«الحرس الثوري» يطلق مئات الصواريخ... ويحذر إسرائيل من الرد

التلفزيون الإيراني تحدث عن إطلاق صاروخ «فتاح» الفرط صوتي على ثلاث قواعد عسكرية في تل أبيب

صواريخ باليستية في سماء عسقلان (رويترز)
صواريخ باليستية في سماء عسقلان (رويترز)
TT

«الحرس الثوري» يطلق مئات الصواريخ... ويحذر إسرائيل من الرد

صواريخ باليستية في سماء عسقلان (رويترز)
صواريخ باليستية في سماء عسقلان (رويترز)

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني إطلاق مئات الصواريخ الباليستية مستهدفاً عمق الأراضي الإسرائيلية، رداً على اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وزعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية، والقيادي في «الحرس» عباس نيلفروشان.

وأشار بيان «الحرس الثوري»، مساء الثلاثاء، إلى أن الهجوم جرت المصادقة عليه في مجلس الأمن القومي الإيراني. وأضاف أن «العملية تتماشى مع الحقوق القانونية للدولة والقوانين الدولية»، وتحت إشراف هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وبمساندة ودعم من الجيش الإيراني ووزارة الدفاع.

وحذر البيان إسرائيل من أنها ستواجه «هجمات قاسية ومدمرة» في المستقبل في حال الرد على هذه العملية. وقال إن العملية جاءت «بعد فترة من ضبط النفس أمام انتهاك سيادة الجمهورية الإسلامية باغتيال هنية على يد الكيان الصهيوني وبناءً على حق البلاد في الدفاع المشروع عن نفسها وفقًا لميثاق الأمم المتحدة». واتهم الولايات المتحدة بتقديم الدعم لإسرائيل في هجماتها على لبنان، خصوصاً اغتيال نصر الله ونيلفروشان.

وأظهرت مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي إطلاق صواريخ من قواعد صاروخية تابعة لـ«الحرس» في مدن تبريز وكرمان وأصفهان وشيراز وأراك ورباط كريم في جنوب غرب طهران.

وأشارت وسائل إعلام إيرانية إلى إطلاق 400 صاروخ على الأقل، 30 منها من مدينة تبريز الواقعة في شمال غرب البلاد.

وفي وقت لاحق، قال التلفزيون الرسمي إن «الحرس الثوري» استخدم صاروخ «فتاح» الفرط صوتي لأول مرة، مستهدفاً منظومة صواريخ آور 2 و3، المصممتين للدفاع الصاروخي بعيد المدى. ونقلت مواقع إيرانية عن «الحرس الثوري» قوله إن «الصواريخ التي أُطلقت من إيران استهدفت قواعد عسكرية للنظام الصهيوني في محيط تل أبيب».

وحذر القيادي في «الحرس الثوري»، أحمد وحيدي، «كلاً من النظام الصهيوني وداعميه من ارتكاب الأخطاء، ووضع أنفسهم في مأزق مثل ذلك الذي يعيشه النظام الصهيوني».

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن وحيدي، وهو القائد السابق لـ«فيلق القدس»، أن «الهجمات الصاروخية الليلة كانت وعداً آخر تحقق...»، مبيناً أن «الجمهورية الإسلامية ستدافع بقوة وعزم ضد أي تحرك غير سليم قد يقدمون عليه». وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عبر منصة «إكس»: «استناداً إلى الحقوق المشروعة وهدفاً للسلام والأمن لإيران والمنطقة، تم الرد بشكل حازم على اعتداءات النظام الصهيوني».

وأضاف «هذه الخطوة كانت دفاعاً عن مصالح وحقوق المواطنين الإيرانيين. يجب على نتنياهو أن يعرف أن إيران ليست حرباً، لكنها ستقف بحزم ضد أي تهديد. هذه مجرد لمحة عن قدراتنا. لا تتورطوا في صراع مع إيران».

خامنئي يتحدث إلى قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده في نوفمبر الماضي (موقع المرشد)

وقبل الهجوم ببضع ساعات، قال ثلاثة مسؤولين أميركيين لصحيفة «نيويورك تايمز» إن بلادهم تلقت بلاغاً أميركياً بشأن شن إيران، هجوماً سيشمل طائرات مسيّرة وصواريخ تُطلق باتجاه إسرائيل.

