«حزب الله» يتجنّب ضرب تلّ أبيب رغم تدمير الضاحية واستهداف بيروت

خبراء: المعادلة مرهونة بالقرار الإيراني والحسابات الدولية

دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع في شمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية (أ.ب)
دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع في شمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية (أ.ب)
TT

«حزب الله» يتجنّب ضرب تلّ أبيب رغم تدمير الضاحية واستهداف بيروت

دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع في شمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية (أ.ب)
دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع في شمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية (أ.ب)

أسقطت إسرائيل كل الخطوط الحمراء في حربها على لبنان، وذهبت بعيداً في سياسة التدمير الممنهج للضاحية الجنوبية واستهداف وسط العاصمة بيروت، وإسقاط عشرات المدنيين بين قتيل وجريح، فيما لا يزال «حزب الله» ملتزماً تحييد المدن الإسرائيلية عن الاستهداف المباشر وتجنبه قتل المدنيين الإسرائيليين، من دون أن يكشف أسباب خروجه عن السياسة التي رسمها أمينه العام الراحل حسن نصر الله، وأرسى فيها معادلة «العسكري مقابل العسكري والمدني مقابل المدني، وقصف الضاحية وبيروت سيقابل بقصف حيفا وتلّ أبيب».

القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)

وتؤشر مجريات الحرب إلى أن ما يحصل ليس رهن إرادة طرفيها، بقدر ارتباطه بمصالح إقليمية ودولية.

واعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد حمادة أن الأمر «أبعد من قدرة (حزب الله) على رسم معادلات عسكرية، سواء الآن أو قبل اندلاع الحرب». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العناوين التي رفعها الحزب سابقاً وتحدّثت عن مدني مقابل مدني وبيروت مقابل تلّ أبيب أثبتت عدم واقعيتها»، مؤكداً أن «المعادلة التي رسمها كل من الحزب والعدو الإسرائيلي، وأطلقا عليها اسم قواعد الاشتباك، لم تكن سوى عبارة عن مجالات وإجراءات متاحة لهما للقفز فوق القرار 1701، لكن الواقعية تؤكد أن قواعد الاشتباك عند الحزب كما إسرائيل تخضع لقيود صارمة تفرضها كل من طهران وواشنطن على الحزب وعلى تلّ أبيب».

وما يرسّخ فرضية تحكّم الدول الكبرى بمسار المعركة بين «حزب الله» وإسرائيل، عدم حصول تلّ أبيب على ضوء أخضر أميركي للهجوم البرّي على لبنان.

وأكد العميد حمادة أن «العملية التي شاهدناها قبل ساعات وأسفرت عن قتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين لا يمكن وضعها في خانة العملية البرّية، وهي لا تتجاوز كونها عملية استطلاع بالنار قامت بها وحدات أمامية اصطدمت بمقاتلي (حزب الله)، ما أدى إلى تراجعها دون أن يؤدي ذلك إلى إطلاق عملية هجومية غير محضرة سابقاً من قبل فرق وألوية تضم ما يزيد عن 30 ألف جندي منتشرة خلف الحدود الشمالية».

ويبقى استهداف المدن الإسرائيلية الكبرى وإصابة المدنيين رهناً باستخدام الصواريخ الدقيقة التي لم توضع في الخدمة بعد. وأشار حمادة إلى أن «(حزب الله) الذي يعلن أن لديه ترسانة من الصواريخ الباليستية ليس بإمكانه استخدامها ما لم يصدر القرار بذلك من طهران». وشدد على أنه «عندما تعطي طهران (حزب الله) الضوء الأخضر لفتح مخازن الصواريخ الباليستية، فذلك يعني أنها تورّطت مباشرة في الحرب، وهذا يرتّب عليها أثماناً لا تتسق مع ما تريده طهران من علاقات مع واشنطن».

ولا تقف الحرب القائمة ما بين إسرائيل و«حزب الله» عند معادلة واحدة أو «قواعد اشتباك» ثابتة، بل تحكمها معادلات مختلفة، وفق تقييم الخبير في سياسة الأمن والدفاع الاستراتيجي العميد الركن حسن جوني، الذي أشار إلى أن «المعادلة الأولى بدأت مع فتح جبهة الإسناد التي أرادها الحزب لإشغال إسرائيل، فكان كلّ خرق إسرائيلي يقابله خرق من (حزب الله)».

تنتشر مركبات الجيش الإسرائيلي في مواقع على طول الحدود مع لبنان في شمال إسرائيل (أ.ف.ب)

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المعادلة الثانية بدأت مع تفجير أجهزة البيجرز واللاسلكي، وتنفيذ غارات جوية أسفرت عن اغتيال قادة عسكريين في قلب الضاحية الجنوبية، والتي ردّ عليها الحزب بقصف شمال فلسطين المحتلّة، لا سيما حيفا وطبريا، واستتبعها بصاروخ باليستي على أطراف تلّ أبيب، وهذا الصاروخ وضع معادلة تلّ أبيب مقابل قصف الضاحية والاغتيالات».

وكشف العميد جوني، الذي كان يشغل منصب قائد كليّة الأركان في الجيش اللبناني، أن «المرحلة الثالثة بدأت مع اغتيال أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله، حيث استغلّت إسرائيل غياب الرأس والصدمة التي أصابت قيادة الحزب، خصوصاً وأن نصر الله اغتيل بعد تصفية معظم القادة العسكريين والأمنيين، وبدأت عمليات التدمير الممنهج للضاحية الجنوبية، وهنا اختلّت المعادلة لصالح العدو الإسرائيلي».

