بانضمام دول أخرى إليها، وتمسكه بتشكيلها الحالي الذي يضم الولايات المتحدة وفرنسا و«يونيفيل» ولبنان.

كما يكتنف الغموض موقف لبنان السابق المطالِب بمراجعة بعض بنود الاتفاق المؤلف من 13 نقطة؛ حتى يتماشى بشكل أفضل مع بنود القرار رقم 1701.

ويعزو مراقبون المرونة غير معلنة التفاصيل من قِبل «حزب الله» إلى الزيارة التي قام بها علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، إلى بيروت قبل يومين، والتي وُصفت بالتصحيحية بعد تصريحات لمسؤولين إيرانيين فسرت على أنها لا تمنح «حزب الله» الضوء الأخضر للتجاوب مع مساعي وقف الحرب.

فللمرة الأولى، يعلن لاريجاني بوضوح أن طهران تدعم أي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية و«حزب الله» لتطبيق القرار رقم 1701، وتؤيد انتخاب أي رئيس يتوافق عليه اللبنانيون.

ولم يأتِ لاريجاني على ذكر ربط جبهة الجنوب بغزة، كما لم يتطرق إلى الحديث عن «وحدة الساحات».

كما شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من جهته على أن إيران مطالبة بدعم موقف بلاده بشأن تنفيذ القرار 1701، ودعم الوحدة الوطنية وتجنب اتخاذ مواقف من شأنها «خلق حساسيات بين أي من الفصائل اللبنانية أو محاباة فريق على حساب آخر»، مؤكداً أن الحكومة اللبنانية تعطي الأولوية لوقف «العدوان الإسرائيلي على لبنان».

وبينما يرى مراقبون أن إسرائيل حققت معظم الأهداف المعلنة لحربها سواء في غزة أو في لبنان، وأنها ربما تسعى إلى كتابة كلمة النهاية لحرب متعددة الجبهات كبَّدتها خسائر بشرية ومادية وأنهكتها اقتصادياً، والخروج بهيئة المنتصر، يشكك آخرون في نواياها ويرون أنها تماطل وتلغّم أي مفاوضات لإنهاء الحرب بهدف إطالتها.

ويدلل الفريق الأخير على رؤيته بتمسك إسرائيل ببند حرية التدخل عسكرياً حال انتهاك الاتفاق، مشيراً إلى أن إسرائيل لم تنتظر اتفاقات أو قرارات تخول لها انتهاك سيادة لبنان وتوجيه ضربات في جميع مناطقه قبل نحو شهر ونصف الشهر.

ووسط تأويلات وتوقعات مختلفة، ينتظر أن تكشف زيارة هوكستين الكثير بشأن مصير المبادرة الأميركية، وما إذا كان سيتوجه كما هو مقرر بعدها إلى إسرائيل لبلورة موقف موحد حيالها، أم لا.


مقالات ذات صلة

مقتل جندي إسرائيلي في هجوم بطائرة مسيّرة بجنوب لبنان

شؤون إقليمية خلال جنازة عنصر بالجيش الإسرائيلي في كوخاف يائير وسط إسرائيل 14 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

مقتل جندي إسرائيلي في هجوم بطائرة مسيّرة بجنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي احتياطي في هجوم لجماعة «حزب الله» بطائرة مسيّرة في جنوب لبنان صباح الثلاثاء، وأصيب ثلاثة جنود بجروح خطيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص بري وهوكستين في عين التينة (د.ب.أ)

خاص بري لـ«الشرق الأوسط»: ضمان موقف الإسرائيليين من الاتفاق على عاتق الأميركيين

أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع جيد مبدئياً»

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي تصاعد أعمدة الدخان بعد الغارات الإسرائيلية على قرية الخيام القريبة من الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

إسرائيل تقتل قائد «منظومة القذائف الصاروخية متوسطة المدى» بـ«حزب الله»

أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الثلاثاء، أن الجيش قتل قائد «منظومة القذائف الصاروخية متوسطة المدى» لجماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نعيم قاسم (رويترز)

وسط زيارة هوكستين إلى بيروت... إرجاء كلمة للأمين العام لـ«حزب الله»

بعيد دقائق من إعلان «حزب الله»، في بيان، أن الأمين العام نعيم قاسم ستكون له كلمة بعد ظهر اليوم (الثلاثاء)، أكد الحزب في بيان ثانٍ إرجاء الأمين العام كلمته.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان فوق بلدة الخيام وسط أعمال عدائية مستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية كما جرى تصويرها من مرجعيون (رويترز)

«حزب الله» يستهدف قوات إسرائيلية بمحيط 4 بلدات جنوب لبنان وقاعدة غليلوت

أعلن «حزب الله» اللبناني، الثلاثاء، استهداف قوات إسرائيلية في محيط 4 بلدات حدودية لبنانية، كما أكد استهدافه بالصواريخ قاعدة استخبارات عسكرية قرب تل أبيب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