وأفاد مسؤول كبير في البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة تتأهب للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل ضد هجوم إيراني وشيك بالصواريخ الباليستية، مشيراً إلى دلائل بشأن التحرك الإيراني. وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «نحن ندعم بنشاط التحضيرات الدفاعية للدفاع عن إسرائيل ضد هذا الهجوم». وأضاف: «الهجوم العسكري المباشر من إيران ضد إسرائيل سيترتب عليه عواقب وخيمة على إيران».

وهذه المرة الثانية التي تقترب إسرائيل وإيران من مواجهة مباشرة في أعقاب عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي؛ ما أدى إلى اندلاع حرب غزة، وامتد الصراع ليشمل الكثير من حلفاء إيران بما في ذلك «حزب الله» في لبنان، وجماعة «الحوثي» في اليمن.

إيرانيات يحملن صور حسن نصر الله خلال تجمع في ميدان فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

وشنَّت إيران هجوماً بالصواريخ والمسيرات في منتصف أبريل، رداً على قصف قنصليتها في دمشق، في مطلع الشهر نفسه. وردَّت إسرائيل بضربة محدودة استهدفت رادار مطار عسكري قرب منشآت نووية حساسة وسط البلاد.

وتواجه إيران ضغوطاً متزايدة لدعم «حزب الله»، لكنها وجدت نفسها محاصرة بين رغبتها في حماية وكيلها والحفاظ على هيبتها ونفوذها، وبين الحاجة إلى تجنب هجوم مضاد مدمر من إسرائيل يمكن أن يدمر برنامجها النووي أو يقتل قادتها البارزين.

وقال مسؤولون إيرانيون من التيارين الإصلاحي المؤيد للرئيس مسعود بزشكيان، والمحافظ، إن بلادهم لا تريد تجنب الدخول في حرب مع إسرائيل؛ ما قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.

تقليل من احتمالات الاجتياح

أتت هذه التطورات، بعدما قلل أرفع مسؤول إيراني، من احتمال الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان. وقال أمين عام مجلس الأمن القومي، علي أكبر أحمديان إن «إسرائيل نفّذت الليلة الماضية عملية محدودة أطلقت عليها عملية برية، لكنها تراجعت على الفور».

وسئل أحمديان عما إذا كانت بلاده ستوجه رداً على إسرائيل. وصرح: «جبهة المشاركة تخوض حرباً ضد إسرائيل، ولا معنى لأي إجراء أحادي».

إيرانية بجوار ملصق يحمل صورة قائد «الحرس الثوري» عباس نيلفروشان في طهران (إ.ب.أ)

وأشار في السياق نفسه، إلى بداية الحرب في غزة في أعقاب عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر العام الماضي. وقال إن «الصراع بدأ بإجراء من جبهة المقاومة، وليس برد فعل من العدو، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، فإن العدو في موضع الرد وليس المبادرة».

ورأى أن «العدو في حالة يأس، يحاول من خلال العمليات النفسية إظهار نفسه ناجحاً عبر عمليات تركز في الغالب على الاغتيالات، لكن لا يوجد نجاح حقيقي له». وتوقع أن «النصر بلا شك سيكون لجبهة المقاومة، والهزيمة حتمية للعدو».

وتباين أحمديان مع تصريحات المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني الذي تحدث في مؤتمر صحافي دوري، الاثنين، عن «رد بالأفعال لا، بل الشعارات»، وقال: «سنتعامل بحزم وسنتصرف بطريقة تجعل (العدو) يندم... إيران لا تسعى إلى الحرب، لكنها لا تخشاها».

وقال كنعاني: «لن تبقى أي من الاعتداءات التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد إيران من دون رد، ولن يفلت الكيان الصهيوني من العقاب على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الإيراني، و(محور المقاومة)، والعسكريين الإيرانيين... ستتخذ إيران إجراءات مناسبة وحاسمة للرد على هذه الجرائم بما يجعل العدو يندم».

وقال كنعاني إن «إيران ليست لديها قوات وكيلة في المنطقة»، لافتاً إلى أن «لبنان وفلسطين يمتلكان القدرة والقوة اللازمتين، ولا حاجة إلى إرسال قوات مساندة أو متطوعين من الجمهورية الإسلامية».

