قانا... الشاهدة على تاريخ المجازر الإسرائيلية

TT

قانا... الشاهدة على تاريخ المجازر الإسرائيلية

طفلة تضيء شمعة عن أرواح أفراد عائلتها الذين سقطوا ضحايا مجزرة قانا الأولى
طفلة تضيء شمعة عن أرواح أفراد عائلتها الذين سقطوا ضحايا مجزرة قانا الأولى

لبلدة قانا في جنوب لبنان تاريخ وحاضر مكتوبان بالدم. واليوم، شهدت قانا مجزرة جديدة نتيجة غارات إسرائيلية دامية على البلدة، راح ضحيتها 10 أشخاص على الأقل، وأصيب 54 بجروح.

تختلف التواريخ، لكن وحشية الاعتداءات الإسرائيلية عليها متشابهة: 3 مجازر راح ضحيتها الأطفال والنساء والشيوخ.

مجزرة قانا الأولى... «عناقيد الغضب»

ارتكبت إسرائيل مجزرة قانا الأولى ضمن عدوان شنّته على جنوب لبنان عام 1996، وأطلقت عليه اسم «عناقيد الغضب»، مودية بحياة 175 شخصاً، إضافة إلى 300 جريح. وتناثرت أشلاء ما يقرب من 250 قتيلاً وجريحاً، حمل 18 منهم لقب مجهول يوم دفنه.

وفي 18 أبريل (نيسان) 1996 وبعد الثانية ظهراً بقليل، اليوم الذي استهدفت فيه إسرائيل مركز قيادة «فيجي» التابع لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، قتلت 106 أشخاص بينهم عشرات الأطفال، في حين أُصيب نحو 150 آخرين بجروح وإصابات بدنية.

في ذلك الوقت، كان ما يزيد على 800 لبناني قد هربوا إلى المجمع للاحتماء من القصف الإسرائيلي، وكان معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.

تشييع الضحايا بأضرحة ملفوفة بالعَلم اللبناني في مجزرة قانا الأولى

وصرح شمعون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بأن «الجيش الإسرائيلي لم يكن على علم بوجود مدنيين في مقر الأمم المتحدة»، إلا أن الجنرال موشيه إيلون، رئيس الاستخبارات العسكرية، قال: «إن ضباط الجيش الإسرائيلي علموا بوجود لاجئين مدنيين في مركز الأمم المتحدة».

وقد اجتمع أعضاء مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين إسرائيل، لكن الولايات المتحدة أجهضت القرار باستخدام حق النقض (فيتو).

طفل من ضحايا مجزرة قانا الثانية

مجزرة قانا الثانية... حرب تموز 2006

وفي 30 يوليو (تموز) 2006 أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية عند الواحدة من بعد منتصف الليل مبنى من ثلاث طبقات في حي الخريبة في بلدة قانا كان يحتمي في ملجئه مدنيون نزحوا من قراهم.

فكانت مجزرة قانا الثانية، التي سقط جراءها نحو 55 شخصاً، عدد كبير منهم من الأطفال، حيث انتشلت جثة 27 طفلاً من بين الضحايا.

وما زالت صور الأطفال النائمين الذين تم انتشال جثثهم من تحت الأنقاض عالقة في أذهان اللبنانيين حتى اليوم.

صورة عالقة في الأذهان لطفل راح ضحية القصف الإسرائيلي في مجزرة قانا الثانية

وقصفت إسرائيل المدينة للمرة الثانية بحجة أنها كانت منصة لاستخدام الصواريخ التي كانت تطلق على إسرائيل من «حزب الله» خلال عملية الصيف الساخن في لبنان.

وأكد «حزب الله» أن المبنى لم يكن فيه مقاتلون من «حزب الله» وأن جُلّ من قُتلوا هم من النساء والأطفال والشيوخ.

مجزرة قانا الثالثة... حرب أيلول 2024

وللمرة الثالثة، تكتب بلدة قانا اسمها بالدم. واليوم في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، قتل 10 أشخاص على الأقل وأصيب 54 بجروح في غارات إسرائيلية دامية شنتها إسرائيل على البلدة. وبعد ساعات طويلة على الغارات المتتالية على قانا، كانت سيارات الإسعاف لا تزال تنقل القتلى والجرحى من بين أكوام من ركام مبانٍ سويت بالأرض.

قُتل ما لا يقل عن 10 أشخاص بالغارات الإسرائيلية على قانا (إ.ب.أ)

من موقع الغارات، قال محمد إبراهيم من جمعية الرسالة للإسعاف التابعة لحركة «أمل» إن «أكثر من 15 مبنى دُمّرت بالكامل، لقد لحق دمار شامل بحي بأكمله في بلدة قانا»، مضيفاً أن المسعفين رفعوا جثمانين وأشلاء من المكان. ويرجّح أن تكون حصيلة القتلى أعلى بكثير مع استمرار أعمال رفع الأنقاض، وفق رئيس اتحاد بلديات صور، حسن دبوق، لا سيما أن معدات إزالة الردم غير متوافرة كثيراً.

