تنافُس على استقطاب العشائر العربية في سوريا

مشاركة من العراق ولبنان بالملتقى الخامس في حمص

حضور عشائري من سوريا والعراق ولبنان في مؤتمر حمص
حضور عشائري من سوريا والعراق ولبنان في مؤتمر حمص
TT

تنافُس على استقطاب العشائر العربية في سوريا

حضور عشائري من سوريا والعراق ولبنان في مؤتمر حمص
حضور عشائري من سوريا والعراق ولبنان في مؤتمر حمص

لافت هو «ملتقى العشائر السورية» الذي شهده الملعب البلدي في مدينة حمص، بالعدد الكبير للمشاركين الذي تجاوز العشرة آلاف شخص، بالإضافة إلى ممثلين عن عشائر في لبنان والعراق.

وحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) شارك في الملتقى «وجهاء وشيوخ العشائر العربية في سوريا، وبعض الدول العربية الشقيقة».

أهمية هذا الملتقى تأتي من استقطابه عدداً كبيراً من شيوخ ووجهاء العشائر الذين هم من كبار رجال الأعمال، وفق مصادر متابعة قالت لـ(الشرق الأوسط)، قالت إن شيوخ العشائر من كبار المتمولين ويشكلون قوة مالية وبشرية لا يستهان بها، نظراً لامتداد العشائر على مساحة جغرافية واسعة تتصل مع دول الجوار العربي.

مقاتلو العشائر في بلدة غرانيج بريف دير الزور الغربي (نشطاء إعلاميون)

ورأت أن محاولة استقطاب «رص الصفوف» خلف القوات المحلية، ومن بينها «قوات جيش العشائر» شرق سوريا المدعومة من دمشق والتي أعلنت في أغسطس (آب) الماضي، عزمها على «تحرير مناطق الفرات شرق سوريا من الاحتلال»،

كما أن سلسلة الهجمات التي شنتها «قوات العشائر» على مواقع ومقرات «قسد» في محافظة دير الزور، أدت إلى مواجهات واشتباكات عنيفة تمت تهدئتها بعد تدخل روسيا.

عشائر النعيم في سوريا (حساب فيسبوك)

متابعون للحدث، توقفوا عند أعداد المشاركين في ملتقى حمص في نسخته الخامسة، التي تعادل ضعف أعداد المشاركين في «ملتقى الوحدة الوطنية للعشائر والمكونات السورية» الذي عُقدت نسخته الثانية في مايو (أيار) الماضي، بمناطق الإدارة الذاتية وبحضور رئيس «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي. وقد شارك في حينها، نحو خمسة آلاف من أبناء العشائر في مناطق الإدارة الذاتية، وهو ما رأت فيه المصادر «تنافساً محموماً بين دمشق وقسد» على استقطاب الكتلة الكبرى من العشائر العربية؛ فدمشق تريد مواجهة مشاريع «قسد» المدعومة أمريكياً في سوريا، فيما تريد «قسد» إبطال فاعلية ورقة العشائر التي تمسك بها دمشق.

وتعد معظم المناطق التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» شمال وشمال شرق سوريا، ذات طابع عشائري، مما «فرض على (قسد) والإدارة الذاتية منذ تأسيسهما، التعامل على هذا الأساس والتواصل بشكل رئيسي مع الفاعلين المحليين من شيوخ ووجهاء قبائل وعشائر، وَفْق سياسات مختلفة بين الاستثمار أو التحالف أو التفكيك، أو تغيير مراكز القوى للقبائل والعشائر بالشكل الذي يضمن مصالحهما واستدامة مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي»، وفق تقرير مركز «جسور»، الذي أشار فيه إلى أن «هناك كثيراً من القبائل والعشائر العربية التي لم تتحالف (قسد) أو الإدارة الذاتية معها، لكنها عملت على تأسيس علاقة استثمار وتبادُل مصالح مع بعض شيوخها أو وُجهائها، بالتوازي مع العمل على تفكيك هذه القبائل وإعادة توزيع مراكز القوة فيها».

