«توسعة عملية» لصلاحيات «اليونيفيل» تشمل ملاحقة الأسلحة في جنوب لبنان

مصادر: رسالة فرنسية بالقدرة على تنفيذ المطالب بعد الحرب

آلية لقوات «اليونيفيل» ضمن قافلة تمر من مدينة صيدا في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية لقوات «اليونيفيل» ضمن قافلة تمر من مدينة صيدا في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«توسعة عملية» لصلاحيات «اليونيفيل» تشمل ملاحقة الأسلحة في جنوب لبنان

آلية لقوات «اليونيفيل» ضمن قافلة تمر من مدينة صيدا في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية لقوات «اليونيفيل» ضمن قافلة تمر من مدينة صيدا في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

عكس إعلان قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، الخميس، عن الرد على مصادر النيران إثر تعرض إحدى دورياتها لإطلاق نار في جنوب لبنان، تحوّلاً في تجربتها منذ 18 عاماً، كونها المرة الأولى التي تقوم فيها بهذا التحرك، وذلك بعد اكتشاف مخزن للذخيرة في قرية جنوبية، مما رفع التقديرات بأن تكون البعثة «وسعت صلاحياتها» من جهة، و«دفعت برسالة سياسية مفادها أنها قادرة على ضبط الوضع في الجنوب بعد الحرب».

ويأتي إعلان «اليونيفيل» عن هذه الحادثة، وسط مفاوضات لوقف إطلاق النار، تطالب فيها مسودات الاتفاق بـ«حرية الحركة» للبعثة الدولية بمعزل عن التنسيق مع الجيش اللبناني، علماً بأن هذا البند الذي لطالما ضغطت الولايات المتحدة وإسرائيل لتعديله في قرارات التمديد لها، لاقى معارضة، قبل أن يُدرج في قرار التجديد عام 2022، ثم يُعدل لاحقاً بقراري التجديد في 2023 و2024، وأرفق بعبارة «بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية».

أول استجابة

وعلى مدار 18 عاماً، تعرضت «اليونيفيل» لعدد من الاعتداءات على أيدي مواطنين لبنانيين في الجنوب بذريعة التصوير بمواقع في صور، أو الدخول في بلدات من دون مرافقة الجيش اللبناني لها. ونادراً ما أطلق جنودها النيران باتجاه المهاجمين، وكانت تنتظر دوريات الجيش اللبناني لإجلائها من مواقع الهجمات عليها.

وكان لافتاً مساء الخميس، إعلانها عن أن دورية تابعة لها تبادلت إطلاق النار مع مجهولين في جنوب لبنان، بعدما تعرضت لإطلاق نار بعد اكتشافها مخزناً للذخيرة. وأوضحت القوة في بيان أن الدورية اكتشفت مخزن الذخيرة قرب الطريق بالقرب من قلاوية، الواقعة جنوب الليطاني، وأبلغت القوات المسلحة اللبنانية، مضيفة أن جنود حفظ السلام توقفوا بعد فترة قصيرة جانباً لإزالة بعض الأنقاض عن الطريق، قبل أن يتعرضوا لإطلاق النار من شخصين أو 3 أطلقوا نحو 30 طلقة باتجاههم.

وذكر البيان أن جنود حفظ السلام ردوا بإطلاق النار من آلياتهم ثم تابعوا سيرهم دون إصابة أحد بأذى، كما لم تُسجل أي أضرار في الآليات. وأضافت أنه «من غير الواضح ما إذا كان اكتشاف مخبأ الذخيرة مرتبطاً بشكل مباشر بالهجوم».

رسالة فرنسية

ومع أن «الدفاع عن النفس» هو حق البعثة الدولية بالرد على مصادر النيران، إلا أن التوقيت بالتزامن مع المفاوضات، يضفي بُعداً سياسياً للحدث. وقالت مصادر لبنانية مواكبة لعمل «اليونيفيل» في الجنوب، إن الرسالة السياسية من هذا الإعلان، تفيد بأن القوات الدولية «قادرة على تنفيذ المهام، لجهة الكشف عن الأسلحة، في حال مُنحت غطاء دولياً»، مضيفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الرسالة «فرنسية كون قواتها مضطلعة بمهام الدوريات»، وتتضمن بُعداً آخر يتمثل في أن القوة الحالية «قادرة على مداهمة مخازن الأسلحة، مما ينفي الحاجة لأي بدائل عن البعثة الدولية القائمة».

