إسرائيل تبدأ عملية برية «محدودة» في جنوب لبنان بإسناد جوي ومدفعي

الأمم المتحدة: لا نريد رؤية اجتياح برّي من أي نوع كان

TT

إسرائيل تبدأ عملية برية «محدودة» في جنوب لبنان بإسناد جوي ومدفعي

تجهيزات عسكرية إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان (رويترز)
تجهيزات عسكرية إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي فجر اليوم (الثلاثاء)، أنّه شنّ عملية «برية محدودة وموضعية ومحدّدة الهدف» في جنوب لبنان، ضد أهداف تابعة لـ«حزب الله»، وذلك على الرغم من الدعوات الدولية للتهدئة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة «إكس»، إن الفرقة 98 بدأت أنشطة موجهة ومحددة في منطقة جنوب لبنان. ونشر فيديو يظهر تحضيرات الجيش الإسرائيلي على الحدود، وأضاف: «قوات الفرقة 98، ومن بينها قوات لواء الكوماندوز والمظليين والمدرعات من اللواء 7، أجرت الاستعدادات على مدار الأسابيع الأخيرة لتنفيذ عملية برية في جنوب لبنان، والتي بدأت الليلة الماضية (الاثنين). قبل بدء العملية نفذت القوات التدريبات المعنية».

وعلى وقع هذا التطور الخطير، استهدفت سلسلة غارات جوية إسرائيلية فجر الثلاثاء دمشق، مما أسفر وفقاً للإعلام الرسمي السوري عن مقتل 3 مدنيين، بينهم إعلامية في التلفزيون الحكومي.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان نشره فجر الثلاثاء، نحو الساعة الثانية (23:00 ت غ الاثنين)، إنّ قواته بدأت «قبل ساعات قليلة» توغلها في الأراضي اللبنانية بإسناد جوي ومدفعي.

تهديد فوري

وأضاف أنّ هذا التوغّل يستهدف «أهدافاً وبنى تحتية إرهابية تابعة لـ(حزب الله) في جنوب لبنان». كما أشار إلى أنّ هذه الأهداف تقع «في عدد من القرى القريبة من الحدود والتي ينطلق منها تهديد فوري وحقيقي للبلدات الإسرائيلية في الحدود الشمالية».

جنود إسرائيليون نائمون على دبابات في منطقة تجمع بشمال إسرائيل على الحدود اللبنانية (أ.ب)

وأوضح أنّ هذه العملية البرية تتمّ وفق «خطة مرتّبة تمّ إعدادها في هيئة الأركان العامة، وفي القيادة الشمالية، التي تدربت القوات لها على مدار الأشهر الأخيرة».

ولفت إلى أنّه «تمّت الموافقة على مراحل الحملة، ويتمّ تنفيذها وفقاً لقرار المستوى السياسي».

وشدّد الجيش الإسرائيلي في بيانه، على أنه «يواصل القتال والعمل لتحقيق أهداف الحرب، ويبذل كل ما هو مطلوب من أجل حماية مواطني دولة إسرائيل».

«حزب الله» يستهدف جنوداً إسرائيليين

من جهته، قال «حزب الله» في بيان صدر ليل الاثنين، إنّ مقاتليه استهدفوا «تحركات لجنود إسرائيليين في البساتين المقابلة لبلدتي العديسة وكفركلا بالأسلحة المناسبة، وحقّقوا فيهم إصابات مؤكدة عند الحدود».

وأكد مصدر مقرب من «حزب الله» أن تلك التحركات كانت «عند الحدود» مع لبنان.

ولم يصدر عن «حزب الله» أيّ تعليق فوري على إعلان الجيش الإسرائيلي، أنّه بدأ العملية البرية، لكنّ قناة «المنار» التابعة للحزب نقلت عبر قناتها على تطبيق «تلغرام» مضمون البيان الإسرائيلي، وقالت القناة التلفزيونية إنّ «جيش العدو الإسرائيلي يعلن بدء عملية عسكرية برية محددة في جنوب لبنان».

تظهر صورة التقطت من شمال إسرائيل على طول الحدود مع جنوب لبنان في 30 سبتمبر 2024 حريقاً في أعقاب قصف إسرائيلي على منطقة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

عملية محددة محدودة الزمن

ونقل موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمّهم، قولهم إنّ العملية البرية التي شنّها الجيش الإسرائيلي لتوّه هي «عملية محددة ومحدودة في الزمن والنطاق ولا تهدف إلى احتلال جنوب لبنان».

وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من الاثنين، «مناطق المطلة ومسغاف عام وكفر جلعادي في شمال إسرائيل منطقة عسكرية مغلقة. يمنع الدخول إلى هذه المنطقة».

