العراق لـ«توطين» المعارضة الإيرانية في بلد ثالث

الأعرجي تحدّث عن إغلاق 77 مقراً حزبياً في كردستان

مقاتل وذخائر في أحد مقرّات الأحزاب الكردية المعارضة بإقليم كردستان (حزب كوملة)
مقاتل وذخائر في أحد مقرّات الأحزاب الكردية المعارضة بإقليم كردستان (حزب كوملة)
TT

العراق لـ«توطين» المعارضة الإيرانية في بلد ثالث

مقاتل وذخائر في أحد مقرّات الأحزاب الكردية المعارضة بإقليم كردستان (حزب كوملة)
مقاتل وذخائر في أحد مقرّات الأحزاب الكردية المعارضة بإقليم كردستان (حزب كوملة)

أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، الثلاثاء، أن بلاده أغلقت 77 مقراً للمعارضة الكردية الإيرانية، على الحدود المشتركة في إقليم كردستان، وذكر أن «العمل جارٍ على توطين عناصر هذه الجماعات في بلد ثالث».

ويبدو أن إعلان المستشار يتوّج سلسلة إجراءات اتخذتها بغداد لتطبيق الاتفاقية الأمنية التي عقدتها مع طهران، العام الماضي، وتقضي بنزع أسلحة الجماعات والأحزاب الكردية المعارضة لطهران، والتي تتخذ من أراضي إقليم كردستان العراق «منطلَقاً لأعمالها المناهضة للنظام الإيراني»، إلى جانب نقل مقرّاتها إلى مناطق بعيدة عن الشريط الحدودي بين البلدين.

ونقل «المركز الخبري العراقي» نقلاً عن التلفزيون الإيراني الرسمي، أن الأعرجي أعلن أيضاً عن «نقل أعضاء هذه الجماعات إلى 6 مخيمات، هما: 4 في أربيل، واثنان في السليمانية، والعمل جارٍ من أجل التنسيق مع الأمم المتحدة لإعادة توطينهم في بلد ثالث».

وأكّد الأعرجي «تسليم الأسلحة الثقيلة لتلك الأحزاب إلى قوات البيشمركة الكردية (العراقية)»، فيما أشاد بالتعاون الذي أبدَته سلطات إقليم كردستان للانتهاء من ملف المعارضة الإيرانية التي تتهمها طهران بـ«الإرهاب».

وخلال السنوات الماضية قصفت طهران بالطائرات والصواريخ الأراضي العراقية، بذريعة محاربة تلك الجماعات، الأمر الذي تسبّب في خسائر بأرواح وممتلكات المواطنين الكرد من العراقيين.

الانسحاب من الحدود

بدورها، أفادت وكالة «تسنيم» التابعة للحرس الثوري الإيراني، أن الحكومة العراقية «أجبرت» بعض الجماعات التي وصفتها بـ«الإرهابية» على إخلاء مقراتها الحالية، والانسحاب من الحدود إلى داخل الإقليم شمال العراق، وقالت إن العملية جزء من «تنفيذ جزء آخر من الاتفاقية الأمنية بين طهران وبغداد، وعشية زيارة الرئيس الإيراني للعراق»، على حد قول الوكالة.

ونقلت الوكالة عن مصدر مطلع تأكيده انسحاب الأحزاب الإيرانية من مواقعها قرب الحدود المشتركة، وقال إنه «تم اتخاذ هذا الإجراء (الانسحاب) بناءً على طلب الحكومة الإيرانية بالتعاون مع الحكومة المركزية للعراق، بمتابعة من المجلس الأعلى للأمن القومي، والحرس الثوري، ووزارة الأمن، ووزارة الخارجية».

وزعم مصدر «تسنيم» أن قواعد تلك الجماعات كانت «مكاناً للتخطيط، وتنفيذ مؤامرات إسرائيل ضد إيران».

وكان حزب الكادحين الثوري الإيراني «كوملة» المعارض لطهران، دان قرار إجبار مسلحي الأحزاب الكردية المعارضة وكوادرها على إخلاء جميع مقارّها قسراً في منطقة زركويز جنوب السليمانية، ونقلهم جميعاً إلى منطقة سورداش التابعة لقضاء دوكان، غرب السليمانية.

وقال في بيان، إن «السلطات العراقية والسلطات الأمنية في السليمانية اتخذت قراراً بنقل جميع مسلحي وكوادر الأحزاب الكردية في منطقة زركويز جنوب السليمانية، وذلك تنفيذاً لطلب وضغوط تمارسها السلطات الإيرانية على السلطات المحلية في الإقليم».

واستنكر «كوملة» قرار نقل مقارّهم تحت الضغوط الإيرانية، واصفاً إياه بـ«التعسفي وغير المبرَّر».

عناصر من حزب «كوملة» الكردستاني الإيراني المعارض في معسكر بموقع شمال العراق (إكس)

ملف شائك

وحتى مع الإعلان العراقي، تبقى قضية قدرة العراق على طيّ صفحة المعارضة الكردية الإيرانية داخل الأراضي العراقية محل شك لدى عدد غير قليل من المراقبين الكرد وغيرهم، بالنظر لاعتبارات تاريخية وجغرافية وسياسية.

وتقول مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الإخلاء ونزع الأسلحة يمكن أن يقوّض نفوذ وقوة الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة على المدى القريب والمتوسط، لكنه لن يتمكّن من إزاحتها عن الوجود لأسباب كثيرة، وستبقى تُمثّل هاجساً أمنياً وسياسياً للسلطات في طهران».

وتضيف المصادر، أن «الطبيعة الوعرة للتضاريس التي تعمل بها تلك الجماعات أحد عوامل استمرارها لسنوات في العمل المعارض، ولا ننسى طبيعة الروابط القومية والتاريخية مع أكراد العراق، وهي عوامل مساعدة تُديم وجودهم، وتمنحهم تسهيلات للعمل غير معلَنة».

وكانت إيران نجحت من خلال ضغطها المتواصل على العراق في طرد جماعة «مجاهدي خلق» التي كانت موجودة في معسكر «أشرف» بمحافظة ديالى القريبة من العاصمة بغداد، ونقلهم إلى خارج العراق، وكانت الجماعة تمارس نشاطاتها تحت دعم وإشراف حكومة الرئيس السابق صدام حسين.

وفي مطلع أبريل (نيسان) 2011، شنّت القوات الأمنية العراقية في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي هجوماً على معسكر «أشرف»، تسبّب بمقتل نحو 40 شخصاً من مجاهدي خلق، بهدف إرغامهم على مغادرة العراق، وهو الأمر الذي حدث لاحقاً.


مقالات ذات صلة

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
TT

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)

رأت أنقرة أنَّ الرئيس السوري، بشار الأسد، لا يريد السلام في بلاده، وحذرت من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب في الشرق الأوسط بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية آستانة»، التي أوقفت إراقة الدماء في سوريا. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنَّ جهود روسيا وإيران، في إطار «مسار آستانة» للحل السياسي مهمة للحفاظ على الهدوء الميداني، لافتاً إلى استمرار المشاورات التي بدأت مع أميركا بشأن الأزمة السورية.

وقال فيدان، خلال كلمة في البرلمان، إنَّ تركيا لا يمكنها مناقشة الانسحاب من سوريا إلا بعد قبول دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، مضيفاً أن موقف إدارة الأسد يجعلنا نتصور الأمر على أنه «لا أريد العودة إلى السلام».