«حزب الله» قوة عسكرية لبنانية مدعومة من إيران... وذات دور إقليمي متنامٍ

ماذا نعرف عن «حزب الله»؟ (أ.ب)
ماذا نعرف عن «حزب الله»؟ (أ.ب)
TT

«حزب الله» قوة عسكرية لبنانية مدعومة من إيران... وذات دور إقليمي متنامٍ

ماذا نعرف عن «حزب الله»؟ (أ.ب)
ماذا نعرف عن «حزب الله»؟ (أ.ب)

طوّر «حزب الله» الذي قتلت إسرائيل أمينه العام حسن نصر الله، في غارة على ضاحية بيروت الجنوبية، ترسانته العسكرية منذ الحرب المدمرة التي خاضها صيف 2006 ضد الدولة العبرية، واكتسب دوراً إقليمياً متنامياً.

وقد أعلنت إسرائيل السبت أنها قتلت حسن نصر الله، وأكد الحزب ذلك في بيان.

ويعدّ «حزب الله»، وهو القوة اللبنانية الوحيدة غير القوى الأمنية الرسمية التي تملك ترسانة سلاح ضخمة، المكوّن الأكثر نفوذاً بين تشكيلات ما يُعرف بـ «محور المقاومة» الذي تقوده طهران، ويضمّ إلى الحزب حركة «حماس» الفلسطينية، والمتمردين الحوثيين في اليمن، وفصائل عراقية وأخرى سورية، وفق تقرير أعدته «وكالة الصحافة الفرنسية».

يرفع أنصار «حزب الله» الشيعي اللبناني المدعوم من إيران صوراً لزعيم الجماعة حسن نصر الله خلال تجمعهم لحضور خطابه (أ.ف.ب)

ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة إثر هجوم لحركة «حماس» داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، يشنّ «حزب الله» هجمات يومية من جنوب لبنان على إسرائيل، يقول إنه يستهدف بها مواقع عسكرية، ويردّ الجيش الإسرائيلي بقصف ما يصفه بأنه «بنى عسكرية» تابعة للحزب ويستهدف قيادييه.

وفي الأشهر الأخيرة، ألحقت إسرائيل خسائر كبيرة في صفوف قياديي «حزب الله». وقُتل خصوصاً فؤاد شكر، أحد كبار قادته العسكريين في 30 يوليو (تموز) في غارة نسبت إلى إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية.

ومقتل نصر الله سيشكل ضربة غير مسبوقة للحزب.

التأسيس و«مقاومة» إسرائيل

تأسّس «حزب الله» بمبادرة إيرانية بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. وعرف انطلاقته الأولى في منطقة البقاع قبل أن يتوسع إلى مناطق لبنانية أخرى، وخصوصاً جنوب البلاد وضاحية بيروت الجنوبية. لكن لم يُعلن عن تأسيسه حتى عام 1985.

وبنى الحزب الذي يؤكد أن مرجعيته هي «ولاية الفقيه»، عقيدته السياسية على أساس مقاومة إسرائيل.

ويعد «حزب الله» رأس الحربة في انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000 بعد احتلال دام 22 عاماً.

وخاض الحزب الذي يتلقى المال والسلاح من طهران وتسهّل سوريا نقل أسلحته وذخائره، حرباً ضد إسرائيل في عام 2006، اندلعت إثر خطفه جنديين بالقرب من الحدود مع لبنان.

وردّت إسرائيل بهجوم مدمر، إلا أنها لم تنجح في تحقيق هدفها المعلن في القضاء على «حزب الله»، ما أظهره في نهاية الحرب داخلياً بموقع المنتصر.

تشييع قتلى جراء قصف إسرائيلي على الكرك بالبقاع شرق لبنان (أ.ف.ب)

وتسببت الحرب على مدى 33 يوماً بمقتل 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون، و160 إسرائيلياً غالبيتهم عسكريون.

