لبنان تحت الهجوم الجوي الإسرائيلي لليوم الثاني... واستهداف الضاحية مجدداً

اغتيال قائد منظومة الصواريخ في «حزب الله»

مواطنون وعناصر الدفاع المدني يتجمعون في منطقة الغبيري إثر الغارة التي استهدفت القيادي إبراهيم قبيسي (إ.ب.أ)
مواطنون وعناصر الدفاع المدني يتجمعون في منطقة الغبيري إثر الغارة التي استهدفت القيادي إبراهيم قبيسي (إ.ب.أ)
TT

لبنان تحت الهجوم الجوي الإسرائيلي لليوم الثاني... واستهداف الضاحية مجدداً

مواطنون وعناصر الدفاع المدني يتجمعون في منطقة الغبيري إثر الغارة التي استهدفت القيادي إبراهيم قبيسي (إ.ب.أ)
مواطنون وعناصر الدفاع المدني يتجمعون في منطقة الغبيري إثر الغارة التي استهدفت القيادي إبراهيم قبيسي (إ.ب.أ)

تصاعدت الحملة العسكرية الجوية الإسرائيلية على لبنان، مع تراجع في عدد الضحايا الناجم عن النزوح الكثيف لأهالي الجنوب اللبناني، بينما وصل عدد الضحايا في الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق في الجنوب والبقاع، يوم الاثنين، إلى 558 قتيلاً وأكثر من 1835 جريحاً. وتواصل التصعيد الإسرائيلي باتجاه لبنان، حيث نفّذ الجيش الإسرائيلي عملية اغتيال جديدة في الضاحية الجنوبية لبيروت استهدفت قائد منظومة الصواريخ في «حزب الله» إبراهيم قبيسي.

6 قتلى في غارة على ضاحية بيروت الجنوبية

قالت وزارة الصحة إن 6 أشخاص قُتلوا على الأقل، وأصيب 15 آخرون، الثلاثاء، في الغارة التي استهدفت، الثلاثاء، مبنًى في الضاحية الجنوبية لبيروت. ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرب من «حزب الله» تأكيده أن الغارة الإسرائيلية أسفرت عن مقتل القيادي العسكري في الحزب إبراهيم قبيسي، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي من جهته «القضاء» على قيادي بارز في الحزب في الغارة بعدما أكّد تنفيذ «ضربة محددة الهدف» في الضاحية الجنوبية، مشيراً إلى أنه تم اغتيال قياديّيْن ميدانيّيْن إضافة إلى القبيسي، الذي قال إنه قائد منظومة الصواريخ في الحزب.

واستهدفت الغارة الإسرائيلية «طابقين من مبنى في منطقة الغبيري» في ضاحية بيروت الجنوبية، في شارع سكني يكتظ بالسكان، ما أدى إلى دمار كبير في المنطقة، وانتشرت مقاطع فيديو تظهر أشلاء القتلى. واستُقدمت رافعة لإخراج السكان من شققهم، ورفع السيارات المتضررة من المكان، وسط انتشار لعناصر الدفاع المدني والقوى الأمنية وعناصر من «حزب الله».

ميدانياً... قصف مستمر يطول الجنوب والبقاع

لم يهدأ القصف الإسرائيلي منذ صباح الاثنين مستهدفاً بلدات في جنوب لبنان وشرقه، حيث سُجّلت حركة نزوح غير مسبوقة، في وقت كثّف فيه «حزب الله» عملياته معلناً أنه استخدم الصاروخ الجديد «فادي 3» في هجوم على قاعدة عسكرية إسرائيلية، بعدما كان قد استخدم «فادي 1» و«فادي 2»، وهي طرازات مطورة من صاروخ «خيبر» الإيراني، بينما أعلن عن إطلاق الحزب نحو 350 صاروخاً من طرازات مختلفة على إسرائيل.

