الصومال يتهم إثيوبيا بإرسال أسلحة إلى إقليم بونتلاند المضطرب

شرطي صومالي خلال احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال في مقديشو (رويترز)
شرطي صومالي خلال احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال في مقديشو (رويترز)
TT

الصومال يتهم إثيوبيا بإرسال أسلحة إلى إقليم بونتلاند المضطرب

شرطي صومالي خلال احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال في مقديشو (رويترز)
شرطي صومالي خلال احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال في مقديشو (رويترز)

اتهم الصومال جارته إثيوبيا بإرسال أسلحة إلى إقليم بونتلاند في شمال شرقي البلاد والذي أعلن هذا العام من جانب واحد أنه سيتصرف بوصفه دولة مستقلة رغم تنديد الحكومة المركزية. والعلاقات عاصفة تقليدياً بين إثيوبيا والصومال الفيدرالية الهشّة، حيث يؤدي عدم الاستقرار إلى إضعاف قدرة الحكومة المركزية على مواجهة التمرد المستمر لحركة «الشباب» المسلحة.

وتصاعد التوتر بين الدولتين الواقعتين في القرن الأفريقي في الأول من يناير (كانون الثاني)، عندما وقّعت أديس أبابا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي اتفاقاً يمنح إثيوبيا غير الساحلية منفذاً بحرياً تسعى إليه منذ عقود. وقالت وزارة الخارجية في مقديشو في ساعة متأخرة، مساء الجمعة: «تدين الصومال بشدة شحنات الأسلحة غير المصرَّح بها من إثيوبيا إلى منطقة بونتلاند الصومالية، والتي تنتهك سيادتنا، وتهدد الأمن الإقليمي». وأضافت: «نطالب بوقف فوري لهذه الأعمال، ونناشد الشركاء الدوليين دعم جهود السلام في منطقة القرن الأفريقي». يقع إقليم أرض الصومال بين الحدود الإثيوبية وبونتلاند. ويحظى إقليم بونتلاند بمقدار كبير من الإدارة الذاتية منذ عام 1998، وأعلنت سلطاته في يناير أنها ستتصرف بوصفه دولة مستقلة بسبب خلاف مع الحكومة المركزية بشأن تغييرات دستورية.

وقالت وزارة الخارجية الصومالية في منشور على منصة «إكس»: «الأدلة الموثقة تؤكد وصول شاحنتين محملتين بالأسلحة من إثيوبيا إلى منطقة بونتلاند في الصومال، دون أي تواصل دبلوماسي أو تصريح». وأضافت: «يشكل هذا النشاط انتهاكاً خطيراً لسيادة الصومال، ويحمل تداعيات خطيرة على الأمن الوطني والإقليمي». لم تذكر الوزارة متى تمت عملية الشحن أو الجهة التي تلقت الأسلحة.

صوماليون يحتجون ضد صفقة الميناء بين إثيوبيا وأرض الصومال بمقديشو (رويترز)

وبموجب الاتفاق المبرم في يناير، وافق إقليم أرض الصومال الذي أعلن انفصاله من جانب واحد عن الصومال عام 1991، على تأجير 20 كيلومتراً من سواحله لمدة 50 عاماً لإثيوبيا التي تريد إقامة قاعدة بحرية وميناء تجاري. في المقابل، قال إقليم أرض الصومال إن إثيوبيا ستصبح أول دولة في العالم تعترف به رسمياً، رغم أن أديس أبابا لم تؤكد ذلك.

وفي 14 أغسطس (آب)، وقّعت مقديشو اتفاقاً عسكرياً مع مصر التي عرضت الانضمام إلى قوة الاتحاد الإفريقي في الصومال عام 2025. وتتوسط تركيا منذ يوليو (تموز) بين الصومال وإثيوبيا في المناقشات الرامية إلى حل خلافاتهما، لكن فشلت جولتان من المحادثات في أنقرة في تحقيق تقدم ملموس، وتم إلغاء جولة ثالثة كان من المقرر عقدها، الأسبوع الماضي، دون أي تعليق من الدولة المضيفة والطرفين المعنيين.


مقالات ذات صلة

الجيش الصومالي يقضي على أكثر من 30 عنصراً إرهابياً ‏

أفريقيا دورية للشرطة الصومالية بالقرب من موقع هجوم انتحاري في مقهى بمقديشو في الصومال الخميس 17 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الجيش الصومالي يقضي على أكثر من 30 عنصراً إرهابياً ‏

تمكّن الجيش الصومالي من القضاء على أكثر من 30 عنصراً إرهابياً بينهم قياديان بارزان، ‏وأصيب نحو 40 آخرين في عملية عسكرية مخطَّط لها جرت في جنوب محافظة مدغ.

