الجيش الإسرائيلي يوسع نطاق غاراته لتشمل مناطق في الشمال والشوف

هدَّد باستهداف فرق الإسعاف... وصليَّات من الصواريخ على شمال إسرائيل

نازحون يحاولون إخراج البطانيات من المبنى الذي استهدفه القصف الإسرائيلي في بلدة برجا في إقليم الخروب (أ.ب)
نازحون يحاولون إخراج البطانيات من المبنى الذي استهدفه القصف الإسرائيلي في بلدة برجا في إقليم الخروب (أ.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يوسع نطاق غاراته لتشمل مناطق في الشمال والشوف

نازحون يحاولون إخراج البطانيات من المبنى الذي استهدفه القصف الإسرائيلي في بلدة برجا في إقليم الخروب (أ.ب)
نازحون يحاولون إخراج البطانيات من المبنى الذي استهدفه القصف الإسرائيلي في بلدة برجا في إقليم الخروب (أ.ب)

واصل الجيش الإسرائيلي ضغطه الميداني على القرى الحدودية اللبنانية؛ حيث استهدف بلدة عيتا الشعب بنحو 15 غارة جوية، مع قصف مدفعي، فيما بدا تمهيداً نارياً لمحاولة التوغل فيها، على غرار توغلات سابقة في بلدات حدودية أخرى، من دون أن يسجل حتى مساء السبت خروقات واسعة لدفاعات «حزب الله» الذي واصل ضغطه الميداني بإطلاق عشرات الصواريخ نحو شمال إسرائيل.

ووسَّعت إسرائيل نطاق الغارات على لبنان باستهداف مناطق في الشمال والشوف في جبل لبنان؛ حيث سقط عدد من القتلى والجرحى، في وقت حذَّر فيه الجيش الإسرائيلي صراحة باستهداف سيارات الإسعاف، قائلاً إنه يتم استخدامها من قبل «حزب الله»، وذلك بعدما سُجِّل في الأيام الأخيرة استهداف فرق طبية، وقُتل منها حتى الآن أكثر من مائة شخص، وأصيب أكثر من 225 عاملاً.

وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، على حسابه في منصة «إكس»، قائلاً: «ندعو الفرق الطبية إلى تجنب التعامل مع عناصر (حزب الله) وعدم التعاون معهم»، محذراً بأنه «سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي مركبة تنقل مسلحين، بغض النظر عن نوعها».

وحذَّر أدرعي كذلك سكان 23 قرية في جنوب لبنان من العودة إلى منازلهم «حتى إشعار آخر»؛ مشيراً إلى أن القتال متواصل في المنطقة، بعد ساعات من إعلان «حزب الله» اللبناني استهداف قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل. وكتب على منصة «إكس» أن الجيش «يواصل استهداف مواقع (حزب الله) في قراكم أو بالقرب منها»، موضحاً: «من أجل سلامتكم، تُمنع العودة إلى منازلكم حتى إشعار آخر».

الجيش الإسرائيلي يوسّع نطاق غاراته... وإخلاء مبانٍ بعد تحذيرات

وفي حين تواصل القصف على بلدات عدة في جنوب لبنان والبقاع، مع استمرار الهدوء الحذر في الضاحية الجنوبية لبيروت، زاد الجيش الإسرائيلي من نطاق استهدافاته؛ حيث سُجَّلت السبت غارات على مناطق خارج الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع؛ حيث يتركز عادة القصف الإسرائيلي في استهداف المناطق المحسوبة بشكل شبه كامل على «حزب الله». وعادة ما تستهدف هذه الغارات التي ينفِّذها الجيش الإسرائيلي خارج هذه المناطق، عناصر أو شخصيات محسوبة على الحزب، تقيم فيها أو لجأت إليها.

متطوعون في الدفاع المدني بالموقع الذي استهدفه الجيش الإسرائيلي في بلدة المعيصرة شمال لبنان (أ.ف.ب)

وفي إقليم الخروب، قضاء الشوف، شنَّ الطيران الإسرائيلي غارة على محلة زاروت بين برجا والجية، مستهدفاً شقة سكنية؛ حيث أفيد لاحقاً عن مقتل 4 أشخاص وجرح 14، علماً بأن هذه المنطقة تعد من المناطق الآمنة التي لجأ إليها نازحون من المناطق الخطرة.

وفي الشمال، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الطيران الإسرائيلي شن غارة هي الثالثة من نوعها على بلدة المعيصرة (البلدة الشيعية) في فتوح كسروان، مستهدفة منزل المواطن عبد الله عمرو، لتعود بعدها وزارة الصحة لتعلن عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 14. وفي الشمال أيضاً، شنَّ الطيران الإسرائيلي غارة على بلدة دير بللا في أعالي منطقة البترون. وأفادت «الوطنية» بأن سيارات الإسعاف توجهت إلى البيت المستهدف الذي لجأت إليه عائلات من الجنوب، مشيرة إلى سقوط قتلى وجرحى.

وعلى وقع توسُّع دائرة الاستهدافات، أفيد عن تحذيرات وصلت إلى مبانٍ في بعض المناطق، ما أدى إلى مغادرة السكان. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأنه تم إخلاء مبنى «سنتر البيبسي» في العاقبية، قضاء صيدا؛ حيث يوجد أكثر من 20 عائلة نازحة من قرى جنوبية، وذلك بعد تأكد الجيش من صحة رسائل الإنذار بالإخلاء التي وصلت إلى النازحين في هذا المبنى.

والأمر نفسه حصل مع مبانٍ في بلدة القرية، شرق صيدا، بعد وصول تهديد باستهداف أحدها في حي الكروم، ما أجبر كاهن الرعية في البلدة على مطالبة سكان الحي المذكور بإخلاء بيوتهم للضرورة، حفاظاً على سلامتهم، حسب «الوطنية».

صواريخ مكثفة على شمال إسرائيل

في المقابل، نفَّذ «حزب الله» عدداً من العمليات التي طالت شمال إسرائيل بصليَّات من الصواريخ؛ حيث دوت صفارات الإنذار السبت في وسط إسرائيل، مع اعتراض «مقذوف أطلق من لبنان»، حسب الجيش الإسرائيلي، بينما أعلن «حزب الله» استهداف قاعدة الاتصالات في كرن نفتالي، جنوب مدينة حيفا (شمال) «بصلية صاروخية كبيرة».

وفي بيانات متفرقة، أعلن «حزب الله» استهدافه في جنوب مدينة حيفا مصنع المواد المتفجرة، ‏بصلية من الصواريخ النوعية، وقاعدة زوفولون للصناعات العسكرية بصلية من الصواريخ، وتجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في مسكفعام بقذائف المدفعية، ونفَّذ هجوماً جوياً بسرب من المُسيَّرات الانقضاضيَّة على عين مرغليوت، واستهدف تجمعات لجنود إسرائيليين في مستعمرة المنارة بقذائف المدفعية، ومستعمرة خربة نفحا بصلية صاروخية.

واستهدف مقاتلو الحزب تجمعاً للقوات الإسرائيلية في مستعمرة المطلة بصلية صاروخية كبيرة، وتجمعاً لجنود العدو في مستعمرة كفريوفال بصلية صاروخية، وآخر على أطراف بليدا.

