تتزايد في العاصمة السورية دمشق المخاوف من تدحرج الحرب بين إسرائيل وإيران وميليشياتها وفي مقدمتها «حزب الله»، إلى سوريا. وفي حين يشد كثير من اللبنانيين والنازحين السوريين في لبنان الرحال إلى سوريا هرباً من الحرب التي تحتدم يوماً بعد يوم والغارات الإسرائيلية التي تطول كل المناطق اللبنانية، لا يشعر كثير من السوريين بأنهم في مأمن؛ إذ لا يمر يوم من دون أن تشنّ فيه طائرات إسرائيلية غارات على مناطق سورية بما فيها أحياء بالعاصمة، لا سيما التي تتمركز فيها الميليشيات الإيرانية.
ويبدو جلياً تزايد أعداد المغادرين للأراضي السورية براً باتجاه الأردن، من المغتربين السوريين واللبنانيين ممن لديهم إقامات في دول عربية أو أجنبية؛ خوفاً من تدحرج الحرب إلى الأراضي السورية.
وفي مجمع الاتحاد العربي للنقل البري، الكائن في منطقة القدم جنوب دمشق والذي يضم شركات نقل بري عدة، قال أحد المغتربين السوريين، وهو ينتظر مع عشرات المسافرين تجهيز الحافلة: «الأوضاع غير مطمئنة. المغادرة أفضل». وأضاف المغترب لـ«الشرق الأوسط»: «القصف الإسرائيلي للأراضي السورية تزايد، والأمر في أي لحظة ممكن أن يسوء اكثر».
بدورها، كشفت موظفة في إحدى الشركات عن أن أعداد المغادرين السوريين والعرب، خصوصاً اللبنانيين، آخذة في الارتفاع مع تصاعد حدة الحرب الإسرائيلية على لبنان قبل نحو أسبوع. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «قبل تصاعد الحرب كانت الأعداد أقل، ولكن حالياً هناك ضغطاً. لدينا رحلة يومية إلى الرياض، وبسبب الضغط هناك من يتم تأجيل سفره إلى اليوم التالي».
معبر نصيف
مصدر محلي من أهالي مدينة درعا جنوب سوريا ويعمل في معبر نصيب الحدودي مع الأردن، أكد أن أغلبية المغتربين السوريين من أبناء المحافظة يغادرون خوفاً من أن تصل الحرب إلى الأراضي السورية، خصوصاً أن هناك أنباء تتحدث عن حشود إسرائيلية على جبهة الجولان بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي على جنوب لبنان.
وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «ليس فقط المغتربون السوريون من يغادرون، بل هناك أعداد كبيرة من اللبنانيين ممن لديهم إقامات في دول الخليج يغادرون عبر المعبر».
جديدة يابوس
وبينما لم تعلن اليوم حتى ساعة إعداد هذا التقرير أرقام جديدة لأعداد الوافدين من لبنان، أكد سائقون سوريون يعملون على سيارات نقل ركاب (تاكسي) على خط دمشق – بيروت لـ«الشرق الأوسط»، تواصَل تدفّق هؤلاء عبر معبر المصنع – جديدة يابوس.
وكانت صحيفة «الوطن» المحلية، نقلت عن مصدر في إدارة الهجرة والجوازات السورية، أن عدد هؤلاء وصل حتى ليل الثلاثاء - الأربعاء، إلى نحو 64777 ألف لبناني، ونحو 195 ألف سوري.
معبر العريضة
كما نقلت الصحيفة عن حسان نديم حسن، أمين عام محافظة طرطوس على الساحل السوري، أن عدد الوافدين عبر معبر العريضة الحدودي مع لبنان بلغ حتى بعد ظهر أمس 4588 لبنانياً و7779 سورياً و219 أجنبياً، مشيراً إلى أن عدد الوافدين اللبنانيين المسجلين لدى مركز الاستقبال المؤقت (معسكر الطلائع) بلغ 1571 بقي منهم ضمن المركز 298 في حين تمت استضافة 3160 في بيوت المواطنين.
صمت دمشق
إلى ذلك، التزمت دمشق حتى ساعة إعداد هذا التقرير الصمت إزاء إطلاق إيران، مساء الثلاثاء، مئات الصواريخ الباليستية على مدن إسرائيلية عدة؛ ثأراً لمقتل زعيمي «حزب الله» حسن نصر الله و«حماس» إسماعيل هنية، والقيادي في «الحرس الثوري» عباس نيلفروشان، إذ لم يصدر أي موقف رسمي حيال ذلك، واقتصرت تغطية وسائل الإعلام الرسمية على نقل الأخبار الصادرة من طهران.
في المقابل، قلل كثير من السكان من أهمية الرد، وعبَّروا عن صدمتهم من نتائجه. وقال طالب جامعي في دمشق لـ«الشرق الأوسط»: «إسرائيل دمرت غزة وأبادت أهلها وقتلت رئيس حركة (حماس) ومعظم المسؤولين فيها وأمين عام (حزب الله) ومعظم قيادات الحزب، والصواريخ الإيرانية لم تقتل ولا حتى مستوطناً!»، مستهجناً أن «الصواريخ الإيرانية قتلت مواطناً فلسطينياً فقط».
هذا الموقف لا ينسحب على كل سكان العاصمة السورية؛ إذ أشار ياسر، وهو موظف حكومي، إلى أن هناك تعاطفاً مع اللبنانيين بسبب ما يتعرضون له من «عدوان». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الاحتقان مما تقوم به إسرائيل يعتمل جداً في النفوس، وفي ظل عربدتها التي تزداد يومياً ربما بهذا الرد يتم ردعها».
وفي السياق، نشرت صفحة «اللاذقية الآن» في موقع «فيسبوك» مقطع فيديو يظهر مسيرة سيارات، قالت إنها خرجت ليل الثلاثاء في أوتوستراد المزة وسط دمشق ابتهاجاً بالرد الإيراني. ويظهر المقطع عدداً من السيارات تسير خلف بعضها بعضاً وهي تطلق أصوات الزمامير، بينما يرفع المشاركون شارات النصر من نوافذها.