هل يفضي التلازم بين جبهتي جنوب لبنان وغزة إلى هدنة؟

إيران تظهر سياسة الانفتاح باعتمادها الدبلوماسية الناعمة

هل تنجح الوساطة الأميركية الفرنسية في التوصل إلى هدنة مؤقتة تمهيداً لوقف دائم للقتال في غزة وجنوب لبنان؟ (أ.ف.ب)
هل تنجح الوساطة الأميركية الفرنسية في التوصل إلى هدنة مؤقتة تمهيداً لوقف دائم للقتال في غزة وجنوب لبنان؟ (أ.ف.ب)
TT

هل يفضي التلازم بين جبهتي جنوب لبنان وغزة إلى هدنة؟

هل تنجح الوساطة الأميركية الفرنسية في التوصل إلى هدنة مؤقتة تمهيداً لوقف دائم للقتال في غزة وجنوب لبنان؟ (أ.ف.ب)
هل تنجح الوساطة الأميركية الفرنسية في التوصل إلى هدنة مؤقتة تمهيداً لوقف دائم للقتال في غزة وجنوب لبنان؟ (أ.ف.ب)

يبقى مصير الهدنة المؤقتة، ومدتها ثلاثة أسابيع عالقاً على تجاوب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع الجهود الدولية التي تتصدرها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وتلقى دعماً بلا شروط من غالبية رؤساء وقادة الدول المشاركين في الدورة العادية للأمم المتحدة، على أن تشكل حافزاً للبحث في تطويرها بإيجاد الصيغ السياسية على جبهتي الجنوب وغزة، لتحويلها إلى وقف مستدام لإطلاق النار، وقطع الطريق على إصرار تل أبيب، من خلال اجتياحها الجوي للعدد الأكبر من البلدات الجنوبية والبقاعية، على استدراج «حزب الله» لتوسيع الحرب التي يمكن أن تتمدّد تلقائياً إلى الإقليم.

فنتنياهو، بانتقاله إلى نيويورك، لا يزال يمعن في تدميره الممنهج والمدروس لهذا العدد الكبير من البلدات الجنوبية والبقاعية، ما أدى إلى استشهاد العشرات وجرح المئات من المدنيين، وتفريغ معظمها من سكانها تحت ذريعة ضرب البنى العسكرية لـ«حزب الله»، لفرض شروطه في أي تسوية، على قاعدة تغيير الوضع الميداني على الأرض، بما يسمح له بإعادة النازحين إلى الشمال الإسرائيلي، رغم أنه لا إمكانية لعودتهم إلا بالتوصل لوقف النار على جانبي الحدود بين البلدين، وهذا ما أكدته له واشنطن في أكثر من مناسبة.

استجابة لبنانية

في المقابل، فإن لبنان، بلسان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبدعم من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالإنابة عن حليفه «حزب الله»، لم يتردد في الاستجابة للنداء الصادر عن الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتوصل لهدنة مؤقتة تحظى بتأييد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

ويُفترض أن تؤدي الهدنة المؤقتة على جبهة الجنوب وامتداداً لغزة، إلى إطلاق المفاوضات للتوصل إلى وقف مستدام للنار، يُدعّم باتفاقين سياسيين يتم التوافق عليهما ويشمل الجبهتين في آن معاً وبشكل متلازم، يُسقط ذريعة «حزب الله» بالربط بينهما، ويعفيه من إحراجه أمام بيئته، طالما أن وقف النار تزامن مع مثيله على الجبهة الغزاوية.

ومن الطبيعي، في حال التوصل إلى هدنة، أن يتولى بري معاودة التفاوض مع الوسيط الأميركي أموس هوكستين لاستكمال ما كان بدأه معه، فيما يأخذ الثلاثي الأميركي - المصري - القطري على عاتقه رعاية المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و«حماس» للتوصل لاتفاق سياسي يسمح بتحويل الهدنة إلى وقف للنار في غزة.

تلازم بين الجنوب وغزة لتفادي إحراج الحزب

وفي هذا السياق، تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن تفويض بري بالتفاوض مع هوكستين سيؤدي للتوصل إلى اتفاق سياسي يوقف النار جنوباً، على قاعدة خفض التصعيد، كمدخل للتفاهم على آلية لتطبيق القرار 1701 على جانبي الحدود بين البلدين، وتؤكد أن التلازم في الوصول لاتفاق سياسي يشمل الجنوب وغزة يُفترض أن يطبق بضغط أميركي، وبكفالة مباشرة من واشنطن، ما يسمح بعدم إحراج «حزب الله» أمام جمهوره بذريعة تراجعه عن الربط بين الجبهتين الذي لم يعد من مبرر له.

