«حزب الله» وإسرائيل يتبادلان التهديدات عقب تصعيد كبير

قاسم أعلن مرحلة «الحساب المفتوح»... ونتنياهو توقع أن «يفهم الرسالة»

TT

«حزب الله» وإسرائيل يتبادلان التهديدات عقب تصعيد كبير

مناصر لـ«حزب الله» يحمل صورة القيادي إبراهيم عقيل خلال تشييعه بالضاحية الجنوبية (أ.ب)
مناصر لـ«حزب الله» يحمل صورة القيادي إبراهيم عقيل خلال تشييعه بالضاحية الجنوبية (أ.ب)

تبادل «حزب الله» وإسرائيل التهديدات في أعقاب تصعيد كبير بين الطرفين، قصف خلاله الحزب حيفا للمرة الأولى منذ بدء الحرب، فيما وسعت إسرائيل استهدافاتها إلى شمال نهر الليطاني وحولت المنطقة إلى ساحة حرب، بغياب أي أفق لوقف الحرب قبل انتهاء حرب غزة.

وأكد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، الأحد، أن التنظيم دخل في «مرحلة جديدة» من القتال مع إسرائيل، عنوانها معركة «الحساب المفتوح»، وذلك بعد اغتيالها قادة «قوة الرضوان»، وهي وحدة النخبة في الحزب.

وفي كلمة ألقاها خلال تشييع قائد القوة إبراهيم عقيل، في ضاحية بيروت الجنوبية، قال قاسم: «دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح»، مضيفاً: «لن توقفنا التهديدات... ومستعدون لمواجهة كل الاحتمالات العسكرية». ورأى أن الحل العسكري «يزيد مأزق إسرائيل وسكان الشمال».

نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم ورئيس كتلته النيابية محمد رعد خلال تشييع إبراهيم عقيل (أ.ف.ب)

في المقابل، تدفع إسرائيل باتجاه الحل العسكري ومضاعفة التصعيد. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، أن تل أبيب وجّهت «سلسلة من الضربات لـ(حزب الله)»، مؤكداً «تصميمها» على إعادة السكان الذين نزحوا من مناطقها الشمالية الحدودية مع لبنان منذ بدء النزاع مع الحزب قبل نحو عام.

وقال نتنياهو في بيان: «وجهنا في الأيام الأخيرة سلسلة من الضربات لـ(حزب الله) لم يكن يتوقعها أبداً. إذا لم يكن (حزب الله) قد فهم الرسالة، فأنا أؤكد لكم أنه سيفهم الرسالة» بعد هذه الضربات.

وشدد على أنه «لا يمكن لأي دولة أن تتساهل مع الهجمات على مواطنيها وعلى مدنها. نحن، دولة إسرائيل، لن نتساهل مع ذلك أيضاً».

بدوره، توعّد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بـ«ضرب أي طرف يهدد» الإسرائيليين، معتبراً أن العملية العسكرية المستمرة ضد حزب الله اللبناني تشكل «رسالة» إلى أعداء البلاد في المنطقة وخارجها.

وقال الجنرال هرتسي هاليفي في تصريح مصور إن «هذه العملية ضد الهرمية القيادية في حزب الله هي رسالة واضحة إلى حزب الله، ولكنها أيضاً رسالة إلى الشرق الأوسط وخارجه: سنضرب أي طرف يهدد مواطني دولة إسرائيل».

وبعد نحو عام على اندلاع الحرب في قطاع غزة، أعلنت إسرائيل في الأيام الماضية انتقال الثقل العسكري إلى حدودها الشمالية مع لبنان، محددة لنفسها هدفاً جديداً يتمثّل بإعادة السكان إلى هذه المناطق الحدودية.

وفي بيان أصدره مكتبه، قال وزير الدفاع يوآف غالانت: «بدأ (حزب الله) يعاني تأثير» القدرات العسكرية الإسرائيلية، «ويشعرون بأنهم يتعرضون للملاحقة». وأكد أن العمليات العسكرية «ستستمر حتى نصل إلى نقطة يمكننا فيها ضمان العودة الآمنة لمجتمعات شمال إسرائيل إلى ديارها». وتابع: «هذا هو هدفنا، وهذه هي مهمتنا، وسنستخدم الوسائل اللازمة لتحقيقها».