لكن موقع «إيران أوبزرفر» الإخباري أشار إلى تغيير في موقف طهران، حيث ناقش مسؤولون إيرانيون إرسال القوات والمعدات إلى جنوب لبنان والجولان في سوريا، بعد الأنباء عن الهجوم البري للجيش الإسرائيلي.

ونقل الموقع عن عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، النائب أحمد عجم، قوله إن إيران «أرسلت دائماً قوات استشارية لمساعدة (حزب الله)، وهو ما ستفعله الآن»، مضيفاً أنه «سيعتمد قرار إرسال قوات تطوعية إلى جبهة لبنان على توجيهات القائد»، في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.

وقال أيضاً إن «قواتنا الاستشارية في هذه البلدان بناءً على طلب حكومات مثل سوريا ولبنان».

وتطلق إيران على ضباط «الحرس الثوري»، خصوصاً ذراعه الخارجية «فيلق القدس» تسمية «القوات الاستشارية».

وقال سعيد جليلي، ممثل المرشد الإيراني في مجلس الأمن القومي، إن هناك «نظاماً جديداً في المنطقة يتم تشكيله على يد أبناء المقاومة».

ونفى عضو لجنة الأمن القومي، علاء الدين بروجردي وجود تباين داخلي بشأن الرد على إسرائيل وقال إن «اغتيال حسن نصر الله والعميد عباس نيلفروشان قضية أمن قومي وليست حزبية».

بدوره، قال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي إن بلاده «ستبقى إلى جانب الشعب في غزة ولبنان».

وطالب القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بـ«اتخاذ إجراءات لوقف سياسات نتنياهو العدوانية».

وكتب رضائي على حسابه في منصة «إكس»: «الاعتداءات الأخيرة للكيان الصهيوني على دمشق واليمن تشير إلى أنه إذا لم يوقف مجلس الأمن نتنياهو، فعلى الدول الإسلامية توجيه إنذار له ووقفه، وإلا فقد يتسبب الكيان المحتل في إشعال حرب واسعة في منطقة غرب آسيا».

ويستخدم القادة العسكريون الإيرانيون تسمية «غرب آسيا» للإشارة إلى العراق، وسوريا، ولبنان، وفلسطين وإيران حصراً.

وبعد أيام من رسائل التهدئة، صعَّد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لهجته ضد الولايات المتحدة واتهمها بـ«ارتكاب جرائم مع إسرائيل عبر استغلال العلم».


مقالات ذات صلة

«عملية الأخطبوط»… قراصنة إيرانيون يزعمون اختراق هاتف رئيس وزراء إسرائيلي سابق

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يتحدث خلال مؤتمر صحافي في القدس يوم 6 يوليو 2021 (رويترز) play-circle 01:59

«عملية الأخطبوط»… قراصنة إيرانيون يزعمون اختراق هاتف رئيس وزراء إسرائيلي سابق

زعمَت مجموعة قرصنة إيرانية تُدعى «حنظلة» (Handala)، يوم الأربعاء، أنها نجحت في اختراق الهاتف المحمول لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية عراقجي ولافروف على هامش مباحثاتهما في موسكو (الخارجية الإيرانية)

«خريطة طريق» للتنسيق بين موسكو وطهران حتى 2028

وقعت موسكو وطهران الأربعاء اتفاقية تنظم آليات تنسيق التعاون الدبلوماسي، وتكرس أول تحرك مشترك في إطار معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» ديفيد برنياع (إكس)

رئيس «الموساد»: على إسرائيل أن تضمن ألا تعاود إيران تشغيل برنامجها النووي

قال رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد برنياع، الثلاثاء، إن على إسرائيل أن تضمن ألا تعاود إيران تشغيل برنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المتحدث باسم السلطة القضائية أصغر جهانغير خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء (ميزان)

طهران تعلن توقيف مواطن سويدي الجنسية بتهمة التجسس لصالح إسرائيل

أعلنت السلطة القضائية الإيرانية، الثلاثاء، أن مواطناً أُلقي القبض عليه خلال حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، ويخضع حالياً للمحاكمة بتهمة التجسس، ويحمل جنسية السويد.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية عراقجي يعقد اجتماعاً مع المشرعين الروس في مقر مجلس الدوما (الخارجية الإيرانية)

عراقجي في زيارة إلى موسكو والملف النووي على الطاولة

وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو الثلاثاء، بالتزامن مع تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضرورة التزام الوكالة بالحياد في تعاملها مع إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن - موسكو - طهران)

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)
لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)
TT

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)
لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)

تستعد لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» التي شكّلها البرلمان التركي لاقتراح الإطار القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته للمرحلة الثانية من عملية «تركيا خالية من الإرهاب»، التي يطلق عليها الجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

ويتم خلال هذه المرحلة مناقشة تقارير الأحزاب المشاركة في اللجنة (11 حزباً)، التي تتضمن اقتراحاتها بشأن التدابير واللوائح القانونية والخطوات التي تتعين تطبيقها في إطارها.

وبحسب ما رشح من الأحزاب المختلفة المشاركة في اللجنة، عكست التقارير تباينات في المنظور لعملية السلام واللوائح القانونية اللازمة، وينتظر أن تبدأ اللجنة مناقشتها للتقارير في النصف الثاني من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ناقش مع ممثلي الأحزاب السياسية المرحلة الثانية من عمل اللجنة البرلمانية المعنية باقتراح الإطار القانوني لعملية السلام (البرلمان التركي - إكس)

وعقد رئيس البرلمان التركي، الذي يترأس اللجنة أيضاً، نعمان كورتولموش، اجتماعاً بمقر البرلمان، الأربعاء، مع نواب رؤساء المجموعات البرلمانية للأحزاب المشاركة في اللجنة.

وانتهت الأحزاب من إعداد تقاريرها حول عملية السلام والأطر القانونية المقترحة، وتقرر تشكيل لجنة فرعية لدمجها وإعداد تقرير واحد شامل لتقديمه إلى مكتب رئيس البرلمان.

ويجري بحث تمديد ولاية اللجنة، التي تنتهي بنهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لمدة شهرين كإجراء احترازي.

موقف حذر

وقالت مصادر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم إن إعداد تقرير مشترك هو الأسلوب الأمثل للجنة، لكن في حال تعذر التوصل إلى توافق، يُمكن اتباع أسلوب عرض وجهات نظر؛ كل حزب سياسي على حدة.

وبحسب المصادر، يربط الحزب الحاكم، الذي يتحرك بحذر بشأن التدابير القانونية بإعلان الحكومة السورية التزام قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية، بالاتفاق الموقع في دمشق في 10 مارس (آذار)، بشأن اندماج «قسد» في الجيش السوري.

عناصر من حزب «العمال الكردستاني» في أثناء مراسم رمزية لإحراق الأسلحة في جبل قنديل شمال العراق في 11 يوليو الماضي (رويترز)

ولن يقدم الحزب على خطوات بناء الثقة قبل تأكيد السلطات الحكومية، كالمخابرات أو مجلس الأمن القومي، واكتمال نزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني».

وبالنسبة لأعضاء «العمال الكردستاني» المتورطين في الجرائم، فيرى الحزب أنه يجب تطبيق أحكام قانون العقوبات التركي، ويمكن تخفيف العقوبة بما لا يسيء إلى الضمير العام.

الحق في الأمل

أما حزب «الحركة القومية» فتضمن تقريره سن قانون خاص بالعملية، بعد تأكيد السلطات، رسمياً، انتهاء وجود حزب «العمال الكردستاني»، وتأجيل الأحكام الصادرة بحق المدانين المرضى وكبار السن، واتخاذ خطوات مثل إطلاق سراح السجناء السياسيين، بمن فيهم الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، صلاح الدين دميرطاش، وإنهاء نظام الوصاية، بما يتوافق مع قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية.

بهشلي أول من أطلق الدعوة لتطبيق «الحق في الأمل» على أوجلان العام الماضي (حزب الحركة القومية - إكس)

وبالنسبة لتطبيق مبدأ «الحق في الأمل» الذي اقترحه رئيس الحزب دولت بهشلي، عند إطلاقه مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، فأبدى التقرير توجهاً يتسق مع توجه الحزب الحاكم، من حيث إنه لا يعني الإفراج عن السجناء، بل يقتصر على إعادة تقييم نظام تنفيذ الأحكام. وتوقعت مصادر أنه في حال منح هذا الحق الذي أقرته محكمة حقوق الإنسان الأوروبية عام 2014 بالنسبة لمن أمضوا 25 سنة من عقوبة السجن المؤبد المشدد، فسيستفيد منه 230 سجيناً، من بينهم أوجلان.

