التعليم الرسمي اللبناني في «خطر»

بين غياب التمويل ورفض «مساهمة الأهالي»

أهالي يشترون الكتب المدرسية من المكتبات مع بدء العام الدراسي الجديد (إ.ب.أ)
أهالي يشترون الكتب المدرسية من المكتبات مع بدء العام الدراسي الجديد (إ.ب.أ)
TT

التعليم الرسمي اللبناني في «خطر»

أهالي يشترون الكتب المدرسية من المكتبات مع بدء العام الدراسي الجديد (إ.ب.أ)
أهالي يشترون الكتب المدرسية من المكتبات مع بدء العام الدراسي الجديد (إ.ب.أ)

لم يمرّ قرار وزير التربية اللبناني، عباس الحلبي، الذي حدَّد بموجبه مساهمة مالية تُدفَع لتسجيل التلامذة في المدارس الرسميّة مرور الكرام، بالرغم من أن المبالغ التي لحظها القرار (50 دولاراً أميركياً للطالب اللبناني، و100 دولار أميركي لغير اللبناني)، قد تبدو مقبولة لكثيرين إذا ما قورنت بالمبالغ الضخمة التي تُدفع في المدارس الخاصة التي ضاعفت هذا العام أقساطها.

ووجد الحلبي نفسه مضطراً لهذا القرار، على الرغم من أن القوانين اللبنانية تقول بمجانية التعليم الرسمي حتى صف الشهادة المتوسطة (البريفيه)، بسبب نقص الأموال، وخصوصاً شُحّ المساعدات الدولية التي كانت تغطي معظم مصاريف التعليم الرسمي خلال السنوات الـ5 الماضية (أي منذ اندلاع الأزمة المالية).

وكان رئيس الحزب التقدُّمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط أول من انتقد فرض هذه الرسوم، علماً بأن الوزير الحلبي محسوب على الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي يتزعّمه جنبلاط؛ إذ اعتبر الأخير أن «هذه المقاربة مخالفة للدستور، وللحدّ الأدنى من العدالة الاجتماعية، ولمبدأ مجانية التعليم»، معلناً رفضها «جملةً وتفصيلاً».

صناديق فارغة

وتردَّد أن الحلبي انزعج من الانتقادات الكثيرة التي طالته، ولوَّح بالاستقالة من الحكومة، إلا أن مصادر قريبة منه أكّدت أنه لا توجد لديه نية للاستقالة، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هناك تراكمات كثيرة سيتحدث عنها الوزير بعد عودته من السفر».

وأشارت المصادر إلى أن «صناديق المدارس الرسمية فارغة، كما أن هناك 4 ملايين دولار من الجهات المانحة كان يفترض أن تُدفع العام الدراسي الماضي لم يتم تسديدها بعد، وبالتالي إذا لم تكن هناك مساهمات مالية كيف يُفترض أن نؤمّن المصاريف التشغيلية؟».

وكانت الدول المانحة تسارع لتقديم المساعدات لقطاع التعليم في لبنان؛ لضمان تعليم النازحين السوريين، لكن اليوم ومع تراجع التقديمات للنازحين على أكثر من صعيد تأثّر تلقائياً هذا القطاع.

ويؤكد مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر أن «ما تم إقراره هو مساهمة بصندوق الأهل، وليس رسماً، باعتبار أن القانون يتحدث عن مجانية التعليم»، لافتاً إلى أن «القرار هدفه تأمين انطلاقة صحيحة للعام الدراسي». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نسمع اعتراضات في الإعلام أكثر مما نسمع اعتراضات على الأرض، أي من قِبل الأهالي المفترض أنهم سيدفعون هذه المساهمة».

ويشير الأشقر إلى أن «هناك مبالغ من العام الماضي لم تسدَّد بعد من قِبل الجهات المانحة التي أعطت التزامات جديدة للعام الدراسي المقبل، ونحن ننتظر أن تحدِّد المبالغ النهائية التي ستساهم بها».

ويبلغ، حسب أرقام وزارة التربية، عدد الطلاب اللبنانيين في المدارس الرسمية الذين يتعلمون في فترة قبل الظهر 263 ألفاً، فيما يبلغ عدد الطلاب السوريين الذين يتعلمون في فترة بعد الظهر 160 ألفاً، علماً بأن الوزير الحلبي كان قد تحدّث عن 700 ألف نازح سوري بعمر الدراسة موجودين في لبنان.

