في 2 أبريل (نيسان) الحالي، كشف مؤتمر «سينماكون» عن أول مُقدّمة إعلانية عن الفيلم المقبل «سوبرمان».
في الحقيقة ليست مقدّمة إعلانية كتلك التي نجدها على الإنترنت، بيد أنه فيلم من 5 دقائق يحتوي على مشهدين من الفيلم المنتظر عرضه في 11 يوليو (تمّوز) المقبل.
جرت العادة على عرض مقتطفات من الأفلام الكبيرة المقبلة، لأغراض تتعلَّق جزئياً بالإعلام، وأساساً بوصفه نوعاً من طمأنة العاملين في المهنة، وفي مقدّمتهم أصحاب صالات السينما، بالجديد والمتجدد.
المقطع الذي اختير يُرينا «سوبرمان» جديداً وهو مستلقٍ على بساط من ثلوج كوكب كريبتون. وجهه متورّم، والدماء تنزف من فمه وهو يئن من الألم.
هذا وحده كان مثار تعجُّب البعض: هل سوبرمان في كوكبه، وقبل نزوله إلى الأرض كان شخصاً يشعر بالألم ويئن من الألم؟ وما هو هذا الكلب «المريخي» الذي يقفز فوق صدر سوبرمان فيئن هذا بمزيد من الألم؟ ومن ثَمّ عندما تحيط به 4 روبوتات لعلاجه مما ألمَّ به (دون أن ندري بعد ما الذي حدث له)، ويخبرونه بأن أشعة «الشمس الصفراء» ستشفيه على الفور. هل سوبرمان هنا بحاجة فعلاً للروبوتات ليُعيدوه سالماً؟ ما الذي حدث للرجل المصنوع من الفولاذ؟
المخرج الخطأ
رغم عرض مشاهد أخرى سريعة لـ«سوبرمان إن أكشن»، نراه فيها يواجه وحشاً يبثُّ النار، ونُتابعه وهو يطير بمحبوبته ومن دونها، بيد أن المشهد المذكور أثار اللغط من حوله، فيما إذا كان الفيلم في سعيه للاختلاف والتَّجديد سيُقدِّم سوبرمان على نحوٍ يختلف عن التقليد إلى قدرٍ كبير ويناوئ ما اعتاد الجمهور عليه من بطله المفضل. سيُقدمه إنساناً يتألم ويضعف ويتعب. إذا ما كانت تلك المقدّمة هي أكثر من مجرد مشاهد أولى وأقرب لأن تكون عنواناً للصورة الجديدة المقبلة.
أثار المقطع انقساماً بين منتقدين وجدوه أقل تعبيراً عن سوبرمان، وآخرين وجدوا المقطع واقعياً لدرجة كافية، وأن المخرج جيمس غن (Gunn) يعلم ما يقوم به، ولا خوف من معالجة جديدة للبطل المغوار.
كلا الفريقين تفاعل سلباً أو إيجاباً، من دون سند أو معرفة؛ إذ لا يمكن لهذا المقطع الإفصاح عن فيلم ستمتد مدَّة عرضه لساعتين على الأقل. الغالب أن مُدمني الإنترنت سعوا لإسماع أصواتهم لمجرد الرغبة في ألا يبتعدوا عن دائرة النقد والانتقاد.
في كل الحالات، المهمّة المنتظرة لسوبرمان هي أصعب من المهام التي سيسردها الفيلم. ففي السنوات القليلة الماضية دُمج سوبرمان بين أبطال خارقين آخرين في فيلمين رديئين من إخراج زاك سنايدر، هما: «عصبة العدالة» (Justice League) في 2017، و«عصبة العدالة حسب زاك سنايدر» سنة 2021. وكان المخرج نفسه أنجز «رجل الفولاذ» سنة 2013، و«باتمان ضد سوبرمان» في 2016.

لكن زاك سنايدر لم يكن الاختيار الصحيح لدى المعجبين والمدافعين عن صورة سوبرمان على الشاشة. كعادة أفلامه السابقة (من بينها «300» و«أسطورة الحرس» و«فجر الموتى»)، يُركِّز المخرج على التقنيات ويهمل تناول الشخصيات بعمق أو الأحداث على النحو نفسه من الجدّية. أمرٌ يجيده ريدلي سكوت، وكريستوفر نولان، وجيمس كاميرون، ومخرج سلسلة «لورد أوڤ ذا رينغز» بيتر جاكسن.
تنافس بين عملاقين
هذه الصورة بلغت أوجها عندما حقّق ريتشارد دونر سنة 1978 فيلم «سوبرمان» من بطولة كريستوفر ريف، ونضجت أكثر عندما تسلم المهمّة ريتشارد ليستر في الجزء الثاني سنة 1980. هذان الفيلمان ما زالا أفضل عملين عن تلك الشخصية إلى اليوم، وفيهما مزج بليغ ما بين الأسطورة، والكوميديا، والبطولة، والرومانسية.
إلى ذلك، ما زال الممثل كريستوفر ريف (1952-2004) أفضل من مثَّل هذا الدور؛ إذ أجاد أداء الشخصية ذات الوجهين: البطل الطائر، والمصوّر الصحافي المتلعثم.
هذا الفيلم هو معالجة جيمس غن الأولى لشخصية الكوميكس المنشورة في مؤسسة «دي سي» (DC) التي هي المنافس الأهم لمؤسسة «مارڤل» (Marvel). «وورنر» هي الموزِّع والمموِّل لسوبرمان، في حين أن ديزني هي التي تُشرف على إنتاج شخصيات «مارڤل» وتوزيعها.
في السنوات الأخيرة عانت «وورنر» من نتائج تجارية مخيبة للآمال لعدد من شخصياتها مثل «ذَا فلاش»، و«شازام»، و«بلاك آدم»، وغالب ما حققه زاك سنايدر لحسابها. هذا ما حدا بها لطلب معونة المخرج غن في سلسلة «حرَّاس المجرَّة» لحساب «ديزني». حين انتقل غن إلى العمل لحساب «وورنر» نقل معه معرفة الكيفية التي تشتغل بها «ديزني» و«مارڤل»، وأسباب نجاح أفلامهما (من بينها شخصيات «كابتن أميركا»، و«فلاش غوردون» و«جستيس ليغ»).
هذا ما أرادته «وورنر» من غن، وهذا ما وفَّره المخرج لها، ما إن عُيِّن مسؤولاً مباشراً عن تحويل شخصيات «دي سي» إلى أفلام ناجحة، أولها مستقبلاً، هو هذا الفيلم الذي أراد المخرج أن يكون باكورة أعماله وقرر ألا يكتفي بدور المنتج بل اختار نفسه مخرجاً له أيضاً.
لا يمكن الحكم على التريلر أو على أي مقطع لا تزيد مُدَّة عرضه على 5 دقائق، لقراءة ما سيكون الفيلم عليه، لكن حسب ما تردَّد في «سينماكون» فإن «وورنر» واثقة بأنها ستُنجز نجاحاً غير مسبوق منذ أيام سوبرمان الأول في الثمانينات.