وأعلن الحزب في بيان له استهدافه «قاعدة شمشون، وهي مركز تجهيز ‏قيادي ووحدة تجهيز إقليمية» بصواريخ «فادي 3»، بعدما كان قد أعلن ليلاً إطلاق مزيد من صواريخ «فادي 2» في اتجاه إسرائيل. وأكد الجيش الإسرائيلي أنه رصد إطلاق 20 صاروخاً.

وفي بيانات متفرقة، أعلن الحزب عن استهدافه قاعدة «دادو» بـ50 صاروخاً، و«مصنع متفجرات بعمق 60 كلم داخل الحدود الإسرائيلية»، و«مخازن لوجيستية للفرقة ‏‏146 في قاعدة نفتالي بصلية صاروخية»، إضافة إلى مطار مجيدو العسكري 3 مرات بصليات من صواريخ «فادي 1» و«فادي 2»، ومصنع آخر للمواد المتفجرة في منطقة زخرون التي تبعد عن الحدود 60 كلم بصلية من صواريخ «فادي 2».

من جهته، كان الجيش الإسرائيلي أعلن، الثلاثاء، أنه قصف ليلاً «عشرات الأهداف العائدة إلى (حزب الله) في مناطق عدة في جنوب لبنان». وقال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، إنه على مدار الساعات الأربع والعشرين الأخيرة هاجموا «أكثر من 1300 هدف إرهابي تابع لـ(حزب الله) في أنحاء لبنان، وما زلنا نشن الغارات، وستتواصل».

وقال عبر حسابه على منصة «إكس: «ضربنا قدرات استراتيجية امتلكها (حزب الله)، ووضعها في قلب القرى وفي قلب منازل مدنية كان ينوي إطلاقها لاستهداف مواطني دولة إسرائيل»، وجدد تحذير «السكان اللبنانيين الذين غادروا وابتعدوا عن هذه المنشآت وهذه المنازل التي احتوت أو لا تزال تحتوي على أسلحة، حتى لا يعودوا إليها، لأنها أماكن خطيرة قد تنفجر فيها المتفجرات، وقد تُقصف لاحقاً من جديد».

50 طفلاً و 94 امرأة قُتلوا في قصف الاثنين

أعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، الثلاثاء، أن غالبية القتلى والجرحى الذين سقطوا، الاثنين، هم «من العزل الآمنين»، مشيراً إلى أن بينهم 50 طفلاً و94 امرأة، مؤكداً أن هذه الأعداد «تنافي كل الكذب الإسرائيلي بأن الاستهداف يطول قوات مقاتلة، ومشيراً إلى أنه «لا يزال هناك عدد كبير من الأشلاء تعمل القوى الأمنية على التعرف على هوية أصحابها».

رجل يقف أمام مبنى مدمّر في بلدة العاقبية بجنوب لبنان (رويترز)

شركات الطيران تمدّد تعليق رحلاتها إلى بيروت

في غضون ذلك، استمرت شركات الطيران بتعليق رحلاتها إلى مطار رفيق الحريري الدولي الذي ألغى أكثر من 30 رحلة من وإلى بيروت، الثلاثاء.

تحذيرات ودعوات للتهدئة

من جهتها، عبَّرت الناطقة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان رافينا شمداساني عن القلق البالغ إزاء التصعيد المفاجئ للأعمال الحربية بين إسرائيل و(حزب الله)، داعية كل الأطراف إلى الوقف الفوري للعنف، وضمان حماية المدنيين».

كما دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أيضاً «بشكل عاجل إلى وقف التصعيد الفوري»، وإلى احترام جميع الأطراف التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي لضمان حماية البنى التحتية المدنية والمدنيين، بما يشمل الأطفال وعمال الإغاثة والعاملين في المجال الطبي. وقالت نائبة ممثل «اليونيسيف» في لبنان إيتي هيغينز عبر الفيديو من بيروت: «يوم الاثنين كان أسوأ ما شهده لبنان منذ 18 عاماً. هذا العنف يجب أن يتوقف فوراً، وإلا فإن العواقب ستكون غير مقبولة».