وترفض رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي بلبنان رفضاً قاطعاً فرض رسوم على الطلاب، وإن أتت تحت عنوان «مساهمات».

وتشير رئيسة الرابطة، دكتورة نسرين شاهين، إلى أن «هذه الرسوم بدأت العام الماضي مع طلاب الثانوي، ولكن اليوم تجرأوا على مد اليد على جيوب أهالي الطلاب في صفوف الروضات، حيث يفترض أن يكون التعليم مجانياً بالكامل حتى صف البريفيه»، مضيفةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التحجج بأن لا أموال دعم من الخارج أمر غير مقبول، حيث وصلت الكثير من الأموال لوزارة التربية بالسابق، واليوم وقْف الدفع قد يكون بسبب التشكيك بمصداقية الوزارة التي رفعت عدد الأساتذة المستفيدين من صندوق المدرسة إلى 2200 أستاذ، وبالتالي الأموال التي كانت تصل بوصفها كُلفة تشغيلية للمدارس تم دفعها لهؤلاء الأساتذة».

وتشير شاهين إلى أن «الوزارة مطالَبة بالإعلان بشفافية عن الأموال التي وصلت، وكيف تم صرفها، كذلك فإن الحكومة مدعوّة لتحمُّل مسؤولياتها، وتخصيص اعتمادات للمدرسة الرسمية، حيث إنه من غير المقبول أن يكون المبلغ المرصود من ضمن الموازنة للوزارة حوالي 4.3 مليون دولار».

ينشغل الأهالي بالتحضير لانطلاق العام الدراسي عبر شراء الكتب والمستلزمات الدراسية (إ.ب.أ)

وتضيف: «نحن أصلاً لدينا نسبة مرتفعة من التسرب المدرسي، وبالتالي هذه القرارات الجديدة تهدّد مصير الطلاب، وخصوصاً أن رواتب بعض الأهالي لا تتجاوز الـ200 دولار، فكيف نطلب من الأهالي أن يدفعوا 50 دولاراً في المدرسة الرسمية، بضربٍ واضح لمفهوم مجانية التعليم في لبنان المكرّسة بالدستور والقوانين والاتفاقيات الدولية؟!».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)

أعلن «حزب الله» أنه دمر، الأحد، 6 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في جنوب لبنان، 5 منها في بلدة البياضة الساحلية الاستراتيجية.

وقال «حزب الله»، في 3 بيانات، إن مقاتليه دمروا 5 دبابات «عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة»، إحداها أثناء محاولتها «التقدم لسحب دبابة من الدبابات المدمرة»، وأضاف في بيان آخر أنه استهدف بصاروخ موجه دبابة «عند الأطراف الغربية لبلدة دير ميماس».

وتحدثت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية عن معارك عنيفة في العديد من مناطق الجنوب، مشيرة إلى «تراجع رتل من 30 آلية عسكرية إسرائيلية من جنوب البياضة (...) باتجاه شمع وطيرحرفا تحت غطاء مدفعي»، بعد تدمير «حزب الله» للدبابات. وأضافت: «تسارع وتيرة العملية البرية الإسرائيلية في الخيام»، البلدة القريبة من الحدود، بعد ليلة من المعارك «العنيفة».

كذلك، أكد «حزب الله» استهداف القوات الإسرائيلية المتمركزة في شرق الخيام بـ4 دفعات من الصواريخ.

وتعدّ إسرائيل هذه البلدة «بوابة استراتيجية تسهل التقدم البري السريع»، بحسب الوكالة.

وقال رئيس بلدية دير ميماس، جورج نكد، للوكالة إن «القوات الإسرائيلية كانت قد وصلت من جهة كفركلا إلى تلة لوبيا الواقعة بين القليعة ودير ميماس ونصبت فيها حاجزاً، وإن هناك ما يقارب 20 شخصاً عالقين في البلدة بينهم امرأة حامل».

وأفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن نحو 200 صاروخ أُطلقت من لبنان على إسرائيل، الأحد. ونقلت الصحيفة عن مصادر القولَ إن تلك الصواريخ تسببت في وقوع إصابات وتلفيات في مناطق بوسط وشمال إسرائيل.

وأعلن «حزب الله»، في وقت سابق، الأحد، استهداف هدف عسكري في تل أبيب بالصواريخ والطائرات المُسيّرة، وذلك بعد أن استهدف أيضاً قاعدة أسدود البحرية الإسرائيلية.