وانتهت الحرب بصدور القرار الدولي 1701 الذي أرسى وقفاً للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله»، وعزز انتشار قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل).

وبموجبه، انتشر الجيش اللبناني للمرة الأولى منذ عقود عند الحدود مع إسرائيل، بهدف منع أي وجود عسكري «غير شرعي» عليها.

لكن بقي معروفاً على نطاق واسع أن «حزب الله»، وإن اختفى لفترة وجوده العسكري العلني في المنطقة الحدودية، ظلّ موجوداً فيها ويسيطر عليها بشكل كامل.

ومنذ حرب 2006، طوّر «حزب الله» ترسانته من الأسلحة إلى حد بعيد، وباتت تضمّ صواريخ موجهة وأخرى دقيقة.

وأصبح نصر الله الذي أكد سابقاً أن الحزب لديه 100 ألف مقاتل، أميناً عاماً بعد اغتيال إسرائيل سلفه عباس الموسوي في عام 1992.

سوريا ونزاعات إقليمية

خلال العقد الأخير، تحوّل «حزب الله» تدريجياً إلى لاعب مهم على مستوى المنطقة، وعنصر أساسي في «محور المقاومة».

في العراق، وخصوصاً بعد سقوط النظام السابق برئاسة صدام حسين، قدّم «حزب الله» على مدى سنوات الدعم والتدريب إلى فصائل مسلحة موالية لإيران تبنّت منذ أكتوبر هجمات عدّة ضدّ قوات التحالف الدولي وقوات أميركية في سوريا والعراق.

في اليمن، يُتهم «حزب الله» بدعم الحوثيين الذين ينفذون منذ بدء الحرب هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، ما استدعى ضربات من الولايات المتحدة وحلفائها.

يرفع أنصار «الحوثي» علم «حزب الله» خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

في عام 2013، أعلن «حزب الله» مشاركته بشكل علني في النزاع في سوريا المجاورة، إلى جانب قوات النظام. وهناك، طوّر مقاتلو الحزب خبرتهم وقدراتهم العسكرية.

معترك السياسة

في لبنان، يشكّل «حزب الله» قوة سياسية أساسية. ويتهمه خصومه بأنه يتحكّم في «قرار السلم والحرب» في البلاد، ويشكّل «دولة ضمن الدولة».

بعد انتهاء الحرب اللبنانية (1975- 1990)، رفض «حزب الله» التخلي عن أسلحته كما فعلت الميليشيات اللبنانية الأخرى، بحجّة مقاومة إسرائيل.

ويأخذ خصوم الحزب عليه أنه يستخدم السلاح وسيلة ضغط على الحياة السياسية اللبنانية، وللتحكم في القرارات المصيرية.

شارك الحزب في الحكومة اللبنانية للمرة الأولى عام 2005، ولا يزال حاضراً في الحكومة وفي البرلمان؛ حيث لا يحظى أي طرف بغالبية، ما يعيق انتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ نحو عامين.

وتصاعدت شعبية «حزب الله» ونفوذه في أوساط الطائفة الشيعية بشكل كبير؛ لا سيما بعد تأسيسه شبكة خدمية واسعة، تضم مستشفيات ومدارس وتعاونيات وجمعيات تابعة له.

وتتهم واشنطن الحزب بتفجير مقرَّي القوات الأميركية والفرنسية في أكتوبر 1983 في بيروت، ما أسفر عن مقتل 300 عنصر من هذه القوات، وفي وقت لاحق عن انسحاب هذه القوات من لبنان.

وتصنّف الولايات المتحدة «حزب الله» منظمة إرهابية منذ عام 1997. وفي عام 2013 وضع الاتحاد الأوروبي ما وصفه بـ«الجناح العسكري» لـ«حزب الله» على لائحته لـ«المنظمات الإرهابية».

وأعلنت وزارة العدل الأميركية في يناير (كانون الثاني) 2018 إنشاء وحدة خاصة للتحقيق «حول تمويل (حزب الله) والاتجار في المخدرات».

