رئيسة وزراء إيطاليا قبل زيارة بيروت: موقف القوات الإسرائيلية غير مبرر

في رد على استهداف «يونيفيل»

آليات تابعة لقوات «يونيفيل» عند الحدود اللبنانية الجنوبية (د.ب.أ)
آليات تابعة لقوات «يونيفيل» عند الحدود اللبنانية الجنوبية (د.ب.أ)
TT

رئيسة وزراء إيطاليا قبل زيارة بيروت: موقف القوات الإسرائيلية غير مبرر

آليات تابعة لقوات «يونيفيل» عند الحدود اللبنانية الجنوبية (د.ب.أ)
آليات تابعة لقوات «يونيفيل» عند الحدود اللبنانية الجنوبية (د.ب.أ)

أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، أنها ستزور لبنان لتفقد الكتيبة الإيطالية ضمن «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» التي تعرضت وحدات منها لنيران إسرائيلية في الأيام الماضية، ما أوقع إصابات في صفوفها.

وقالت أمام مجلس الشيوخ الإيطالي: «من المقرر أن أزور لبنان» من دون تحديد موعد لهذه الزيارة، معلنة في الوقت عينه أن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، سيزور إسرائيل والأراضي الفلسطينية الأسبوع المقبل.

وأصيب 5 من عناصر «يونيفيل» جنوب لبنان بجروح خلال الأيام الأخيرة، في إطار العملية العسكرية البرية التي تشنها إسرائيل ضد «حزب الله»، وهو ما استدعى ردود فعل مستنكِرة من قبل الدول المشاركة في القوة. واتّهمت «قوة الأمم المتحدة المؤقتة»، التي تضم نحو 9500 جندي من جنسيات مختلفة، الجيش الإسرائيلي بـ«تعمّد» إطلاق النار على مواقعها.

وسبق أن نددت ميلوني، التي تعدّ بلادها ثاني أكبر مساهم في قوة «يونيفيل»، بالهجمات مرات عدة، وتحدثت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأحد، مؤكدة له أنه «من غير المقبول أن تهاجم القوات المسلحة الإسرائيلية (يونيفيل)». وقالت، الثلاثاء، أمام مجلس الشيوخ، قبل القمة الأوروبية التي ستعقد في بروكسل خلال الأسبوع الحالي، إن موقف القوات الإسرائيلية «غير مبرر على الإطلاق». وأضافت: «في الأيام الأخيرة، ولأول مرة منذ سنة على بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية، تعرضت مواقع الكتيبة العسكرية الإيطالية العاملة ضمن مهمة (يونيفيل)، التابعة للأمم المتحدة، لنيران الجيش الإسرائيلي»، مؤكدة أنه «رغم عدم وقوع إصابات أو أضرار كبيرة، فإنني أعتقد أن هذا لا يمكن قبوله»، داعية إلى ضمان أمن الجنود.

وعدّت أن موقف القوات الإسرائيلية غير مبرر على الإطلاق، بالإضافة إلى أنه يمثل انتهاكاً صارخاً لما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1701»، مشيرة في الوقت عينه إلى أنه «لا يمكن تجاهل انتهاك القرار نفسه الذي ارتكبه على مر السنوات (حزب الله) الذي عمل على عسكرة المنطقة الواقعة ضمن نطاق مهام (يونيفيل)».

في غضون ذلك، استمرت المواقف المستنكِرة التعرض لقوات «يونيفيل»، وأصدر الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، الثلاثاء، إدانة شديدة لإسرائيل بعد هجومها على «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» لحفظ السلام، الذي أسفر عن إصابة 3 إندونيسيين.

من جهتها، أعربت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، عن اعتقادها بأنه على الرغم من القصف المتكرر ضد قوات «يونيفيل» من قبل القوات الإسرائيلية، فإن بعثة المراقبين الأممية ستلعب دوراً أقوى في المستقبل. وخلال لقاء في برلين مع نظيرها المقدوني الشمالي، تيمكو موتشونسكي، قالت بيربوك، الثلاثاء، إن حكومة إسرائيل طالبت المجتمع الدولي مراراً بتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم «1701»، مشيرة إلى أن قوات «يونيفيل» تلعب دوراً حاسماً في ضمان عدم انطلاق العنف من جانب «حزب الله» نحو إسرائيل، وفي عودة السكان إلى قراهم ومدنهم بشمال إسرائيل وفي لبنان.

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى إبعاد قوة «يونيفيل» عن «الخطر على الفور»، لكنّ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيار لاكروا، أكد أنّ عناصر القوة «سيبقون في كل مواقعهم» بلبنان.

وبعد بدء العملية البرية في جنوب لبنان حيث تنتشر «قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل)»، قال نتنياهو إنّ «حزب الله» يستخدم «منشآت ومواقع (يونيفيل) غطاء لشنّ هجماته».

واتهمت «يونيفيل» إسرائيل بارتكاب «انتهاكات مروعة» بحقها، مشيرة إلى دخول دبابتين إسرائيليتين «عنوة» الأحد إلى مركز تابع لها في بلدة رامية اللبنانية الحدودية.