أما المرحلة الرابعة من المواجهة فبدأت، بحسب العميد جوني، بعد خطاب نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، إذ إنه «عندما تحدّث عن استمرار القيادة بعد اغتيال السيّد نصر الله والتأكيد على الاستمرار بالمواجهة، أطلق الحزب صاروخاً باليستياً على أطراف تلّ أبيب حاول ترميم معادلة الردع، لكنّ هذا الصاروخ بقي يتيماً، فيما أمعن الجانب الإسرائيلي في تدمير الضاحية ووسّع غاراته إلى عمق العاصمة بيروت».

نموذج من صواريخ كشف عنها الحزب الشهر الماضي ويُعتقد أنها منصة «صواريخ فادي» (من فيديو وزعه الحزب)

ولا يزال امتناع الحزب عن قصف تل أبيب واستهداف المدنيين الإسرائيليين لغزاً محيراً لدى الخبراء والمتابعين. وهنا سأل العميد جوني: «هل يأتي ذلك في إطار المناورة تمهيداً لعمل كبير لم يكشف عنه بعد؟ أم أن هناك قيوداً على الحزب بما خصّ استخدام الصواريخ الاستراتيجية، حتى لا نكون أمام مواجهة تدخل فيها حسابات إقليمية ودولية؟».

وشدد جوني على أن «الوضع لا يمكن أن يستمر وفق الأسلوب الحالي، إذ بات (حزب الله) أمام امتحان كبير: فإما إعادة ترميم معادلة الردع بما يكبح جماح إسرائيل في تدمير الضاحية، وإما الدخول في مرحلة الحلول السياسية».


مقالات ذات صلة

القضاء اللبناني يفرج عن حفيدة رفعت الأسد وأمها

المشرق العربي صورة متداولة في «إكس» لرفعت الأسد مع حفيدته شمس

القضاء اللبناني يفرج عن حفيدة رفعت الأسد وأمها

أطلق القضاء اللبناني سراح شمس دريد الأسد، حفيدة رفعت الأسد ووالدتها رشا خزيم، بعد توقيفهما قبل أسبوع على أثر استخدامهما جوازي سفر مزورين.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

تفاؤل لبناني بإنجاز الاستحقاق الرئاسي الأسبوع المقبل

قبل أسبوع من موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المحددة في 9 يناير، ما زال التكتم يسود مواقف الأفرقاء اللبنانيين لجهة أسماء مرشحيهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

لبنان يتسلّم ملفَّي استرداد نجل القرضاوي من مصر والإمارات

تسلّم القضاء اللبناني من السلطات المصرية ملف استرداد المعارض المصري عبد الرحمن القرضاوي، حيث تضمّن نصّ الحكم الصادر بحقّه ويقضي بسجنه خمس سنوات.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أرشيفية)

توقيف رياض سلامة أبرز حدث قضائي في 2024

أسقط توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، عام 2024، الرهانات القائلة إنه «يتمتّع بحماية سياسية واسعة، منعت حتى القضاء الأوروبي من النيل منه».

يوسف دياب
الولايات المتحدة​ أشخاص يحملون صور أقاربهم المفقودين خلال احتجاج في العاصمة السورية دمشق في 27 ديسمبر 2024 مطالبين بمحاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا (أ.ف.ب)

بلينكن يبحث هاتفياً مع نظيره الفرنسي مستجدات الملفين السوري واللبناني

بحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ونظيره الفرنسي جان نويل بارو، خلال اتصال هاتفي مساء الأربعاء، مستجدات الملفين السوري واللبناني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

التلفزيون السوري: غارة إسرائيلية تستهدف منشآت عسكرية في حلب

قصف إسرائيلي سابق على ضواحي دمشق (أرشيفية - رويترز)
قصف إسرائيلي سابق على ضواحي دمشق (أرشيفية - رويترز)
TT

التلفزيون السوري: غارة إسرائيلية تستهدف منشآت عسكرية في حلب

قصف إسرائيلي سابق على ضواحي دمشق (أرشيفية - رويترز)
قصف إسرائيلي سابق على ضواحي دمشق (أرشيفية - رويترز)

أفاد التلفزيون السوري بأن غارة إسرائيلية استهدفت منشآت عسكرية في بلدة السفيرة بمحافظة حلب، اليوم (الخميس).

بدوره، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن غارات إسرائيلية استهدفت مواقع تابعة للجيش السوري جنوب مدينة حلب.

وأفاد «المرصد» عن دويّ «ما لا يقلّ عن سبعة انفجارات ضخمة ناتجة عن استهداف الطيران الإسرائيلي لمعامل الدفاع في منطقة السفيرة جنوب حلب والبحوث العلمية»، وهي مواقع تابعة للجيش السوري أخليت منذ سقوط نظام بشار الأسد.

وتستهدف إسرائيل مواقع عسكرية سورية بصورة متزايدة منذ سقوط نظام الأسد الشهر الماضي.

وفي وقت سابق اليوم، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته الخاصة داهمت موقعاً تحت الأرض لصناعة الصواريخ في سوريا في سبتمبر (أيلول)، وإن المصنع كان مخصصاً لإنتاج مئات الصواريخ الدقيقة لتستخدمها جماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران ضد إسرائيل، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأوضح الجيش الذي نادراً ما يعلّق على تحركاته في سوريا، أن العملية جرت في الثامن من سبتمبر، وشارك فيها أكثر من 100 جندي من وحدات الكوماندوز، قاموا بتفكيك المنشأة الواقعة في منطقة مصياف على مقربة من شاطئ البحر المتوسط في محافظة حماة.

ولم يذكر الجيش حصيلة للعملية، بينما كان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحدث في حينه عن مقتل 27 شخصاً.