لبنانيون يبكون سوق «النبطية» بعدما حوّلتها غارة إسرائيلية إلى ركام (صور)

نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي وفق «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية غارة قرابة الثامنة والربع مساء السبت استهدفت وسط السوق التجارية في مدينة النبطية (أ.ف.ب)
نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي وفق «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية غارة قرابة الثامنة والربع مساء السبت استهدفت وسط السوق التجارية في مدينة النبطية (أ.ف.ب)
TT

لبنانيون يبكون سوق «النبطية» بعدما حوّلتها غارة إسرائيلية إلى ركام (صور)

نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي وفق «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية غارة قرابة الثامنة والربع مساء السبت استهدفت وسط السوق التجارية في مدينة النبطية (أ.ف.ب)
نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي وفق «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية غارة قرابة الثامنة والربع مساء السبت استهدفت وسط السوق التجارية في مدينة النبطية (أ.ف.ب)

صبيحة الأحد، بدت سوق النبطية التجارية في جنوب لبنان أشبه بمنطقة منكوبة غداة غارة إسرائيلية استهدفتها: محال استحالت أكواماً من الركام تتصاعد من أنحائها أعمدة دخان، وسكان يعاينون الدمار ويبكون قلب مدينتهم النابض وذكرياتهم.

بتأثر، يصف طارق عبد الأمير صدقة ما يشاهده من حوله: «وكأنه زلزال حلّ بسوق النبطية، سوق دُمرت بأكملها!».

ويضيف: «حتى الزاوية حيث كنا نجلس ونحتسي القهوة صباحاً دُمرت!»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

صورة تظهر الدمار بعد يوم من استهداف غارة جوية إسرائيلية سوقاً في مدينة النبطية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ونفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية، غارة قرابة الثامنة والربع مساء السبت استهدفت وسط السوق التجارية في مدينة النبطية، كبرى مدن الجنوب اللبناني ومركز نشاطه الاقتصادي.

وأسفرت الغارة وفق وزارة الصحة عن إصابة ثمانية أشخاص بجروح في حصيلة أولية، في حين لم يعلن الجيش الإسرائيلي طبيعة الهدف.

ويقول صدقة في حين يحمل عبوة مياه بلاستيكية ولا يقوى على حبس دموعه: «يعجز اللسان عن التعبير، لم نعد نقوى على الكلام!»، مضيفاً: «أنا باقٍ هنا ولن أغادر النبطية، النبطية أمّنا... إنه لأمر محزن أن تجد أرزاق الناس دُمرت!».

على بعد أمتار منه، تشقّ ألسنة نيران طريقها بين حجارة متصدعة، وتتصاعد أعمدة دخان أسود من أنحاء عدة. وحدها شجرة خضراء يانعة بقيت صامدة بعدما تحول كل ما يحيط بها إلى ركام.

سحابة من الدخان تتصاعد أثناء غارة جوية إسرائيلية على منطقة النبطية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

بينما عملت جرافة على رفع حجارة جعلت التنقل شبه مستحيل في المكان المستهدف، بدت واجهات المحال مدمرة ولم تنجُ إلا بضع لافتات كانت مرفوعة عليها، بينها محل مجوهرات.

وتهشمت واجهة مبنى من ثلاث طبقات، وبدت جدرانه سوداء جراء الدخان، في حين تقطعت أسلاك كهرباء وتدلت في أماكن عدة.

وأحدثت الغارة دماراً كبيراً في سوق المدينة التجارية التي تشكل منذ عقود مقصداً لسكان المدينة وروادها من البلدات الواقعة في محيطها. وتكتظ السوق بمحال ومؤسسات متنوعة بينها متاجر ثياب ومجوهرات وحلويات.

تهشمت واجهة مبنى من ثلاث طبقات وبدت جدرانه سوداء جراء الدخان في حين تقطعت أسلاك كهرباء وتدلت في أماكن عدة (أ.ف.ب)

وتقع مدينة النبطية، وهي مركز محافظة تحمل الاسم ذاته، على بعد نحو 13 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل. وتضم مؤسسات رسمية وتجارية كبرى ومستشفيات عامة وخاصة، إضافة إلى جامعات رسمية وخاصة.

وسبق لإسرائيل أن وجهت منذ بدء التصعيد مع «حزب الله» قبل عام ضربات محدودة طالت شققاً في المدينة، من دون أن تخلف دماراً واسعاً.

«النبطية روحي»

متكئاً على عكاز، جال حلمي جابر في محيط المكان المستهدف، وعلق على خاصرته مفاتيح غرفة صغيرة مجاورة يقطن فيها تضررت بعدما دخلت المياه إليها إثر تضرر خزانات على السطح من عصف الغارة الإسرائيلية.