داعية معروف في غزة يتساءل عن الضرر الذي أحدثه هجوم 7 أكتوبر

فلسطينيون يجلسون بجوار أنقاض المنازل المدمرة في الهجوم الإسرائيلي على خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)
فلسطينيون يجلسون بجوار أنقاض المنازل المدمرة في الهجوم الإسرائيلي على خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

داعية معروف في غزة يتساءل عن الضرر الذي أحدثه هجوم 7 أكتوبر

فلسطينيون يجلسون بجوار أنقاض المنازل المدمرة في الهجوم الإسرائيلي على خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)
فلسطينيون يجلسون بجوار أنقاض المنازل المدمرة في الهجوم الإسرائيلي على خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

أثار هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي أشعل فتيل الحرب في قطاع غزة، جدلاً بين رجال الدين الفلسطينيين في القطاع؛ حيث قال بعضهم إن النفع العائد منه ليس متوازناً مع ما خلَّفه من عدد كبير من القتلى المدنيين، بينما رأى آخرون أن الهجوم «فعل شرعي».

وذكرت وكالة «رويترز» أن الداعية الشهير سليمان الداية، قال -رداً على أسئلة طرحها سكان من غزة عبر إحدى منصات المراسلة على الإنترنت- إن القادة المسلمين عليهم تجنُّب الدخول في معارك، إذا كان الضرر الذي يلحق بالمدنيين من ورائها أكبر من النفع. وأضاف: «الجهاد... يتأكّد اجتنابه إذا غلب على الظَّن حصول ما يناقض مقاصده، كزيادة المفسدة على الدين، أو النفس، أو العرض، أو الذرية، أو المال، أو اغتصاب الأرض، فضلاً عن تدمير مقوّمات الحياة».

وأوضحت الوكالة أن آراء الداية تحظى باحترام كبير في غزة، كما أنه يتمتع بمكانة كبيرة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. وكان الداية عضواً بارزاً سابقاً في جماعة «الإخوان المسلمين»، كما كان قريباً من الشيخ أحمد ياسين، مؤسس وزعيم «حماس»، قبل أن يتبنى نهجاً إسلامياً أكثر اعتدالاً.

وقال الداية: «متى غلب على الظن تخلّف أهداف الجهاد ومقاصده، لاختلال أو تخلّف... الأركان أو الأسباب أو الشروط، لزم اجتنابه». ويمثِّل رأي الداية رأي فلسطينيين آخرين في غزة، يصفون الحرب الحالية بأنها حرب «اللاشيء»؛ لكن آخرين لا يرون ذلك.

ومثَّل الهجوم على إسرائيل العام الماضي ضربة لسمعتها بأنها دولة لا تُقهر، وكان اليوم الأكثر دموية في تاريخها بعد مقتل 1200 شخص، واحتجاز أكثر من 250 رهينة، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية. وردت إسرائيل بعملية عسكرية مدمرة على قطاع غزة، أسفرت عن مقتل زهاء 44 ألف شخص، وإصابة 103898، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع الذي حولته الحرب إلى أنقاض. كما أدت العملية الإسرائيلية إلى نقص في الغذاء والدواء والمياه والوقود والصرف الصحي.

في المقابل، صدر بيان عن «جماعة من أهل العلم في غزة»، مساء الاثنين، دفاعاً عما وقع في السابع من أكتوبر 2023، جاء فيه أن «الهجوم... هو فعل شرعي، وقيام بواجب الجهاد، لا غبار في ذلك عليه، وأصحابه مأجورون أجر الجهاد العظيم». وجاء في البيان: «لكن هل كان توقيت قراره خطأ في التقدير؛ لأنه تسبب في هذه الحرب المدمرة بعده، أو صواباً لملابسات خاصة علم بها المجاهدون مثلاً؟ فهذه مسألة قابلة للنظر». وأضاف: «لكن هذا النظر، وتحميل اللوم ليس محله الآن في أثناء الحرب، وإنما يكون بعدها؛ لأنه لا ينفع شيئاً الآن؛ بل يضر».

وأشار رجال الدين هؤلاء -في بيانهم- إلى تقديرهم للداية ومكانته الدينية؛ لكن حذروا من أن المقال قد يُساء فهمه، ومن الممكن أن يؤثر على الروح المعنوية للفلسطينيين من المدنيين والمقاتلين.

ويتساءل بعض سكان غزة أيضاً عن الحكمة من شن حركة «حماس» لهجوم أدى إلى قصف إسرائيل المتواصل لغزة، التي كانت تكافح بالفعل مع انتشار الفقر وارتفاع البطالة قبل اندلاع الحرب. وينظر الإسرائيليون وحلفاؤهم في الغرب إلى «حماس» بوصفها حركة إرهابية أطلقت الصواريخ على إسرائيل، ونفَّذت تفجيرات انتحارية. في المقابل، يرى أنصار «حماس» أن مقاتليها أبطال يقودون النضال من أجل إقامة الدولة الفلسطينية. وعارضت السلطة الفلسطينية الهجوم؛ لكن «حماس» لا تزال تدافع عنه.