مؤتمر العشائر بحمص (متداولة)

وفي بيان صادر عن مؤتمر العشائر السورية في حمص، استنكر المشاركون «الوجود الأجنبي غير الشرعي بكل أشكاله على الأراضي السورية وممارساته المستمرة، لا سيما سرقة خيرات البلاد التي هي ملك للشعب السوري». كما أكدوا رفضهم «التام لمحاولات التقسيم تحت أي مسمى، مؤكدين أن العشائر والقبائل ستبقى الرديف الشعبي» للقوات الحكومية، مع التنديد بما وصفها البيان بـ«المحاولات التخريبية البائسة التي تقوم بها (قسد) الانفصالية وغيرها»، حسب تعبير البيان.

وقالت وكالة (سانا) إن المشاركين قدموا في نهاية المؤتمر «وثيقة عهد بالدم»، أكدوا فيها وقوفهم خلف قيادة الرئيس بشار الأسد، كما أدانوا «الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا وإجرام الكيان الإسرائيلي بحق أبناء فلسطين والقرى اللبنانية».

مؤتمر القبائل والعشائر السورية والنخب الوطنية الخامس (متداولة)

من جانبه أكد محافظ حمص، المهندس نمير مخلوف، أن اجتماع العشائر «سيحقق الغاية التي عُقد من أجلها، في تأكيد الوحدة الوطنية الكاملة ورفض كل أشكال التقسيم».

وحسب منظمي الملتقى في حمص، الذي دعا إليه رجل الأعمال، الشيخ مطرود الغفيلي الخالدي، شيخ قبيلة بني خالد، فإن هذا الملتقى يأتي استكمالاً للمؤتمرات السابقة التي عُقدت في سوريا «للتعبير عن رفض احتلال بعض الأراضي السورية»، وفق تصريح رئيس المكتب الإعلامي والسياسي للقبيلة، محمد العلي.

ومن أبرز المشاركين العرب في ملتقى حمص، الشيخ علي المولى، شيخ عشيرة الموالي في لبنان، والشيخ ضياء محمد كاظم الخالدي، ممثل قبيلة بني خالد في العراق، والشيخ طلال الأسعد، رئيس تيار الوعد الصادق في لبنان.


مقالات ذات صلة

تراشق بين زعيم المعارضة التركية ونجل إردوغان حول اللاجئين السوريين

شؤون إقليمية بلال إردوغان متحدثاً خلال مخيم شبابي الأحد عن أوضاع اللاجئين السوريين  (وسائل إعلام تركية)

تراشق بين زعيم المعارضة التركية ونجل إردوغان حول اللاجئين السوريين

تسببت تصريحات من بلال إردوغان، نجل الرئيس التركي، حول انخفاض معدل الجريمة بين اللاجئين السوريين مقارنة بالأتراك، في صدام مع زعيم المعارضة أوزغور أوزيل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لا لفتح المعابر (متداولة)

استنفار أمني وعسكري شمال سوريا... أولى ثمار تقارب أنقرة ودمشق

صدر أمر من أنقرة بحلّ «لواء صقور الشمال»، لمعارضته فتح معبر أبو الزندين ورفض التطبيع مع دمشق، بما ينذر بتفجر التوتر شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي تلامذة في إحدى المدارس اللبنانية (المركزية)

حملة واسعة لمنع تعليم أولاد السوريين النازحين غير الشرعيين في لبنان

شنّ «التيار الوطني الحر» حملة واسعة ضد الحكومة اللبنانية؛ لسماحها بتسجيل أولاد السوريين النازحين غير الشرعيين، وانضم إلى الحملة حزب القوات اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء السوري الجديد محمد غازي الجلالي (الإخبارية السورية)

محمد غازي الجلالي أول رئيس للحكومة السورية من الجولان المحتل

أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، السبت، مرسوماً يقضي بتكليف الدكتور محمد غازي الجلالي بتشكيل الحكومة الجديدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من قوات الجيش السوري (أرشيفية - رويترز)

دمشق: عقود تطوّع بحوافز مالية كبيرة ضمن خطة إعادة هيكلة الجيش

أعلنت وزارة الدفاع السورية خطة حكومية لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وتحويل «الجيش العربي السوري» إلى جيش «احترافي» يعتمد على المتطوعين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

