السوداني يواصل جهوده لتجنيب العراق رداً إسرائيلياً

الفصائل الموالية لإيران تنفي مسؤوليتها عن قصف الجولان ومقتل جنديين

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)
TT

السوداني يواصل جهوده لتجنيب العراق رداً إسرائيلياً

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)

حضّ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كلاً من بريطانيا وإسبانيا وسويسرا على الضغط باتجاه خفض التصعيد في المنطقة، وتجنب إمكانية شمول العراق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على إيران، في وقت نفت الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران وقوفها وراء مقتل جنديين إسرائيليين في منطقة الجولان السوري المحتل بواسطة طائرة مسيّرة.

وقال السوداني في بيان إنه «مع مرور عام على اندلاع أحداث 7 أكتوبر 2023، واستمرار العدوان الصهيوني على غزّة، وامتداده إلى لبنان الشقيق، وتهديد المنطقة بأسرها، يذكّر العراق بموقفه المبكّر، الذي حذّر فيه من مغبّة سعي الكيان الغاصب إلى توسعة الحرب والصراع، ونتائج تركه يتمادى في ارتكاب الجرائم، وسط عجز المجتمع الدوليّ عن القيام بدوره».

وثمّن السوداني «الموقف المهم» للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «الذي دعا فيه لوقف توريد السلاح للكيان الغاصب، والعمل على إنهاء الحرب»، لأنه موقف ينبع من تقدير حقيقي لخطورة الأوضاع في المنطقة.

السوداني الذي كان أرجأ الأسبوع الماضي زيارة مقررة له إلى المملكة المتحدة بسبب تطور الأحداث في المنطقة بعد التصعيد الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، ومقتل زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، بحث في تحديد موعد جديد للزيارة مع السفير البريطاني في بغداد.

صورة إطلاق سابق لطائرة مسيَّرة من فيديو نشرته «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»

وقال بيان عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي إن الأخير «بحث مع السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتشن تحديد موعد جديد لإجراء زيارة رسمية إلى عاصمة المملكة المتحدة لندن التي سبق أن تأجلت بسبب تطورات الأوضاع في المنطقة». وإن السوداني «أكد خلال اللقاء ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي بدورهما الأساسي في حفظ الأمن والاستقرار، ولا سيما مع ما يجري في المنطقة من استمرار للعدوان الصهيوني على غزّة ولبنان، والتمادي والإيغال في استهداف المدنيين في حرب إبادة جماعية تستلزم الاستنكار والإدانة من العالم بأسره، وتتطلب احترام القوانين الدولية وعدم تجاوزها من قبل أي جهة».

وكان رئيس الوزراء العراقي واصل جهوده على مدى الأيام الماضية من أجل ممارسة أقصى ضغط على إسرائيل لتجنب التصعيد في المنطقة، فضلاً عن إمكانية توجيه ضربة إلى العراق بعد تزايد احتمالاتها مع إعلان إسرائيل أن جنديين إسرائيليين قتلا بمسيرة عراقية، وهو ما نفته الفصائل المسلحة التي كانت تفتخر بإحداث خسائر في صفوف الإسرائيليين قبل التصعيد الأخير.

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز يتحدث للصحافيين في مدريد (د.ب.أ)

وفي هذا السياق، بحث السوداني هاتفياً السبت مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إمكانية أن تلعب بلاده، في سياق دورها ضمن الاتحاد الأوروبي، دوراً أكبر لخفض التصعيد في المنطقة. كما بحث مع أول سفير سويسري في العراق دانيل هون بعد قطيعة دامت 33 عاماً مجريات الأحداث في المنطقة.

وفيما رحب السوداني طبقاً لبيان عن مكتبه بسفير الاتحاد السويسري المقيم لدى العراق بعد مباشرته عمله، فإنه أكد أهمية «أن يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً في وقف ما تقوم به إسرائيل من أعمال ضد المدنيين العزل في غزة وجنوب لبنان، فضلاً عن موقف المجتمع الدولي المطلوب للحدّ من توسعة الصراع في المنطقة، وما يشكله من مخاطر وتهديدات للأمن الإقليمي والدولي».