أحدثت الغارة دماراً كبيراً في سوق المدينة التجارية التي تشكل منذ عقود مقصداً لسكان المدينة (أ.ف.ب)

ويتحسّر الرجل المسنّ في حين يضع نظارة شمسية: «كانت هذه أجمل منطقة وأفضل سوق فيها»، مضيفاً: «ليترأف الله بالناس ويساعدنا. نحن خائفون ودماؤنا على أيدينا ونخشى ضربات جديدة؛ إذ إنهم (الإسرائيليون) لا يستثنون أحداً، ويريدون جعل النبطية أرضاً محروقة».

ويسأل جابر الذي يسير بخطى بطيئة وخلفه دمار واسع: «هل هناك من نكبات أكبر؟! أريد أن أغادر، لكن من سيأخذني الآن وأنا عاجز عن التحرك؟!».

ويتابع بحرقة: «من سينظر في حالنا؟! نوابنا الذين يسافرون ويقيمون في الفنادق؟! هل منهم من يأتي لتفقدنا والسؤال عن حالنا؟!».

تقع مدينة النبطية وهي مركز محافظة تحمل الاسم ذاته على بعد نحو 13 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل (أ.ف.ب)

إلى الموقع المستهدف، يتوافد تباعاً رجال يستطلعون حال السوق التي اعتادوا ارتيادها يومياً للتسوق أو رؤية أصدقائهم.

وبين هؤلاء محمود خرابزيت (69 عاماً) الذي اعتاد منذ سنوات طويلة احتساء القهوة مع أصدقائه يومياً فيها.

وعلى غرار كثر، يقول إن المدينة «مرت حروب كثيرة عليها واستُهدفت بالقصف، لكننا ما زلنا صامدين فيها».

ويؤكد أن استهداف إسرائيل للمدينة لن يدفعه إلى مغادرتها. ويوضح: «باقٍ هنا. هنا منزلي ومنزل أهلي ومنازل إخوتي. لا أستطيع أن أترك النبطية. النبطية روحي. وعندما (تروح الروح) تكون قد انتهيت».

على بعد أمتار، يشبّه الشيخ علي طه (63 عاماً) السوق بمنزله. ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «شعرت كما لو أن منزلي تعرّض للقصف. هنا ترعرعنا وتعرف الناس كلهم بعضهم إلى بعض».

في الشارع كما على مواقع التواصل الاجتماعي، يبكي سكان المدينة سوقهم وذكرياتهم فيها منذ نعومة أظفارهم.

في منشور على «فيسبوك»، عدّدت الكاتبة بادية فحص أسماء محال حفظتها مع أسماء مالكيها عن ظهر قلب في الشارع المستهدف: مكتبة، ومحل حلويات وألبسة وأحذية وفلافل وبهارات، وصيدلية، ومحل بيع أسطوانات كان يطرب بموسيقاه رواد السوق.

وختمت منشورها الذي لاقى تفاعلاً واسعاً: «هذا قلبنا الذي احترق وليس مجرد مربع أسمنتي».


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

كرر وزير الدفاع الأميركي، السبت، التزام بلاده التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وذلك خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي الذي أكد تواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام، وأحكمت طوقاً على المقاتلين الموجودين فيها، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني

نذير رضا (بيروت)
شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

خاص «وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

بعد قراره التراجع عن «وحدة الساحات» واقتناعه بـ«فصل المسارات»، باتت القوى السياسية لا تتردد باعتبار التزام «حزب الله» السابق بهذه الاستراتيجية خطأ استراتيجياً.

بولا أسطيح (بيروت)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

وأوضحت الوزارة أن 5 مدنيين قتلوا في بوداي و13 في شمسطار و4 في فلاوي وقتيلاً واحداً في كل من بلدة الفكهاني وبلدة بريتال.

واستيقظ سكان العاصمة اللبنانية على وقع 3 انفجارات ضخمة عند الفجر، وأدت الضربات إلى تدمير مبنى سكني بالكامل في منطقة البسطة المكتظة بقلب بيروت. ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على هذه الضربات إلى الآن. كذلك استهدفت ضربات ضاحية بيروت الجنوبية، معقل «حزب الله»، غداة غارات عنيفة على هذه المنطقة وعلى جنوب لبنان وشرقه.

وفي الشياح أحد الاحياء المستهدفة، تحول مبنى إلى ركام من الحديد والحجارة، تحوطه واجهات مدمرة ونوافذ محطمة. وفي الحدث، التهمت النيران عدداً من المباني. كذلك، قصفت إسرائيل قرى وبلدات في جنوب لبنان، خصوصاً الخيام التي يسعى الجيش الإسرائيلي إلى السيطرة عليها لتسهيل تقدمه في المنطقة، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.