سباق بين الحرب والرئاسة في لبنان... والمعارضة تطالب بفصل المسارين

نائب في «حزب الله»: نرفض النقاش تحت النار

رئيس البرلمان نبيه بري وأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال طاولة حوار عقدت عام 2006 (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان نبيه بري وأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال طاولة حوار عقدت عام 2006 (أ.ف.ب)
TT

سباق بين الحرب والرئاسة في لبنان... والمعارضة تطالب بفصل المسارين

رئيس البرلمان نبيه بري وأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال طاولة حوار عقدت عام 2006 (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان نبيه بري وأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال طاولة حوار عقدت عام 2006 (أ.ف.ب)

عادت أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان إلى الواجهة على وقع الحرب الدائرة في الجنوب، وذلك مع الطرح الجديد الذي قدّمه رئيس البرلمان نبيه بري، متعهداً بالدعوة إلى جلسة فور وقف إطلاق النار لانتخاب رئيس لا يشكّل تحدياً إلى أي طرف. هذا الطرح الذي عكس تبدّلاً في موقف «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) الذي كان يربط الانتخابات الرئاسية بالحوار لم تجد فيه المعارضة حلّاً للأزمة، عادّةً أن انتخاب رئيس يبقى المفتاح للحل في لبنان، رافضة ربط المسارين «مسار الحرب ومسار الرئاسة»، وداعية إلى الإسراع بانتخاب رئيس، علماً بأن هذا الموقع شاغر منذ نحو سنتين بسبب عدم قدرة أي من الأطراف السياسية على تأمين الأصوات الكافية، وعدم قدرتها في المقابل على التفاهم على حل وسط للأزمة.

وهذا الموضوع كان حاضراً في اللقاءات التي عقدها رئيس البرلمان نبيه بري الثلاثاء، وما أشارت إليه مواقف كتل ونواب في المعارضة، في وقت حسمها «حزب الله» على لسان النائب حسن فضل الله رافضاً في حديث تلفزيوني «النقاش تحت النار ما دام العدوان مستمراً»، مؤكداً في الوقت عينه انفتاحهم على البحث لكن عندما تتوقف الحرب، وذلك في رد على سؤال حول رئاسة الجمهورية. وما قاله بري لجهة التنسيق الدائم مع «حزب الله» جدّد التأكيد عليه فضل الله قائلاً: «المقاومة على تواصل وتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومتفقون على موقف واحد».

في المقابل، سُجّل حراك نيابي باتجاه الرئاسة الثانية، حيث التقى رئيس البرلمان نبيه بري الذي التقى كتلة «تجدد»، ورئيس التيار «الوطني الحر» النائب جبران باسيل، على أن يلتقي لاحقاً رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل.

وقالت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن المطلب اليوم هو فصل الرئاسة عن الحرب والمطالبة في الوقت عينه بتطبيق القرار 1701، مؤكدة انفتاحها على التعاون في كل القضايا وعلى رأسها رئاسة الجمهورية.

وتتحدث مصادر في «القوات» من جهتها عن اجتماعات مفتوحة وتنسيق متواصل بين أفرقاء المعارضة؛ بحثاً عن الحلول المطلوبة، مؤكدةً لـ«الشرق الأوسط» أن انتخاب رئيس هو أولوية الأولويات، وهو الذي سيليه تلقائياً تكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة، بحيث يصبح هناك سلطات شرعية متكاملة في لبنان، (وليس حكومة تصريف أعمال) قادرة على اتخاذ قرارات تُؤمّن وتُوفّر الحماية المطلوبة للبنانيين وسلامتهم. وتعد المصادر أن ربط مسار الحرب ومسار الرئاسة يعني «أننا ما زلنا ندور في الحلقة نفسها بعدما كانوا يربطون الرئاسة بالحوار».

وفي حين تجدد اتهامها الفريق الآخر بالتعطيل، تؤكد المصادر «استعداد المعارضة للتعاون لانتخاب رئيس للجمهورية ضمن الخيار الثالث (بعيداً عن مرشحي المعارضة والثنائي الشيعي)، في ظل عجز كل فريق أن ينتخب الرئيس الذي يريده».