قائد القوات الإسرائيلية في الشمال يدعو لاحتلال قسم من الجنوب اللبناني

نيران مشتعلة في الجليل داخل الأراضي الإسرائيلية (أ.ف.ب)
نيران مشتعلة في الجليل داخل الأراضي الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

قائد القوات الإسرائيلية في الشمال يدعو لاحتلال قسم من الجنوب اللبناني

نيران مشتعلة في الجليل داخل الأراضي الإسرائيلية (أ.ف.ب)
نيران مشتعلة في الجليل داخل الأراضي الإسرائيلية (أ.ف.ب)

في الوقت الذي وصل فيه الوسيط الأميركي عاموس هوكستين إلى تل أبيب لحثها على منع التدهور الأمني مع لبنان، مؤكداً أن هناك خطة لتسوية سياسية جاهزة ويمكن إتمامها في حال التوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة، خرج قائد اللواء الشمالي في الجيش الإسرائيلي، الجنرال أوري غوردين، بتوصية إلى رئاسة الأركان يقترح فيها احتلال مقطع من الجنوب اللبناني وتحويله إلى حزام أمني يمنع نشاط «حزب الله» ويضمن عودة آمنة لسكان البلدات الشمالية النازحين.

ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الاثنين، عن مصادر قولها إنها اطلعت على توصية غوردين الذي يرى أن «الظروف مواتية وتتيح للجيش القيام بمثل هذه الخطوة في غضون وقت غير طويل. فقد تمكن الجيش الإسرائيلي من قتل الكثير من عناصر قوة رضوان، وهي وحدة النخبة لـ(حزب الله) التي انتشرت بالقرب من الحدود، خلال 11 شهراً من المعارك، أو أنهم فروا شمالاً. والعمليات الإسرائيلية أدت إلى نزوح عدد كبير من السكان المدنيين من قرى جنوب لبنان، بحيث لم يبق فيها سوى 20 في المائة من السكان ممن كانوا يسكنون المنطقة قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول). وانخفاض نسبة السكان بهذا الشكل سيسمح للجيش بتنفيذ هذه العملية ببساطة وسرعة أكثر».

وأشار إلى أن هدف هذه الخطوة هو إزالة التهديد وإبعاد قوات «حزب الله» بحيث لا تشكل تهديداً على سكان الشمال، بالإضافة إلى تشكيل رافعة ضغط من أجل التوصل إلى تسوية دائمة، وهذه الخطوة ستدفع «حزب الله» للتوصل إلى تسوية مقابل انسحاب الجيش من المنطقة.

تحفظ الغالبية

وحسب ما جاء في الصحيفة، فإن هناك قوى أخرى في الجيش تتحفظ من احتلال كهذا وتقول إنها ستكون بمثابة بداية معركة كبيرة وواسعة ضد «حزب الله»، وليس من الواضح ما إذا كان سيكون من الممكن السيطرة عليها حتى لا تستغرق مدة طويلة وعدم تطورها إلى حرب إقليمية شاملة.

والمعروف أن القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل بغالبيتها الساحقة غير معنية بحرب مع لبنان، في الوقت الحاضر، وتقول إن الجيش الإسرائيلي قادر على توجيه ضربة قاصمة للظهر لـ«حزب الله» والحكومة اللبنانية التي تسايره، لكنها ستلحق أذى كبيراً بإسرائيل أيضاً. ولذلك ينبغي التريث في هذه المرحلة وإنهاء المعركة في قطاع غزة وانتظار فرصة أفضل، يكون فيها الجيش مرتاحاً ومستعداً بشكل أفضل.

