لبنان... سلامة يبرّر خلال استجواب «مطوّل» مصدر الـ 42 مليون دولار

القضاء أصدر مذكرة توقيف بحقه ويستكمل التحقيق الخميس

TT

لبنان... سلامة يبرّر خلال استجواب «مطوّل» مصدر الـ 42 مليون دولار

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

لم يخالف قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي التوقعات حول حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، إذ أنهى جلسة استجوابه، الاثنين، بإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقّه، بناء على الجرائم المسندة إليه في متن ادعاء النيابة العامة المالية ضدّه، وهي «سرقة أموال عامة وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع». كما حدد جلسة ثانية يوم الخميس لاستكمال التحقيق معه.

جلسة سلامة التي استغرقت ساعتين ونصف الساعة، عقدت بحضور وكيل الدفاع عنه المحامي مارك حبقة، ووسط تدابير أمنية مشددة لم يعهدها قصر العدل من قبل، إلا في حالات استثنائية، حتى خلال التحقيقات التي أجرتها الوفود الأوروبية مع سلامة العام الماضي.

وأثارت هذه الإجراءات عشرات المحامين وروّاد قصر العدل الذين منعوا من دخول دائرة النيابة العامة في بيروت لمتابعة ملفاتهم، حتى أن الإجراءات شملت عناصر أمن منعوا من إدخال البريد إلى النيابة العامة، ما تسبب بإشكالات وصراخ ما بين المراجعين والقوى المكلفة تأمين الاستجواب.

الشرطة تحاول إبعاد متظاهرين عن بوابة قصر العدل لحظة استجواب سلامة (أ.ب)

وأفادت مصادر واكبت جلسة التحقيق، بأن الاستجواب «تمحور حول حساب الاستشارات العائد لشركات الوساطة والعمولة التي استحصلت عليها من البنك المركزي خلال الاكتتاب في سندات الخزينة وحققت بموجبها أرباحاً طائلة». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن قاضي التحقيق «أعطى سلامة الوقت الكافي لشرح آلية عمل حساب الاستشارات، وأن المدعى عليه أبلغ قاضي التحقيق أن مبلغ الـ42 مليون دولار المزعوم سرقته ليس من أموال مصرف لبنان ولا من أموال المودعين، بل مجرّد عمولة حصل عليها من المصارف التجارية ومن أفراد»، مشيرة إلى أن حلاوي «سيستدعي موظفين في البنك المركزي للتثبّت مما ورد في إفادة سلامة، وقد يجري مقابلات فيما بينهم».

متظاهرون يقتربون من السيارة الأمنية التي أقلت سلامة إلى قصر العدل في بيروت الاثنين (أ.ب)

وقالت إن سلامة «بدا متماسكاً خلال الجلسة، بخلاف ما يحكى عن أنه متعب نفسياً ومعنوياً، وأنه قدّم أجوبة واضحة ومستندات تدعم أقواله، وسمح له بالجلوس خلال طرح الأسئلة عليه، وبناء على ذلك تقرر استدعاء موظفين للاستماع إليهم».

ولا تستبعد المصادر أن «يستعين قاضي التحقيق بخبراء للتدقيق المالي لشرح بعض البنود الواردة في إفادة الحاكم السابق، وقد يطلب من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان مزيداً من المستندات المتعلقة بهذه الدعوى».

وقبل بدء الجلسة بساعة، حضر عشرات من عناصر الأمن إلى مبنى النيابة العامة ودائرة التحقيق في بيروت، وطلبوا إخلاءه من المحامين والإعلاميين والمدنيين الذين حضروا لمراجعة ملفاتهم.

وقبيل بدء الاستجواب حضرت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، القاضية هيلانة إسكندر، لمتابعة الجلسة، كونها اتخذت صفة الادعاء باسم الدولة اللبنانية، إلّا أن القاضي حلاوي لم يأذن لها بحضور جلسة الاستجواب.