إصلاحات ديمقراطية

وتمسك حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، في تقريره، بتعريف العملية الجارية بأنها «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، كما سماها أوجلان، وليس «تركيا خالية من الإرهاب»، كما تسميها الحكومة.

تطبيق «الحق في الأمل» على أوجلان وإطلاق سراحه أحد المطالب الأساسية للأكراد لإنجاح عملية السلام (أ.ف.ب)

ويدعو تقرير الحزب إلى سن «قانون السلام»، وضمان «المواطنة المتساوية»، وتعزيز الحكم المحلي على حساب الدولة القومية، وإنهاء نظام الوصاية على البلديات التي يتم عزل رؤسائها المنتخبين، وإتاحة التعليم باللغة الأم (الكردية)، وإرساء عقد اجتماعي جديد قائم على المساواة في الدستور.

ويطالب بالتنفيذ الكامل لقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية الخاصة بالإفراج عن السجناء السياسيين، والضمان القانوني لـ«الحق في الأمل» لمن يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد المشدد، بمن فيهم أوجلان.

محاكمة إمام أوغلو دون احتجاز أحد مطالب حزب «الشعب الجمهوري» في إطار عملية السلام (حساب الحزب في إكس)

أما حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، فاقترح في تقريره حزمة إصلاحات ديمقراطية من 29 مادة، لتهيئة بيئة سياسية ديمقراطية لحل المشكلة الكردية، بدلاً من اقتراح قانون لعملية السلام.

تتضمن الحزمة إنهاء ممارسة تعيين الأوصياء على البلديات، والإفراج عن السجناء السياسيين، وعلى رأسهم رئيس بلدية إسطنبول المرشح الرئاسي للحزب، أكرم إمام أوغلو، مع بدء محاكمته في قضية الفساد في البلدية في 19 مارس (آذار) المقبل، ومحاكمته وباقي المتهمين فيها دون احتجاز.


لأول مرة في تاريخ إسرائيل... عدد الأكاديميين المهاجرين أكبر من القادمين

موظف في مطار بن غوريون الدولي يجلس في صالة الوصول في يونيو 2025 (رويترز)
موظف في مطار بن غوريون الدولي يجلس في صالة الوصول في يونيو 2025 (رويترز)
TT

لأول مرة في تاريخ إسرائيل... عدد الأكاديميين المهاجرين أكبر من القادمين

موظف في مطار بن غوريون الدولي يجلس في صالة الوصول في يونيو 2025 (رويترز)
موظف في مطار بن غوريون الدولي يجلس في صالة الوصول في يونيو 2025 (رويترز)

كشفت معطيات «دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية» عن أن هجرة الأدمغة تتفاقم بشكل كبير منذ اندلاع الحرب على غزة، وبلغت حداً يُشكل تهديداً استراتيجياً للمؤسسات الأكاديمية، ولأول مرة في تاريخ إسرائيل تزيد نسبة المهاجرين من الأكاديميين على عدد القادمين.

كما كشف الإحصائيات الرسمية عن أن نحو ربع عدد الأكاديميين الذين يحملون شهادة الدكتوراه انتقلوا للعمل والعيش خارج إسرائيل خلال السنوات الثلاث الماضية، ومعظمهم هاجروا بعد اندلاع الحرب على غزة.

مسافران يتجهان إلى نقطة المغادرة في مطار بن غوريون مارس 2023 (أرشيفية - أ.ف.ب)

وبحسب المعطيات، فإن من أهم سمات هجرة الأدمغة هذه، أن غالبية الأكاديميين المهاجرين من إسرائيل هم شبان ومن بلدات مستقرة، وخاصة من منطقة تل أبيب ووسط إسرائيل، وسُجل ارتفاع بهجرة الباحثين عموماً الذين بإمكانهم تطوير الاقتصاد ومجال الأبحاث في إسرائيل، وانتقلوا للعمل والعيش في خارج البلاد.