كذلك أعربت الأمم المتحدة، الثلاثاء، عن «قلقها البالغ» حيال التصعيد العسكري بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، مؤكدة أن «عشرات آلاف» الأشخاص فروا من العنف منذ يوم الاثنين.


مقالات ذات صلة

ميقاتي يشدد على تطبيق «1701»... وقيام لجنة المراقبة بدورها

المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد قوات الـ«يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو يتجولون في بلدة الخيام (أ.ف.ب) play-circle 00:55

ميقاتي يشدد على تطبيق «1701»... وقيام لجنة المراقبة بدورها

جدّد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي التأكيد على أولوية تطبيق القرار 1701، مشدداً على أنه «ممنوع أن يكون هناك أي عائق أمام الجيش للقيام بواجباته».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

مبادرة جنبلاط تُشجع خصوم الأسد اللبنانيين على زيارة دمشق

يستعد وفد إسلامي - مسيحي من «لقاء سيدة الجبل» للتوجه إلى دمشق للمشاركة في قداس بمطرانية الموارنة وزيارة الجامع الأموي.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ)

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

يتفرغ «حزب الله» لإعادة ترتيب بيته الداخلي باستكمال بنيانه السياسي والتنظيمي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

تحاول المستشفيات في جنوب لبنان، النهوض مجدداً رغم الصعوبات، بعد انتهاء الحرب، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل.

حنان حمدان (بيروت)
شؤون إقليمية جنود من قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم

سلّم الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) 7 لبنانيين كان يحتجزهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت )

الكشف عن «ضغوط» مارسها نظام الأسد لتغيير شهادات طبيبين حول هجوم كيماوي في سوريا

رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

الكشف عن «ضغوط» مارسها نظام الأسد لتغيير شهادات طبيبين حول هجوم كيماوي في سوريا

رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

روى طبيبان وممرض من مدينة دوما قرب دمشق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الضغوط التي تعرضوا لها من النظام السوري في أبريل (نيسان) 2018، بعد إسعافهم عشرات المصابين جراء هجوم بغاز الكلورين، من أجل إنكار معاينتهم أعراضاً تؤشر إلى قصف بسلاح كيماوي، أمام محققين دوليين.

وفي السابع من أبريل، استهدف هجوم بالكلورين مبنى قريباً من مستشفى ميداني نُقل إليه المصابون وكان الطبيبان والمسعف في عداد طاقمه. واتهم ناشطون ومسعفون يومها الحكومة السورية بالوقوف خلف الهجوم الذي أسفر عن مقتل 43 شخصا، الأمر الذي نفته دمشق وداعمتها موسكو لاحقا. وبعد وقت قصير، انتشر شريط فيديو قصير على الإنترنت يظهر حالة من الفوضى داخل المستشفى وأعضاء من الطاقم الطبي يسعفون المصابين بينهم أطفال بينما كان رجل يرش المياه على مصابين على الأرض. وإثر انتشاره، استدعت أجهزة الأمن السوري كل من ظهر في شريط الفيديو وفريق العمل المناوب في ذاك اليوم، ووصفت الحكومة السورية اتهامها بشنّ هجوم كيماوي بـ«المفبرك».

وأكد الشهود الثلاثة أنهم استُدعوا إلى مقر الأمن الوطني إثر الهجوم.