متظاهرة تسلقت إحدى بوابات قصر العدل خلال استجواب سلامة (أ.ب)

وتضاربت المعلومات حول دوافع إخراج رئيسة هيئة القضايا من الجلسة، إذ عزت مصادر في قصر العدل الأسباب إلى دعوى المخاصمة التي سبق لسلامة أن رفعها ضدّ إسكندر في ملفّ سابق، إلّا أن مصادر مقربة من الأخيرة أشارت إلى أن حلاوي «رفض مثولها قبل الاستحصال على كتاب من وزير المال يوسف خليل، يفوضها تمثيل الدولة في هذا الملفّ». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن إسكندر «أبرزت الكتاب الذي تسلمته من وزير المال سابقاً».

وتضمن كتاب وزير المال المرسل إلى هيئة القضايا ما يلي: «نفيدكم بأن وزارة المالية أخذت علماً بخصوص انضمام الدولة اللبنانية إلى الدعوى العامة المقامة بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة وماريان الحويك (مساعدة رياض سلامة)، وكل من يظهره التحقيق، ويتوجب على هيئة القضايا القيام بما تراه مناسباً بهذا الخصوص».

ورغم الاتصالات التي أجرتها رئيسة هيئة القضايا بوزير العدل هنري الخوري ووزير المال يوسف خليل، لم تتمكن من حضور الجلسة.

متظاهرة أمام قصر العدل حيث استجوب سلامة تحمل حبل مشنقة (أ.ب)

وقبل ساعات من سوق سلامة إلى قصر العدل، نظّم عشرات المودعين في المصارف اللبنانية والذين خسروا أموالهم جرّاء الأزمة، اعتصاماً أمام مدخل قصر العدل في بيروت، ورفعوا لافتات ورددوا هتافات تتهم الحاكم السابق بسرقة أموالهم، كما أقدموا على اعتراض الموكب خلال دخوله قصر العدل، وعلت الصيحات المطالبة بالاقتصاص منه.


مقالات ذات صلة

رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)

رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي الذي أقره مجلس الوزراء سيدفع أموال المودعين من دون نقصان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس جوزيف عون مستقبلاً وفداً من قيادة الجيش بقيادة العماد رودولف هيكل (رئاسة الجمهورية)

عون: المؤسسات العسكرية والأمنية تشكل خط الدفاع الأول عن لبنان

أكد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون أن المؤسسات العسكرية والأمنية تشكّل خط الدفاع الأول عن لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزيرا الطاقة المصري واللبناني أثناء توقيعهما مذكرة التفاهم (رئاسة الحكومة اللبنانية)

مذكرة تفاهم بين القاهرة وبيروت لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي

وقّع لبنان مذكرة تفاهم مع مصر لتلبية احتياجاته من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى البرلمان

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

سوريا تطلق عملتها الجديدة

الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
TT

سوريا تطلق عملتها الجديدة

الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)

أُطلقت مساء الاثنين، في دمشق، العملة السورية الجديدة، في حفلٍ رسمي بقصر المؤتمرات، وكشف الرئيس أحمد الشرع وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية عن النسخ الأولى لليرة السورية الجديدة، التي تحمل رموزاً من بيئة المحافظات السورية.

وبحضور وزراء الحكومة السورية ودبلوماسيين، قال الشرع إن حدث تبديل العملة يشكّل عنواناً لأفول مرحلة سابقة لا مأسوف عليها، وبداية مرحلة جديدة يطمح لها الشعب السوري وشعوب المنطقة المتأملة بالواقع السوري الحديث.

وأردف أن الملف استغرق نقاشات طويلة، مشيراً إلى وجود ست تجارب لاستبدال العملة ونزع الأصفار على مستوى العالم، نجح نصفها ولم ينجح النصف الآخر، وأن العملية دقيقة جداً في تحول الحالة النقدية، «تحسين الاقتصاد يرتكز على زيادة معدلات الإنتاج وانخفاض معدلات البطالة في سوريا، وأحد أساسيات تحقيق النمو الاقتصادي، تحسين الحالة المصرفية، لأن المصارف كالشرايين بالنسبة للاقتصاد».