من جهته، دعا رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وقال بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري: «مواجهة إسرائيل تتطلب دولة تواجهها وليس فقط المقاومة»، داعياً إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، لأن عدم الانتخاب هو خدمة لإسرائيل، وإلى «الاتفاق على رئيس يجمع اللبنانيين لا يفرقهم حتى تسقط الشكليات كلها».

كذلك دعا النائب فؤاد مخزومي بعد لقاء «كتلة تجدّد» رئيس البرلمان إلى «انتخاب رئيس للجمهورية فوراً والالتفاف حول الشرعية»: «طلبنا تحديد جلسة مفتوحة بدورات متتالية لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة بعدها»، مؤكداً أن «المطلوب وقف إطلاق النار ومنع أي عمل عسكري، ونشر الجيش على طول الخط الأزرق وتطبيق القرارات الدولية».

بدوره دعا حزب «الكتائب» إلى «إعلان حالة الطوارئ والتعهد بالتزام وقف النار وتطبيق القرارات الدولية، وفتح أبواب مجلس النواب ليضطلع بدوره». وأدان المكتب السياسي بعد اجتماعه الأسبوعي الذي عقد برئاسة النائب سامي الجميل، في بيان له «الهجوم البري الإسرائيلي واستباحة البشر والحجر وحملة إفراغ مناطق بأكملها من سكانها»، داعياً في المقابل «حزب الله» وفريقه للعودة إلى لبنان ودستوره ومؤسساته، بعدما أثبتت الوقائع أنه لا سند للبناني سوى اللبناني الآخر من أي فئة أو طائفة انتمى.

وتوجه «الكتائب» إلى رئيس الحكومة داعياً إياه إلى إعلان وقف فوري لإطلاق النار والالتزام التام به، وبتطبيق القرار 1701، ونشر الجيش على الحدود، وطلب الدعم الدولي لمساعدته على القيام بالمهمة الموكلة إليه، ودعا كذلك رئيس مجلس النواب «إلى فتح أبواب البرلمان لعقد جلسة نيابية تسمح للنواب بالاضطلاع بدورهم في هذه الظروف المصيرية، كما يطالبه بممارسة دوره الوطني، والتقاط اللحظة لوقف هذه الدورة الدموية عبر توظيف علاقته مع (حزب الله) للتخلي عن هذه المغامرة القاتلة، ووضع ثقته بالجيش اللبناني وأهل بلده، تجنّبناً لمزيد من الخسائر والمآسي، تماشياً مع ما صدر بالأمس من مواقف رسمية مهمة تدعو إلى تطبيق فوري للقرارات الدولية لا سيما الـ1701».


مقالات ذات صلة

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش إسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

المشرق العربي الدخان يتصاعد نتيجة غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش إسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

أعلن «حزب الله»، السبت، أن عناصره اشتبكت مع قوة إسرائيلية كانت تتقدم باتجاه بلدة البياضة بالجنوب اللبناني، وأسفرت الاشتباكات عن قتلى وجرحى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:39

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت، وتركّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
TT

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

أفاد الدفاع المدني في غزة صباح السبت، بمقتل 19 شخصاً، بينهم أطفال، في غارات ليلية إسرائيلية وقصف مدفعي عنيف على مناطق مختلفة في القطاع الفلسطيني، فيما حذرت وزارة الصحة في القطاع أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود؛ إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع المدمر الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية «استشهد 19 مواطناً وأصيب أكثر من 40 آخرين وغالبيتهم في ثلاث مجازر في سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة بعد منتصف الليل وحتى صباح اليوم على قطاع غزة».

وأفاد التلفزيون الفلسطيني في وقت سابق بمقتل ستة أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً بحي الزيتون شرق مدينة غزة.

وذكرت وزارة الصحة في غزة أن القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع منذ فجر يوم الجمعة قتل 38 شخصاً.