الجيش اللبناني و«يونيفيل»

وقبيل الإعلان الإسرائيلي، أفاد مصدر بالجيش اللبناني بأنّ «قوات الجيش اللبناني تعيد التمركز وتجميع القوى» في أجزاء من جنوب لبنان قرب الحدود.

كذلك، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الاثنين، إن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل)، لم تتمكن من القيام بدوريات بسبب شدة الضربات الإسرائيلية وصواريخ «حزب الله» التي تستهدف إسرائيل.

وأدت الغارات إسرائيلية الاثنين، على لبنان، إلى مقتل 95 شخصاً على الأقل، بينهم 3 أعضاء في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقائد حركة «حماس» في لبنان فتح شريف أبو الأمين، وجندي لبناني، بحسب مصادر مختلفة.

الدبابات الإسرائيلية في منطقة تجمع بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (أ.ب)

وتتعرض مناطق في جنوب وشرق لبنان، وصولاً إلى ضاحية بيروت الجنوبية، منذ مطلع الأسبوع الماضي، لقصف إسرائيلي كثيف وغير مسبوق منذ بدء التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل قبل نحو عام.

وقتل أكثر من ألف شخص في لبنان وفق السلطات، منذ أن ارتفع مستوى التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل منتصف سبتمبر (أيلول).

واستهدفت 6 غارات جوية إسرائيلية ليل الاثنين إلى الثلاثاء، الضاحية الجنوبية لبيروت، كما أفاد مصدر أمني، وذلك بعيد دعوة الجيش الإسرائيلي سكان 3 أحياء في المنطقة إلى إخلاء منازلهم.

واستهدفت غارة جوية إسرائيلية فجر الثلاثاء في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان منير المقدح، القيادي البارز في الجناح العسكري لحركة «فتح»، لكن من دون أن يتأكد في الحال ما إذا كان المستهدف قد أصيب أم لا.

وأعلنت دول عدة عن إجراءات لإجلاء رعاياها، بما في ذلك استئجار رحلات جوية أو حجز رحلات تجارية بأكملها، بينما أعلنت فرنسا أنّ إحدى سفنها الحربية ستتمركز قبالة الساحل اللبناني «احترازياً»، للمساعدة في إجلاء الرعايا إذا استدعى الأمر ذلك.

قتلى في دمشق

وفجر الثلاثاء، قُتل 3 مدنيين في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت العاصمة السورية دمشق، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري.

وقال المصدر إنّ «العدو الإسرائيلي شنّ عدواناً جوياً بالطيران الحربي والمسيّر من اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفاً عدداً من النقاط في مدينة دمشق»، مشيراً إلى أنّ «العدوان أدّى إلى استشهاد 3 مدنيين وإصابة 9 آخرين بجروح، ووقوع أضرار كبيرة بالممتلكات الخاصة».

من جهته، أعلن التلفزيون السوري الرسمي أنّ إحدى مذيعاته، صفاء أحمد، قُتلت في سلسلة غارات جوية استهدفت العاصمة دمشق ومحيطها فجر دمشق.

وأتى إعلان إسرائيل عن بدء توغّل قواتها في لبنان بعيد إبلاغها الولايات المتحدة أنها بدأت «عمليات محدودة» داخل الأراضي اللبنانية.

ورغم الدعوات الدولية إلى وقف التصعيد، تعهدت إسرائيل مواصلة قتال «حزب الله»، وأعلنت «منطقة عسكرية مغلقة» في أجزاء من حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان.

وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال زيارته جنوداً من وحدة مدرّعة منتشرة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، من أنّ «القضاء على نصر الله خطوة مهمة، لكنّها ليست الأخيرة. ولضمان عودة سكان شمال إسرائيل، سنستخدم كلّ قدراتنا».

ودعا قادة العالم إلى الدبلوماسية ووقف التصعيد.

الأمم المتحدة

وقال ستيفان دوجاريك، الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «لا نريد رؤية اجتياح برّي من أي نوع كان»، بينما صرّح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بأنه يجب تجنب أي عمليات إسرائيلية إضافية في لبنان، عقب اجتماع افتراضي لوزراء خارجية الكتلة.

وفي واشنطن، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يعارض شن إسرائيل عملية برية في لبنان، ودعا إلى وقف إطلاق النار، بينما حضّ وزير الخارجية الفرنسي جان - نويل بارو من بيروت، إسرائيل، على «الامتناع عن أي توغل بري في لبنان»، داعياً كلّاً من الدولة العبرية و«حزب الله» إلى «وقف إطلاق النار».

