تراجع العمليات العسكرية بجنوب لبنان... وإسرائيل تخفّف القيود الأمنية شمالاً

قتلى وجرحى في صور والبقاع الغربي… و«حزب الله» يعلن إسقاط طائرة مسيّرة

مسعفون ينقلون قتلى وجرحى سقطوا في قصف إسرائيلي على صور ليلاً (أ.ف.ب)
مسعفون ينقلون قتلى وجرحى سقطوا في قصف إسرائيلي على صور ليلاً (أ.ف.ب)
TT

تراجع العمليات العسكرية بجنوب لبنان... وإسرائيل تخفّف القيود الأمنية شمالاً

مسعفون ينقلون قتلى وجرحى سقطوا في قصف إسرائيلي على صور ليلاً (أ.ف.ب)
مسعفون ينقلون قتلى وجرحى سقطوا في قصف إسرائيلي على صور ليلاً (أ.ف.ب)

تراجعت حدة المواجهات المباشرة عند الحدود الجنوبية اللبنانية، بعد انخفاض لافت للهجمات الإسرائيلية البرية، في حين واصل جيش تل أبيب الضغط بسلاح الطيران الذي شنّ هجمات في الكثير من المناطق اللبنانية التي تُعدّ بمنزلة مسرح عمليات لقواته منذ توسّع الحرب مع «حزب الله» في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي. فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه خفّف إرشادات السلامة لسكان شمال إسرائيل من «نشاط جزئي» إلى «نشاط كامل»، مضيفاً أن التجمعات قد تصل الآن إلى ألفي شخص.

وفي المقابل، واصل «حزب الله» استهداف المستعمرات الإسرائيلية القريبة من الحدود، وصولاً إلى مدينة حيفا، كما استهدف التجمعات الإسرائيلية عند الحدود وعلى أطراف القرى الحدودية اللبنانية. في حين ساد الهدوء الحذر الضاحية الجنوبية لبيروت، السبت، بعد ليلة عنيفة استُهدفت خلالها بـ14 غارة إسرائيلية، بموازاة القصف في البقاع والجنوب حيث سقط مزيد من القتلى والجرحى.

في المقابل، أصدر «حزب الله» إنذاراً لسكان نحو 25 بلدة ومدينة إسرائيلية في الشمال، طالبهم فيه بالإخلاء الفوري لمنازلهم، مشيراً إلى أن بلداتهم «تحولت إلى مكان انتشار واستقرار لقوات العدو العسكرية التي تهاجم لبنان؛ بفعل ذلك أصبحت أهدافاً عسكرية مشروعة للقوة الجوية والصاروخية في المقاومة الإسلامية».

وأعلن «حزب الله»، السبت، إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» بصاروخ «أرض - جو»، وقال، في بيان له، إن المسيّرة «سقطت في بلدة دير سريان، ومن ثم أغار الطيران الحربي المعادي عليها». وأعلن الحزب، السبت، في بيانات متفرقة، استهداف قاعدة «زوفولون» الإسرائيلية للصناعات العسكرية شمال مدينة حيفا، ومدينة صفد، ومستوطنة كريات شمونة؛ بصليات صاروخية. كذلك استهدف «برشقة صاروخية تجمعاً لقوات العدو الإسرائيلي في مستوطنة المنارة»، و«تجمعاً آخر في موقع العباد، ومستوطنة برعام، ومنطقة الكريوت شمال مدينة حيفا المحتلة؛ بصليات صاروخية».

وأفاد إعلام إسرائيلي برصد إطلاق 5 صواريخ من لبنان باتجاه صفد واعتراض بعضها وسقوط أخرى بمناطق مفتوحة، في حين دوّت صافرات الإنذار في كريات شمونة وعدة بلدات في إصبع الجليل والمنارة بالجليل الأعلى وصفد ومحيطها.

وأدى القصف الإسرائيلي على الجنوب إلى مجزرة في صور حيث سقط عشرات القتلى والجرحى، بينهم أطفال. وقالت وزارة الصحة اللبنانية، في بيان، إن «غارات العدو الإسرائيلي على مدينة صور أدت إلى سقوط 7 شهداء، من بينهم طفلتان، وإصابة 46 آخرين بجروح». وأشارت إلى وجود «أشلاء سيتم العمل على تحديد هوية أصحابها بإجراء فحوص الحمض النووي»، مضيفة أن عمليات رفع الأنقاض لا تزال مستمرة.