رجال الإنقاذ وأفراد وسائل الإعلام يتفقدون موقع الضربة العسكرية الإسرائيلية في بلدة قانا (إ.ب.أ)

ووصف دبوق ما حصل بأنه «مجزرة»، لافتاً إلى أن فرق الإنفاذ ما زالت ترفع الأنقاض حتى الآن.

وأشار إلى أن الغارات استهدفت ساحة القرية كان فيها نازحون من قرية جبال البطم المجاورة.


مقالات ذات صلة

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

المشرق العربي عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

تحاول المستشفيات في جنوب لبنان، النهوض مجدداً رغم الصعوبات، بعد انتهاء الحرب، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل.

حنان حمدان (بيروت)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
يوميات الشرق يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

3 عقود في الإعلام والحوارات، جعلت اسم ريكاردو كرم اختزالاً للصدقية والشفافية. وبالتحاق الشغف والمحبة بالفضيلتَيْن المتراكمتَيْن، يضمن التجاوب وحماسة الخيِّرين.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة، مما أجبر المسعفين على البحث عن طريقة لإجلاء مئات المرضى والموظفين بأمان، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وقال مدير مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا، حسام أبو صفية، للوكالة في رسالة نصية إن الامتثال لأمر الإغلاق «شبه مستحيل» بسبب نقص سيارات الإسعاف اللازمة لنقل المرضى. وأضاف: «لدينا حالياً ما يقرب من 400 مدني داخل المستشفى، بما في ذلك الأطفال في وحدة حديثي الولادة الذين تعتمد حياتهم على الأكسجين والحاضنات. لا يمكننا إجلاء هؤلاء المرضى بأمان دون المساعدة والمعدات والوقت». وأوضح: «نرسل هذه الرسالة تحت القصف الشديد والاستهداف المباشر لخزانات الوقود، والتي إذا أصيبت ستتسبب في انفجار كبير وإصابات جماعية للمدنيين في الداخل».

ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق على تصريحات أبو صفية. وكان الجيش قال، أول من أمس، إنه أرسل وقوداً وإمدادات غذائية إلى المستشفى، وساعد في إجلاء أكثر من 100 مريض ومقدم رعاية إلى مستشفيات أخرى في غزة، بعضهم بالتنسيق مع الصليب الأحمر، حفاظاً على سلامتهم. والمستشفى هو أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل جزئياً في شمال قطاع غزة، وهي منطقة تحاصرها إسرائيل منذ ثلاثة أشهر تقريباً في واحدة من أكثر العمليات قسوة في الحرب المستمرة منذ 14 شهراً.

وقال أبو صفية إن الجيش الإسرائيلي أمر بإجلاء المرضى والموظفين إلى مستشفى آخر وضعه أسوأ. وأظهرت صور من داخل المستشفى تكدس المرضى على أسرّة في الممرات لإبعادهم عن النوافذ. ولم يتسنَّ للوكالة التحقق من صحة هذه الصور بعدُ.

وتقول إسرائيل إن حصارها لثلاث مناطق في شمال غزة، وهي بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، يأتي في إطار عملية لاستهداف مسلحي «حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» (حماس). ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالسعي إلى إخلاء المنطقة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قتال من أماكن قريبة

وبثت حركة «حماس»، اليوم، مقطعاً مصوراً قالت إنه جرى تصويره في شمال قطاع غزة. وظهر في المقطع مقاتلون متمركزون داخل مبانٍ مدمرة ووسط أكوام من الحطام، وكانوا يرتدون ملابس مدنية ويطلقون مقذوفات على قوات إسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي، اليوم، إن القوات التي تنفذ عمليات في بيت حانون قصفت مسلحين وبنى تحتية تابعة للحركة. وقالت حركتا «حماس» و«الجهاد» إنهما تسببتا في خسائر بشرية في صفوف القوات الإسرائيلية.

من جهة أخرى، ذكرت البطريركية اللاتينية في القدس ووحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن إسرائيل سمحت لبطريرك القدس للاتين بدخول غزة اليوم. وجاء ذلك بعد أن قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان أمس إن البطريرك مُنع من الدخول.

وفي مناطق أخرى في قطاع غزة، قال مسعفون إن غارات عسكرية إسرائيلية في أنحاء قطاع غزة أسفرت عن مقتل 24 فلسطينياً على الأقل. وقُتل ثمانية، بعضهم أطفال، في مدرسة تؤوي عائلات نازحة في مدينة غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إن الضربة استهدفت مسلحين من «حماس» يعملون من مركز قيادة داخل المدرسة. وتنفي «حماس» وجود مقاتليها بين المدنيين.

وكثف الوسطاء جهودهم في الأسابيع القليلة الماضية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد أشهر من تعطل المحادثات. وشنت إسرائيل الحملة العسكرية على غزة بعد أن اقتحم مقاتلون بقيادة «حماس» بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ويُعتقد أن نحو نصف عدد الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، وعددهم 100، لم يلقوا حتفهم بعدُ. وتقول السلطات في قطاع غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة قتلت حتى الآن أكثر من 45259 فلسطينياً، وأسفرت عن نزوح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتدمير أغلب القطاع الساحلي.