من جهته، أكد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أن الحزب مستعد «إذا قرر الإسرائيلي أن يدخل برياً».

وبدأ «حزب الله» إطلاق صواريخ على شمال الدولة العبرية في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مؤكداً أنّ ذلك دعماً لحركة «حماس».

وأدى أكثر من 11 شهراً من المواجهات عبر الحدود بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي إلى نزوح عشرات الآلاف في الجانبين.

ومنذ منتصف سبتمبر، نقلت إسرائيل ثقلها العسكري من غزة إلى لبنان، مؤكدة أنها تريد بذلك السماح بعودة عشرات آلاف السكان إلى المناطق الشمالية الحدودية مع لبنان، بعدما فروا منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الدولة العبرية و«حزب الله» غداة هجوم «حماس».

«القدرة والقوة»

من جهتها، أكدت إيران أن «لا داعي لنشر قوات إيرانية مساعدة أو تطوعية» في لبنان وفي غزة، لمواجهة إسرائيل. وقالت وزارة الخارجية إن «حكومتَي لبنان وفلسطين لديهما القدرة والقوة اللازمتَين لمواجهة عدوان النظام الصهيوني».

وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إيران، الاثنين، من أنه لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا يمكن إسرائيل الوصول إليه، مع تواصل الغارات الإسرائيلية على لبنان.

ومنذ انفجار أجهزة اتصال يستخدمها «حزب الله» بلبنان في 17 و18 سبتمبر، في هجومين نُسبا إلى إسرائيل وتكثيف الضربات الإسرائيلية التي أعقبت ذلك، ارتفع عدد القتلى في لبنان إلى أكثر من ألف شخص، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

والاثنين، أعلنت حركة «حماس» أن قائدها في لبنان فتح شريف أبو الأمين، قُتل في غارة بمخيم البص للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان مع زوجته وابنه وابنته. وأكدت إسرائيل لاحقاً أنها قتلته.

وشنّت إسرائيل في الأيام الأخيرة كثيراً من الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية، واستهدفت فجر الاثنين، قلب بيروت للمرة الأولى مذ فتح «حزب الله» قبل عام جبهة «إسناد» غزة.

وأكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مقتل 3 من أعضائها في هذه الغارة بمنطقة الكولا. وأكدت إسرائيل لاحقاً أنها قتلت اثنين من قياديي الجبهة.

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن غارات جوية في الهرمل (شمال شرق)، أدت إلى مقتل 12 شخصاً و6 مسعفين في البقاع (شرق)، بينما ارتفعت حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية قرب صيدا في جنوب لبنان، الأحد، إلى 45 قتيلاً.

تراجع الضربات في قطاع غزة

وعلى الجبهة الجنوبية للدولة العبرية، يواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة المدمر، إلا أن الضربات تراجعت بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة، وفق مراسلين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقُتل في غزة منذ بدء الحرب 41595 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفق بيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة «حماس»، التي تعدّها الأمم المتحدة موثوقة.


مقالات ذات صلة

إنذارات إسرائيلية للبنانيين بإخلاء منازلهم... كيف تضمن سلامتك؟

المشرق العربي أقارب ينتظرون العثور على جثث تحت أنقاض المباني التي دمرتها غارة جوية إسرائيلية في حي عين الدلب شرق مدينة صيدا الساحلية (إ.ب.أ)

إنذارات إسرائيلية للبنانيين بإخلاء منازلهم... كيف تضمن سلامتك؟

منذ بداية تكثيف الجيش الإسرائيلي غاراته على مناطق لبنانية متعددة، خصوصاً قرى الجنوب وشوارع ضاحية بيروت، أصدر متحدثون باسمه إنذارات متعددة للسكان بالإخلاء.

تمارا جمال الدين (بيروت)
المشرق العربي دمار ناتج عن الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مبنى في منطقة بئر حسن على تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

إسرائيل تعلن اغتيال المسؤول المالي في «حزب الله»

أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، اغتيال المسؤول المالي في «حزب الله» محمد جعفر قصير.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي آلية إسرائيلية تتحرك قرب الحدود اللبنانية اليوم (أ.ب)

هدفان لحرب إسرائيل في لبنان... فهل يمكن تحقيقهما؟

مع بدء العملية الحربية الإسرائيلية في جنوب لبنان، التي تتضمن توغلاً برياً متوقعاً، تُطرح تساؤلات في تل أبيب عن مدى إمكانية تحقيق أهدافها.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (حسابه على منصة إكس)