غير أن تقديرات لبنانية أخرى تنظر إلى الحدث بوصفه انتقائياً، ويرى المنسّق السابق للحكومة اللبنانية مع قوات «اليونيفيل»، العميد المتقاعد منير شحادة، أنه «من الناحية الشكلية، عندما تتعرض (اليونيفيل) لاعتداءات متكررة ومباشرة من إسرائيل، منذ بداية الحرب في لبنان، ومن ضمنها تقصّدها بقصف أبراج المراقبة وقصف المواقع وتوغل دبابات، ولا تردّ، فهذا يعني أنها لم تعد محايدة»، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من المفترض أن تكون محايدة وعلى مسافة واحدة من الطرفين»، من غير أن ينفي أنه يحق لها استخدام القوة بالدفاع عن النفس في جميع الحالات.

جرافة إسرائيلية تزيل جزءاً من تجهيزات لـ«اليونيفيل» في محيط موقع عسكري لها بجنوب لبنان (رويترز)

توسعة للصلاحيات

أما من الناحية العملية، فيرى شحادة أنه ما جرى يؤشر إلى تعديل على طريقة العمل، موضحاً أنه «في حال أرادت (اليونيفيل) مصادرة أسلحة، فيفترض بها التنسيق مع الجيش اللبناني، ويجب ألا تذهب إلا بمواكبة الجيش، حسب قرار ولايتها»، مفسراً اكتشاف الذخيرة وإبلاغ الجيش اللبناني حولها بأنها «بدأت تستغل هذه الحرب الدائرة، لتخرج من الروتين والعادات التي كانت سائدة منذ وجودها في الجنوب». ويرى شحادة أن البعثة الدولية «تحاول توسيع صلاحياتها، وتعدّل عملياً طريقة تطبيق القرار 1701»، مضيفاً: «بذلك تكون خرجت عن البروتوكولات المعمول بها، وأجرت تعديلاً في طريقة تطبيق القرار 1701»، مشيراً إلى أن صيغة التجديد الأخيرة للقرار «تنصّ على مداهمة مواقع الأسلحة بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية، التي يفترض أن الجيش يمثلها، وهو ما لم يحصل أخيراً».

في المقابل، تقول المصادر المواكبة لعمل «اليونيفيل» في الجنوب، إن الجيش اللبناني «تقلصت حركته منذ بدء التوسعة الإسرائيلية للحرب، وقد تكون البعثة الدولية استغلت هذه النقطة للتصرف»، مشيراً إلى أنها «قالت في البيان إنها أبلغت القوات المسلحة اللبنانية حول مواقع الأسلحة، ولم تقل إنها صادرتها، ما يعني أنها لا تزال ملتزمة بقرار ولايتها، ولو أن ملف استكشاف الأسلحة يفترض أنه من ضمن ولاية الجيش».

وسجلت خلال السنوات الماضية، مداهمات للجيش اللبناني بمعية «اليونيفيل» في الجنوب، لمواقع أسلحة، وجرت مصادرتها، حسبما تقول المصادر، لكنها تشير إلى أنها «المرة الأولى التي تستكشف فيها الأسلحة من دون الجيش».

قافلة لـ«اليونيفيل» ضمن دورية في مرجعيون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان

أفريقيا لاجئون فارون من السودان إلى تشاد في أكتوبر الماضي (أ.ب)

الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان

حذر مسؤولو الإغاثة الإنسانية في الأمم المتحدة من أن تصاعد العنف المسلح في السودان يعرض عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر ويؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
المشرق العربي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا (أ.ف.ب)

مسؤول أممي: انتشار الجيش في جنوب لبنان «محوري تماماً» لأي حل دائم

أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام أنّ إعادة انتشار الجيش في جنوب لبنان «محوري تماماً» لأي حل دائم يؤدي إلى وقف الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري يستقبل المبعوث الشخصي لسكرتير عام الأمم المتحدة للسودان (الخارجية المصرية)

مصر قلقة من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان

أعربت مصر، الخميس، عن قلقها من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وأكدت حرصها على الانخراط بفاعلية في مختلف الجهود الإقليمية والدولية الرامية لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

لجنة أممية: ممارسات إسرائيل في غزة «تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية»

رأت لجنة تابعة للأمم المتحدة، الخميس، أن ممارسات إسرائيل خلال حرب غزة «تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية»، متهمة إياها بـ«استخدام التجويع أسلوباً من أساليب الحرب».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون على أنقاض مبنى دمرته غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تندد بـ«أعمال تذكّر بأخطر الجرائم الدولية» في قطاع غزة

ندّدت مسؤولة أممية رفيعة، الثلاثاء، بـ«وحشية يومية» تواجه سكان قطاع غزة المحاصر، الذي تقصفه إسرائيل، واصفة ما يجري هناك بـ«أعمال تذكّر بأخطر الجرائم الدولية».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

بغداد: التعداد السكاني سيُستخدم للتنمية ومستقبل أفضل للعراقيين

وزير التخطيط محمد تميم خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية التعداد السكاني (إعلام وزارة التخطيط)
وزير التخطيط محمد تميم خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية التعداد السكاني (إعلام وزارة التخطيط)
TT