ويؤيد هذا الاتجاه أيضاً رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لكنه لا يؤيد وقف الحرب تماماً ويحاول الإبقاء على حرب ذات لهيب منخفض، تتيح له البقاء في رئاسة الحكومة. ومن الدلائل على ذلك أنه قرر السفر، الاثنين المقبل، لأسبوع كامل إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

لكن هذا لا يمنع نتنياهو ووزراءه وقادة الجيش من إسماع التهديدات للبنان؛ إذ يأملون أن تتمكن الولايات المتحدة من سحب فتيل الحرب. لكن بالمقابل، هناك قوى سياسية يمينية تريد الحرب من جهة وقوى في المعارضة الليبرالية واليسارية تطالب بتصعيد ضد «حزب الله»، بعضهم يريدون الحرب لأنهم يرون أن الحل العسكري ينفع لكل شيء وهناك من يناكفون الحكومة وهناك من يتصرف بنوع من النفاق للمواطنين النازحين من بيوتهم وسكان الشمال الذين يعيشون في قلق دائم من القصف القادم من لبنان. والخوف هو أن تنزلق إسرائيل و«حزب الله» إلى حرب لا يريدها أي منهما.

تأجيل «الكابنيت»

وقد حضر هوكستين، الاثنين، إلى تل أبيب، للقاء نتنياهو وغيره من المسؤولين في مسعى لمنع هذا التدهور. واستجاب له نتنياهو في تأجيل اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابنيت)، الذي كان مقرراً مساء الأحد إلى ظهر الاثنين، ثم تأجل مرة أخرى إلى المساء، للتداول في الوضع على الجبهات الحربية والخطوات القادمة، وإضافة بند رابع إلى أهداف الحرب هو «إعادة سكان الشمال إلى منازلهم».

وقالت مصادر سياسية إن زيارة هوكستين تأتي في ظل قلق إدارة الرئيس جو بايدن من تصاعد الخطاب في إسرائيل عموماً، وفي الجيش الإسرائيلي والقيادة الشمالية بشكل خاص.

غالانت - أوستن

وقد تجلى هذا القلق خلال محادثة أجراها وزير الدفاع، يوآف غالانت، (ليل الأحد - الاثنين) مع نظيره الأميركي الجنرال لويد أوستن. وناقش الطرفان الجهود المختلفة لإعادة المختطفين، فضلاً عن الالتزام بإعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم بعد تغير الوضع الأمني. وقال غالانت في المحادثة: «إن احتمال التسوية في الشمال يمضي، و(حزب الله) يواصل ربط نفسه بحماس - الاتجاه واضح».

وشدد غالانت على أن «إسرائيل ملتزمة بإبعاد (حزب الله) من جنوب لبنان وإعادة السكان إلى منازلهم بأمان». وناقش الجانبان أيضاً هجوم الحوثيين بصاروخ باليستي على إسرائيل، وأكد وزير الدفاع أن هذا يشكل تهديداً للمنطقة بأكملها، وقال إن إسرائيل أظهرت بالفعل كيف تتصرف ضد العناصر العدوانية التي تحاول الإضرار بها. وأعرب وزير الأمن غالانت عن تقديره لنظيره الأميركي أوستن لالتزامه بأمن إسرائيل ولعمله للحفاظ على تفوقها النوعي في المنطقة.

وفي صبيحة الاثنين، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية تصريحات لمسؤول أميركي رفيع، حذر فيها من احتمال نشوب حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله»، مشيراً إلى أن مثل هذا التصعيد ستكون له «عواقب كارثية وغير متوقعة». وقال: «يجب على المسؤولين الإسرائيليين، الذين يريدون شن حرب ضد (حزب الله) من أجل إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، أن يأخذوا في الاعتبار أنه في مثل هذا السيناريو يمكن أن يُقتل عدد كبير من الإسرائيليين ولن يكون لدى الكثير منازل للعودة إليها».

ولفت المسؤول الأميركي إلى أن «فكرة الذهاب إلى الحرب والقضاء على صواريخ (حزب الله) ليس بالأمر البسيط. لا يوجد حل سحري ولا يمكن تدمير الجانب الآخر، وفي نهاية الحرب ستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً ولن تحقق أهدافها». وذكر أن «الحرب في لبنان ستؤدي إلى تدخل المجتمع الدولي من أجل التوصل في نهاية المطاف إلى تسوية دبلوماسية ستكون مشابهة جداً للتسوية التي نتحدث عنها الآن».