مقالات ذات صلة

إسرائيل لـ«حزب الله»: كفاكم مقامرة بلبنان

المشرق العربي دمار في منزل خلال جولة لإعلاميين على بلدة المطلة قرب الحدود الإسرائيلية من لبنان الثلاثاء (أ.ف.ب)

إسرائيل لـ«حزب الله»: كفاكم مقامرة بلبنان

رد ناطق باسم الجيش الإسرائيلي على تصريحات نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، قائلاً: «كفاكم مقامرة على لبنان».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
أوروبا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ب)

ميلوني: انسحاب «اليونيفيل» من لبنان بناءً على طلب إسرائيل سيكون خطأً فادحاً

رأت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الثلاثاء، أن انسحاب قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) من جنوب لبنان بناءً على طلب إسرائيل سيكون «خطأً فادحاً».

«الشرق الأوسط» (روما -بيروت)
خاص الدخان يتصاعد جراء غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

خاص «ليالي بيروت الصعبة»... كيف تتحدى الأرق الذي يسببه اشتداد القصف ليلاً؟

في الأسابيع الأخيرة عبّر الكثير من رواد وسائل التواصل الاجتماعي عن قلقهم من القصف الليلي، والإنذارات التي يُصدرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ليلاً.

تمارا جمال الدين (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (رويترز)

«حزب الله» يعلن قصف دبابة وجرافات إسرائيلية عند الحدود اللبنانية

أعلن «حزب الله»، الثلاثاء، أن مقاتليه قصفوا بالصواريخ دبابة «ميركافا» وجرافات إسرائيلية عند أطراف بلدة لبنانية عند الحدود في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي أطفال نازحون من جنوب لبنان في مبنى «العازارية» وسط بيروت (أ.ف.ب)

لا مناطق آمنة في لبنان... والمخاوف تحاصر المجتمعات المضيفة

لم تعد هناك أي منطقة آمنة في لبنان. تحوّلت كل المناطق إلى هدف إسرائيلي محتمل مع توزّع الاستهدافات على كل المحافظات.

كارولين عاكوم (بيروت)

تنسيق سعودي - مصري عالٍ لمعالجة الأزمات الإقليمية

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاءٍ ثنائي بقصر الاتحادية في القاهرة (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاءٍ ثنائي بقصر الاتحادية في القاهرة (واس)
TT

تنسيق سعودي - مصري عالٍ لمعالجة الأزمات الإقليمية

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاءٍ ثنائي بقصر الاتحادية في القاهرة (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاءٍ ثنائي بقصر الاتحادية في القاهرة (واس)

في إطار تنسيق سعودي - مصري عالي المستوى بشأن قضايا المنطقة، زار ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، القاهرة، الثلاثاء، ليفتح «عهداً جديداً يدفع نحو معالجة أزمات الإقليم المزمنة وتحقيق الاستقرار»، وفق خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط».

كانت الشؤون الإقليمية، وعلى رأسها الأوضاع في قطاع غزة ولبنان، على أجندة مباحثات ولي العهد السعودي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ حيث «توافق الجانبان على خطورة الوضع الإقليمي وضرورة وقف التصعيد». كما «تطرقت المباحثات إلى أمن منطقة البحر الأحمر، والأوضاع في السودان وليبيا وسوريا».

وهذه ملفات ليست بعيدة عن اهتمامات البلدين في إطار علاقاتهما المشتركة الممتدة تاريخياً، التي شهدت تطورات متلاحقة منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام 1926.

احتفاء مصري

التعاون والتنسيق العالي المستوى أبرزته وسائل إعلام مصرية؛ إذ حرصت على استعراض تاريخ العلاقات بين القاهرة والرياض احتفاءً بزيارة ولي العهد السعودي.

وعرضت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية المصرية، تقريراً بعنوان «مصر والسعودية... تاريخ من الأخوة والعلاقات المتينة ورؤية مشتركة تجاه العديد من القضايا».

ولفت التقرير إلى «رؤية مصر والسعودية المشتركة تجاه العديد من القضايا خاصة في الآونة الأخيرة مع ما تشهده المنطقة من أزمات غير مسبوقة، كادت تعصف بها لولا المواقف الجادة والرؤية الثاقبة والتنسيق المتواصل والثبات على المبدأ سواء في القاهرة أو الرياض».

وهذا التنسيق أكدته الدوائر الرسمية مراراً. وفي أغسطس (آب) الماضي، شدّد وزيرا الخارجية المصري والسعودي في اتصال هاتفي، على «تعزيز وتيرة التنسيق والتشاور اتصالاً بالقضايا والتحديات الإقليمية، وبما يحقق مصالح الشعبين، ويعمل على ضمان أمن واستقرار المنطقة».

وبينما أكد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد العرابي «أهمية التنسيق المصري - السعودي لحلحلة أزمات المنطقة»، أشار إلى أن زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة ستكون لها «تأثيرات على مستويات محلية وإقليمية ودولية».

