إسرائيل تكثّف الضغط العسكري على شمال غزة وسط مخاوف التهجير

مُسعِفون يؤكدون أن قذائف الدبابات أصابت الضحايا وهم ينتظرون استلام الطعام

فلسطينيون يشاهدون سيارات محترقة نتيجة غارة إسرائيلية على خيام تؤوي نازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يشاهدون سيارات محترقة نتيجة غارة إسرائيلية على خيام تؤوي نازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تكثّف الضغط العسكري على شمال غزة وسط مخاوف التهجير

فلسطينيون يشاهدون سيارات محترقة نتيجة غارة إسرائيلية على خيام تؤوي نازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يشاهدون سيارات محترقة نتيجة غارة إسرائيلية على خيام تؤوي نازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

قال مُسعِفون فلسطينيون، الاثنين، إن 10 أشخاص على الأقل قُتلوا، وأُصيب 30 آخرون، بسبب قذائف دبابات إسرائيلية‭‭ ‬‬استهدفت مركزاً لتوزيع المواد الغذائية في جباليا شمال قطاع غزة، وأشاروا إلى أن الضحايا بينهم نساء وأطفال. وقال الجيش الإسرائيلي إنه يتحقّق من هذا التقرير.

وذكر مُسعِفون أن طائرة إسرائيلية مسيّرة أطلقت النار على عشرات السكان الذين تجمّعوا للحصول على الطعام، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.

وجباليا هي محور يتركز عليه هجوم عسكري إسرائيلي منذ نحو 10 أيام، وأكمل الجيش تطويق مخيم اللاجئين التاريخي، وأرسل دبابات إلى بلدتَي بيت لاهيا وبيت حانون المجاورتين من أجل تحقيق الهدف المعلَن، المتمثل في القضاء على مقاتلي حركة «حماس» الذين يحاولون إعادة تجميع صفوفهم هناك.

وتعرّض الجزء الشمالي من غزة، الذي يقطنه أكثر من نصف سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، لقصف شديد في المرحلة الأولى من الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ قبل عام.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن مئات الآلاف من سكان شمال غزة تركوا منازلهم في الأشهر الأولى من الحرب، مدفوعين بأوامر إخلاء إسرائيلية، وهجوم برّي عسكري على مناطقهم، بينما بقي نحو 400 ألف شخص.

لكن بعد أشهر من القتال البرّي الشديد هناك أعادت إسرائيل قواتها إلى جباليا؛ للقضاء على مقاتلي «حماس» الذي قالت إنهم يُعِيدون تجميع صفوفهم لشنّ مزيد من الهجمات.

سيدة فلسطينية وطفلة تنظران إلى الدمار الناتج عن غارة إسرائيلية على خيام تؤوي نازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ب)

وقال الجناحان المسلّحان لحركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إن مقاتليهما ينفّذون هجمات ضد القوات الإسرائيلية بالصواريخ المضادة للدبابات وقذائف الهاون.

وتشبه الأيام القليلة الماضية المراحل السابقة من الحرب، في ظل مطالبة الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين بالإخلاء باتجاه الجنوب، مع تصعيد ضغوطه على «حماس»، ودعوة الحركة إياهم لعدم المغادرة؛ لأنها تنطوي على مخاطر كبيرة للغاية.

وقالت مروة (26 عاماً) التي غادرت مع عائلتها إلى مدرسة في مدينة غزة: «إحنا بيتم قصفنا من السما ومن الأرض دون توقف على مدار أسبوع... يعاقبونا لأننا رفضنا ترك بيوتنا»، وأضافت أن الناس يخشون من أنهم قد لا يستطيعون العودة مطلقاً إذا اتجهوا جنوباً.

مخاوف من خطط إسرائيلية لإخلاء جباليا

يخشى آخرون من أن يكون هناك مخطط إسرائيلي لإخلاء جباليا، وربما المناطق الشمالية بأكملها من سكانها، وذلك وفقاً لمقترح طرحه جنرالات إسرائيليون سابقون، يدعو لإخلاء شمال غزة من المدنيين، وفرض حصار على المسلحين المتبقين حتى يعلنوا استسلامهم.

صورة بثّتها وكالة «أونروا» تُظهر دخاناً كثيفاً ونيراناً نتيجة غارة على خيام تؤوي نازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتنفي إسرائيل بشكل قاطع مثل هذا المخطط. وقال المتحدث العسكري نداف شوشاني، لصحافيين: «لم نتلقّ أي مخطّط من هذا القبيل، نؤكد أننا نضمن عدم إلحاق أذى بالمدنيين أثناء تنفيذ عملياتنا (العسكرية) ضد هذه الخلايا الإرهابية في جباليا».

وقال جيورا آيلاند، المقدّم الرئيسي للمقترح، إن مخطّطه يهدف إلى الضغط على «حماس» لتحرير الرهائن، من خلال تقليل عدد المناطق التي تسيطر عليها، والمساعدات الواردة إليها، بدلاً من إرسال قوات إسرائيلية لمحاربة مقاتلي الحركة.