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في القاهرة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني (الرئاسة المصرية)

مصر والقرن الأفريقي... إثيوبيا «المشكلة الوحيدة» وتمسك بدعم الصومال والسودان

حضور مصري يتنامى في منطقة القرن الأفريقي ودول حوض النيل زادت وتيرته إثر تصاعد الخلاف مع إثيوبيا عقب تحركات من أديس أبابا تجاه مصر والسودان والصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)

التحديات المائية في أفريقيا تتصدر محادثات مصرية - أوغندية

نقل الوزير عبد العاطي لنظيره الأوغندي «حرص مصر على مزيد من تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية وسط القاهرة على ضفاف نهر النيل (أ.ف.ب)

«اتفاقية عنتيبي»... تصريحات مصرية - إثيوبية تعمّق الخلافات

خلافات تتصاعد بين مصر وإثيوبيا زاد من وتيرتها الإعلان عن تفعيل اتفاقية «عنتيبي» على غير رغبة القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مدرعة تتبع الجيش المالي خلال دورية شمالي البلاد (أ.ب)

الجيش المالي يعلن تحييد مقاتلين من «القاعدة» بينهم «قيادي بارز»

قال الجيش المالي إن وحدة عسكرية تابعة له نجحت في ملاحقة مجموعة من مقاتلي تنظيم «القاعدة»، كانت تستعد لتنفيذ هجمات إرهابية في منطقة تمبكتو.

الشيخ محمد (نواكشوط)

الفلسطينيون يقطفون الزيتون بين رحى الحرب والمستوطنين

فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)
فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يقطفون الزيتون بين رحى الحرب والمستوطنين

فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)
فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)

يختلف موسم الزيتون في الأراضي الفلسطينية، هذا العام، عما سبقه، إذ يعاني من التبعات المدمّرة للحرب المتواصلة منذ عام في قطاع غزة، بينما يخشى مزارعون في الضفة الغربية المحتلة قطاف الأشجار في أراضيهم خشية التعرض لاعتداءات مستوطنين إسرائيليين.

ويقول رامي أبو أسعد مالك حقل زيتون في دير البلح وسط قطاع غزة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نفرح عندما يبدأ موسم الزيتون، ولكننا خائفون في الوقت نفسه لأنها حالة حرب».

يعدّ الزيتون وأشجاره ركناً أساسياً في الهوية الثقافية الفلسطينية، وشكّل على مدى العقود الماضية أحد أبرز رموز الصراع مع إسرائيل.

جنود إسرائيليون يلقون قنبلة صوت لتفريق مزارعين فلسطينيين يحاولون قطف الزيتون شرق رام الله (أ.ف.ب)

هذا العام، بات موسم القطاف تجربة محفوفة بالمخاطر في غزة، حيث يُضطر المزارعون والعمال إلى التنبه لتحليق المسيّرات والطائرات الحربية الإسرائيلية خوفاً من أن تلقي صواريخها على مقربة منهم دون سابق إنذار.

اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إثر هجوم غير مسبوق لـ«حماس» على جنوب الدولة العبرية، أسفر عن مقتل 1206 أشخاص، بحسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.

وترد إسرائيل بحملة من القصف المكثف والعمليات البرية؛ ما أدى لمقتل أكثر من 42 ألف شخص، بحسب أرقام وزارة الصحة في غزة، والتي تعدها الأمم المتحدة موثوقاً بها.

وتسببت المعارك بدمار هائل في القطاع المحاصر. وتؤكد الأمم المتحدة أن نحو 68 في المائة من أراضيه الزراعية تضررت، بينما يعجز المزارعون عن ري المحاصيل، أو الاعتناء بها.

ويضيف أبو أسعد: «أعداد أشجار الزيتون قليلة للغاية مع الوضع. الحال صعبة، والتكلفة عالية للغاية».

إنتاج محدود

يتوقع المهندس الزراعي جمال أبو شاويش انخفاضاً كبيراً في المحصول هذا العام، ويوضح أن «كمية الزيتون في الأعوام السابقة كانت تتراوح بين 37 ألفاً و40 ألف طن. العام الحالي ربما تقل عن 15 ألفاً. حتى جودة الزيتون أو الزيت لا تقارَن بجودته في الأعوام السابقة».

جنود إسرائيليون يشاهدون مزارعين فلسطينيين يقطفون الزيتون في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

توازياً مع هذا التراجع، يرجَّح أن ترتفع أسعار الزيتون والزيت في ظل شح الوقود اللازم لتشغيل مَعَاصر القطاع. والوضع ليس أفضل حال في الضفة الغربية المحتلة، وإن تفاوتت الأسباب.

