نازحو كورنيش بيروت البحري... بانتظار «انتهاء الكابوس»

عشرات العائلات في العراء بانتظار نقلها إلى مراكز الإيواء

نازحون ينامون على رصيف الكورنيش البحري في عين المريسة في بيروت (أ.ف.ب)
نازحون ينامون على رصيف الكورنيش البحري في عين المريسة في بيروت (أ.ف.ب)
TT

نازحو كورنيش بيروت البحري... بانتظار «انتهاء الكابوس»

نازحون ينامون على رصيف الكورنيش البحري في عين المريسة في بيروت (أ.ف.ب)
نازحون ينامون على رصيف الكورنيش البحري في عين المريسة في بيروت (أ.ف.ب)

لم تتأثر عائلات نازحة من الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية، وفقراء آخرون من السوريين واللبنانيين، بالحملة الأمنية التي أطلقتها السلطات ضد المقيمين على الكورنيش البحري لبيروت؛ لأن الحملة لم تكن موجهة ضدهم، بل «ضد مستغلي الأزمة الذين افتتحوا البسطات ونشاطات عمل رديفة»، حسبما تقول السلطات اللبنانية.

ولا يزال النازحون ينامون ويستيقظون آملين أن يكون الكابوس الذي يعيشونه منذ نحو الأسبوعين قد انتهى، ويمضون ساعات الأيام الطويلة والمرهقة هناك ولا يعلمون متى سيكون الخلاص، وهم يحاولون في هذا الوقت تدبير أمورهم، من مأكل ومشرب وحاجات أساسية أخرى، وبعضهم جعل من سيارته مكاناً وسقفاً يأوي إليه ويحميه.

إزالة المخالفات

وشهد الكورنيش البحري، وتحديداً في «عين المريسة»، ليل الأربعاء، إشكالاً بين عدد من النازحين وقوى الأمن، التي بدأت حملة لإزالة المخالفات، تبين أن لا علاقة للنازحين بها، حسب ما أكدت مصادر بلدية بيروت لـ«الشرق الأوسط»، قائلة إن «الحملة هي ضد من أقاموا أسواقاً استهلاكية على الكورنيش هناك»، وإن «البلدية تواصلت مع النازحين من أجل تأمين مراكز إيواء لهم، لكنهم فضّلوا عدم مغادرة المكان لأسباب خاصة بهم».

وأوضح وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي: «إننا لا نقبل التعدّي على الأملاك العامة والخاصة، وهناك إشارة قضائية لإخلائها، وهذا الموضوع في عهدة القوى الأمنية من دون عنف وبالطريقة اللازمة».

وزير الداخلية: تجاوزات غير مقبولة

وأضاف: «لم يكن هناك نازحون فقط على الكورنيش البحري، بل شهدنا محاولة لبناء غرف باطونية، وهذا ما لا يقبله أهل لبنان» وأن «ما جرى من إزالة للمخالفات يهدف إلى حماية بيروت واللبنانيين أجمع»، مشيراً إلى أن عدد النازحين في بيروت هو الأكبر.

وكانت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أوضحت في بيان أن ما حصل هو إزالة المخالفات المستحدثة على الكورنيش؛ إذ بدا واضحاً خلال الأيام القليلة الماضية، وجود بسطات متعددة على طول الخط البحري، تبيع أنواع المأكولات والمشروبات المختلفة والنرجيلة للنازحين وللمارة الذين يقصدون المكان؛ ما أدى إلى تفاقم الفوضى والازدحام في المنطقة، لافتة إلى أنه سيتم نقل النازحين المتواجدين في المكان إلى موقع آخر فور تأمين مأوى مناسب لهم بالتنسيق مع الجهات المعنية.

نازحون يفترشون الأرصفة

فمنذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على لبنان في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصدت عشرات العائلات النازحة من الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب، الكورنيش البحري الممتد من البيال إلى الرملة البيضاء في العاصمة بيروت، محطةً أولى للنزوح، لينتقل معظمهم لاحقاً إلى منازل مستأجرة ومراكز إيواء داخل بيروت وخارجها.

لكن، مع تزايد عدد النازحين الذي تخطى 1.2 مليون شخص يتمركزون في منطقتي الشمال وجبل لبنان وفق آخر الإحصاءات الرسميّة، اضطر البعض إلى البقاء وافتراش الكورنيش هناك، بسبب عدم إيجاد مأوى مناسب، أو رغبتهم في البقاء في قلب بيروت، والتي خرجت غالبيّة مراكز الإيواء فيها عن قدرتها الاستيعابيّة، أو بسبب عدم توفر الأموال اللازمة من أجل استئجار بيت لهم بعد أن ارتفعت الأسعار بشكل كبير جداً نتيجة ارتفاع الطلب عليها، فنصبوا الخيم وباتوا فيها أو افترشوا الأرض هناك.

وبعد مرور أكثر من أسبوعين على توسع القصف الإسرائيلي على لبنان ونزوح مئات آلاف اللبنانيين، لا يزال لبنانيون كثر يفترشون الكورنيش بسبب عدم وجود خيارات بديلة، في حين اختار أحد النازحين العودة إلى البقاع.