فئة الـ100 ليرة كما تبدو في خلفية حفل إطلاق العملة السورية الجديدة (سانا)

وأوضح أن مرحلة التحول حساسة ودقيقة، «وأهم عامل فيها عدم حدوث حالة فزع بين الناس»، وعدم المسارعة لرمي العملة القديمة واستبدال الجديدة بها، مؤكداً أن كل من يحمل عملة قديمة سيتم العمل على استبدال الجديدة بها، «ولذلك لا داعي للإلحاح على تبديلها لأن ذلك قد يضر بسعر صرف الليرة السورية». مشدداً على أن البلاد تحتاج إلى حالة من الهدوء وقت استبدال العملة، وأن المصرف المركزي أوضح أن ذلك سيتم وفق جدول زمني محدد.

المستشار عبد الله الشماع أوضح أن فريقاً من المستشارين والخبراء السوريين تعاون مع مصرف سوريا المركزي لوضع استراتيجية التبديل على أسس علمية ومعايير عالمية، بهدف جعل المصرف ركيزةً للاستقرار وقائداً للتحول الاقتصادي.

ورقة الـ200 ليرة الجديدة في الخلفية خلال حفل إطلاق العملة السورية الجديدة (سانا)

وبين الشماع أن الرؤية استندت إلى خمس ركائز هي: السياسة النقدية والاستقرار السعري، سوق صرف متوازن وشفاف، قطاع مصرفي سليم، مدفوعات رقمية آمنة، التكامل المالي الدولي والشمول المالي المستدام.


رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن «مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي الذي أقره مجلس الوزراء وأحاله أمس إلى البرلمان، سيدفع أموال المودعين من دون نقصان ويفرض غرامات على من حوّل الأموال إلى الخارج، وعلى من استفاد من الهندسات المالية».

وجاءت مواقف سلام في مؤتمر صحافي عقده للحديث عن القانون الذي أقرته الحكومة ويلقى ردود فعل منتقده عليه من مختلف الجهات، لا سيما المصارف والمودعين، إضافة إلى بعض الكتل النيابية، وهو ما رد عليه سلام قائلاً: «منفتحون على أي اقتراحات تهدف لتحسين ما أتى به هذا القانون، ولكن لا يمكن أن نقبل بالنقد الذي لا يقدّم البدائل».

وقال سلام: «مشروع القانون سيسلك طريقه إلى مجلس النواب، وسننشر نسخة منه على الموقع الرسميّ ليتسنّى للمواطنين جميعهم الاطلاع عليه لما من شأنه تخفيف الالتباسات ويقينا جميعاً من التسرع وإطلاق الأحكام الجازمة، ومنها ما يكشف عن آراء مسبقة جرى الترويج لها منذ أسابيع».

واعتبر أن «مشروع القانون هذا يسعى إلى إخراج لبنان من الحالة الحاضرة التي تعرّض بلادنا إلى أخطار متزايدة يتوجّب علينا اجتنابها بروح المسؤولية والحكمة والشجاعة».

ورأى «إنّ ردّ الودائع إلى أصحابها بطريقة مرحلية خير من تأجيل بتّ مصيرها، وهو ما يؤول إلى تآكلها وإلى حرمان لبنان من فرصة التعافي والإفادة من الدعم العربي والدولي».

وأضاف: «سيتبيّن لكل من سوف يتعرّف بموضوعية إلى مشروع القانون أنّه سيدفع أموال المودعين من دون نقصان، ويفرض غرامات على الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج قبل الانهيار المالي والمصرفي لمدة ستة أشهر... وبعده، وعلى الذين استفادوا من الهندسات المالية ومن الأرباح والمكافآت المفرطة... وهو يدعو أيضاً إلى مواصلة التدقيق الجنائي والمحاسبي، خلافاً لما حاول البعض نكرانه».

ليس مثالياً

ويولي مشروع القانون، حسب سلام، «من الإنصاف والعدالة الاجتماعية، أهمية كبرى لاسترداد أصحاب الودائع التي لا يتجاوز مبلغها المائة ألف دولار ودائعهم بقيمتها الاسمية الكاملة خلال أربع سنوات... كحدّ أقصى. ويمثّل هؤلاء 85 بالمائة من المودعين»، مضيفاً: «يحصل باقي المودعين، على غرار هذه الفئة الكبيرة، على مائة ألف دولار خلال المدة نفسها»، أمّا رصيد ودائعهم فسينالونه بواسطة سندات معزّزة بأصول مصرف لبنان. وهي وإن لا تستحق إلا بعد عدد من السنوات، لكن خلال هذه المدة يستردّ حاملو هذه السندات 2 في المائة سنوياً من قيمتها الإجمالية. إضافة إلى ذلك، فبانتظار مواعيد آجالها، ستكون هذه السندات قابلة للتداول، لا سيّما في بورصة بيروت».

