السوداني وترمب يطويان صفحة «مذكرة القبض»

اتفاق على التعاون بين واشنطن وبغداد ولقاء ثنائي في أقرب وقت

وزير الدفاع لويد أوستن، لدى لقائه رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني في البنتاغون 15 أبريل (أ.ب)
وزير الدفاع لويد أوستن، لدى لقائه رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني في البنتاغون 15 أبريل (أ.ب)
TT

السوداني وترمب يطويان صفحة «مذكرة القبض»

وزير الدفاع لويد أوستن، لدى لقائه رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني في البنتاغون 15 أبريل (أ.ب)
وزير الدفاع لويد أوستن، لدى لقائه رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني في البنتاغون 15 أبريل (أ.ب)

أظهر الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وداً مفاجئاً بين الزعيمين رغم الخلفية السلبية للعلاقة مع ترمب لدى معظم الأوساط الشيعية العراقية، وفي المقدمة منها قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاكم.

فبعد التهنئة البروتوكولية التي بعثها السوداني لدى فوز ترمب، والتي حظي من خلالها بانتقادات واسعة لدى أوساط شيعية، على أساس أن ترمب مسؤول بشكل مباشر عن اغتيال قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد الدولي مطلع عام 2020. وكان القضاء العراقي قد أصدر مذكرة إلقاء قبض بحق ترمب، وهو ما أدخل هذه المذكرة دائرة الجدل السياسي والقضائي بعد فوز ترمب، وما إذا كان سيتعامل معها، وهو ما قد ينعكس سلباً على العلاقة المستقبلية مع العراق.

اتفاق على لقاء عاجل

لكن الاتصال الهاتفي الذي جرى مع ترمب من قِبل السوداني، والذي كان إيجابياً طبقاً للبيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، عكس رؤية مختلفة لدى الرئيس الأميركي. فبالإضافة إلى استعداده للتعامل مع حكومة محمد شياع السوداني في مختلف الملفات، سواء الخاصة بالعلاقة الثنائية بين بغداد وواشنطن أم تلك المتعلقة بملفات المنطقة، وفي المقدمة منها الحرب في غزة ولبنان، فإن ترمب، وطبقاً للبيان الرسمي العراقي عبَّر عن رغبته في عقد «لقاء عاجل» مع السوداني. يُذْكر أن السوداني زار الولايات المتحدة الأميركية خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، حيث التقى الرئيس الأميركي جو بايدن وأركان إدارته.

رئيس وزراء العراق محمد السوداني لدى لقائه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بواشنطن في 15 أبريل (غيتي)

انسحاب أم تنظيم علاقة؟

وفي الوقت الذي تَعَهَّدَ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بإخراج ما تبقى من القوات الأميركية في العراق طبقاً للبرنامج الحكومي الذي تشكلت حكومته بموجبه، فإن أحداث غزة ولبنان فرضت نفسها طوال هذا العام رغم استمرار المفاوضات بين بغداد وواشنطن بشأن إنهاء التحالف الدولي الذي تَشَكَّلَ عام 2014 لمحاربة «داعش»، والعودة بالعلاقة بين البلدين إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي كانت وقِّعت بين الطرفين عام 2008.

من جهتها، فإن الفصائل المسلحة الموالية لإيران لا تزال تشكك في إمكانية انسحاب القوات الأميركية من العراق، رغم نجاح السوداني في عقد هدنة معها لعدم استهداف المصالح الأميركية في العراق، سواء كانت السفارة الأميركية في داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد أو قاعدتي «عين الأسد» في محافظة الأنبار أو «حرير» في أربيل. وبينما التزمت بعص الفصائل بالهدنة، لكن «طوفان الأقصى» أدى إلى حدوث انقسام فيما بينها، بين الاستمرار بالهدنة مع الأميركيين أو البدء بقصف أهداف داخل إسرائيل عبر الطيران المسيَّر، وهو ما أدى بالحكومة العراقية إلى رفض ذلك من دون أن يترتب على ذلك التزام من قِبلها حيال مطالبات الحكومة بعدم إحراجها مع المجتمع الدولي، أو إعطاء تبرير لإسرائيل بضرب العراق.

الرئيس الأميركي المنتَخب دونالد ترمب (رويترز)

إضافة إلى ذلك، جدد السوداني، السبت، الدعوة لوقف الحرب على غزّة ولبنان، منتقداً «الصمت الدولي المطبق» إزاء جرائم الكيان الصهيوني. وقال مكتب السوداني في بيان إن «رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني أكد خلال افتتاح مسابقة العراق الدولية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم أن ما يجري في المنطقة من جرائم إبادة تُرتكب بحقِّ أهلنا في فلسطين ولبنان، وسط صمتٍ دولي مطبق، أمر لم يَعُد مقبولاً»، مجدداً الدعوة لـ«إيقاف الحرب الهمجية التي ترتكبها عصابات القتل الصهيونية».

استخدام أجواء العراق مرفوض

من جهة ثانية، أكد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، السبت، موقف بلاده الرافض وبشدة لاستخدام الأجواء العراقية للتجاوز على الجارة إيران أو أي دولة من دول المنطقة. وذكر المكتب الإعلامي لمستشار الأمن القومي، في بيان صحافي أوردته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن «الأعرجي استقبل، بمكتبه الملحق العسكري الإيراني في بغداد، اللواء مجيد قلى پور». ووفق البيان، بحث الأعرجي مع اللواء مجيد قلى پور «سبل تعزيز أمن واستقرار البلدين، وتفعيل مذكرات التفاهم لضبط الحدود، وكذلك استمرار التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتهريب».


مقالات ذات صلة

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يزور مقر وزارة التخطيط المشرفة على التعداد صباح الأربعاء (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: انطلاق عمليات التعداد السكاني بعد سنوات من التأجيل

بدت معظم شوارع المدن والمحافظات العراقية، الأربعاء، خالية من السكان الذين فُرض عليهم حظر للتجول بهدف إنجاز التعداد السكاني الذي تأخر لأكثر من 10 سنوات.

فاضل النشمي (بغداد)

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

حذّر ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في لبنان إيفو فرايسن، اليوم (الجمعة)، من أن الأسابيع الماضية هي «الأكثر دموية وفداحة منذ عقود» على لبنان والشعب اللبناني.

وأوضح فرايسن أن إسرائيل كثّفت غاراتها الجوية وتوغلاتها البرية، مما عمّق المأساة الإنسانية التي يعاني منها المدنيون.

وقال: «بعد انقضاء شهرين على تصاعد حدة الهجمات على البلاد، قُتل أكثر من 3500 شخص، وأصيب 15 ألفاً، حيث طالت تأثيراتها المباشرة ما يقدر بنحو 1.3 مليون شخص، وأجبرتهم على النزوح من منازلهم».

وطالب الممثل الأممي بالتوصل إلى وقف عاجل لإطلاق النار، وحث المجتمع الدولي على الوقوف إلى جانب لبنان وتوفير التمويل اللازم بشكل عاجل لمساعدة جميع المتضررين، بما في ذلك الذين اضطروا للفرار إلى سوريا وخارجها.

وفيما يتعلق بسوريا، قال فرايسن إن إسرائيل زادت غاراتها الجوية، ما يشكّل مخاطر جسيمة على المدنيين وموظفي المفوضية وشركائها ومرافقها.

وحذّر ممثل المفوضية الأممية من أن الغارات الإسرائيلية بالقرب من المعابر الحدودية تعرض للخطر قدرة الأشخاص على الفرار من الصراع في لبنان، كما تؤثر في قدرة المفوضية على تقديم الدعم لمن هم بأمس الحاجة للمساعدة.