وأضاف لإذاعة الجيش، الأحد: «ما يفعله (الجيش الإسرائيلي) في جباليا في الوقت الراهن هو جزء مما يحدث عادةً... وخطتي لم تُنفَّذ بعد». ووصفت الأمم المتحدة الظروف التي يشهدها السكان المتبقون في جباليا بالمأساوية.

وقال مهند هادي منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، الأحد: «نزح أكثر من 50 ألف شخص من منطقة جباليا التي باتت معزولة، بينما لا يزال آخرون محاصرين في منازلهم وسط تصاعُد القصف والقتال».

وأضاف: «أدت العمليات العسكرية في الآونة الأخيرة في شمال غزة إلى إغلاق آبار المياه والمخابز والمرافق الطبية، وأماكن الإيواء، فضلاً عن تعليق خدمات الحماية وعلاج سوء التغذية، وأماكن التعلّم المؤقتة، وفي الوقت ذاته تشهد المستشفيات تدفقاً كبيراً للمصابين».

وعبّرت الأمم المتحدة، الجمعة، عن قلقها من أن القتال وأوامر الإخلاء في شمال غزة قد تؤثر بالسلب على حملة التطعيم الجارية ضد شلل الأطفال، التي كان من المقرّر أن تبدأ مرحلتها الثانية الاثنين.

فلسطينيون يشاهدون سيارات محترقة نتيجة غارة إسرائيلية على خيام تؤوي نازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

وأُجريت الجولة الأولى من التطعيمات الشهر الماضي بعد إصابة طفل بشلل جزئي بسبب فيروس شلل الأطفال من النوع 2 في أغسطس (آب)، وهي أول حالة من هذا النوع منذ 25 عاماً.

ومن المقرّر أن تبدأ الجولة الثانية في مناطق وسط غزة قبل الانتقال إلى الجنوب، ثم إلى الشمال لاحقاً.

وبدأت إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة بعد الهجوم الذي شنّه مسلحو «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، واحتجاز 250 رهينة، حسب إحصاءات إسرائيلية. بينما تقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 42 ألف فلسطيني قُتلوا منذ ذلك الحين.


مقالات ذات صلة

«حماس»: لا نهاية للصراع في الشرق الأوسط دون حل قضية غزة

المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

«حماس»: لا نهاية للصراع في الشرق الأوسط دون حل قضية غزة

قال المسؤول الكبير في حركة «حماس»، باسم نعيم، اليوم (الأربعاء)، إنه لا نهاية للصراع المتنامي بوتيرة سريعة في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أشخاص يحملون نعوش الضحايا الذين قتلوا في الغارة الإسرائيلية على بلدة عيتو في شمال لبنان (إ.ب.أ)

لبنان: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 2367 قتيلاً وأكثر من 11 ألف جريح

ارتفعت حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى ألفين و367 قتيلاً و11 ألفاً و88 جريحاً منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ تزداد حدة المواجهة بين ترمب وهاريس مع اقتراب الانتخابات الأميركية (أ.ف.ب)

الديمقراطيون يكثّفون دفاعهم عن هاريس مع اقتراب موعد الاقتراع

تُحتّم المعركة المصيرية بين ترمب وهاريس على أنصارهما الدفاع عنهما بشراسة ومن دون قيود، في ملفات داخلية وخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد خلال اجتماع لمجلس الأمن حول «الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية» في نيويورك (أ.ف.ب)

واشنطن ترفض «الترحيل القسري» في غزة

رفضت دول العالم سياسات التجويع الإسرائيلية في شمال غزة، حيث صار الوضع «وحشياً»، بينما أعلنت واشنطن أنها «لا تقبل» أي «ترحيل قسري» للفلسطينيين من القطاع.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي متطوع أجنبي يساعد المزارعين الفلسطينيين في قطف الزيتون خلال موسم الحصاد في قرية قصرة، جنوب نابلس في الضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

الضفة الغربية تواجه «أخطر موسم زيتون على الإطلاق»

سيواجه المزارعون الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة «أخطر موسم زيتون على الإطلاق»، كما حذر خبراء في الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

قانا... الشاهدة على تاريخ المجازر الإسرائيلية

طفلة تضيء شمعة عن أرواح أفراد عائلتها الذين سقطوا ضحايا مجزرة قانا الأولى
طفلة تضيء شمعة عن أرواح أفراد عائلتها الذين سقطوا ضحايا مجزرة قانا الأولى
TT

قانا... الشاهدة على تاريخ المجازر الإسرائيلية

طفلة تضيء شمعة عن أرواح أفراد عائلتها الذين سقطوا ضحايا مجزرة قانا الأولى
طفلة تضيء شمعة عن أرواح أفراد عائلتها الذين سقطوا ضحايا مجزرة قانا الأولى

لبلدة قانا في جنوب لبنان تاريخ وحاضر مكتوبان بالدم. واليوم، شهدت قانا مجزرة جديدة نتيجة غارات إسرائيلية دامية على البلدة، راح ضحيتها 10 أشخاص على الأقل، وأصيب 54 بجروح.