وزير الدفاع الإسرائيلي ناقش التهديد الإيراني «الوشيك» مع نظيره الأميركي

أفاد موقع «أكسيوس» اليوم نقلا عن وزارة الدفاع الإسرائيلية بأن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ونظيره الإسرائيلي يوآف غالانت ناقشا التهديد الإيراني الوشيك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي إصابة سفينتين في هجومين قبالة سواحل اليمن تبناهما المتمردون الحوثيون (إ.ب.أ)

إصابة سفينتين قبالة اليمن في هجومين تبناهما الحوثيون

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية بإصابة سفينتين في هجومين، الثلاثاء، قبالة سواحل اليمن، تبناهما المتمردون الحوثيون، مع تصاعد التوتر الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (دبي)

إسرائيل تفرض منطقة عازلة بالنار جنوب الليطاني... وتدفع سكانها لمسافة 60 كيلومتراً

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري (أ.ب)
TT

إسرائيل تفرض منطقة عازلة بالنار جنوب الليطاني... وتدفع سكانها لمسافة 60 كيلومتراً

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري (أ.ب)

فرض الجيش الإسرائيلي منطقةً عازلةً بالنار في منطقة جنوب الليطاني بجنوب لبنان، تمنع عبور الناس من شمالها، وأرغم ما تبقى من السكان على النزوح إلى مسافة تبعد 60 كيلومتراً عن المنطقة الحدودية، في أوسع عملية إخلاء من نوعها تتزامن مع تضارب حول التوغل البري الذي قالت إسرائيل إنها بدأته، بينما نفى «حزب الله» و«الجيش اللبناني» أي عملية تقدم باتجاه الأراضي اللبنانية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق عملية برية «محدودة» في جنوب البلاد ضد «حزب الله»، وأمر بإخلاء نحو 30 قرية، بعد أسبوع من قصف مكثف طاول أهدافاً للحزب المدعوم من إيران، وأوقع مئات القتلى. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، فجر الثلاثاء، إن جنوده دخلوا جنوب لبنان في إطار «عملية برية محدودة وموضعية ومحدّدة الهدف» ضد «أهداف ومنشآت إرهابية» لـ«حزب الله»، من غير أن يوضح عدد الجنود المشارِكين فيها.

جنود إسرائيليون قرب مدرعة مقاتلة على الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)

لكن «حزب الله» نفى دخول قوات إسرائيلية إلى جنوب لبنان، كما نفى الجيش اللبناني أي توغل. وأوضح الجيش، في بيان، أن «الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب تنفّذ إعادة تموضع لبعض نقاط المراقبة الأمامية ضمن قطاعات المسؤولية المحددة لها»، مؤكداً أن قيادته «تُواصل التعاون والتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)».

مقاتلون معرّضون للاستهداف

وبدت دعوة الجيش الإسرائيلي لإخلاء أكثر من 30 قرية وبلدة تقع جنوب الليطاني، بمثابة دعوة لإخلاء المنطقة بالكامل من المدنيين، وتمهيد للتعامل مع الموجودين فيها بوصفهم «مقاتلين معرّضين للاستهداف»، حسبما قالت مصادر ميدانية في الجنوب لـ«الشرق الأوسط»، مضيفة أن مطالبة النازحين بالخروج إلى منطقة شمال نهر الأولي (المدخل الشمالي لمدينة صيدا والفاصل بين محافظة الجنوب ومحافظة جبل لبنان، على بعد نحو 60 كيلومتراً من الحدود) هي «غير مسبوقة، وتكشف عن نوايا إسرائيلية لتوسعة العملية البرية إلى كامل محافظتَي الجنوب والنبطية، ولن تقتصر على منطقة جنوب الليطاني أو تكون بمثابة عملية محدودة كما زعم الجيش الإسرائيلي».

مروحية إسرائيلية تطلق صواريخ باتجاه الأراضي اللبنانية (رويترز)

ومهّد القصف الإسرائيلي لقطع أوصال الجنوب، بغارات جوية قطعت طرقات رئيسية بين حاصبيا ومرجعيون في الشرق، وهو طريق يُقصف للمرة الثانية بعدما أعاد الجيش اللبناني فتحه في وقت سابق، فضلاً عن فصل قضاءي صيدا وصور في الغرب، عبر استهداف طريق القاسمية الذي أُعيد فتحه.

وتشمل جميع المناطق التي سمّاها الجيش الإسرائيلي، قرى وبلدات واقعة جنوب الليطاني، التي يتوقع أن تكون مسرح العمليات، ولا تلحظ المدن الواقعة جنوب الليطاني، مثل مدينة صور التي لا يزال يسكنها الآلاف من السكان والنازحين. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بعد ظهر الثلاثاء: «لن نذهب إلى بيروت ولا مدن جنوب لبنان»، حسبما أفادت «رويترز».