مخاوف وقلق

وفي الوقت الذي تتصاعد المخاوف من إمكانية حصول ضربة إسرائيلية على إيران قد تشمل أذرعها في العراق التي نشطت خلال الفترة الأخيرة بتوسيع استهدافاتها ضد إسرائيل, فإن نفي أبرز تلك الفصائل، «كتائب حزب الله» و«سيد الشهداء» مسؤوليتهما عن قتل جنديين إسرائيليين بإطلاق مسيرّة من داخل العراق، بدأ يرجح نسبياً فرضية تجنب توجيه ضربة إسرائيلية في الوقت الحالي عل الأقل.

«كتائب حزب الله العراقي» خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وكان المتحدث باسم كتائب «سيد الشهداء» في العراق كاظم الفرطوسي أعلن أن الفصائل المسلحة التي تدخل ضمن عنوان «محور المقاومة» لم «تعلن عن تنفيذ عملية الجولان التي أدت لمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة أكثر من 24 آخرين» قائلاً في تصريحات صحافية إنه لو «لو نفذناها لأعلنا عنها».

وطبقاً للمعلومات التي أفاد بها لـ«الشرق الأوسط» مصدر مطلع مقرب من «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاكم، فإن «الجسم السياسي الرئيسي لقوى الإطار تضغط باتجاه عدم انخراط الفصائل المسلحة في أي مواجهة إيرانية ـ إسرائيلية، طالما أنها تجري في ضوء سياسة الفعل ورد الفعل بين الطرفين ضمن قواعد اشتباك بينهما».

وأضاف المصدر أن «قوى الإطار التنسيقي كانت خولت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني القيام بما يلزم لحماية العراق من ضربة قد تتعدى مقرات الفصائل، أو حتى استهداف قياداتها، إلى إمكانية أن تشمل أهدافاً حيوية في العراق ما قد يشلّ الحركة، ويوقف تصدير النفط الذي يعدّ الشريان الحيوي للاقتصاد العراقي».

إلى ذلك، أكد الدكتور إحسان الشمري أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق كان يمتلك فرصة ثمينة لتجنب الحرب من خلال الاعتماد على المسار السياسي والدبلوماسي، وتجنب الانخراط بشكل أكبر بالصراع الذي يدور بين إسرائيل وإيران وأذرعها بالمنطقة، لكن يبدو أن الفرصة ضاعت في ظل مواقف حذرة وغياب المبادرة».

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (واع)

وأضاف أن «التحرك على أسس عاطفية من قبل الحكومة، وأيضاً وقوعها تحت ضغط وتأثير بيئتها السياسية المعروفة بفصائل المقاومة، أظهرا العراق بأنه طرف من الصراع، خصوصاً بعد الاستهدافات من الجماعات المسلحة للداخل الإسرائيلي».

ويقول الشمري، إن العراق «لم يؤيد المبادرات العربية أو ينخرط بها»، مشيراً إلى «أنه كان يفترض بالعراق أن يكون جزءاً من التحالف الدولي للاعتراف بدولة فلسطين الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وداعماً لهذه الخطوة التي تمثل نقطة تحول إيجابي في القضية الفلسطينية بعيداً عن شعارات بعض الدول الإقليمية والجماعات».

ومع تصاعد هجمات الفصائل واعتبار العراق «ضمن محور الأعداء»، يرى الشمري أن «الضربات مقبلة لا محالة، والموضوع لن يرتبط بأذرع إيران، بل يستهدف النظام والطبقة السياسية والجماعات الحليفة لإيران بشكل كامل»، على حد وصفه.


مقالات ذات صلة

بارزاني يتسلم رسالة من أوجلان وسط مساعٍ للسلام مع أنقرة

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع بارزاني الرسمي من استقباله لوفد حزب «المساواة وديمقراطية الشعوب» التركي الداعم للأكراد الأحد

بارزاني يتسلم رسالة من أوجلان وسط مساعٍ للسلام مع أنقرة

وفد من حزب «المساواة وديمقراطية الشعوب» ينقل رسالة من عبد الله أوجلان إلى مسعود بارزاني في إطار جهود السلام مع أنقرة.