مناصرون لـ«حزب الله» يحيطون بنعش القيادي عقيل المنقول على شاحنة عسكرية (رويترز)

وانسحب التهديد الإسرائيلي على وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، الذي قال: «إذا لم يقم العالم بإزالة (حزب الله) من شمال نهر الليطاني، طبقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 1701، فإن إسرائيل ستفعل ذلك». وأكد أن «إسرائيل ستتخذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية مواطنيها من (حزب الله)، وهو منظمة إرهابية تهاجم بشكل متواصل إسرائيل». وأضاف: «لن نتوقف حتى نعيد الأمن لمواطنينا وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم».

حيفا للمرة الأولى

وتصاعد الصراع بشكل حاد خلال الأسبوع الماضي. وبعد استهداف إسرائيل لمبنيين في الضاحية الجنوبية أسفر عن مقتل قادة في «وحدة الرضوان»، نفذ «حزب الله» هجوماً باتجاه حيفا، هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب.

مسعفون في مستشفى حيفا يسعفون جريحاً تعرض لإصابة بنيران «حزب الله» (أ.ف.ب)

وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم إطلاق نحو 150 صاروخاً وصواريخ كروز وطائرات مسيرة على إسرائيل خلال الليل وصباح الأحد، وإن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت معظمها، ومنها «هدف جوي» كان قادماً من الشرق.

وتعرض عدد من المباني في إسرائيل للقصف، بما في ذلك منزل تضرر بشدة بالقرب من مدينة حيفا. وعالجت فرق الإنقاذ الجرحى، لكن لم ترد أنباء عن سقوط قتلى، وصدرت تعليمات للسكان بالبقاء بالقرب من الملاجئ والأماكن الآمنة.

وقال «حزب الله» على قناته على «تلغرام»: «قامت المقاومة ‏الإسلامية يوم الأحد باستهداف قاعدة ومطار رامات ديفيد بعشرات من الصواريخ من ‏نوع فادي 1 وفادي 2؛ وذلك رداً على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت مختلف ‏المناطق اللبنانية».

عمال إغاثة يتفقدون موقع سقوط صواريخ «حزب الله» قرب حيفا (رويترز)

وتعد الهجمات الصاروخية على رامات ديفيد أعمق ضربات يعلن «حزب الله» المسؤولية عنها منذ بدء الأعمال القتالية. وأغلقت إسرائيل المدارس وفرضت قيوداً على التجمعات في الكثير من المناطق الشمالية، وأمرت المستشفيات هناك بنقل عملياتها إلى مرافق تتمتع بحماية إضافية من نيران الصواريخ والقذائف.

رد «حزب الله»

في المقابل، شهدت الساحة اللبنانية تصعيداً كبيراً بالغارات الجوية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب نحو 290 هدفاً السبت، بما في ذلك آلاف من فوهات إطلاق الصواريخ التابعة لـ«حزب الله». وأضاف أنه سيواصل ضرب مزيد من الأهداف.

كما دوت صفارات الإنذار طوال الليل بعد إطلاق العديد من الصواريخ والقذائف من لبنان والعراق.

وقال مسؤول في «المقاومة الإسلامية في العراق»، وهي مجموعة من فصائل مسلحة متحالفة مع إيران، إنها شنت هجمات بصواريخ كروز وطائرات مسيرة متفجرة على إسرائيل فجر اليوم الأحد، في إطار «مرحلة جديدة في جبهة الإسناد» مع لبنان. وأضاف المسؤول: «التصعيد في لبنان يعني تصعيداً من العراق».


مقالات ذات صلة

رئيس فنزويلا يدعو الجيش لاستخلاص العبر من تفجير أجهزة اتصالات «حزب الله»

أميركا اللاتينية رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ب)

رئيس فنزويلا يدعو الجيش لاستخلاص العبر من تفجير أجهزة اتصالات «حزب الله»

دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الخميس الجيش وقوات الأمن لاستخلاص العبر من التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصالات حزب الله.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
المشرق العربي مواطنون يزيلون الركام الناتج عن الغارات الإسرائيلية في بلدة المعيصرة شمالي بيروت (رويترز)

48 قتيلا و44 جريحا بالغارات الإسرائيلية على شرق لبنان في 24 ساعة

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية الخميس مقتل 48 شخصا وإصابة 44 آخرين جراء غارات إسرائيلية على شرق لبنان خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

ماكرون: نتانياهو سيرتكب خطأ إن رفض وقف إطلاق النار مع «حزب الله»

 قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الخميس)، إن فرنسا تعارض أن يصبح لبنان غزة جديدة وطالب إسرائيل بوقف هجماتها وحزب الله بالتوقف عن الرد.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ) play-circle 00:35

نتنياهو يتراجع وينأى بنفسه عن اقتراح أميركي لوقف النار في لبنان

تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، عن تفاهم خاص مع إدارة الرئيس الأميركي، ونأى بنفسه عن الاقتراح الذي يهدف إلى وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً في لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي سوريون ولبنانيون على معبر المصنع بين لبنان وسوريا هرباً من القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط) play-circle 02:57

النازحون السوريون يعانون جحيم حرب جديدة

أوضاع صعبة يعيشها آلاف السوريين الذين اضطروا مجدداً للهرب من مخيمات كانت تؤويهم في مناطق الجنوب اللبناني والبقاع بعد قرار إسرائيل توسعة الحرب على لبنان.

بولا أسطيح (بيروت)

صواريخ وضربات تواكب حديث وقف النار

جانب من الدمار الناجم عن غارات إسرائيلية على بلدة السكسكية في جنوب لبنان أمس (رويترز)
جانب من الدمار الناجم عن غارات إسرائيلية على بلدة السكسكية في جنوب لبنان أمس (رويترز)
TT

صواريخ وضربات تواكب حديث وقف النار

جانب من الدمار الناجم عن غارات إسرائيلية على بلدة السكسكية في جنوب لبنان أمس (رويترز)
جانب من الدمار الناجم عن غارات إسرائيلية على بلدة السكسكية في جنوب لبنان أمس (رويترز)

تصاعدت وتيرة القصف الإسرائيلي على لبنان أمس (الخميس)، وواكبه الحديث عن هدنة في أعقاب صدور «النداء الدولي - العربي» لوقف النار في لبنان وغزة، الذي لم يحقق نتائج فورية، رغم تأكيد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لـ«الشرق الأوسط»، أن صدور النداء في حد ذاته «انتصار للمساعي اللبنانية».

وقال بري إن المهمة الآن تقع على عاتق اللاعبين الكبار، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، في إقناع الإسرائيليين بقبول وقف النار.

ورفضت تل أبيب مقترح هدنة مع «حزب الله» طرحته دول عدة، أبرزها الولايات المتحدة، متوعدة بمهاجمته حتى «النصر»، في حين ردّ «الحزب» بإطلاق صواريخ نحو شمال إسرائيل. وأدخلت إسرائيل سلاحاً جديداً لتنفيذ اغتيالات على الساحة اللبنانية، تمثل في صاروخ موجّه يحمل شفرات حادة يُعرف باسم صاروخ «نينجا»، بالتزامن مع محاولة اغتيال أخرى لقيادي في «حزب الله» بالضاحية الجنوبية لبيروت، هو محمد حسين سرور الذي قالت إسرائيل إنه قائد الوحدة الجوية التابعة للحزب، بقصف مبنى في الضاحية. وتضاربت الأنباء حول مصيره، إذ قالت مصادر لبنانية إنه نجا من الاغتيال، أشارت أنباء أخرى إلى أنه مات متأثراً بجراحه.وبعد 18 ساعة على تعليق عملياته، أعلن «حزب الله» بعد ظهر أمس إطلاق وابل من الصواريخ باتجاه شمال إسرائيل، استهدف أبرزها منطقة عكا، وبلغ عدد المقذوفات مساء نحو 150 صاروخاً.

وتمضي إسرائيل على خطين متوازيين في حربها على لبنان؛ هما الضربات العسكرية والأمنية، وأدخلت إليهما عنصراً إضافياً أمس، تمثل في قصف المعابر الحدودية مع سوريا في شمال شرقي لبنان، وهي منطقة تقول إسرائيل إنها خط إمداد لـ«حزب الله» نحو لبنان.