ما القطاعات الأكثر هجرة؟

وجاء في التقرير المفصل للدائرة أن أعلى نسبة مهاجرين (25.4 في المائة) كانت من بين حملة شهادة الدكتوراه في الرياضيات، كما هاجر 21.7 في المائة من الذين يحملون شهادة الدكتوراه في علوم الحاسوب، و19.4 في المائة من المتخصصين في علم الوراثة، و17.3 في المائة من علم الأحياء الدقيقة، و17 في المائة من الفيزياء، و14 في المائة من الكيمياء، و14 في المائة من حملة شهادة الدكتوراه في هندسة الكهرباء والبيولوجيا، وهم يعيشون ويعملون حالياً خارج إسرائيل.

وكشفت الإحصائيات عن أن من انتقلوا للعيش والعمل خارج البلاد بينهم 23 في المائة من خريجي الدكتوراه من معهد وايزمان للعلوم في رحوفوت، و18.2 في المائة من خريجي الدكتوراه من معهد الهندسة التطبيقية (التخنيون) في حيفا، و15 في المائة من خريجي الدكتوراه في مجال العلوم من جامعة تل أبيب، و10 في المائة من خريجي الدكتوراه من جامعة مستوطنة «أريئيل»، و7 في المائة من خريجي الدكتوراه من جامعة بار إيلان.

معهد «وايزمان» للعلوم في إسرائيل إثر تضرره من قصف إيراني يونيو 2025 (نيويورك تايمز)

وبشكل عام، تشير الإحصائيات إلى 11.9 في المائة من حملة شهادة الدكتوراه يعيشون ويعملون خارج إسرائيل، و8.1 في المائة من حملة شهادة الماجستير الإسرائيليين الذين تخرجوا في الأعوام 1990 - 2018، يرجح أنهم انتقلوا إلى خارج البلاد بشكل دائم.

متى بدأ التراجع؟

وأشارت المعطيات إلى أن ارتفاعاً طرأ على عدد الأكاديميين المهاجرين الجدد الذين انتقلوا للعيش والعمل في خارج البلاد، كما ظهر انخفاض في عدد العائدين إلى البلاد، الذين بقوا في الخارج لمدة تزيد على ثلاث سنوات، وعادوا قبل أكثر من سنتين.

ومنذ عام 2022، طرأ تراجع على عدد الأكاديميين الذين عادوا إلى إسرائيل، ومن الجهة الأخرى طرأ في عام 2023 (الذي شهد في نهايته حرب غزة) ارتفاع في عدد الأكاديميين الذين انتقلوا للعيش والعمل في خارج البلاد لفترة طويلة.

مطار بن غوريون يونيو 2025 (أ.ب)

وتدل المعطيات أيضاً على ارتفاع نسبة الباحثين الشبان من حملة شهادة الدكتوراه، الذين أنهوا دراستهم في السنوات 2014 - 2018، وانتقلوا للعيش والعمل في خارج البلاد.

ووفقاً لمعطيات عام 2024، فإن 14.9 في المائة من الباحثين الشبان الذين يحملون شهادة الدكتوراه في العلوم الدقيقة والهندسة يعيشون ويعملون في خارج البلاد، مقارنة بـ13.4 في المائة من الذين تخرجوا في السنوات 2011 - 2013.

كما ارتفعت نسبة إجمالي حملة الدكتوراه، الذين أنهوا دراستهم في السنوات 2015 – 2018، الموجودين في خارج البلاد إلى 11.7 في المائة في عام 2024، بينما كانت هذه النسبة بين خريجي السنوات 2011 - 2014 نحو 11.4 في المائة في عام 2020، ونحو 10.7 في المائة بين خريجي السنوات 2007 - 2010 في عام 2016.

الحرب ليست سبباً وحيداً

ويرجح أن سبباً آخر لهجرة الأدمغة وتراجع عدد العائدين إلى البلاد، عدا الحرب وخطة الحكومة للانقلاب على نظام الحكم وجهاز القضاء، يتعلق بظروف مجال الأبحاث والتعامل مع الأكاديميات خلال ولاية حكومة نتنياهو الحالية، التي منذ تشكيلها تهاجم الأكاديميات ومؤسسات الأبحاث.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته في يونيو 2025 معهد وايزمان الذي تضرر بصاروخ إيراني (أ.ب)

ويتعلق سبب آخر لهجرة الأكاديميين بتراجع ميزانيات التعليم العالي في إسرائيل، فمن جهة تقوم حكومة بنيامين نتنياهو بتقليصها، مع أنها ترصد ميزانيات ضخمة لمصالح فئوية لأحزاب الائتلاف، ومن جهة ثانية يقوم صندوق الأبحاث الأوروبي، وهو الممول الرئيسي للأبحاث في إسرائيل، بتقليص دعمه بسبب الحرب.