وتتواصل ردود الفعل الدولية بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية الخميس مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق في حكومته يوآف غالانت، وقائد «كتائب عز الدين القسام» الجناح المسلح لـ«حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في غزة منذ أن شنت «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال إدخال الوقود».

من جانبه، أعلن الدفاع المدني انتشال جثث اثني عشر قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه قتل في القطاع خمسة من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم 7 أكتوبر 2023.

وأدت هذه الضربة إلى مقتل وفقدان العشرات حسب مصادر طبية فلسطينية.

من جهتها، أبدت منظمة الصحة العالمية «قلقاً بالغاً» على وضع 80 مريضاً، بينهم ثمانية في العناية المركزة، وعلى العاملين في «مستشفى كمال عدوان»، أحد المستشفيين الوحيدين اللذين يعملان جزئياً في شمال غزة.

وبحسب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، فإن المستشفى استُهدف بهجوم بمسيّرة الخميس؛ ما أدى إلى إتلاف مولد كهرباء وخزان مياه.

وقال مدير المستشفى حسام أبو صفية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مؤسسته استُهدفت مرة أخرى بغارات إسرائيلية الجمعة، حيث أصيب طبيب واحد ومرضى.

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

«أطفال أبرياء»

وقال بلال في إحدى قاعات «المستشفى الأهلي العربي» حيث نُقل الضحايا: «أهلي كلهم قُتلوا، أنا الوحيد المتبقي من العائلة. أوقفوا الظلم».

وقال رجل آخر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» وهو جالس قرب فتى ممدد بلا حراك على سرير مستشفى: «كان هناك أطفال أبرياء (...) ما ذنبهم؟!».

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن ما لا يقل عن 44056 قتيلاً، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

وكان هجوم «حماس» على إسرائيل قد خلف 1206 قتلى، غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

كذلك، احتُجز خلال الهجوم 251 شخصاً رهائن ونُقلوا إلى غزة، ولا يزال 97 منهم في القطاع، ويقدر الجيش الإسرائيلي أن 34 من هؤلاء الرهائن المتبقين ماتوا.

«سابقة خطيرة»

بعد مرور أكثر من عام على بدء الحرب، أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية الخميس غضب إسرائيل.

وأكد نتنياهو مساء الخميس أنه «ما من قرار فاضح مُعادٍ لإسرائيل بإمكانه أن يمنعنا، وتحديداً أنا، من مواصلة الدفاع عن بلدنا بأيّ طريقة»، مضيفاً: «لن نستسلم للضغوط».

ورأى غالانت في القرار «سابقة خطيرة (...) تشجع على الإرهاب».

أما الرئيس الأميركي جو بايدن فندد بالقرار، معتبراً أنه «مشين»، في حين قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الجمعة إنه سيدعو نتنياهو إلى زيارة المجر، في «تحدٍّ» للقرار.

ورحب نتنياهو بموقف أوربان، معتبراً أنه ينم عن «وضوح أخلاقي».

وقالت فرنسا الجمعة إنها «أخذت علماً» بقرار المحكمة.

والدول الـ124 الأعضاء في «الجنائية الدولية»، وبينها المجر، ملزمة نظرياً بتوقيف المسؤولين الثلاثة في حال دخولهم أراضيها.

من جانبها، لمّحت الحكومة البريطانية الجمعة إلى أن نتنياهو يمكن أن يُعتقَل بموجب مذكرة التوقيف.

وأعلن رئيس الوزراء الآيرلندي سايمون هاريس أن بلاده ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد.

ورداً على سؤال للتلفزيون العام «آر تي آي» عما إذا كانت آيرلندا، عضو «الجنائية الدولية»، ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد، قال: «نعم، بالتأكيد».

وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الجمعة أن وزراء خارجية «مجموعة السبع» سيناقشون خلال اجتماعهم الاثنين والثلاثاء قرب روما مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة.

في المقابل، رأت إيران في القرار «موتاً سياسياً للكيان الصهيوني»، في حين دعت الصين المحكمة إلى «موقف موضوعي وعادل».

ورحبت «حماس» بقرار المحكمة، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».