وسط قتال «حزب الله» وإسرائيل على الحدود... الجيش اللبناني يترقب

جنود من الجيش اللبناني يجلسون على مركبتهم المدرعة أثناء قيامهم بدورية على الجانب اللبناني من الحدود اللبنانية الإسرائيلية في قرية كفركلا الجنوبية (أ.ب)
جنود من الجيش اللبناني يجلسون على مركبتهم المدرعة أثناء قيامهم بدورية على الجانب اللبناني من الحدود اللبنانية الإسرائيلية في قرية كفركلا الجنوبية (أ.ب)
TT

وسط قتال «حزب الله» وإسرائيل على الحدود... الجيش اللبناني يترقب

جنود من الجيش اللبناني يجلسون على مركبتهم المدرعة أثناء قيامهم بدورية على الجانب اللبناني من الحدود اللبنانية الإسرائيلية في قرية كفركلا الجنوبية (أ.ب)
جنود من الجيش اللبناني يجلسون على مركبتهم المدرعة أثناء قيامهم بدورية على الجانب اللبناني من الحدود اللبنانية الإسرائيلية في قرية كفركلا الجنوبية (أ.ب)

مع شن القوات الإسرائيلية أولى غاراتها عبر الحدود ورد «حزب الله» بإطلاق الصواريخ، انسحب الجيش اللبناني من مواقع المراقبة على طول الحدود الجنوبية للبنان وأعاد تمركزه على بعد نحو 5 كيلومترات.

وحتى الآن، لم تتقدم القوات الإسرائيلية إلى مراكز الجيش اللبناني، ولم تقع اشتباكات مباشرة بين الجيشين إلا في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول)، عندما أصابت نيران الدبابات الإسرائيلية موقعاً للجيش اللبناني في منطقة بنت جبيل، مما أسفر عن مقتل جندي، وأيضاً أمس (الجمعة) عندما قُتل جنديان في الجيش اللبناني في غارة جوية في نفس المنطقة.

وقال الجيش اللبناني إنه رد بإطلاق النار في المرتين.

وفي حين رفض الجيش اللبناني التعليق على كيفية رد فعله إذا تقدمت القوات البرية الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، قال محللون مطلعون على عمل الجيش اللبناني لـ«أسوشييتد برس» إنه إذا وصل التوغل الإسرائيلي إلى مواقع الجيش الحالية، فإنه سيقاوم، ولكن بشكل محدود.

استعراض عسكري لضباط في الجيش اللبناني خلال حفل تخرج بمناسبة عيد الجيش الرابع والسبعين في ثكنة عسكرية في ضاحية الفياضية ببيروت (أ.ب)

وأوضح الجنرال السابق في الجيش اللبناني حسن جوني أن «المهمة الطبيعية والأوتوماتيكية للجيش هي الدفاع عن لبنان ضد أي جيش قد يدخل الأراضي اللبنانية. وبطبيعة الحال، إذا دخل العدو الإسرائيلي، فسوف يدافع، ولكن في حدود القدرات المتاحة... من دون الذهاب إلى حد التهور أو الانتحار».

ووفق «أسوشييتد برس»، الجيشان اللبناني والإسرائيلي غير متكافئين، فالغزو الإسرائيلي الحالي للبنان هو الرابع للبلد المجاور في السنوات الخمسين الماضية. في أغلب الغزوات السابقة، لعب الجيش اللبناني دوراً هامشياً مماثلاً.

وكان الاستثناء الوحيد، بحسب آرام نركيزيان، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، في عام 1972، عندما حاولت إسرائيل إنشاء منطقة عازلة بطول 20 كيلومتراً لصد مقاتلي «منظمة التحرير الفلسطينية».

وفي ذلك الوقت، كما قال نركيزيان، نجح الجيش اللبناني في إبطاء وتيرة التقدم الإسرائيلي و«كسب الوقت للقيادة السياسية في بيروت للسعي إلى تدخل المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار».

ولكن الوضع الداخلي في لبنان وقدرات الجيش شهدا تدهوراً مع اندلاع حرب أهلية دامت 15 عاماً في عام 1975، احتلت خلالها القوات الإسرائيلية والسورية أجزاء من البلاد.

وكان «حزب الله» هو الفصيل الوحيد الذي سُمح له بالاحتفاظ بأسلحته بعد الحرب الأهلية، من أجل الهدف المعلن المتمثل في «مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان»، والذي انتهى في عام 2000.

وبحلول عام 2006، عندما خاض «حزب الله» وإسرائيل حرباً مؤلمة استمرت شهراً، قال نركيزيان إن الجيش اللبناني «لم يكن قادراً على الاستثمار في أي تحديث حقيقي بعد الحرب، ولم تكن لديه القدرة على ردع القوة الجوية الإسرائيلية» و«ترك مكشوفاً تماماً». «في المرات القليلة التي اشتبك فيها (الجيش اللبناني) والقوات الإسرائيلية عسكرياً، كان هناك تفوق كامل للجانب الإسرائيلي».

كانت المساعدات الدولية نعمة ونقمة في آن واحد، وفق الوكالة، فبعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 وصعود تنظيم «داعش» هناك، شهد الجيش اللبناني تدفقاً جديداً من المساعدات العسكرية. ونجح في محاربة تنظيم «داعش» على حدود لبنان في عام 2017، وإن لم يكن وحده - فقد هاجم «حزب الله» المجموعة في نفس الوقت على الجانب الآخر من الحدود.