وسقط القتلى والجرحى في غارات استهدفت المدينة أكثر من مرة، حسب «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، مشيرة إلى «قصف مبنى في شارع محال صفي الدين، ومبنى آخر في شارع المدرسة الدينية»، ولافتة إلى أن غارة أخرى أصابت «مبنى ملاصقاً» لتلك المباني «خلال تفتيش فرق الدفاع المدني بين الأنقاض عن ناجين أو جرحى»، متحدثة عن «أضرار جسيمة بعشرات المنازل».

جانب من الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية (رويترز)

وطالت غارات إسرائيلية عديدة قرى وبلدات في جنوب لبنان، السبت، وفق «الوكالة الوطنية». وقالت إن غارات إسرائيلية دمّرت منزلين تراثيين في مدينة النبطية. وفي البقاع الغربي، أفادت «الوكالة» بسقوط ستة قتلى في غارات إسرائيلية على بلدتي لبايا ومجدل بلهيص.

مبانٍ مدمّرة في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

وساد الهدوء الحذر الضاحية الجنوبية لبيروت بعد ليلة عنيفة، قصف خلالها الطيران الإسرائيلي عدداً من أحيائها بـ14 غارة، قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف «مراكز قيادة وموقعاً لتصنيع الأسلحة، وبنية تحتية إرهابية تابعة للحزب».


مقالات ذات صلة

حلفاء للأسد في لبنان ينقلبون عليه ويعيدون النظر بعلاقتهم بـ«حزب الله»

المشرق العربي أعلام لـ«حزب الله» وحركة «أمل» خلال تشييع عناصر في الحزب قتلوا في ما يعرف بهجوم الـ«بيجرز» في سبتمبر 2024 (أ.ب)

حلفاء للأسد في لبنان ينقلبون عليه ويعيدون النظر بعلاقتهم بـ«حزب الله»

شكّل انهيار النظام السوري صفعة لحلفائه في لبنان من سياسيين وإعلاميين قرروا إما الانكفاء أو قرروا الانقلاب مباشرة عليه

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني يقفون بالقرب من الأنقاض في موقع متضرر في الجنوب (رويترز)

«المرصد»: لبنان يعيد 70 ضابطاً وجندياً سورياً إلى بلدهم

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم (السبت)، بأن لبنان أعاد نحو 70 ضابطاً وجندياً سورياً إلى بلدهم بعدما عبروا الحدود إلى البلاد بطريقة غير شرعية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قائد سلاح الجو الإسرائيلي يزور معرضاً لأسلحة غنمها الجيش من «حزب الله» (الجيش الإسرائيلي)

إسرائيل تواصل تطبيق مفهومها لوقف النار بـ8 غارات على الحدود اللبنانية - السورية

واصلت إسرائيل عملياتها العسكرية في لبنان، رغم مضي شهر على اتفاق وقف النار، معلنةً عن إحباط محاولات لـ«حزب الله» إدخال أسلحة إلى لبنان عبر الحدود مع سوريا.

بولا أسطيح
المشرق العربي آلية للجيش اللبناني في بلدة الخيام الجنوبية (أ.ف.ب)

طائرات إسرائيلية تقصف معابر حدودية بين سوريا ولبنان

قصفت طائرات إسرائيلية 7 نقاط عبور على طول الحدود السورية اللبنانية، الجمعة، بهدف قطع تدفُّق الأسلحة إلى «حزب الله» المدعوم من إيران في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي من موقع غارة إسرائيلية عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا... 4 أكتوبر 2024 (رويترز)

إسرائيل تعلن استهداف «بنى تحتية» على الحدود السورية اللبنانية

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أغار الجمعة على «بنى تحتية» عند نقطة جنتا الحدودية بين سوريا ولبنان، قال إنها تستخدم لتمرير أسلحة إلى «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بعد جباليا وبيت لاهيا... إسرائيل تركّز على تدمير بيت حانون

فلسطينية تبكي قريباً لها قتل بغارة إسرائيلية في دير البلح السبت (أ.ف.ب)
فلسطينية تبكي قريباً لها قتل بغارة إسرائيلية في دير البلح السبت (أ.ف.ب)
TT

بعد جباليا وبيت لاهيا... إسرائيل تركّز على تدمير بيت حانون

فلسطينية تبكي قريباً لها قتل بغارة إسرائيلية في دير البلح السبت (أ.ف.ب)
فلسطينية تبكي قريباً لها قتل بغارة إسرائيلية في دير البلح السبت (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح السبت، عن نقل «لواء ناحال» القتالي، الذي كان يعمل في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، منذ 7 أشهر، إلى بلدة بيت حانون الواقعة أقصى شمال القطاع، والتي بدأت فيها قواته عملية تستهدف بشكل أساسي عزبة البلدة، التي تأتي استكمالاً للعملية المستمرة منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في شمال قطاع غزة.