«الشرق الأوسط» (أربيل )
المشرق العربي محافظ نينوى عبد القادر الدخيل (فيسبوك)

حكومة نينوى «تستعين» بالمحكمة الاتحادية لحل مشكلة 20 منصباً إدارياً

لجأت حكومة محافظة نينوى إلى المحكمة الاتحادية لحل أزمة 20 منصباً إدارياً في المحافظة، بعدما عرقلت الخلافات بين الكتل السياسية التوصل إلى حل.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي قوة مشتركة من «الحشد الشعبي» والجيش العراقي عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية (أ.ف.ب)

العراق ينفي «بشكل قاطع» أنشطة معادية لسوريا

نفت الحكومة العراقية أي أنشطة معادية لسوريا داخل أراضيها، تحت إشراف أي جهة خارجية، وشددت على أن العراق لن يكون ملاذاً لأي عناصر أجنبية تعمل خارج القانون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر (إعلام التيار)

الصدر يتهم جهات حكومية بالتورط في تجارة المخدرات

في أقوى إشارة تصدر عن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر لمشكلة المخدرات التي تفاقمت في العراق خلال العقدين الأخيرين، وجه الصدر اتهامات مباشرة لشخصيات مستفيدة

فاضل النشمي (بغداد) فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع خلال مؤتمر صحافي في أنقرة (أ.ب)

وزير خارجية العراق: لا شروط مسبقة لإعادة العلاقات مع سوريا

في أول موقف رسمي منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، قال وزير الخارجية العراقي إن بلاده وجهت دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)

انطلاق أول لقاءات اللجنة التحضيرية للحوار السوري من حمص

الرئيس الشرع يجتمع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني (سانا)
الرئيس الشرع يجتمع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني (سانا)
TT

انطلاق أول لقاءات اللجنة التحضيرية للحوار السوري من حمص

الرئيس الشرع يجتمع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني (سانا)
الرئيس الشرع يجتمع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني (سانا)

قالت عضوة اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، هدى الأتاسي، إن «اللجنة مهمتها إدارة تسيير عملية الحوار وتلمس هموم المواطنين وأخذ آرائهم والتأكد من تطبيق المعايير في اختيار الشخصيات المشاركة».

وأوضحت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «موعد انعقاد المؤتمر الوطني متروك للنقاش لما بعد زيارة المحافظات وإقامة حوارات مفتوحة مع شرائح متعددة من السوريين والسوريات، وبعد تسلُّم أوراق العمل منهم ودراستها سيتم تحديد موعد انطلاقه».

وعن تمثيل أكراد سوريا في المؤتمر بعد خروج عدة بيانات تمثلهم، أهمها انتقاد «المجلس الوطني الكردي في سوريا»، للتحضيرات الجارية لمؤتمر الحوار الوطني في دمشق، وأن «تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر لم يراعِ التعددية السياسية والقومية في البلاد، ولا يضمن تمثيلاً حقيقياً لجميع المكونات الوطنية».

الجلسة الحوارية التحضيرية التي انطلقت من حمص الأحد (سانا)

في هذا السياق، قالت هدى الأتاسي، إن «الإخوة الأكراد لا تمثلهم قسد (قوات سوريا الديمقراطية) فقط، وهم مكون مهم من مكونات الشعب السوري وموجودون في جميع المحافظات السورية، ومنهم من خرج من تحت سلطة قسد، وسوف يُدعون إلى المؤتمر أسوة ببقية مكونات الشعب السوري».

وكانت اللجنة قد افتتحت أول لقاءاتها الجماهيرية في قصر الثقافة بمدينة حمص وسط سوريا، الأحد، بمشاركة ممثلين عن منظمات المجتمع المدني في حمص وريفها وأكاديميين من جامعة حمص، إلى جانب عدد من القيادات العسكرية.

وتركزت المناقشات على العدالة الانتقالية، والإصلاح الدستوري، وإعادة هيكلة المؤسسات، وإطلاق الحريات السياسية والمجتمعية، وسبل إصلاح الأضرار التي خلّفها النظام السابق، مع التركيز على خصوصية حمص كمدينة لها رمزية خاصة في المشهد السياسي والاجتماعي، حسب تلفزيون سوريا.