وعندما انهار النظام المالي والعملة في لبنان في عام 2019، تعرض الجيش لضربة. فلم تكن لديه ميزانية لشراء الأسلحة وصيانة الإمدادات والمركبات والطائرات الموجودة لديه.

ويبلغ متوسط ​​راتب الجندي الآن نحو 220 دولاراً في الشهر، ولجأ الكثيرون إلى العمل في وظائف ثانية. في مرحلة ما، قدمت الولايات المتحدة وقطر إعانة شهرية لرواتب الجنود.

وكانت الولايات المتحدة ممولاً رئيسياً للجيش اللبناني قبل الأزمة. قدمت نحو 3 مليارات دولار كمساعدات عسكرية منذ عام 2006، وفقاً لوزارة الخارجية، التي قالت في بيان إنها تهدف إلى «تمكين الجيش اللبناني من أن يكون قوة استقرار ضد التهديدات الإقليمية» و«تعزيز سيادة لبنان وتأمين حدوده ومكافحة التهديدات الداخلية وتعطيل تسهيل الإرهاب».

كما روجت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للجيش اللبناني باعتباره جزءاً أساسياً من أي حل دبلوماسي للحرب الحالية، على أمل أن يؤدي نشر قواته المتزايد إلى إزاحة «حزب الله» في منطقة الحدود.

لكن هذا الدعم له حدود. وكانت المساعدات للجيش اللبناني مثيرة للجدل سياسياً في بعض الأحيان داخل الولايات المتحدة، حيث زعم بعض المشرعين أنه قد يقع في أيدي «حزب الله»، رغم عدم وجود دليل على حدوث ذلك.

في لبنان، يعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة منعت الجيش من الحصول على أسلحة أكثر تقدماً قد تسمح له بالدفاع ضد إسرائيل، أقوى حليف لأميركا في المنطقة والمتلقية لما لا يقل عن 17.9 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية في العام منذ بدء الحرب في غزة.

وقال وليد عون، وهو جنرال متقاعد في الجيش اللبناني ومحلل عسكري: «رأيي الشخصي هو أن الولايات المتحدة لا تسمح للجيش (اللبناني) بالحصول على معدات دفاع جوي متقدمة، وهذا الأمر يتعلق بإسرائيل».

كما أشار نركيزيان إلى أن هذا التصور «ليس مؤامرة أو نصف حقيقة»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة أصدرت متطلباً قانونياً لدعم التفوق العسكري النوعي لإسرائيل مقارنة بجميع الجيوش الأخرى في المنطقة.


مقالات ذات صلة

مساهمة بريطانية في استحداث مراكز عسكرية للجيش اللبناني على الحدود الجنوبية

المشرق العربي رئيس البرلمان اللبناني خلال مناقشته بنود الورقة الأميركية مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)

مساهمة بريطانية في استحداث مراكز عسكرية للجيش اللبناني على الحدود الجنوبية

تصدرت عودة النازحين إلى بلداتهم في جنوب لبنان أولويات المفاوض اللبناني الذي أزال جميع العوائق أمام عودتهم بمجرد التوصل إلى اتفاق لوقف النار.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني جوزف عون (أرشيفية - رويترز)

قائد الجيش اللبناني: وحداتنا منتشرة في الجنوب ولن تتركه

أكد قائد الجيش اللبناني جوزف عون، اليوم (الخميس)، إن قواته منتشرة في جنوب البلاد ولن تتركه فهو جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يظهر إلى جانب وزير الدفاع يسرائيل كاتس ومسؤولين آخرين (أ.ف.ب)

بموجب أي اتفاق لوقف الحرب... إسرائيل تطالب بالحق في مهاجمة «حزب الله»

طالب مسؤولون إسرائيليون، اليوم (الأربعاء)، بحرية مهاجمة «حزب الله» اللبناني، في إطار أي اتفاق لوقف إطلاق النار، الأمر الذي يثير تعقيداً محتملاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)

الجيش اللبناني باقٍ في الجنوب رغم توالي الاستهدافات الإسرائيلية

ارتفع عدد شهداء الجيش اللبنانيين الذين قتلوا إلى 42 عنصراً.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية دورية للجيش اللبناني 2 نوفمبر 2024 (رويترز)

إسرائيل تؤكد أنها «لا تتحرك ضد الجيش اللبناني» بعد ضربات قتلت عسكريين

أكد الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أنه «لا يتحرك ضد الجيش اللبناني»، وذلك بعد مقتل أربعة جنود لبنانيين في غارتين إسرائيليتين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
TT

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)

رأت أنقرة أنَّ الرئيس السوري، بشار الأسد، لا يريد السلام في بلاده، وحذرت من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب في الشرق الأوسط بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية آستانة»، التي أوقفت إراقة الدماء في سوريا. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنَّ جهود روسيا وإيران، في إطار «مسار آستانة» للحل السياسي مهمة للحفاظ على الهدوء الميداني، لافتاً إلى استمرار المشاورات التي بدأت مع أميركا بشأن الأزمة السورية.

وقال فيدان، خلال كلمة في البرلمان، إنَّ تركيا لا يمكنها مناقشة الانسحاب من سوريا إلا بعد قبول دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، مضيفاً أن موقف إدارة الأسد يجعلنا نتصور الأمر على أنه «لا أريد العودة إلى السلام».