ويقول المزارع الفلسطيني خالد عبد الله إنه لن يقطف الزيتون من أراضيه المحاذية لمستوطنة بيت إيل هذا الموسم خوفاً من التعرّض لاعتداءات مستوطنين إسرائيليين.

ويضيف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم أفكّر حتى في التوجّه إلى تلك الأراضي القريبة من المستوطنة؛ لأن الوضع خطير جداً».

لهذا السبب، اختار الاكتفاء بما تحمله أرضه الواقعة في قرية جفنا شمال رام الله في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.

جنود إسرائيليون يشاهدون مزارعين فلسطينيين يقطفون الزيتون في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

ويوضح بينما يقطف بعض أشجار الزيتون مع زوجته ماجدة: «لدينا بالقرب من المستوطنة نحو 42 دونماً مشجّرة بالزيتون، لكن للأسف لا أستطيع الوصول إليها».

اعتاد خالد عبد الله وغيره من الفلسطينيين المالكين أراضي مزروعة بالزيتون قريبة من المستوطنات، التنسيق مع منظمات إسرائيلية غير حكومية للحصول على تصاريح خاصة تمكّنهم من قطف زيتونهم. ويقول: «خوفي الآن ازداد؛ لأنه لم تعد هناك مؤسسات حقوقية قادرة على حمايتنا من هجمات المستوطنين، ولم يعد هناك تنسيق».

ومنذ بداية الحرب، ارتفعت وتيرة التوتر في الضفة؛ حيث ازدادت هجمات المستوطنين على الفلسطينيين والمواجهات بين الطرفين، بالإضافة إلى تكثّف العمليات العسكرية الإسرائيلية.

فلسطينيون يقطفون الزيتون في قرية غرب الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

وتؤكد مؤسسة «يش دين» الإسرائيلية ارتفاع حدة هجمات المستوطنين على الفلسطينيين، الأمر الذي يمنعهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية.

وتقول المتحدثة باسم المؤسسة فادية القواسمي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هذا العام لم يحدث تنسيق لوصول الناس إلى أراضيهم مثل كل عام، والسبب الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر».

وتضيف المحامية، بينما تعمل على تسجيل أسماء أشخاص غير قادرين على الوصول إلى أراضيهم في قرية ترمسعيا: «أصحاب الأراضي خائفون، وخوفهم مبرَّر بسبب ارتفاع وتيرة الاعتداءات من المستوطنين المسلحين».

مدني وعسكري

في قرية مادما جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية (2500 نسمة)، مُنع أصحاب الأراضي من الوصول إليها لقطف الزيتون، الأسبوع الماضي. وتكرّر الأمر 3 أيام، وعمد مستوطنون إلى إعطاب مركباتهم.

ويقول رئيس مجلس قرية مادما عبد الله زيادة: «طُرد أصحاب الأراضي من أراضيهم على أيدي مستوطني يتسهار. وكلّ يوم، هناك مواجهات».ويقع نحو 1500 دونم مزروعة بالزيتون في شمال القرية».

ويضيف زيادة: «لا نستطيع تمييز من يمنعنا إن كانوا مستوطنين أم جنوداً؛ لأنهم مرة يكونون بزيّ مدني ومسلحين، ومرة أخرى بزيّ عسكري».

فلسطيني يقطف الزيتون من حقله في قرية غرب الخليل (أ.ف.ب)

ويتابع: «كنا نتعرّض لاعتداءات من المستوطنين، لكن هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة، ومخاوفنا متضاعفة».

في قرية تل (7 آلاف نسمة) قرب نابلس، يقول رئيس المجلس القروي نعمان رمضان إن سكانها تمكنوا حتى الآن من الوصول إلى نحو ثلث ما وصلوا إليه العام الماضي من الأراضي المزروعة بالزيتون.

ويمتلك أهالي قرية تل نحو خمسة آلاف دونم مزروعة بالزيتون تقع على جانب طريق استيطاني توجد عليه بؤرة «حفات غلعاد» الاستيطانية المحروسة من الجيش.

ويوفّر موسم الزيتون للفلسطينيين مصدر دخل أساسياً من الزيت، وتحديداً للأسر الفقيرة. ووفق معطيات خبراء ووزارة الزراعة الفلسطينية، فإن المساحة الإجمالية المزروعة بالزيتون في الضفة الغربية وغزة تصل إلى 935 ألف دونم.

وحذّر خبراء في الأمم المتحدة من أن المزارعين في الضفة سيواجهون «أخطر موسم زيتون على الإطلاق».

ورأت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، الأسبوع الماضي، أن هجمات المستوطنين في موسم الزيتون و«سرقته» وتقطيع وإحراق الأشجار ومنع أصحابها من الوصول إليها هو «إرهاب دولة منظم».