وقال العرابي إن «مصر والسعودية أكبر دولتين في الإقليم والتنسيق والتشاور بينهما دائم»، مشيراً إلى أن «زيارة ولي العهد التي تم الإعداد لها جيداً منذ فترة، تستهدف تعزيز التنسيق بين البلدين في ظل التداعيات الأخيرة في المنطقة». وأضاف: «الزيارة ستفتح عهداً جديداً لمعالجة أزمات الإقليم المزمنة».

التنسيق والتشاور

التنسيق والتشاور بين القاهرة والرياض يمتدان لقضايا عدة، وبرز دور الدولتين الفاعل خلال العام الأخير، تزامناً مع «حرب غزة» وتداعياتها الإقليمية؛ حيث تفاعلت السعودية ومصر مع الأزمة من بدايتها، فاستضافت القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي «قمة السلام» بمشاركة عربية ودولية، بينما استضافت الرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي «القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية».

من جانبه، أشار الباحث السعودي في الدبلوماسية العامة، عماد المديفر، إلى أن «زيارة الأمير محمد بن سلمان لها أهمية كبرى ثلاثية الأبعاد»، موضحاً أنها «تأتي في وقت حرج على وقع الأحداث الملتهبة والمتصاعدة، كما أنها تجمع الرياض والقاهرة بما تمتلكانه من ثقل القيادة ليمثلا معاً حصن العرب الحصين، أما البعد الثالث فيتعلق بالأوضاع الاقتصادية الحرجة في الإقليم؛ بسبب تداعيات أزمة (كورونا)، وحرب أوكرانيا، ومحاولات زعزعة أمن البحر الأحمر».

وقال: «زيارة مفعمة بروح التفاؤل، لا سيما أن السعودية ومصر لهما تاريخ من الأخوة والعلاقات الاستراتيجية الثنائية القوية والمتجذّرة والتاريخية في مختلف المجالات، فضلاً عن رصيد التضامن النابع من أهمية البلدين وحضورهما القوي في المنطقة، وتشابكهما مع قضايا المنطقة والإقليم»، مشيراً إلى «توافق قيادتي الدولتين في الرؤى وتطابق المواقف، وتعاونهما في الأزمات بهدف الحفاظ على أمن العرب والدفاع عن الإقليم وشعبه ومصالحه».

حركة مستمرة

وشاركت الرياض والقاهرة في اللجنة الوزارية، التي كلفتها القمة العربية - الإسلامية غير العادية، ببلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، وجاب وزيرا خارجية البلدين عواصم عالمية في إطار اللجنة، جنباً إلى جنب مع التحركات الثنائية التي لم تهدأ يوماً سواء عبر اتصالات هاتفية أو زيارات ولقاءات مع الأطراف الدولية كافة. كما بذلت مصر جهوداً في إطار وساطة من أجل «هدنة في غزة» بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة الأميركية، لكن الجهود لم تكلل بالنجاح حتى الآن.

في سياق ذلك، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، إلى أن زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة تعكس «تنسيقاً عالي المستوى» بين البلدين في مختلف القضايا الإقليمية، وقال إن «السعودية ومصر دولتان محوريتان في المنطقة، من هنا تكمن أهمية التنسيق بينهما لحلحلة أزمات المنطقة والإقليم»، مشيراً إلى «جهود الرياض والقاهرة طوال الفترة الماضية على مختلف الأصعدة، منذ قمة الرياض وحتى الإعلان عن تشكيل (تحالف دولي) لتنفيذ حل الدولتين».

وأضاف أن «الوضع الحالي يتطلب جهداً وتنسيقاً مكثفاً بين السعودية ومصر»، متوقعاً أن يسفر هذا التنسيق عن «حراك عربي كبير في ظل انسداد الأفق السياسي».

وخلال فعاليات الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي عقدت الشهر الماضي في نيويورك، أعلن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين، إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، لافتاً إلى أن الاجتماع الأول للتحالف سيُعقد في الرياض.

رؤية البلدين

ويمتد التنسيق بين الجانبين إلى الأزمة السودانية؛ حيث بذلت السعودية ومصر جهوداً لحل الأزمة، عقب الحرب التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، واستضافت السعودية مفاوضات جدة في مايو (أيار) 2023، كما استضافت مصر عدة اجتماعات بشأن الأزمة السودانية، كان آخرها مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية» في يوليو (تموز) الماضي.

واتسمت رؤية البلدين في كثير من المواقف والأحداث بـ«الحرص المشترك على مصالح المنطقة والحفاظ على الأمن القومي العربي بمواصلة التشاور والتنسيق إزاء أزمات المنطقة دفاعاً عن قضايا ومصالح الأمة»، وفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، الذي يلفت إلى أن «تدهور الأوضاع في الإقليم يضع البلدين الكبيرين أمام مسؤولية كبيرة للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة».