استئناف الغارات على الضاحية الجنوبية مرتبط بـ«بنك أهداف» جديد

استهدفها الطيران الإسرائيلي بغارة بعد انقطاع 6 أيام

طائرة تابعة لخطوط «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار بيروت على بعد أمتار من موقع غارة إسرائيلية بالضاحية (رويترز)
طائرة تابعة لخطوط «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار بيروت على بعد أمتار من موقع غارة إسرائيلية بالضاحية (رويترز)
TT

استئناف الغارات على الضاحية الجنوبية مرتبط بـ«بنك أهداف» جديد

طائرة تابعة لخطوط «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار بيروت على بعد أمتار من موقع غارة إسرائيلية بالضاحية (رويترز)
طائرة تابعة لخطوط «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار بيروت على بعد أمتار من موقع غارة إسرائيلية بالضاحية (رويترز)

لم يستمر طويلاً الهدوء الحذر الذي شهدته الضاحية الجنوبية لبيروت؛ إذ استأنفت إسرائيل غاراتها على هذه المنطقة، التي تعدّ معقل «حزب الله» ومقرّ قياداته السياسية والعسكرية والأمنية، بعد تحذيرات وجهها الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، للسكان بضرورة إخلاء مبانٍ في منطقة حارة حريك، ثم استهدافها بـ3 غارات عنيفة عند الساعات الأولى من صباح الأربعاء.

وفي حين لم تُعرف الأسباب التي حيّدت الضاحية عن القصف لمدّة 6 أيام متواصلة، وعزا مراقبون الأمر إلى «ضغوط أميركية مورست على الإسرائيليين لإبقاء الضاحية وبيروت بمنأى عن الاستهداف»، جاء تجديد الغارات مع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه ضرب أهدافاً عسكرية لـ«حزب الله».

ركام ناتج عن غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت صباح الأربعاء 16 أكتوبر 2024 بعد 6 أيام من الانقطاع عن قصفها (رويترز)

ورأى الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية العميد خالد حمادة، أن «تجميد الغارات خلال الأيام الماضية على الضاحية كان رهن ظهور أهداف جديدة ونضوج ظروف مهاجمتها، وبالتالي فعندما يحدد العدو الإسرائيلي هدفاً معيناً، فسيسارع إلى قصفه، سواء في الضاحية وبيروت وأي منطقة لبنانية أخرى». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن وقف الغارات على الضاحية أياماً عدة، ومن ثم استئنافها، أمر ليس مرتبطاً بتغييرات في الاستراتيجية الإسرائيلية؛ «بل بعناصر ميدانية يجب التركيز عليها».

ضمانات أميركية

وتزامن الوقف المؤقت للغارات على الضاحية الجنوبية مع موقف من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أعلن فيه أن «المساعي السياسية التي يبذلها خفّفت من حدّة الغارات على الضاحية الجنوبية، وتراجعت معها وتيرة التصعيد». كما أكد «متابعة هذه المساعي لوقف ضرب المدنيين وإلحاق الأذى بهم وسقوط مزيد من الشهداء».

وقدّر العميد حمادة أن موقف رئيس الحكومة «مبني على نتائج اتصالات أجراها مع الأميركيين لتحييد بيروت والضاحية الجنوبية، لكن للأسف لا يوجد طرف قادر على ردع عدوانية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وبالتالي أي رهان على التزام الأخير بتوصية أميركية أو بتجنّب قصف المدنيين، هو كلام خارج عن الواقعية؛ لأن تجربة غزّة شاهدة على كل الارتكابات والجرائم الإسرائيلية».

وأوضح أن «رئيس حكومة لبنان قادر على أن يطلب من الأميركيين تحييد البنى التحتية للدولة اللبنانية والمرافق العامة، لكن عندما يبلّغ نتنياهو الأميركيين بوجود هدف متعلق بالبنية التحتية لـ(حزب الله)، فسيتم قصفه، سواء أكان في الضاحية الجنوبية أم في بيروت. وبالتالي؛ فإن الرهان على هذه الاتصالات في هذه المرحلة الحرجة، وفي ظلّ احتدام المعركة، وفي ظلّ غياب منطق الدبلوماسية، يبقى رهاناً خارج المنطق وخارج الواقعية».

دخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

تمديد رقعة القصف

وسبق استئنافَ الغارات على الضاحية تهديدٌ مباشر من نتنياهو بأن العمليات العسكرية ستطال كلّ لبنان؛ بما فيه العاصمة بيروت.

ورأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، الدكتور خطار أبو دياب، أن «عودة التصعيد الإسرائيلي متوقف على انتقاء الأهداف الاستراتيجية، بدليل أن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه قصف مخزناً للأسلحة الحساسة في الضاحية الجنوبية».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد أن استهدف (حزب الله) قاعدة التدريب الإسرائيلية، أعلن نتنياهو أنه سيذهب بعيداً في عملياته وأنه لن يستثني بيروت، وهو بصدد تمديد رقعة القصف لتشمل كلّ لبنان». وأضاف: «في ضوء المأزق السياسي الذي يقع فيه الجميع، تبدو المواجهة طويلة، وستكون أكثر عنفاً ودموية من الآن حتى موعد الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».

التأثير الأميركي

ويبدو التأثير الأميركي على لجم العملية العسكرية في لبنان محدوداً للغاية، ورأى أبو دياب أن «الترتيب الأميركي لا يزال يحمي مطار بيروت الدولي، ويحمي البنية التحتية للدولة، لكنه غير قادر على حماية المدن؛ بما فيها العاصمة اللبنانية»، مبدياً أسفه لأن «التعليمات الإيرانية واضحة، وقد أعطت الأمر لـ(حزب الله) بأن يستمرّ في المواجهة، لكن من يدفع الثمن هم المدنيون»، مشيراً إلى أنه «من أجل استهداف شخص واحد في البسطة والنويري في بيروت (القيادي في الحزب وفيق صفا) قُتل أكثر من 20 مدنياً، وكذلك الأمر في الغارة التي استهدفت بلدة أيطو في قضاء زغرتا شمال لبنان». ودعا إلى «ترقّب ما ينتج عن الردّ الإسرائيلي على إيران، وعندها قد يصبح لبنان تفصيلاً في حرب إقليمية واسعة».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي أضرار القصف الإسرائيلي على النبطية (رويترز)

غارة إسرائيلية تصيب متطوعَين من الصليب الأحمر بجنوب لبنان

أصيب متطوعان من الصليب الأحمر اللبناني، اليوم (الأربعاء)، إثر هجوم إسرائيلي جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد أعمدة الدخان جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة النبطية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تنديد أممي بـ«الهجوم المدمر» على بلدية النبطية في جنوب لبنان

ندّد منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان، عمران ريزا، في بيان، الأربعاء، بـ«هجوم مدمر» على بلدية النبطية في جنوب لبنان، خلال اجتماع لفريق الإغاثة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تدعو إلى «وقف الهجمات» على المرافق الصحية في لبنان (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» تدعو إلى «وقف الهجمات» على المرافق الصحية في لبنان

دعت منظمة الصحة العالمية اليوم الأربعاء إلى «وقف الهجمات» على المرافق الصحية في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا جوزيف بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي في حديث مع رئيس الوزراء النمساوي فيكتور أوربان (أ.ب)

الاتحاد الأوروبي يناقش التطبيع مع سوريا الخميس

تسعى دول في الاتحاد الأوروبي إلى تطبيع العلاقات مع سوريا، من أجل تسهيل ترحيل المهاجرين إليها، في حين يتطلع زعماء إلى الحد من الشعبية المتزايدة للأحزاب اليمينية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«اليونيفيل»: دبابة إسرائيلية أطلقت النار على برج مراقبة تابع لنا بجنوب لبنان

ركبات تابعة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تسير في مرجعيون، بالقرب من الحدود مع إسرائيل (رويترز)
ركبات تابعة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تسير في مرجعيون، بالقرب من الحدود مع إسرائيل (رويترز)
TT

«اليونيفيل»: دبابة إسرائيلية أطلقت النار على برج مراقبة تابع لنا بجنوب لبنان

ركبات تابعة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تسير في مرجعيون، بالقرب من الحدود مع إسرائيل (رويترز)
ركبات تابعة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تسير في مرجعيون، بالقرب من الحدود مع إسرائيل (رويترز)

أعلنت «اليونيفيل» أن دبابة إسرائيلية أطلقت قذيفة على برج مراقبة لقوات حفظ السلام في جنوب لبنان، مما ألحق أضرارا به.

وقالت «اليونيفيل»: «مرة أخرى نرى إطلاق نار مباشرا ومتعمدا على ما يبدو على موقع لليونيفيل».

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد قال في وقت سابق اليوم إن أنشطة قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل) لها «أهمية كبيرة» وإن القوة يمكن أن تلعب دوراً عندما تنتهي الحرب مع «حزب الله».

وأورد كاتس في بيان نشر على منصة «إكس»: «تولي إسرائيل أهمية كبيرة لأنشطة (يونيفيل)، وليس لديها أي نية لإلحاق الضرر بالقوة أو أفرادها».