وكان «حزب الله» قد نفَّذ خلال ساعات الصباح عدداً من العمليات، وأعلن في بيانات متتالية عن استهدافه تجمعات لجنود إسرائيليين على أطراف بليدا، وفي مستعمرة كفرجلعادي، وفي ثكنة هونين، وفي موقع الجرداح، وفي ثكنة زرعيت، بصليات صاروخية، وقصف مقاتلوه مدينة طبريا بصلية صاروخية.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي أعلام إيران وفلسطين و«حزب الله» خلال موكب جنازة عباس نيلفوروشان قائد الحرس الثوري الإيراني الذي قُتل في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أواخر سبتمبر - جنوب إيران في 16 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

أميركا تفرض عقوبات على شبكة في لبنان تموّل «حزب الله»

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ما وصفتها بأنها شبكة في لبنان لتفادي العقوبات تموّل جماعة «حزب الله» بملايين الدولارات

المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)

ميقاتي: مساعدة المجتمع الدولي تشكل أولوية في الظرف الراهن

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن المساعدة المقدمة من المجتمع الدولي للبنان تشكل أولوية في الظرف الراهن.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ممثلو طوائف لبنان يجتمعون في بكركي (الشرق الأوسط)

ممثلو طوائف لبنان يدعون مجلس الأمن «للاجتماع فوراً لوقف إطلاق النار»

دعا ممثلو الطوائف في لبنان، مجلس الأمن الدولي «للاجتماع فوراً ومن دون أي تلكؤ لوقف إطلاق النار ووقف المجزرة الإنسانية بحق لبنان»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي غارات جوية إسرائيلية على مدينة النبطية (أ.ب)

لبنان: 16 قتيلاً حصيلة الغارات الإسرائيلية على مبنى رئاسة بلدية النبطية

قُتل 16 شخصا اليوم (الأربعاء) بينهم مسؤول محلي جراء غارة اسرائيلية استهدفت مقري بلدية النبطية واتحاد بلدياتها في جنوب لبنان، كما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

استئناف الغارات على الضاحية الجنوبية مرتبط بـ«بنك أهداف» جديد

طائرة تابعة لخطوط «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار بيروت على بعد أمتار من موقع غارة إسرائيلية بالضاحية (رويترز)
طائرة تابعة لخطوط «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار بيروت على بعد أمتار من موقع غارة إسرائيلية بالضاحية (رويترز)
TT

استئناف الغارات على الضاحية الجنوبية مرتبط بـ«بنك أهداف» جديد

طائرة تابعة لخطوط «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار بيروت على بعد أمتار من موقع غارة إسرائيلية بالضاحية (رويترز)
طائرة تابعة لخطوط «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار بيروت على بعد أمتار من موقع غارة إسرائيلية بالضاحية (رويترز)

لم يستمر طويلاً الهدوء الحذر الذي شهدته الضاحية الجنوبية لبيروت؛ إذ استأنفت إسرائيل غاراتها على هذه المنطقة، التي تعدّ معقل «حزب الله» ومقرّ قياداته السياسية والعسكرية والأمنية، بعد تحذيرات وجهها الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، للسكان بضرورة إخلاء مبانٍ في منطقة حارة حريك، ثم استهدافها بـ3 غارات عنيفة عند الساعات الأولى من صباح الأربعاء.

وفي حين لم تُعرف الأسباب التي حيّدت الضاحية عن القصف لمدّة 6 أيام متواصلة، وعزا مراقبون الأمر إلى «ضغوط أميركية مورست على الإسرائيليين لإبقاء الضاحية وبيروت بمنأى عن الاستهداف»، جاء تجديد الغارات مع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه ضرب أهدافاً عسكرية لـ«حزب الله».

ركام ناتج عن غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت صباح الأربعاء 16 أكتوبر 2024 بعد 6 أيام من الانقطاع عن قصفها (رويترز)

ورأى الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية العميد خالد حمادة، أن «تجميد الغارات خلال الأيام الماضية على الضاحية كان رهن ظهور أهداف جديدة ونضوج ظروف مهاجمتها، وبالتالي فعندما يحدد العدو الإسرائيلي هدفاً معيناً، فسيسارع إلى قصفه، سواء في الضاحية وبيروت وأي منطقة لبنانية أخرى». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن وقف الغارات على الضاحية أياماً عدة، ومن ثم استئنافها، أمر ليس مرتبطاً بتغييرات في الاستراتيجية الإسرائيلية؛ «بل بعناصر ميدانية يجب التركيز عليها».

