دمشق لا تزال تراهن على الوقت لتفادي الحرب

ضربات إسرائيلية للعاصمة السورية وحمص

قصف مدفعي إسرائيلي يطول موقعين في ريف القنيطرة قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
قصف مدفعي إسرائيلي يطول موقعين في ريف القنيطرة قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

دمشق لا تزال تراهن على الوقت لتفادي الحرب

قصف مدفعي إسرائيلي يطول موقعين في ريف القنيطرة قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
قصف مدفعي إسرائيلي يطول موقعين في ريف القنيطرة قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تتزايد التحذيرات من احتمالات امتداد الحرب إلى سوريا، مع مواصلة إسرائيل تكثيف هجماتها على طرق إمداد وعناصر «حزب الله» اللبناني داخل الأراضي السورية، في الوقت الذي ما تزال فيه استجابة دمشق ضعيفة أمام الضغوط الدولية و«النصائح» الخارجية لتجنب وصول الحرب إليها، ليصح وصف مبعوث الأمم المتحدة الخاص، غير بيدرسن، بأن سوريا «تتأرجح على حافة عاصفة عسكرية وإنسانية واقتصادية».

وتواصل إسرائيل استهداف طرق إمداد «حزب الله» بالمال والسلاح عبر سوريا، وسط تحذيرات دولية من أن تكون دمشق الهدف الثاني بعد «حزب الله» ما لم تظهر جدية في التعامل مع تلك التحذيرات، والإنصات للنصائح العربية بضرورة تجنب الحرب، التي نقل بعضاً منها الوزير الأردني، أيمن الصفدي، إلى دمشق الأحد الماضي، وفق ما قالته مصادر متابعة بدمشق لـ«الشرق الأوسط».

أشخاص يحملون تابوتاً خلال اجتياز الحفرة التي أحدثها القصف الإسرائيلي في منطقة المصنع الحدودية مع سوريا أمس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الجانب الأردني طالب دمشق بضبط الحدود معه، وعقب الزيارة وجه رئيس الوزراء السوري، محمد غازي الجلالي، وزارة الداخلية بالاهتمام بمعبر «نصيب - جابر» وإعادة هيكلته. كما جرى اتصال هاتفي بين وزيري الداخلية السوري والأردني، وتابعا بحث موضوع الحدود على ضوء مباحثات وزيري خارجية البلدين.

وبحسب المصادر، فإن إظهار دمشق تجاوبها في هذا المسار، قابله تجاوب «ضعيف» على مسار النصائح العربية فيما يخص الاستجابة لمطالب وقف نشاط الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» في مناطق سيطرتها، حيث تتطلع دمشق إلى الحصول على ضمانات أوروبية وأميركية بـ«ألا تغير إسرائيل من معادلة الاشتباك ضد سوريا من جانبها»، كما تنتظر طرح تصور عربي لوقف إسرائيل إطلاق النار.

ورجحت المصادر تمسك دمشق بـ«تمنعها» باعتبار أن توسع الحرب لا يهددها وحدها، وإذا كان لا بد من الاستجابة لمنع توسع الحرب وفق الشروط الإسرائيلية، فلن تقدم ذلك دون مقابل يتعلق بالعقوبات الاقتصادية الدولية وتنفيذ القرار الأممي الخاص بسوريا، وأكدت المصادر أن دمشق ما زالت تراهن على الوقت (لعبتها المفضلة) لتحقيق شروطها، من دون استبعاد احتمال توسع الحرب التي «بدأت تتحضر لها». وفق ما قالته المصادر.

وشنت إسرائيل فجر اليوم، الخميس، عدة هجمات في حي كفرسوسة في العاصمة دمشق وريف محافظة حمص قريباً من الحدود مع لبنان.

غارات جوية إسرائيلية استهدفت حي كفرسوسة في دمشق وريف القصير (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وقالت محلية في حمص لـ«الشرق الأوسط»: «إن الضربات الإسرائيلية استهدفت حاجزاً مشتركاً للقوات الحكومية (الفرقة الرابعة وأجهزة أمنية بالإضافة لحزب الله) على طريق حمص القصير عند مفرق شنشار، وهو من أكبر الحواجز العسكرية في المنطقة على الحدود الإدارية لمنطقة القصير، ويقع على عقدة جسرية على الطريق الدولي دمشق - حمص». وقالت المصادر إن هذه النقطة حيوية جداً وتصل بين مدينة حمص ومنطقة القصير الحدودية، وتعد هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها إلى غارة إسرائيلية، كما قالت المصادر إن الضربة تزامنت مع غارة أخرى استهدفت جسر «الحوز» على الحدود مع لبنان، وبحسب المصادر قتل عسكري سوري في استهداف حاجز شنشار وأصيب آخرون.

و أفاد مصدر عسكري سوري بمقتل جندي وإصابة سبعة في ضربات إسرائيلية على دمشق وحمص استهدفت نقطتين في حي كفر سوسة في العاصمة دمشق وإحدى النقاط العسكرية في ريف حمص. وقال المصدر إن «العدو الإسرائيلي شن عدواناً جوياً من اتجاه الجولان السوري المحتل ومن اتجاه شمال لبنان». وأضاف أن الهجوم أسفر كذلك عن أضرار مادية. وتداول ناشطون صوراً لجسر شنشار في وسائل التواصل الاجتماعي تظهر تضرر جانب الجسر من جهة القصير بشكل كبير.