وتكشف المصادر أن إيران ليست بعيدة عن الأجواء التي أملت على بايدن وماكرون التوجه بندائهما المشترك للتوصل إلى هدنة جنوباً، وتقول إن مشاركة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في أعمال الأمم المتحدة أتاحت للفريق الرئاسي المرافق له التواصل مع نظيره الأميركي على قاعدة استبعادهما لتوسعة الحرب التي تستدعي منهما القيام بما يلزم لاستيعاب التوتر جنوباً وإعادة الهدوء إليه بتطبيق القرار 1701، على أن تراعي الأمم المتحدة التوازن في تطبيقه.

وتلفت المصادر إلى أن ميقاتي لم يقرر عودته عن عدوله السفر إلى نيويورك إلا بعد استمزاج رأي بري و«حزب الله» فور تلقيه الضوء الأخضر من ماكرون بضرورة حضوره ليشارك شخصياً في الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة في جنوب لبنان، على أن تتمدد تلقائياً نحو غزة، وتؤكد أن القيادة الإيرانية لم تنقطع عن التواصل مع قيادة «حزب الله» للتشاور بكل ما يتعلق بطبيعة المرحلة السياسية في اليوم التالي للهدنة المؤقتة.

إيران راغبة في العودة إلى النظام العالمي

وترى أن المواقف الصادرة عن إيران، خصوصاً تلك التي أدلى بها بزشكيان من منبر الأمم المتحدة، ومعه عدد من مستشاريه، تأتي في سياق رغبته بعودة انتظام إيران في النظام العالمي، وتقول إنها شاركت في إيجاد المخرج المؤدي للتوصل إلى هدنة لتفادي إحراج «حزب الله» بموافقتها على صيغة سياسية مركّبة تقوم على مبدأ التلازم في تطبيقها بين جبهتي الجنوب وغزة.

كما تؤكد أن إيران، بالتزامها عدم توسيع الحرب منذ انخراط «حزب الله» بمساندة «حماس»، أرادت تمرير رسالة إلى المجتمع الدولي تقول فيها إنها مستعدة لأن تكون شريكة في المساعي الدولية للتهدئة والعمل لوقف العدوان على غزة، ما يعني أنها قررت الدخول في مرحلة التحول في تعاطيها مع الملفات الشائكة في المنطقة باتباعها الدبلوماسية الناعمة مع دول الجوار والغرب، بدلاً من تلك الساخنة التي تحكمت بمواقفها منذ سنوات طويلة وأقحمتها في اشتباكات سياسية لا تعد ولا تحصى، وبالتالي، فهي تطمح للبحث عن حلول للقضايا الشائكة، وحرصت على تقديم موقفها المستجد بلسان رئيسها الذي أبدى مرونة وواقعية في التعاون بحثاً عن مخارج لإعادة الهدوء للجنوب، تأكيداً لرغبته بفتح صفحة جديدة في تعامله مع المجتمع الدولي. فهل يصمد على موقفه؟ أم أن الكلمة الفصل متروكة لـ«الحرس الثوري»؟

ويبقى السؤال: هل يتصاعد الدخان الأبيض من نيويورك لبدء سريان مفعول الهدنة كإطار عام للبحث عن وقف النار في جنوب لبنان وغزة على حد سواء؟ أم أن تنفيذه في حال صدوره سيبقى عالقاً أمام استعصاء نتنياهو على قرار أممي يحظى بإجماع دولي؟ وبذلك تكون طهران تفادت استدراجها للصدام مع واشنطن، استجابة لمخطط حليفها نتنياهو الذي يتسبب لها بالإحراج ما لم يتجاوب مع طلبها بالتوصل إلى هدنة.


مقالات ذات صلة

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

يونيفيل: مقتل 45 جندياً لبنانياً في هجمات إسرائيلية حتى الآن

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
TT

يونيفيل: مقتل 45 جندياً لبنانياً في هجمات إسرائيلية حتى الآن

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

نددت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان بالهجمات التي شنتها إسرائيل على الجيش اللبناني خلال حربها المستمرة على «حزب الله».

وقالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إن 45 جندياً لبنانياً قتلوا حتى الآن في هجمات إسرائيلية على أهداف في لبنان.

وقالت القوة في بيان إن «(يونيفيل) تشعر بقلق بالغ إزاء الضربات العديدة التي استهدفت القوات المسلحة اللبنانية داخل الأراضي اللبنانية، على الرغم من إعلان عدم مشاركتها في الأعمال العدائية المستمرة بين (حزب الله) وإسرائيل».

وأكدت «يونيفيل» أن هذه الهجمات تشكل «انتهاكاً صارخاً» للقانون الإنساني الدولي.