جبهة جنوب لبنان... هل تنجح إسرائيل بإبعاد إيران عن حدودها؟

عوامل تصعب قبول «حزب الله» بالتخلي عن «بوابة الدور الإقليمي»

دبابات إسرائيلية على الحدود مع لبنان الثلاثاء (أ.ب)
دبابات إسرائيلية على الحدود مع لبنان الثلاثاء (أ.ب)
TT
20

جبهة جنوب لبنان... هل تنجح إسرائيل بإبعاد إيران عن حدودها؟

دبابات إسرائيلية على الحدود مع لبنان الثلاثاء (أ.ب)
دبابات إسرائيلية على الحدود مع لبنان الثلاثاء (أ.ب)

قالت مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت إن عملية فرض التطبيق الصارم للقرار رقم 1701 في جنوب لبنان «صعبة ومعقدة» لأنها تعني «إخراج ورقة استراتيجية مهمة من أيدي (حزب الله) وإيران معاً».

ولخصت المصادر الصعوبات التي يواجهها التنفيذ الكامل للقرار الذي يفرض منطقة خالية من المسلحين والعتاد جنوب نهر الليطاني، ينتشر فيها فقط الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» الدولية:

  • منذ نصف قرن يشكل خط الحدود اللبنانية-الإسرائيلية بوابة للحروب وللدور الإقليمي معاً.
  • في المرحلة الفلسطينية تمكنت منظمة التحرير بفضل وجودها العسكري على هذا الخط من التحول لاعباً إقليمياً.
  • استخدمت منظمة التحرير الجنوب اللبناني لإظهار قدرتها على التأثير على أمن إسرائيل والتذكير بمطالبها. وهو ما لم تكن تؤمنه لها الإقامة في بيروت.
مقاتل فلسطيني مقابل دورية أممية في جنوب لبنان عام 1978 (غيتي)
مقاتل فلسطيني مقابل دورية أممية في جنوب لبنان عام 1978 (غيتي)
  • على خط التماس مع إسرائيل، نجحت منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات في تحقيق مكاسب دبلوماسية وحتى امتلاك ممارسة حق النقض على أي تصورات للسلام لا ترضي الفلسطينيين وتستثني الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
  • أطلت الثورة الخمينية مباشرة على الموضوع الفلسطيني عبر بوابة جنوب لبنان وتحديداً بعد الغزو الإسرائيلي للبنان في 1982. وترسخت هذه الإطلالة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان في العام 2000.
  • سجل الحضور الايراني على جبهة جنوب لبنان خطوات إضافية بعد حرب 2006 في لبنان، وبعد تمكن «حزب الله» في السنوات التالية من الالتفاف على القرار 1701 الذي يضع أمن الحدود في يد الجيش اللبناني تساعده قوات «اليونيفيل».

وفي ضوء هذه المعطيات، يصبح قبول «حزب الله» بالتنفيذ الكامل للقرار 1701 صعباً للأسباب التالية:

  • مع بناء «حزب الله» ترسانة عسكرية كبيرة تضم صواريخ دقيقة ومسيّرات، بدت الحدود اللبنانية أشبه بحدود إيرانية –إسرائيلية، خصوصاً بعدما أدت الأحداث التي عصفت بسوريا إلى تحول «حزب الله» قوة إقليمية وجيشاً متحركاً ظهرت أدواره أيضاً في العراق واليمن.
  • التطبيق الصارم للقرار 1701 يحرم «حزب الله» من فرصة الدخول في مناوشات مباشرة مع الجيش الإسرائيلي ويقلص بالتالي من حجم دوره الإقليمي.
مقاتلون من «حزب الله» وسكان يحتفلون بخروج إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 (غيتي)
مقاتلون من «حزب الله» وسكان يحتفلون بخروج إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 (غيتي)
  • من الصعب على «حزب الله» العثور على بديل لجبهة جنوب لبنان. فانتشاره العسكري في سوريا محكوم في النهاية باعتبارات روسية فضلاً عن حسابات السلطات السورية التي تأمل في توسيع سيطرتها على الأراضي السورية وعدم تكرار مشاهد جنوب لبنان على أراضيها.
  • دور بعض فصائل «الحشد الشعبي» في العراق لا يمكن أن يشكل بديلاً لدور «حزب الله» في لبنان، خصوصاً مع غياب أي تماس جغرافي مع إسرائيل. ويمكن قول الشيء نفسه عن دور الحوثيين وترسانتهم.

ولفتت المصادر إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو التي تعتبر مواجهاتها الحالية في غزة ولبنان جزءاً من «حرب وجودية» قد تكون مستعدة لتوجيه ضربات قاتلة يمكن أن تعرض لبنان نفسه لأخطار تتعلق بمستقبله.

كما أن التصريحات الأميركية حتى الآن توضح أن واشنطن تؤيد «عملية عسكرية إسرائيلية محدودة لإبعاد الحزب وإيران عن أراضيها»، كما تقرأها المصادر.

وربما لهذا السبب يصعب الاعتقاد أن إسرائيل مستعدة لوقف النار من دون تحقيق أهداف، هي في حدها الأدنى إبعاد الحزب وقواته إلى ما وراء الليطاني وفرض العودة إلى تطبيق صارم للقرار 1701.