وقال اختصاصي الجراحة العظمية الدكتور محمّد ممتاز الحنش، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تم إبلاغي بأنه علي الخروج ومقابلة الجهات الأمنية (في دمشق) وأنهم يعلمون مكان وجود أهلي في دمشق». وشرح: «ذهبت مع فريق من الأطباء الموجودين في المشفى إلى مبنى الأمن الوطني، وقابلنا محققا وحاولنا قدر المستطاع إعطاء إجابات عامة. سُئلت مثلا ماذا حدث في هذا اليوم وأين كنت وماذا شاهدت وماذا عن الناس الذين تعرضوا للاختناق؟ حاولنا أن نجيبهم أجوبة غير موجهة. فأخبرتهم أنني في قسم العمليات... والمصاب بالكيماوي لا يأتي إلى قسم العمليات». وأوضح أنه برر أعراض الاختناق الخفيفة «بسبب وجود سواتر ترابية» حول المستشفى، وضعت آنذاك لحمايته من القصف الذي كانت مدينة دوما، أبرز معاقل المعارضة قرب دمشق تتعرض له، بعد حصار محكم. وطرحت الأسئلة نفسها على طبيب الطوارئ والعناية المشددة حسان عبد المجيد عيون الذي يروي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «حين دخلت إلى المحقق... كان مسدسه على الطاولة وموجّها نحوي، وقال لي: (الحمد لله على سلامتك وسلامة أهلك وسلامة مائة ألف شخص لا نريدهم في دوما)».

فتيات لجأن إلى مسجد في حي دوما بدمشق في أغسطس 2013 بعد هجوم كيماوي مشتبه أسفر عن مقتل مئات الأشخاص (رويترز)

«شهود زور»

وأضاف عيون: «فهمت فوراً ما المطلوب وأن الهدف أن نقول إنه ما من حادث جديد»، في إشارة إلى القصف بالكلورين، مضيفاً: «من كانوا في المستشفى حينها تعرضوا لضغوط شديدة جداً وصلت إلى حد التهديد المبطن». وخلال الاستجواب، يقول عيون: «نفينا الحادثة... تجنّبنا الإجابة عن بعض الأسئلة، على غرار: أين نقلوا الوفيات؟ قلنا إننا لا نعلم. بماذا تفسر حالات الاختناق؟ أجبنا أننا نفسرها بالغبار والأتربة والدخان الناجم عن العمليات العسكرية الشديدة»، مع تعرض المدينة حينها لغارات كثيفة. وخضع موفق نسرين، وكان حينها مسعفا وممرضا، أيضا للاستجواب، بعدما ظهر في مقطع الفيديو يربّت على ظهر فتاة مبللة وجرّدت من ملابسها لخروج البلغم من قصبتها الهوائية جراء تنشق غاز سام. ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنت تحت الضغط لأن عائلتي في دوما على غرار أغلب عوائل الكادر الطبي... أخبرونا أنه لا هجوم كيميائيا حصل... ونريد أن ننهي هذه القصة وننكرها لتفتح دوما صفحة جديدة دون مداهمات واعتقال» لسكانها. ووقع الهجوم بعد حصار مضن وحملة قصف كثيفة تعرضت لها دوما، وقبل يوم واحد من إعلان روسيا التوصل إلى اتفاق مع فصيل معارض لوقف إطلاق النار وإجلاء مقاتليه إلى الشمال السوري.

ويروي الثلاثة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنهم بعدما خضعوا للاستجواب الأول، طلب منهم تكرار الإجابة عن الأسئلة ذاتها أمام الكاميرا في غرفة أخرى. وكان الهدف كما تم إبلاغهم توثيقها لعرضها على لجنة تحقيق تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية. لكنهم فوجئوا في اليوم اللاحق بشهاداتهم تعرض على التلفزيون السوري الرسمي، بعدما «خضعت لمونتاج وحذف بعض العبارات وإخراجها من سياقها بما يخدم وجهة نظر» النظام السوري، وفق الحنش. ووجد عيون نفسه وزملاءه بين ليلة وضحاها يتحولون إلى «شهود زور»، بعدما «كنا أطباء مع الثورة في مستشفى ميداني وقدمنا خدمات طبية للناس لفترات طويلة»، على حد قوله. وكان الثلاثة في عداد 11 شخصا من الطاقم الطبي خضعوا للاستجواب، في دمشق، من دون السماح لهم بالعودة إلى دوما. ونقلت مجموعة منهم لاحقا للإقامة في فندق.