وجدد سلام القول ما قاله سابقاً إن «هذا القانون ليس مثالياً... لكنّه أفضل الممكن على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار، حيث عملنا ضمن الإمكانات المتاحة واستناداً إلى توقّعات مدروسة».

وأضاف: «أكرّر أنّنا لا نبيع اللبنانيات واللبنانيين أوهاماً ولا نخفي الحقائق عنهم، ورهاننا أوّلاً هو على الشفافية والحق في المعرفة المباشرة التي يستحقّها كل المواطنين ليحكموا بأنفسهم على هذا المشروع. وسنكون منفتحين على الحوار معكم جميعاً اليوم وغداً وبعد غد».

ودعا سلام «النواب وممثّلي الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني إلى وقفة وطنية تقدّم المصلحة العامة على أي اعتبار آخر، فنحن منفتحون على أي اقتراحات تهدف لتحسين ما أتى به هذا القانون، ولكن لا يمكن أن نقبل بالنقد الذي لا يقدّم البدائل، فهذا يساهم في إطالة الأزمة والاستمرار في هدر أموال المودعين وشلل المصارف وتقويض الاقتصاد».


تفاهم مصري - لبناني يمهد لتعاون مستقبلي في الغاز والطاقة

الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)
TT

تفاهم مصري - لبناني يمهد لتعاون مستقبلي في الغاز والطاقة

الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)

بينما وقعت مصر مذكرة تفاهم مع لبنان لتلبية احتياجات الأخير من الغاز الطبيعي، يرى خبراء في الطاقة تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الخطوة «تمهد لتعاون في الملف، لكنها لا تعني إمدادا فوريا من الغاز إلى لبنان».

واستقبل الرئيس اللبناني جوزيف عون، الاثنين، وزير البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي، وبحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، أعلن عون، التوقيع مع مصر على مذكرة تفاهم لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي؛ تؤمن القدرة على زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية.

خبير البترول المصري عضو «مجلس الطاقة العالمي»، الدكتور ماهر عزيز، أكد أن مذكرات التفاهم من هذا النوع «يعقبها إجراءات واتفاقيات تفصيلية تخص كل مشروع بذاته، ومن المتوقع أن تكون هناك مشروعات ببين البلدين تتعلق في المقام الأول بإمداد لبنان بالخبرات المصرية اللازمة للتوسع في مشروعات الطاقة، والسعي لإمداد لبنان بحاجتها من الغاز في إطار مخططات مصر حالياً للتحول إلى مقر إقليمي لتسويق الطاقة، بأن تستورد الغاز الخام من عدة دول وتسييله وإعادة تصديره والاستفادة من فروق السعر».

وفرة جيدة

وأوضح عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «مصر حظيت في سنوات سابقة بوفرة جيدة في مصادر الغاز الطبيعي؛ ما أدى إلى تصديره لدول الجوار الشرقي في الأردن وإسرائيل لسنوات عديدة، وزادت الإمدادات بعد بداية اكتشاف حقل ظهر، قبل أن ينعكس الوضع وتتحول لمستورد، لكنها حالياً عملت على حل المشكلات التقنية في حقل ظهر بالإضافة لاكتشافات أخرى، فضلاً عما تستورده بغرض الاستهلاك المحلي، وإعادة التسييل ثم التصدير».

وتعتمد مصر على الغاز المسال في تشغيل محطات توليد الكهرباء، وشهد إنتاج مصر من الغاز الطبيعي تراجعاً منذ عام 2022؛ ما دفعها للتحول إلى مستورد، ويبلغ الإنتاج الحالي لمصر من الغاز الطبيعي 4.1 مليار قدم مكعبة يومياً، بحسب وكالة «رويترز».

ووقَّعت مصر أخيراً عبر شركات صفقة ضخمة لاستيراد الغاز من إسرائيل بقيمته تبلغ 35 مليار دولار.