بغداد: التعداد السكاني سيُستخدم للتنمية ومستقبل أفضل للعراقيين

وزير التخطيط محمد تميم خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية التعداد السكاني (إعلام وزارة التخطيط)
وزير التخطيط محمد تميم خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية التعداد السكاني (إعلام وزارة التخطيط)

ينشغل الفضاء العراقي من أقصى جنوب البلاد إلى أقصى شمالها بأدق التفاصيل للتعداد السكاني العام، المقرر إجراؤه الأربعاء المقبل، ويشمل جميع محافظات البلاد، ومن ضمنها إقليم كردستان.

وجرى آخر تعداد سكاني عام 1997، لكن من دون شمول محافظات إقليم كردستان، التي كانت خارجة عن سيطرة الحكومة في بغداد، بعد خضوعها لعقوبات دولية عقب غزوها دولة الكويت عام 1990.

وتؤكد وزارة التخطيط العراقية، المُشرفة على إجراء التعداد، منذ أيام، إكمالها جميع مستلزمات التعداد السكاني، وأن العملية ستستمر نحو 10 أيام بعد إجرائه في العشرين من الشهر الحالي، وأعلنت الحكومة حظراً للتجوال يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

خريطة للتنمية

بدوره، أكد وزير التخطيط ونائب رئيس مجلس الوزراء، محمد تميم، السبت، «أن التعداد السكاني سيرسم خريطة التنمية في العراق».

تميم يراقب الإجراءات والتحضيرات للتعداد السكاني المقبل (إعلام وزارة التخطيط)

وقال تميم في كلمة وجهها إلى المواطنين بمناسبة قرب موعد انطلاق التعداد: «إن التعداد السكاني هو أول تعداد تنموي شامل للعراق يجري منذ 37 عاماً، وهو أول تعداد إلكتروني، ويمثل رسالة على الاستقرار الاجتماعي والأمني والاقتصادي في البلاد». في إشارة إلى تعداد عام 1987، الذي شمل جميع المحافظات العراقية.

وأضاف تميم أن «التعداد السكاني يأتي ضمن أولويات البرنامج الحكومي، كونه أول تعداد تنموي تقوم به وزارة التخطيط، وأن الحكومة دعمت إجراءاته؛ لأنه يمثل استحقاقاً وطنياً ودستورياً». وأشار إلى أن «التعداد سيرسم للحكومة والحكومات اللاحقة خريطة التنمية وتقديم الخدمات والمشروعات للمواطنين، وأن بياناته سيجري استخدامها للتنمية واستشراف مستقبل أفضل للعراقيين، وتحقيق حالة من الاستقرار السكاني».

بدورها، أعلنت مديرية إحصاء أربيل، السبت، عن إتمام تدريب 300 عدّاد، استعداداً للمرحلة المقبلة من التعداد السكاني، مشيرة إلى أن العدادين سيباشرون اليوم زيارة المنازل داخل الأحياء السكنية بالمحافظة لتعبئة الاستمارة العائلية.

وقال مدير إحصاء أربيل، الدكتور دلزار حمة صالح، خلال مؤتمر صحافي، السبت: «لقد أنجزنا المرحلة الأخيرة من تدريب 300 عدّاد في محافظة أربيل؛ حيث استمر التدريب لمدة 3 أيام متواصلة».

وأضاف: «إن العدّادين سيبدأون، اليوم، زيارة المنازل لتعبئة الاستمارة العائلية التي تحتوي على مجموعة من الأسئلة، وستستمر هذه الحملة حتى نهاية يوم 19 من الشهر الحالي».

وأشار صالح إلى أنه «سيجري فرض حظر للتجوال في يومي 20 و21 من الشهر الحالي؛ إذ سيقوم العدادون بزيارة المنازل مجدداً للتأكد من صحة المعلومات المدونة، أو لتسجيل أي تغييرات طرأت على الوضع العائلي خلال تلك الفترة، وسيجري تثبيت تلك المعلومات بدقة زمنية»، ودعا المواطنين في أربيل إلى «التعاون مع فرق التعداد، وفتح منازلهم أمامهم للإجابة عن الأسئلة»، مؤكداً «أهمية المشاركة في هذه العملية الوطنية».

كان رئيس هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم، فهمي برهان، قد طالب، في وقت، الحكومة الاتحادية بتأجيل إجراء التعداد السكاني إلى موعد آخر؛ بسبب «عدم معالجة مسألة المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي». بيد أن الطلب قوبل بالرفض من حكومة بغداد، ويبدو أن الأمور تسير باتجاه إنجاز التعداد في جميع المحافظات العراقية.