تجارب بالنار

وتضاربت المعلومات حول طبيعة التوغل البري الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية، وقال الباحث بالشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد: «لا يوجد اجتياح بري حقيقي ولا دروع متقدمة»، مشيراً إلى أن «ما يجري مجرد تجارب بالنار لمعرفة الطرفين نوعية المجموعات المتواجهة».

وقال أسعد لـ«الشرق الأوسط» إن الدخول إلى شبكة أنفاق، حسبما ظهر في الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي، يثبت أن هناك تجارب واستطلاعات ينفّذها الجيش للتيقن من الدفاعات، ونوع المجموعات التي ستقاتله، وهل القيادة والسيطرة لا تزالان موجودتَين، لافتاً إلى أن هذه التجارب «قد تستمر ليومين أو ثلاثة».

ورأى أنه إذا صحّ دخول الجيش في مرات سابقة إلى المنطقة، «فإنه سيكون أكثر حماسة للدخول؛ لأنه لا يجد مَن يواجهه بشكل فعلي».

حرائق ناتجة عن غارات إسرائيلية في العديسة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

عمليات توغل سابقة

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن عمليات التوغل ليست جديدة، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري: «إن القوات الإسرائيلية تنفّذ عمليات في جنوب لبنان منذ أشهر، وكشفت عن أنفاق ومخابئ أسلحة لـ(حزب الله) أسفل منازل، وعن خطط للجماعة اللبنانية لشنّ هجمات»، مشيراً إلى أنها «المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن هذه التفاصيل».

وأضاف أن العشرات من هذه العمليات «كشفت عن خطط تفصيلية لـ(حزب الله) لدخول إسرائيل وتنفيذ هجوم على غرار ما قامت به حركة (حماس) في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي». وقال هاغاري إن النتائج والأدلة التي تم اكتشافها تحت المنازل في قرى بجنوب لبنان خلال العمليات «سيتم تقديمها إلى المجتمع الدولي». كما عرض خرائط ومقاطع مصورة التقطتها كاميرات مثبتة على أجساد الجنود.

قذائف مدفعية حارقة تستهدف منطقة العديسة في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

تحشيدات إضافية

وبموازاة تلك الإعلانات، واصل الجيش تحضيراته للتوغل، إذ قال (الثلاثاء) إنه استدعى 4 ألوية إضافية للمشارَكة في مهمات على طول الحدود الشمالية، وقال الجيش في بيان: «سيتيح ذلك مواصلة النشاط العملياتي ضد (حزب الله)، وتحقيق الأهداف العملياتية، بما فيها العودة الآمنة لسكان شمال إسرائيل إلى منازلهم»، من غير تقديم تفاصيل بشأن استدعاء الألوية الجديدة، علماً بأن لواء المشاة الإسرائيلي يضم عادة من ألف إلى ألفَي جندي، في حين يضم لواء الدبابات المدرعة نحو 100 دبابة.

رجل أمن إسرائيلي يتفقد موقع سقوط صاروخ أطلقه «حزب الله» على طريق سريع قرب كفر قاسم في إسرائيل (رويترز)

استعدادات «حزب الله»

في المقابل، يستعد «حزب الله» للتصدي للغزو البري، وقال مقربون منه إنه «أنهى التعيينات وملأ الشواغر في المواقع القيادية لتشكيلاته» بعد اغتيال مجموعة من القادة العسكريين على مدى أسبوعين بضربات إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية. وقال هؤلاء إن عناصره «منتشرون على الحدود، وفي جهوزية واستعداد كاملَين للتعامل مع أي تطور»، في إشارة إلى العملية البرية المتوقعة.

ووسط قصف إسرائيلي متواصل على مناطق في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت خلال الساعات الأخيرة، أعلن «حزب الله» حتى ظهر الثلاثاء تنفيذ 8 عمليات عسكرية، بينها «صليات صاروخية من نوع (فادي 4) ‏على قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200، ومقر الموساد الذي يقع في ‏ضواحي تل أبيب، وتجمع لقوات العدوّ ‏في ثكنة دوفيف بصاروخ (فلق 2)، وتجمعات لجنود إسرائيليين قرب شتولا وفي المطلة».

ونقلت وسائل إعلام «حزب الله» عن مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب، محمد عفيف، قوله إن «استهداف قاعدة (غليلوت) ومقر (الموساد) بضواحي تل أبيب ليس سوى البداية».