البعد الآيديولوجي الواحد

المحامي والسياسي السوري محمد صبرا وهو شغل منصب كبير مفاوضي المعارضة السورية سابقاً: قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «استقلالية اللجنة وقدرة الحكم الانتقالي على التأثير عليها أمر لا يمكن أن نتنبأ به الآن».

المحامي والسياسي السوري محمد صبرا (أرشيفية)

وأوضح، أنه «يجب أن ننتظر أداء اللجنة وقدرتها على أن تتجاوز البعد الآيديولوجي الواحد القادمة منه، وهل ستكون لجنة قادرة على وضع أوراق عمل مناسبة بناء على حواراتها مع المناطق والمحافظات السورية، أم ستكون مجرد لجنة الهدف منها هو وضع أسماء لأعضاء المؤتمر».

ووصف صبرا الإعلان عن تشكيل لجنة للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني بـ«الخطوة الإيجابية»؛ لأنه «يشير إلى جدية الحكم الانتقالي في تحضير بيئة مناسبة لهذا الحوار ليكون حواراً منتجاً».

وفيما يتعلق بأعضاء اللجنة، قال صبرا: «ليس لدينا أي تحفظ على الأعضاء كأشخاص، لكن تحفظنا الأساسي هو غياب التنوع الفكري والآيديولوجي عنها، فجميع أعضاء اللجنة بلا استثناء جاءوا من خلفية آيديولوجية محافظة، وبالتالي فإن باقي التيارات الآيديولوجية والفكرية في سوريا تم استبعادها، وأنا أتحدث عن تيارات وليس عن قوى سياسية».

تجمع حاشد تكريماً لضحايا نظام الأسد في ساحة الأمويين بدمشق ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

وتابع: «أدرك أن الوسط السياسي في سوريا محطم بالكامل، وأن لا وجود لقوى سياسية حقيقية فاعلة لها حوامل اجتماعية مؤثرة، نتيجة القمع الشديد الذي تعرضت له الأحزاب في سوريا طيلة 6 عقود، لكن رغم ذلك بقي المجتمع السوري يمور بتيارات آيديولوجية مختلفة، فهناك التيار الليبرالي والقومي العربي والقومي الكردي واليساري، هذه التيارات جميعاً استبعدت».

صيغة المؤتمر (كونغرس)

وتوقع صبرا أن «التحضير الجيد للمؤتمر قد يستغرق نحو 6 أشهر، كي تتمكن اللجنة من الوقوف على الهواجس الحقيقية للمواطنين في عموم سوريا»، وفق تعبيره، وأردف: «للأسف يتم التركيز حالياً على عملية انتقاء أعضاء المؤتمر أكثر من التركيز على المواضيع التي يجب أن يتم الحوار حولها، وهي مواضيع تتعلق بشكل الدولة وشكل نظام الحكم والنظام الاقتصادي الذي سنتبناه ومسار العدالة الانتقالية الأنسب لسوريا، إضافة لقضايا إعادة الإعمار وحقوق الملكية والقيم التي يجب حمايتها في الدستور، مثل قيمة الحرية ومفهوم دولة القانون والسيادة الشعبية إلى آخر هذه القيم المؤسسة للاجتماع السياسي السوري».

صورة تذكارية للرئيس الشرع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري مساء الأربعاء (سانا)

وأشار إلى أنه من خلال كتاب التكليف الذي أصدره الرئيس أحمد الشرع للجنة، نقرأ أن «عمل اللجنة ينتهي بصدور البيان الختامي عن المؤتمر، ما يعني أن الحكم الانتقالي قد يكون تبنى صيغة مؤتمر الحوار التشاوري».

وختم صبرا حديثه، لـ«الشرق الأوسط»، بالقول: «شخصياً أنا أكثر قناعة بأن ما تحتاج إليه سوريا في هذه المرحلة هو صيغة المؤتمر الوطني (كونغرس)؛ لأن عملية إعادة بناء الاجتماع السياسي السوري وتثبيت بناء الدولة يحتاج لمثل هذه المشاركة حفاظاً على قدرة المواطنين عبر أعضاء المؤتمر للتأثير على مسار عملية الانتقال السياسي».