في 14 أبريل، وجهت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضربات انتقامية ردا على الهجوم على دوما استهدفت مواقع عسكرية سورية. وخلال سنوات النزاع، تحققت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من أن الأسلحة الكيميائية استخدمت أو من المرجح أنها استخدمت في 20 حالة في سوريا.

خبير أسلحة كيماوية تابع للأمم المتحدة يحمل عينات من أحد مواقع الهجوم بالأسلحة الكيماوية في حي عين ترما بدمشق في أغسطس 2013 (رويترز)

تسجيل المقابلات

وكان الشهود قد أبلغوا في اليوم ذاته بحضور لجنة تقصي حقائق تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لمقابلتهم في أحد فنادق دمشق، لكنهم فوجئوا بوضع السلطات أجهزة تسجيل في جيوبهم أو مطالبتهم بتشغيل تطبيق التسجيل على هواتفهم الخاصة. ويقول الحنش: «اضطررنا أن نكرر الرواية التي يريدونها». بعد أيام، أبلغت السلطات الشهود بأنهم سيسافرون إلى هولندا حيث مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للإدلاء بشهاداتهم على «أرض محايدة» خارج سوريا. وقبل ثلاثة أيام من موعد السفر، نقلت مجموعة منهم إلى سجن في دمشق، من دون إبلاغهم بالسبب.

وفي 25 أبريل، سافر الطاقم الطبي من دمشق في عداد شهود آخرين، وتوقف في موسكو قبل انتقالهم إلى لاهاي. ويقول الحنش: «كنا نتوقع أن نقابل لجان تحقيق في غرف مغلقة، لكننا تفاجأنا لدى وصولنا بوسائل الإعلام» في المطار، ثم المشاركة في «جلسة مفتوحة لأعضاء منظمة حظر السلاح الكيميائي».

وكانت روسيا أعلنت آنذاك أنها ستقدّم ودمشق عددا من الشهود إلى المنظمة لإثبات أن التسجيلات عن الهجوم الكيميائي «المزعوم» كانت «مفبركة».

وأثار الهجوم على دوما جدلاً كبيراً بعد تسريب وثائق شككت في نتائج تحقيق سابقة إزاء الهجوم، لكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حسمته بإعلانها أواخر يناير (كانون الثاني) 2023 أن محققيها خلصوا إلى أن «القوات الجوية العربية السورية هي التي نفذت الهجوم»، وهو ما نفته دمشق وموسكو. وخفف صدور الإدانة من العبء الذي رزح أطباء دوما تحته لسنوات. ويقول الحنش: «سعدنا بأنه تم إثبات استخدام السلاح الكيماوي... وأن شهادتنا لم تؤثر على مسار التحقيق».

وانتظر الأطباء الثلاثة طويلا لكي «تزول القبضة الأمنية التي كانت علينا ونصل إلى يوم نتحدث فيه عن حقيقة ما جرى»، وفق الحنش، لكن «الفرحة غير مكتملة لأن الناس لن تأخذ حقوقها إلا بمعاقبة الجناة والمذنبين».

في أبريل 2018، وتعليقاً على الهجمات العنيفة التي تعرّضت لها بلدة دوما السورية على يد نظام الأسد، قالت وزارة الخارجية الأميركية حينها، إن التقارير عن سقوط ضحايا بأعداد كبيرة في هجوم كيماوي في دوما بسوريا «مروعة».

واستشهدت «الخارجية» الأميركية حينها بتاريخ النظام السوري ورئيسه بشار الأسد في استخدام الأسلحة الكيماوية، وقالت إن «حكومة الأسد وروسيا الداعمة لها تتحملان المسؤولية، وهناك حاجة لمنع أي هجمات أخرى على الفور».

وبين عامي 2013 و2018، وثقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ما لا يقل عن 85 هجوماً بالأسلحة الكيماوية في سوريا، متهمة الحكومة السورية بالمسؤولية عن غالبية هذه الهجمات.