ضمانات أميركية

وتزامن الوقف المؤقت للغارات على الضاحية الجنوبية مع موقف من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أعلن فيه أن «المساعي السياسية التي يبذلها خفّفت من حدّة الغارات على الضاحية الجنوبية، وتراجعت معها وتيرة التصعيد». كما أكد «متابعة هذه المساعي لوقف ضرب المدنيين وإلحاق الأذى بهم وسقوط مزيد من الشهداء».

وقدّر العميد حمادة أن موقف رئيس الحكومة «مبني على نتائج اتصالات أجراها مع الأميركيين لتحييد بيروت والضاحية الجنوبية، لكن للأسف لا يوجد طرف قادر على ردع عدوانية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وبالتالي أي رهان على التزام الأخير بتوصية أميركية أو بتجنّب قصف المدنيين، هو كلام خارج عن الواقعية؛ لأن تجربة غزّة شاهدة على كل الارتكابات والجرائم الإسرائيلية».

وأوضح أن «رئيس حكومة لبنان قادر على أن يطلب من الأميركيين تحييد البنى التحتية للدولة اللبنانية والمرافق العامة، لكن عندما يبلّغ نتنياهو الأميركيين بوجود هدف متعلق بالبنية التحتية لـ(حزب الله)، فسيتم قصفه، سواء أكان في الضاحية الجنوبية أم في بيروت. وبالتالي؛ فإن الرهان على هذه الاتصالات في هذه المرحلة الحرجة، وفي ظلّ احتدام المعركة، وفي ظلّ غياب منطق الدبلوماسية، يبقى رهاناً خارج المنطق وخارج الواقعية».

دخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

تمديد رقعة القصف

وسبق استئنافَ الغارات على الضاحية تهديدٌ مباشر من نتنياهو بأن العمليات العسكرية ستطال كلّ لبنان؛ بما فيه العاصمة بيروت.

ورأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، الدكتور خطار أبو دياب، أن «عودة التصعيد الإسرائيلي متوقف على انتقاء الأهداف الاستراتيجية، بدليل أن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه قصف مخزناً للأسلحة الحساسة في الضاحية الجنوبية».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد أن استهدف (حزب الله) قاعدة التدريب الإسرائيلية، أعلن نتنياهو أنه سيذهب بعيداً في عملياته وأنه لن يستثني بيروت، وهو بصدد تمديد رقعة القصف لتشمل كلّ لبنان». وأضاف: «في ضوء المأزق السياسي الذي يقع فيه الجميع، تبدو المواجهة طويلة، وستكون أكثر عنفاً ودموية من الآن حتى موعد الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».

التأثير الأميركي

ويبدو التأثير الأميركي على لجم العملية العسكرية في لبنان محدوداً للغاية، ورأى أبو دياب أن «الترتيب الأميركي لا يزال يحمي مطار بيروت الدولي، ويحمي البنية التحتية للدولة، لكنه غير قادر على حماية المدن؛ بما فيها العاصمة اللبنانية»، مبدياً أسفه لأن «التعليمات الإيرانية واضحة، وقد أعطت الأمر لـ(حزب الله) بأن يستمرّ في المواجهة، لكن من يدفع الثمن هم المدنيون»، مشيراً إلى أنه «من أجل استهداف شخص واحد في البسطة والنويري في بيروت (القيادي في الحزب وفيق صفا) قُتل أكثر من 20 مدنياً، وكذلك الأمر في الغارة التي استهدفت بلدة أيطو في قضاء زغرتا شمال لبنان». ودعا إلى «ترقّب ما ينتج عن الردّ الإسرائيلي على إيران، وعندها قد يصبح لبنان تفصيلاً في حرب إقليمية واسعة».