آثار الغارة الإسرائيلية على حاجز عسكري عند مفرق شنشار على طريق حمص - القصير فجر اليوم (متداولة على وسائل التواصل)

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: «إن إسرائيل نفذت عملية اغتيال في ساحة مبنى حكومي في حي كفرسوسة، حيث تم استهداف سيارتين داخل هذه الساحة، و قُتل شخص وأُصيب 3 آخرون، وسط تعتيم إعلامي حول طبيعة الاستهداف». وفيما يتعلق بضربة شنشار، قال «المرصد» إنه تم استهداف شاحنة بالقرب من نقطة عسكرية، ما أدى إلى مقتل عسكري سوري وإصابة 4 آخرين بجروح، بالإضافة إلى تدمير الشاحنة والطريق.

وأشار «المرصد» إلى أن القوات الإسرائيلية قصفت بقذائف المدفعية الثقيلة منطقة السهام بين قريتي الرفيد والمعلقة، بريف القنيطرة الجنوبي الغربي، كما استهدفت القذائف حرش أبو شبطا قرب قرية الحرية في ريف القنيطرة الشمالي، قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل، من دون ورود معلومات عن خسائر بشرية حتى اللحظة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سكان يفرّون بعد غارة إسرائيلية استهدفت منطقة المصنع على الجانب اللبناني من المعبر الحدودي مع سوريا أمس (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر أمس إلى 79

ارتفع عدد قتلى الهجوم الذي شنّته إسرائيل، أمس، على مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد إلى 79 قتيلاً.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)
TT

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)

قدم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدد على دعمها لإحلال الأمن والسلم الدائمين.

وقال رئيس البرلمان، محمود المشهداني، في كلمة خلال «منتدى الجامعة الأميركية» بدهوك (شمال)، الجمعة، إن التحديات التي تواجه العراق بعد السابع من أكتوبر تغيّرت تماماً عما كانت عليه سابقاً.

وأشار المشهداني إلى أن «ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن أسميه باجتهادي السياسي المجال الحيوي للنكبة الثانية».

وأكد المشهداني أن «الصراعات مست الجميع قبل وبعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأن عقود السلام الهش القديم والسلام الجديد تناثرت برؤى (دونالد) ترمب في ولايته الأولى و(جو) بايدن في ولايته، وبانتظار ولاية ترمب الثانية».

ورأى رئيس البرلمان العراقي أن «التحديات في الشرق الأوسط يمكن إيجازها في محددات فشل النظام الدولي العالمي، فهو نظام هلامي».

وقال المشهداني: «أنا متشائم من إدارة أزمات التحديات التي تواجه الشرق الأوسط من حربي غزة ولبنان، إلى حروب سوريا المتعددة، إلى صراع أميركا وإسرائيل مع إيران، إلى البطالة والمناخ وتذبذب أسعار النفط، وصولاً لمنظومة السياسة الشرق أوسطية».

رئيس البرلمان العراقي خلال منتدى السلام في دهوك (إكس)

إبعاد العراق عن الحرب

من جانبه، أكد الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، أن العراق سيقوم بدوره من أجل السلام في الشرق الأوسط، معرباً عن دعمه «الكامل» لأي جهود تهدف إلى تحقيق «حل سلمي للقضية الكردية» داخل تركيا.

وفي كلمته في «منتدى دهوك»، قال رشيد إن العراق والمنطقة «يمران بوضع يتطلب من جميع الأطراف مراقبة الوضع بدقة وإيجاد الحلول المناسبة للقضايا والمشكلات وإحلال السلام والأمن الدائمين»، كما حثَّ دول العالم، خصوصاً الكبرى، على بذل «جهود جادة لحل هذه القضايا وإنهاء الحروب».

بدوره، دعا رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني إلى «إبعاد العراق عن الحرب»، وقال إن «الأزمات في المنطقة ومشاهد الحرب التي نراها في لبنان وغزة مؤسفة، ونتمنى أن تنتهي هذه المأساة».

وأضاف بارزاني: «كلنا نترقب أن يتغير الوضع بعد اختيار الرئيس الجديد عقب الانتخابات الأميركية، وكل التوقعات تشير إلى أن إدارة الرئيس الجديد ترمب ستكون مختلفة عن سياسة الرئيس بايدن».

رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني خلال منتدى السلام في دهوك (إكس)

«إسرائيل لتوسيع الحرب»

أكد فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، رفض بغداد أن تكون «جزءاً من أي أجندة لزعزعة الاستقرار»، وأشار في هذا السياق إلى أن الحكومة الإسرائيلية «تعتمد اتهامات باطلة لتوسيع الحرب».

ونقلت شبكة «روداو» الكردية عن الشمري أن «إسرائيل تحاول في ظل الضغوط الداخليّة والخارجيّة المتزايدة عليها بسبب عدوانها المستمر على غزة ولبنان توسيع رقعة الصراع الإقليمي من خلال الزج بالعراق في دائرة المواجهة».

وقال الشمري: «تحركات إسرائيل ضد العراق محاولة يائسة لتصدير أزماتها الداخليّة وخلق حالة مستمرة من التوتر الإقليمي لتبرير استمرار عدوانها وجرائمها».

وذكر الشمري أن الأجهزة الأمنية العراقية «تعمل على تعزيز الانتشار الأمني، ومنع أي خرق أمني لا ينسجم وتوجهات السياسة الخارجيّة للعراق».

وأفادت الحكومة العراقية، في وقت سابق، بأن الولايات المتحدة، تتحمّل، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية، مسؤولية «الردع والرد على أي هجمات خارجية تمس الأمن الداخلي العراقي».

وقال الشمري إن «التهديدات الإسرائيلية ليست وليدة اللحظة، وإنها تأتي تكراراً، وهذا واضح من خلال الشكوى التي وجهتها إلى مجلس الأمن».

ووفقاً لتقارير إعلامية، أبلغت واشنطن، بغداد، أن الضربات التي سيشنها الجيش الإسرائيلي ضد العراق «وشيكة» ما لم تتمكن بغداد من منع الفصائل المدعومة من إيران من شن هجمات ضد إسرائيل.