مقالات ذات صلة

دعم أوروبي لطروحات واشنطن بشأن توسيع لجان التفاوض اللبنانية-الإسرائيلية

المشرق العربي ركام ناتج عن استهداف إسرائيلي لقيادي بـ«حماس» في مدينة صيدا عاصمة جنوب لبنان 4 أبريل (إ.ب.أ)

دعم أوروبي لطروحات واشنطن بشأن توسيع لجان التفاوض اللبنانية-الإسرائيلية

ترى أوساط أوروبية أن تثبيت الاستقرار يحتاج إلى إطلاق مسار من المحادثات، يفضي في النهاية إلى «احترام لأمن إسرائيل واحترام للسيادة اللبنانية».

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس خلال مؤتمر صحافي بالقصر الجمهوري في فبراير الماضي (أرشيفية-أ.ب)

لبنان يؤكد لأورتاغوس تمسكه بنزع سلاح «حزب الله»

يترقب لبنان ما ستحمله نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس العائدة من تل أبيب، في جولتها الحالية على المسؤولين اللبنانيين.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 3 أبريل 2025 تظهر فلسطينيين ينقلون أمتعتهم أثناء نزوحهم من حي الشجاعية شرق مدينة غزة في أعقاب أمر الإخلاء الذي أصدره الجيش الإسرائيلي (د.ب.أ) play-circle

الجيش الإسرائيلي يوسع عمليته البرية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم (الجمعة)، توسيع عمليته البرية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية قرب الحدود اللبنانية (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصر من «حزب الله» في علما الشعب بجنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ الخميس غارة جوية استهدفت عنصراً من «حزب الله» في بلدة علما الشعب جنوب لبنان، في أحدث ضربة له على لبنان خلال الأيام الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي ضربات إسرائيلية تدمّر مركزاً صحياً ﻟ«حزب الله» في جنوب لبنان

ضربات إسرائيلية تدمّر مركزاً صحياً ﻟ«حزب الله» في جنوب لبنان

دمّرت إسرائيل، الخميس، مركزاً صحياً تابعاً لجماعة «حزب الله» في بلدة الناقورة اللبنانية القريبة من الحدود.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

حملة أمنية لـ«قسد» لملاحقة «داعش» بمخيم روج

عناصر أمنية تفتش خيمة في مخيم روج (الشرق الأوسط)
عناصر أمنية تفتش خيمة في مخيم روج (الشرق الأوسط)
TT
20

حملة أمنية لـ«قسد» لملاحقة «داعش» بمخيم روج

عناصر أمنية تفتش خيمة في مخيم روج (الشرق الأوسط)
عناصر أمنية تفتش خيمة في مخيم روج (الشرق الأوسط)

بدأت قوى الأمن الداخلي التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، فجر السبت، حملة أمنية ضد أذرع وخلايا تنظيم «داعش» النائمة في مخيم روج، الخاص بزوجات وعائلات التنظيم الذي يقع أقصى شمال شرقي سوريا، بعد مقتل امرأة وطفل، ووقوع سلسلة حوادث أمنية وتصاعد الاغتيالات التي شهدها هذا المخيم خلال الأشهر الماضية.

واتهمت قوى الأمن (الأسايش) -عبر بيان نشر على معرفاتها- استغلال خلايا «داعش» الظروف الأمنية بعد سقوط النظام السابق، «في محاولة من هذه الخلايا لإعادة ترتيب صفوفها، وتنفيذ مخططات إجرامية، تستهدف ضرب الأمن والاستقرار بالمخيم ومحيطه»، بعد ارتفاع حالات التهديد بالقتل والاعتداء على نساء أخريات أقل تطرفاً، بعدما خلعن الحجاب ووضعن مساحيق تجميل، وشملت الحملة عشرات الاعتقالات وتفتيش الخيام بشكل دقيق.

مؤتمر صحافي لقوى الأمن الداخلي في مخيم روج شمال شرقي سوريا وإعلان حملة أمنية بعد مقتل امرأة وطفل (الشرق الأوسط)
مؤتمر صحافي لقوى الأمن الداخلي في مخيم روج شمال شرقي سوريا وإعلان حملة أمنية بعد مقتل امرأة وطفل (الشرق الأوسط)

وأعلنت بيري عمر، وهي قيادية في «الأسايش» وقوع جريمة قتل ليلة الجمعة- السبت، بعدما شهد المخيم محاولات تسلسل نفذتها خلايا التنظيم للوصول إلى داخله، والتي شكَّلت تهديداً على حياة عناصر الحراسة، وروعت قاطنيه، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» قيام «هذه الخلايا بدم بارد بقتل امرأة وطفل، والاعتداء في وضح النهار على عدد من النساء والأطفال».

ومخيم روج الواقع بريف بلدة المالكية أو «ديريك» -حسب تسميتها الكردية- يتبع محافظة الحسكة، ويقطنه نحو 2640 فردا جلهم من الأطفال ومن ضمنهم 850 امرأة أجنبية من جنسيات مختلفة، وهم عائلات عناصر كانوا في صفوف «داعش» يتحدرون من جنسيات غربية وعربية وعدد قليل من اللاجئين العراقيين ونازحين سوريين، وشهد عدداً من الاختراقات الأمنية، على الرغم من الحراسة المشددة وعزله في منطقة محمية.

وتأتي هذه التحركات في إطار سعي التنظيم المستمر لتحريك خلاياه النائمة داخل المخيم وفي محيطه، حسب المسؤولة الأمنية بيري عمر، وأوضحت أن هذه التهديدات تتصاعد؛ نظراً لما يمثله مخيما روج والهول من أهمية استراتيجية لوجود مؤيدين وأنصار كانوا في صفوف التنظيم سابقاً، وتابعت قائلة: «لمواجهة هذه التهديدات نفذت قواتنا عمليات استباقية أفشلت عدداً من المخططات الإرهابية، وكبَّدت خلايا (داعش) خسائر فادحة في محاولاتها لبث الفوضى وزعزعة الأمن»، منوهة بأن الحملة مستمرة حتى تحقيق أهدافها دون الخوض في مزيد من التفاصيل والخسائر التي تحدثت عنها.

عناصر أمنية نسائية تابعة لـ«قسد» (الشرق الأوسط)
عناصر أمنية نسائية تابعة لـ«قسد» (الشرق الأوسط)

القبض على مهرب مهاجرات

ونجحت قوات «قسد» في إلقاء القبض بداية الشهر الحالي على عناصر خلية موالية لـ«داعش» في بلدة الشدادي جنوب شرقي الحسكة، تعمل على تهريب نساء التنظيم من مخيمي الهول وروج، وذكر المركز الإعلامي لـ«قسد» في بيانه أن الجماعة كان يقودها المدعو أبي غازي ظاهر الفيان؛ حيث كان عضواً بارزاً؛ حيث تولى مهام تهريب العناصر الموالية للتنظيم خاصة النساء الأجنبيات المهاجرات.

وشددت بيري عمر على أن هذه الحملات الأمنية مستمرة لمكافحة وإحباط كل محاولات «داعش» الإرهابية، بغية ضمان الأمن والاستقرار لقاطني المخيمات وسكان المناطق المحيطة، وأكدت أن هذه الحملة: «لن تتوقف حتى يتم اجتثاث آخر خلية إرهابية تُهدد حياة الأبرياء، وأن حماية أهلنا وبسط الأمن سيظلان أولويتنا التي لن نحيد عنها»، على حد تعبيرها.

وحذَّرت الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا من بطء استجابة الدول التي لديها رعايا في مخيمي الهول وروج، مشيرة إلى حجم وخطورة بقاء هذه الأعداد الكبيرة، خصوصاً النساء اللواتي كنَّ قياديات في جهاز «الحسبة»، الذراع النسائية لتنظيم «داعش»، مع أطفالهن في هذه الخيام المتهالكة.

وأكدت الإدارة زيادة أعمال العنف التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة؛ حيث سجَّل مخيم الهول أكثر من 150 جريمة، في حين سجل مخيم روج أقل من 10 حالات قتل وعشرات حالات التهديد بالقتل.

خلال الحملة الأمنية في مخيم روج (الشرق الأوسط)
خلال الحملة الأمنية في مخيم روج (الشرق الأوسط)

بينما يشرح مدير المخيم، رشيد عمر، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» التدابير الأمنية المتخذة لحماية المخيم وقاطنيه: «المخيم عبارة عن 4 قطاعات، قطاع قديم والقطاع الأول والثاني وقطاع رابع حديث خاص باللاجئين العراقيين، وهذه التقسيمات تخدم السيطرة الأمنية المحكمة»، وكشف هذا الإداري عن أن القوى الأمنية نجحت في إحباط هذه التحركات لوجود أبراج مراقبة وكاميرات حرارية حساسة ترصد أي تهديد أمني ونقاط تفتيش جوالة ليلاً ونهاراً. لافتاً إلى أنهم تلقوا تقارير استخباراتية تُفيد بأن أفراد هذه القطاعات نظموا أنفسهم، وشكلوا 6 مجموعات، بينها مجموعتان من الفتية أعمارهم تراوحت بين 16 و17 عاماً، ومجموعات نسائية متطرفة، وأوضح عمر: «كيف قامت هذه المجموعات بالانتشار داخل المخيم لشن هجمات إرهابية واستهداف الأمن؛ حيث نفذت تلك المجموعات حالات عصيان وشغب في محاولة لنجاح الهروب الجماعي». وشدد مدير المخيم على إحباط جميع هذه المحاولات، على الرغم من التطورات الأمنية التي شهدتها المنطقة بشكل عام والهجمات المتكررة.

وكانت الأمم المتحدة قد حذَّرت بدورها مراراً وتكراراً من تدهور الوضع الأمني في مخيمي الهول وروج اللذين صارا بمثابة مدينة خيام حقيقية، يعيش فيها ما يقرب من 60 ألف شخص، 93 بالمائة منهم من النساء والأطفال، في منطقة تعيش حالة حرب منذ سنوات.