وإضافة إلى ما سبق، فإن الجامعات في الخارج تعرض على الباحثين الإسرائيليين رواتب أفضل وميزانيات دعم أغنى للبحوث، ولذا فإنهم يفضلون الانتقال للعيش والعمل في الخارج وعدم العودة إلى البلاد.

ما ميزانية التعليم العالي الإسرائيلية؟

يذكر أن ميزانية التعليم العالي في إسرائيل في العام الحالي 2025، بلغت 14 مليار شيقل (الدولار يساوي 3.2 شيكل)، ويتوقع أن تكون مشابهة في 2026، رغم انخفاض المداخيل من منح الأبحاث الخارجية، نتيجة ازدياد المقاطعة الاكاديمية لإسرائيل.

وفي السنوات الخمس الأخيرة، تم خفض ميزانية التعليم العالي 700 مليون شيقل، وذلك بسبب تخفيض بنود أخرى.

ومؤخراً فقط عند افتتاح السنة التعليمية الأكاديمية قبل أقل من شهرين، صادقت الحكومة على خفض 40 مليون شيقل في ميزانية التعليم العالي لتمويل زيادة لوزارة الأمن القومي، وقبل ذلك بشهر، خفضت الحكومة ميزانية التعليم العالي بنحو 150 مليون شيقل لتمويل نفقات الدعاية لوزارة الخارجية.


«عملية الأخطبوط»… قراصنة إيرانيون يزعمون اختراق هاتف رئيس وزراء إسرائيلي سابق

TT

«عملية الأخطبوط»… قراصنة إيرانيون يزعمون اختراق هاتف رئيس وزراء إسرائيلي سابق

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يتحدث خلال مؤتمر صحافي في القدس يوم 6 يوليو 2021 (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يتحدث خلال مؤتمر صحافي في القدس يوم 6 يوليو 2021 (رويترز)

زعمَت مجموعة قرصنة إيرانية تُدعى «حنظلة» (Handala)، يوم الأربعاء، أنها نجحت في اختراق الهاتف المحمول لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت، وأطلقت على العملية اسم «عملية الأخطبوط: اختراق نفتالي بينيت».

وسخرت المجموعة، التي تقول إنها على صلة بوزارة الاستخبارات الإيرانية، من بينيت في بيان وجّهته إليه مباشرة. وجاء في البيان: «عزيزي نفتالي بينيت، لقد تفاخرْتَ يوماً بأنك منارة في مجال الأمن السيبراني، وقدّمت خبرتك للعالم. لكن يا للمفارقة، كيف سقط هاتفك آيفون 13 بسهولة في أيدي مجموعة (حنظلة). رغم كل تباهيك وغرورك، لم تكن قلعتك الرقمية سوى جدار من ورق ينتظر من يخترقه»، وفق ما نقله موقع «واي نت» الإسرائيلي.

وأضاف القراصنة أن العملية تُعدّ دليلاً على هشاشة ما وصفوه بـ«الادعاءات الإسرائيلية في مجال التفوق السيبراني»، مؤكدين قدرتهم على الوصول إلى أجهزة وشخصيات رفيعة المستوى.

في المقابل، ردّ نفتالي بينيت على هذه المزاعم بالقول إن «القضية قيد المعالجة من قِبَل الجهات الأمنية والرقمية المختصة»، موضحاً أن «الجهاز المعني غير مستخدم حالياً».

ولم يصدر حتى الآن أي تأكيد رسمي مستقل يثبت صحة ادعاءات مجموعة «حنظلة»، فيما يأتي هذا التطور في سياق تصاعد المواجهة السيبرانية بين إسرائيل وإيران، التي شهدت خلال السنوات الأخيرة تبادلاً متكرراً للاتهامات بعمليات اختراق وهجمات رقمية متبادلة.