وتفرض واشنطن عقوبات على عدد من قادة الحزب.

ودانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عنصرين من «حزب الله» بالضلوع في مقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، في عملية تفجير استهدفت موكبه في بيروت عام 2005. وحكمت عليهما بالسجن مدى الحياة غيابياً عام 2022.


مقالات ذات صلة

ماذا كشف سقوط الأسد عن تجارة «الكبتاغون» في سوريا؟

المشرق العربي أقراص من «الكبتاغون» مبعثرة بعد العثور عليها قرب العاصمة السورية دمشق الأسبوع الماضي (رويترز) play-circle 02:40

ماذا كشف سقوط الأسد عن تجارة «الكبتاغون» في سوريا؟

منذ سقوط الرئيس السوري بشار الأسد تم الكشف عن منشآت تصنيع مخدر «الكبتاغون» على نطاق واسع في جميع أنحاء سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)

العثور على جثث مجهولة الهوية في منطقة السيدة زينب بدمشق

أعلن عضو مجلس إدارة في الدفاع المدني السوري، عمار السلمو، اليوم الأربعاء، أن فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان السويسري في العاصمة برن (أ.ف.ب)

البرلمان السويسري يحظر «حزب الله»

صوّت البرلمان السويسري، اليوم الثلاثاء، لصالح حظر «حزب الله» في خطوة يندر أن تقوم بها الدولة المحايدة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
تحليل إخباري رجل يحمل راية «حزب الله» على مبانٍ مدمرة في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)

تحليل إخباري الحرب الإسرائيلية وسقوط الأسد أفقدا «حزب الله» معادلة التحكّم بالاستحقاق

فرضت الحرب الإسرائيلية على لبنان وسقوط الأسد واقعهما على استحقاق انتخابات الرئاسة اللبنانية وأفقدا «حزب الله» وحلفاء النظام السوري قدرة التحكّم بانتخاب الرئيس.

يوسف دياب
المشرق العربي شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

الدمار والتعويضات يخلقان نقمة في بيئة «حزب الله»

خلقت أزمة الدمار الكبير في جنوب لبنان والالتباس حول تعويض المتضررين نقمة بدأت تخرج إلى العلن في بيئة «حزب الله». وظهرت ملامح تململ في رفض البعض العودة إلى الضاح

كارولين عاكوم (بيروت)

حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
TT

حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)

خارج المخيمات باشر القائد العام للحكم الجديد في سوريا، أحمد الشرع، رسم معالم حكومته الأولى بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. ومنح الشرع منصب وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة لحليف وثيق له من مؤسسي «هيئة تحرير الشام» هو أسعد حسن الشيباني، ووزير الدفاع لحليف آخر هو مرهف أبو قصرة (أبو الحسن 600)، فيما ضم أول امرأة لحكومته هي عائشة الدبس التي خُصص لها مكتب جديد يُعنى بشؤون المرأة.

وجاءت هذه التعيينات في وقت باشرت فيه حكومات أجنبية اتصالاتها مع الحكم الجديد في دمشق وغداة إعلان الولايات المتحدة أنَّها رفعت المكافأة التي كانت تضعها على رأس الشرع بتهمة التورط في الإرهاب، البالغة 10 ملايين دولار.

وعقد الشرع اجتماعاً موسعاً أمس مع قادة فصائل عسكرية «نوقش فيه شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»، بحسب ما أعلنت القيادة العامة التي يقودها زعيم «هيئة تحرير الشام».

وتزامنت هذه التطورات مع إعلان «الجيش الوطني» المتحالف مع تركيا أنَّ مقاتليه يتأهبون لمهاجمة «الوحدات» الكردية شرق الفرات، في خطوة يُتوقع أن تثير غضباً أميركياً. وفي هذا الإطار، برز تلويح مشرعين أميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بفرض عقوبات على تركيا إذا هاجمت الأكراد السوريين.