إدارة ذكية

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أحمد أبو علي قال إن «توقيع مذكرة التفاهم بين مصر ولبنان لا تجب قراءته بمنطق (التوريد الفوري) بقدر ما ينبغي فهمه في إطار إدارة ذكية للموارد والطاقة على مستوى إقليمي، حيث إن مصر تمتلك بنية تحتية متقدمة ومتكاملة في قطاع الغاز الطبيعي، تشمل الإسالة، والنقل، وإعادة التصدير، فضلاً عن خبرات فنية متراكمة في الاكتشاف والتشغيل، وهو ما يجعلها قادرة على لعب دور (المُيسّر الإقليمي) للطاقة، حتى في الفترات التي تشهد توازناً دقيقاً بين الإنتاج والاستهلاك المحلي. ومن ثم، فالمقصود ليس بالضرورة ضخ كميات فورية من الغاز، وإنما توظيف القدرات المصرية الفنية واللوجيستية والاستثمارية لدعم لبنان في إعادة تشغيل قطاع الطاقة، ورفع كفاءة إنتاج الكهرباء، سواء عبر التعاون في الحقول، أو إعادة هيكلة سلاسل الإمداد، أو الربط الإقليمي للطاقة».

شراكة طويلة

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «على المستوى الاستراتيجي، فإن مذكرة التفاهم تمثل تمهيداً محسوباً لشراكة طويلة الأجل، تتسق مع رؤية مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتداول وتسويق الطاقة في شرق المتوسط؛ فالقاهرة لا تتحرك هنا بدافع سياسي أو تضامني فقط، بل بمنطق اقتصادي واضح يقوم على بناء شبكات تعاون إقليمي، وتثبيت موقعها كمحور رئيسي في معادلة الطاقة، خصوصاً في ظل التحولات الجيوسياسية واضطراب أسواق الإمداد عالمياً».

وفي تعليقه على مذكرة التفاهم، أكد وزير البترول المصري كريم بدوي، أن مصر ستقدم كل الدعم للبنان من خلال الخبرات والإمكانات في مجالات عدة، منها: استكشاف حقول الغاز، واستخراجه، ونقله وتوزيعه، بحسب ما نقلته الرئاسة اللبنانية في بيان.

إطار للبناء

الخبيرة اللبنانية في شؤون البترول والطاقة لوري هايتيان، قالت إن «هذه الخطوة تعد إيجابية في إطار التعاون المستقبلي بملف الطاقة بين البلدين، لكن واقعياً ليس هناك على المدى القريب أو المنظور تبادل أو إمداد غاز من مصر للبنان في الوقت الحالي في ظل أن مصر تستورد الغار لتلبية احتياجاتها المحلية، كما أنه توجد مشكلات تقنية قد تؤخر هذا الأمر».

وشرحت لـ«الشرق الأوسط»: «عند حدوث أزمة الطاقة الطاحنة في لبنان عام 2019 كانت هناك خطة لتعاون واستيراد الغاز من مصر عبر الأنبوب العربي الذي يمر بالأردن وسوريا ثم إلى شمال لبنان، وبدأ الكلام عن هذا المشروع عام 2021، لكن كان يعوق الأمر قبل سقوط نظام بشار الأسد أن سوريا عليها عقوبات تعرقل هذا التعاون، وحالياً أصبح الأمر ممهداً لاستئناف عملية إتمام المشروع، لكن الحكومة اللبنانية تقول إن هناك حاجة ماسة لصيانة الأنبوب في الجزء الموجود منه في لبنان، وكذلك في سوريا ما يعني أن المسألة ستستغرق بعض الوقت».

ونوهت إلى أن «مذكرة التفاهم تجعل هناك إطاراً يمكن البناء والاعتماد عليه لاستئناف هذا المشروع حين إتمام الصيانة اللازمة للأنبوب، وكذلك لأي مشروعات تعاون في الطاقة مستقبلاً، ويؤشر أيضاً إلى أنه حينما تكون هناك طاقة متوفرة في مصر ولبنان بحاجة إليها فستمده القاهرة بها، ومصر تقدر على ذلك؛ لأن كل ما يحتاج إليه لبنان هو كمية غاز لتشغيل محطة كهرباء واحدة في شمال البلاد».