من البقاع إلى بيروت... إلى البقاع

يقول هذا النازح لـ«الشرق الأوسط»: «نزحنا من البقاع إلى بيروت هرباً من القصف العنيف الذي أصاب منطقتنا، ولم نتمكن من حمل أغراضنا وحاجياتنا معنا، ولم نعلم إلى أين ستكون الوجهة. كنا نريد مكاناً يأوينا، لكننا اصطدمنا بأسعار الإيجارات المرتفعة في بيروت؛ إذ طلب منا أحدهم ألف دولار و6 أشهر سلفاً لإيجار شقة في بيروت، وهو مبلغ يفوق قدرتنا المادية بكثير».

ويضيف: «لم يكن أمامنا خيار سوى الكورنيش، فلجأنا إليه، وبقينا هناك أكثر من ثمانية أيام نأكل وننام داخل سيارتنا، أنا وأخي وزوجته الحامل في شهرها الثامن، ومعنا والدتي وأطفالي، وعانينا ما عانيناه، خصوصاً بالنسبة لي؛ كون إحدى قدميّ مبتورة، وظروف الحياة على الكورنيش صعبة للغاية؛ لذا كان الصمود في ظروف كهذه صعباً ومرهقاً».

وعن مراكز الإيواء يقول: «لم نتمكن من حجز مكان لنا بسبب تأخرنا في النزوح. كانت المراكز قد امتلأت فور وصولنا إلى بيروت. ورغم ظروف الحرب الصعبة للغاية في البقاع وخطر الموت في أيّ لحظة قررنا العودة إلى هناك».

ولا يجد آخرون خيارات أخرى غير انتظار مركز إيواء قبل الشتاء. ويقول نازح آخر لـ«الشرق الأوسط»: «نزحت أنا وعائلتي منذ 10 أيام، وما زلنا نفترش الكورنيش هنا، لكن للأسف، لم تقدم الدولة لنا أي مساعدات».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تكثّف ملاحقاتها لـ«حزب الله» بجنوب لبنان على إيقاع حرب إيران

المشرق العربي مناصر لـ«حزب الله» يرفع ملصقاً مناهضاً لإسرائيل خلال مظاهرة داعمة لإيران في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

إسرائيل تكثّف ملاحقاتها لـ«حزب الله» بجنوب لبنان على إيقاع حرب إيران

كثَّفت إسرائيل من وتيرة ملاحقة عناصر «حزب الله» في جنوب لبنان خلال الساعات الـ48 الأخيرة، على إيقاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي دخلت أسبوعها الثاني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في «دار الفتوى» (المركزية)

لبنان يترقب تداعيات المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية

شدد سفير السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، على «أهمية نأي لبنان بنفسه عما يحصل» من حرب بين إيران وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صواريخ دفاع جوي تعترض مقذوفات إيرانية فوق تل أبيب (د.ب.أ)

أجواء لبنان ساحة لقدرات الهجوم والدفاع بين إسرائيل وإيران

يشاهد اللبنانيون بشكل متغيّر منذ ليل الجمعة الماضي، أشكالاً متعددة من المقذوفات تلتقي مع بعضها قرب الحدود الجوية مع لبنان.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي صواريخ دفاع جوي إسرائيلية تعترض صواريخ إيرانية فوق الأراضي اللبنانية (المركزية)

اللبنانيون يوثقون الاشتباك الصاروخي الإيراني - الإسرائيلي فوق أراضيهم

تحولت مشاهدة الاشتباك بين صواريخ إيران وإسرائيل، إلى ظاهرة تجمّع الآلاف منهم ليلياً على أسطح المنازل والمباني، لمراقبة الصواريخ والمسيرّات الإيرانية واعتراضاتها

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يترأس جلسة الحكومة (الرئاسة اللبنانية)

دعوات رسمية لبنانية لتحييد لبنان عن الحرب الإسرائيلية - الإيرانية

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، إلى عدم «توريط لبنان بالحرب الدائرة» بين إسرائيل وإيران منذ يوم الجمعة الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

خيارات محدودة لوكلاء إيران

عناصر من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» (غيتي)
عناصر من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» (غيتي)
TT

خيارات محدودة لوكلاء إيران

عناصر من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» (غيتي)
عناصر من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» (غيتي)

تفيد مؤشرات من جماعات موالية أو حليفة لإيران في لبنان والعراق واليمن وفلسطين، بأنها أمام خيارات محدودة للمشاركة في حرب إسناد جديدة ضد إسرائيل.

وأشارت التقديرات إلى أن قدرات «حماس» تراجعت إلى ما يوازي «الكمائن» الصغيرة في غزة، على غرار حرب الشوارع، الأمر الذي قد يمنعها من فتح جبهة إقليمية لصالح إيران.

وفي بغداد، يرجح قادة أحزاب انزلاقاً سريعاً في الحرب. إلا أن طهران قد تفضّل عدم خسارة بلد يوفر ميزات اقتصادية وأمنية.

أما لبنان، فإن معادلة «العهد الجديد»، وخسارة «حزب الله» قيادته السياسية والأمنية وجزءاً من ترسانته الصاروخية، تُعيقانه من الانخراط ضد إسرائيل، لأن لبنان «يضغط للحياد وحصر قرار الحرب بيد الحكومة».

وفي اليمن، رأى الباحث حمزة الكمالي، أن إيران قد تستخدم جماعة الحوثي بوصفها «الورقة الرابحة» حين يُطلب منها استخدام الخزين الصاروخي في «اللحظة الأخيرة».