تختلف التواريخ، لكن وحشية الاعتداءات الإسرائيلية عليها متشابهة: 3 مجازر راح ضحيتها الأطفال والنساء والشيوخ.

مجزرة قانا الأولى... «عناقيد الغضب»

ارتكبت إسرائيل مجزرة قانا الأولى ضمن عدوان شنّته على جنوب لبنان عام 1996، وأطلقت عليه اسم «عناقيد الغضب»، مودية بحياة 175 شخصاً، إضافة إلى 300 جريح. وتناثرت أشلاء ما يقرب من 250 قتيلاً وجريحاً، حمل 18 منهم لقب مجهول يوم دفنه.

وفي 18 أبريل (نيسان) 1996 وبعد الثانية ظهراً بقليل، اليوم الذي استهدفت فيه إسرائيل مركز قيادة «فيجي» التابع لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، قتلت 106 أشخاص بينهم عشرات الأطفال، في حين أُصيب نحو 150 آخرين بجروح وإصابات بدنية.

في ذلك الوقت، كان ما يزيد على 800 لبناني قد هربوا إلى المجمع للاحتماء من القصف الإسرائيلي، وكان معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.

تشييع الضحايا بأضرحة ملفوفة بالعَلم اللبناني في مجزرة قانا الأولى

وصرح شمعون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بأن «الجيش الإسرائيلي لم يكن على علم بوجود مدنيين في مقر الأمم المتحدة»، إلا أن الجنرال موشيه إيلون، رئيس الاستخبارات العسكرية، قال: «إن ضباط الجيش الإسرائيلي علموا بوجود لاجئين مدنيين في مركز الأمم المتحدة».

وقد اجتمع أعضاء مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين إسرائيل، لكن الولايات المتحدة أجهضت القرار باستخدام حق النقض (فيتو).

طفل من ضحايا مجزرة قانا الثانية

مجزرة قانا الثانية... حرب تموز 2006

وفي 30 يوليو (تموز) 2006 أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية عند الواحدة من بعد منتصف الليل مبنى من ثلاث طبقات في حي الخريبة في بلدة قانا كان يحتمي في ملجئه مدنيون نزحوا من قراهم.

فكانت مجزرة قانا الثانية، التي سقط جراءها نحو 55 شخصاً، عدد كبير منهم من الأطفال، حيث انتشلت جثة 27 طفلاً من بين الضحايا.

وما زالت صور الأطفال النائمين الذين تم انتشال جثثهم من تحت الأنقاض عالقة في أذهان اللبنانيين حتى اليوم.

صورة عالقة في الأذهان لطفل راح ضحية القصف الإسرائيلي في مجزرة قانا الثانية

وقصفت إسرائيل المدينة للمرة الثانية بحجة أنها كانت منصة لاستخدام الصواريخ التي كانت تطلق على إسرائيل من «حزب الله» خلال عملية الصيف الساخن في لبنان.

وأكد «حزب الله» أن المبنى لم يكن فيه مقاتلون من «حزب الله» وأن جُلّ من قُتلوا هم من النساء والأطفال والشيوخ.

مجزرة قانا الثالثة... حرب أيلول 2024

وللمرة الثالثة، تكتب بلدة قانا اسمها بالدم. واليوم في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، قتل 10 أشخاص على الأقل وأصيب 54 بجروح في غارات إسرائيلية دامية شنتها إسرائيل على البلدة. وبعد ساعات طويلة على الغارات المتتالية على قانا، كانت سيارات الإسعاف لا تزال تنقل القتلى والجرحى من بين أكوام من ركام مبانٍ سويت بالأرض.

قُتل ما لا يقل عن 10 أشخاص بالغارات الإسرائيلية على قانا (إ.ب.أ)

من موقع الغارات، قال محمد إبراهيم من جمعية الرسالة للإسعاف التابعة لحركة «أمل» إن «أكثر من 15 مبنى دُمّرت بالكامل، لقد لحق دمار شامل بحي بأكمله في بلدة قانا»، مضيفاً أن المسعفين رفعوا جثمانين وأشلاء من المكان. ويرجّح أن تكون حصيلة القتلى أعلى بكثير مع استمرار أعمال رفع الأنقاض، وفق رئيس اتحاد بلديات صور، حسن دبوق، لا سيما أن معدات إزالة الردم غير متوافرة كثيراً.

رجال الإنقاذ وأفراد وسائل الإعلام يتفقدون موقع الضربة العسكرية الإسرائيلية في بلدة قانا (إ.ب.أ)

ووصف دبوق ما حصل بأنه «مجزرة»، لافتاً إلى أن فرق الإنفاذ ما زالت ترفع الأنقاض حتى الآن.

وأشار إلى أن الغارات استهدفت ساحة القرية كان فيها نازحون من قرية جبال البطم المجاورة.