ومنذ أن تمددت العملية العسكرية الإسرائيلية من مخيم جباليا، إلى بلدة بيت لاهيا، زادت التوقعات بأن تكمل إسرائيل بسط سيطرتها على شمال القطاع، من خلال مثل هذه العملية في بلدة بيت حانون.

قوة إسرائيلية تستعد لدخول بيت حانون السبت (أ.ف.ب)

بلدة حدودية

وتعد بلدة بيت حانون، الواقعة شرق شمالي القطاع، حدودية، وتبلغ مساحتها 20025 دونماً، وتقع على الحدود مع عدة مستوطنات إسرائيلية، كما أنها تبُعد عن مستوطنة سديروت 6 كيلومترات فقط، وكانت بمثابة مركز لعمليات إطلاق الصواريخ من الفصائل الفلسطينية تجاه البلدة ومستوطنات أخرى، خصوصاً بدايات انتفاضة عام 2000، إلى جانب أن عشرات العمليات المسلحة انطلقت منها تجاه حاجز «إيرز» ومحيطه.

وكانت البلدة باستمرار مسرحاً دائماً للعمليات الإسرائيلية، وخلال الحرب الحالية المستمرة منذ 15 شهراً دخلها الجيش الإسرائيلي عدة مرات، واحتلها بالكامل، قبل أن ينسحب منها في أكثر من مرة، ويعود إليها مجدداً.

ووفق مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن القوات الإسرائيلية تسعى من خلال عملياتها الجديدة في البلدة إلى تأمين حدود مستوطناتها، وكذلك مواقعها العسكرية الواقعة على الحدود.

جنود إسرائيليون يستعدون لدخول بيت حانون السبت (أ.ف.ب)

وبيّنت المصادر أن العملية بدأت بقصف جوي ومدفعي مكثف، كما أنها بدأت بتنفيذ عمليات نسف للمنازل والمباني الموجودة، في خطة مماثلة لتلك التي تواصل تنفيذها في جباليا وبيت لاهيا، مرجحةً أن تشهد الأيام المقبلة تكثيفاً لعمليات النسف، بهدف تدمير ما تبقّى من منازل في البلدة، وتغيير معالمها بشكل كامل كما فعلت في مخيم جباليا.

وعدّت أن الزج بـ«لواء ناحال» القتالي، الذي عمل على تدمير رفح، إلى البلدة، يؤكد النيات الإسرائيلية الساعية إلى استكمال عملية التدمير الممنهج في شمال القطاع.

وأشارت إلى أن ذلك يأتي في إطار العملية التي تطال كل مناطق شمال قطاع غزة، بهدف بسط سيطرتها أمنياً بشكل كامل عليها، وإقامة مناطق عازلة، ومنع أي هجمات مستقبلية، خصوصاً عمليات القنص وإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات، كما كان يجري في بدايات الحرب الحالية، وفي جولات تصعيدية وحروب سابقة.

فلسطينيون يشيعون قتلى غارات إسرائيلية في دير البلح الجمعة (أ.ب)

مقاومة متجددة

ووفقاً للمصادر، فإن دفع الاحتلال الإسرائيلي لقوات جديدة إلى البلدة هدفه بشكل أساسي السيطرة على كامل البلدة، خصوصاً أن القوات التي دخلتها منذ أيام لم تستطع مواجهة المقاومين الموجودين في البلدة، والذين تفاجأت بأعدادهم وقدراتهم.

وأشارت المصادر إلى أن الضابط والجنديين الذين قتلوا منذ أيام في شمال قطاع غزة، سقطوا نتيجة عملية مركبة نفذتها المقاومة على أطراف بلدة بيت حانون، باستخدام عدة عبوات ناسفة فجرتها على مرتين بتلك القوات.

ووفقاً للمصادر، فإنه بالرغم من دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة مرات إلى البلدة، فإنها في كل مرة تواجه مقاومة بتكتيكات مختلفة، ولذلك دفعت هذه المرة بقوات أكبر، خصوصاً أن قواتها الأساسية الموجودة من قبل ما زالت تقاتل في جباليا وبيت لاهيا.

الفلسطيني عطا الحسامي مع أطفاله خارج الخيمة المصنوعة من قطع قماش ونايلون في دير البلح الجمعة (أ.ب)

وقال الجيش الإسرائيلي في عدة بيانات له في الأيام الأخيرة، آخرها السبت، إن العملية في بيت حانون جاءت بعد معلومات استخباراتية دقيقة عن وجود تجمعات لـ«الإرهابيين»، وبنية تحتية كاملة لهم، مشيراً إلى أنه عمل على تأمين إخلاء المدنيين بطرق آمنة إلى جنوب منطقة العمليات.

ظروف صعبة

ووصل العشرات من سكان بلدة بيت حانون، غالبيتهم من النساء والأطفال الذين نقلوا إلى مستشفى المعمداني لتلقي رعاية طبية، خصوصاً أنهم منذ شهرين لم يسمح بدخول أي مواد غذائية للمناطق التي كانوا يوجدون فيها، سوى في مرتين وبكميات محدودة جداً لم تكفِ سوى لأيام قليلة.

وقال مدير مستشفى القدس، التابع لـ«الهلال الأحمر» في قطاع غزة، الدكتور بشار مراد، إن كثيراً من المرضى والمصابين وصلوا إلى مدينة غزة قادمين من شمال القطاع مشياً على الأقدام، في وقت تشهد فيه الحالة الصحية في الشمال شللاً وتوقفاً تاماً، مشيراً إلى أن «الهلال الأحمر» طلب من الجيش الإسرائيلي نقل المرضى بطريقة اَمنة، لكن من دون أي جدوى أو استجابة.

ولفت مراد إلى وجود أكثر من 300 عائلة في بيت حانون، بينهم عدد من الشهداء والجرحى من دون معرفة أي تفاصيل حول أوضاعهم، وسط حديث يدور حول مجازر للاحتلال في المنطقة.

أطفال فلسطينيون ينتظرون للحصول على وجبة طعام تقدمها جمعية خيرية في دير البلح السبت (د.ب.أ)

وقالت المواطنة حنان الشنباري، (49 عاماً)، إن قوات الاحتلال أجبرتها وأفراد عائلتها من النساء والأطفال، إلى النزوح لمدينة غزة، مشيرةً إلى أنه جرى اعتقال الرجال واقتيادهم إلى جهة مجهولة. وأشارت حنان الشنباري لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أعداداً كبيرة من الضحايا في الشوارع، ولا يستطيع أحد انتشالهم أو دفنهم.

مستشفى كمال عدوان

في السياق، ما زالت قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل عمليتها العسكرية في مستشفى كمال عدوان ومحيطه، بعد أن اقتحمته الجمعة، واعتقلت المئات بداخله.

واحتجزت تلك القوات، النساء والأطفال، وبينهم ممرضات، عدة ساعات قبل أن تجبرهم على النزوح إلى مدينة غزة، في حين اعتقلت مئات الرجال، وحققت معهم قبل أن تفرج عن عدد كبير منهم إلى مدينة غزة، في حين ما زالت تعتقل العشرات بينهم مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية، ومجموعة من الأطباء، كما اعتقلت الصحافي إسلام أحمد، الذي كان يقوم بتزويد الصحافيين بمواد من داخل المستشفى باستمرار.

وتقوم قوات الاحتلال بعمليات نسف كبيرة وضخمة جداً تسببت في انفجارات أحدثت اهتزازات أرضية، سمع دويها في مناطق شمال القطاع ومدينة غزة، وصولاً إلى وسط القطاع، لكن المفاجئ أنه وصلت إلى تل أبيب والقدس ومناطق أخرى، كما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» صباح السبت.

ووفقاً للصحيفة العبرية في تقرير نشر على موقعها، فإن الجيش الإسرائيلي يستخدم ناقلات جند قديمة من طراز «M-113» لتفجير أطنان من المتفجرات في منازل الفلسطينيين بشمال قطاع غزة، وهي السبب في سماع انفجارات تل أبيب والقدس خلال اليومين الماضيين، مشيرةً إلى أنه يعادل استخدام كل ناقلة منها محملة بالأطنان من المتفجرات نحو 4 إلى 5 مرات قنابل «جيدام» الذكية، التي استخدمت عدة مرات في هذه الحرب.

وأشارت إلى أن سكان تل أبيب والقدس وغيرهما اشتكوا من انفجارات هزت منازلهم، وشبهوا ما جرى بأنها بمثابة زلازل، تسببت في اهتزاز منازلهم.