لبنان... سلامة يبرّر خلال استجواب «مطوّل» مصدر الـ 42 مليون دولار

القضاء أصدر مذكرة توقيف بحقه ويستكمل التحقيق الخميس

TT

لبنان... سلامة يبرّر خلال استجواب «مطوّل» مصدر الـ 42 مليون دولار

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

لم يخالف قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي التوقعات حول حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، إذ أنهى جلسة استجوابه، الاثنين، بإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقّه، بناء على الجرائم المسندة إليه في متن ادعاء النيابة العامة المالية ضدّه، وهي «سرقة أموال عامة وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع». كما حدد جلسة ثانية يوم الخميس لاستكمال التحقيق معه.

جلسة سلامة التي استغرقت ساعتين ونصف الساعة، عقدت بحضور وكيل الدفاع عنه المحامي مارك حبقة، ووسط تدابير أمنية مشددة لم يعهدها قصر العدل من قبل، إلا في حالات استثنائية، حتى خلال التحقيقات التي أجرتها الوفود الأوروبية مع سلامة العام الماضي.

وأثارت هذه الإجراءات عشرات المحامين وروّاد قصر العدل الذين منعوا من دخول دائرة النيابة العامة في بيروت لمتابعة ملفاتهم، حتى أن الإجراءات شملت عناصر أمن منعوا من إدخال البريد إلى النيابة العامة، ما تسبب بإشكالات وصراخ ما بين المراجعين والقوى المكلفة تأمين الاستجواب.

الشرطة تحاول إبعاد متظاهرين عن بوابة قصر العدل لحظة استجواب سلامة (أ.ب)

وأفادت مصادر واكبت جلسة التحقيق، بأن الاستجواب «تمحور حول حساب الاستشارات العائد لشركات الوساطة والعمولة التي استحصلت عليها من البنك المركزي خلال الاكتتاب في سندات الخزينة وحققت بموجبها أرباحاً طائلة». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن قاضي التحقيق «أعطى سلامة الوقت الكافي لشرح آلية عمل حساب الاستشارات، وأن المدعى عليه أبلغ قاضي التحقيق أن مبلغ الـ42 مليون دولار المزعوم سرقته ليس من أموال مصرف لبنان ولا من أموال المودعين، بل مجرّد عمولة حصل عليها من المصارف التجارية ومن أفراد»، مشيرة إلى أن حلاوي «سيستدعي موظفين في البنك المركزي للتثبّت مما ورد في إفادة سلامة، وقد يجري مقابلات فيما بينهم».

متظاهرون يقتربون من السيارة الأمنية التي أقلت سلامة إلى قصر العدل في بيروت الاثنين (أ.ب)

وقالت إن سلامة «بدا متماسكاً خلال الجلسة، بخلاف ما يحكى عن أنه متعب نفسياً ومعنوياً، وأنه قدّم أجوبة واضحة ومستندات تدعم أقواله، وسمح له بالجلوس خلال طرح الأسئلة عليه، وبناء على ذلك تقرر استدعاء موظفين للاستماع إليهم».

ولا تستبعد المصادر أن «يستعين قاضي التحقيق بخبراء للتدقيق المالي لشرح بعض البنود الواردة في إفادة الحاكم السابق، وقد يطلب من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان مزيداً من المستندات المتعلقة بهذه الدعوى».

وقبل بدء الجلسة بساعة، حضر عشرات من عناصر الأمن إلى مبنى النيابة العامة ودائرة التحقيق في بيروت، وطلبوا إخلاءه من المحامين والإعلاميين والمدنيين الذي تواجدوا لمراجعة ملفاتهم.

وقبيل بدء الاستجواب حضرت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، القاضية هيلانة إسكندر، لمتابعة الجلسة، كونها اتخذت صفة الادعاء باسم الدولة اللبنانية، إلّا أن القاضي حلاوي لم يأذن لها بحضور جلسة الاستجواب.

متظاهرة تسلقت إحدى بوابات قصر العدل خلال استجواب سلامة (أ.ب)

وتضاربت المعلومات حول دوافع إخراج رئيسة هيئة القضايا من الجلسة، إذ عزت مصادر في قصر العدل الأسباب إلى دعوى المخاصمة التي سبق لسلامة أن رفعها ضدّ إسكندر في ملفّ سابق، إلّا أن مصادر مقربة من الأخيرة أشارت إلى أن حلاوي «رفض مثولها قبل الاستحصال على كتاب من وزير المال يوسف خليل، يفوضها تمثيل الدولة في هذا الملفّ». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن إسكندر «أبرزت الكتاب الذي تسلمته من وزير المال سابقاً».

وتضمن كتاب وزير المال المرسل إلى هيئة القضايا ما يلي: «نفيدكم بأن وزارة المالية أخذت علماً بخصوص انضمام الدولة اللبنانية إلى الدعوى العامة المقامة بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة وماريان الحويك (مساعدة رياض سلامة)، وكل من يظهره التحقيق، ويتوجب على هيئة القضايا القيام بما تراه مناسباً بهذا الخصوص».

ورغم الاتصالات التي أجرتها رئيسة هيئة القضايا بوزير العدل هنري الخوري ووزير المال يوسف خليل، لم تتمكن من حضور الجلسة.

متظاهرة أمام قصر العدل حيث استجوب سلامة تحمل حبل مشنقة (أ.ب)

وقبل ساعات من سوق سلامة إلى قصر العدل، نظّم عشرات المودعين في المصارف اللبنانية والذين خسروا أموالهم جرّاء الأزمة، اعتصاماً أمام مدخل قصر العدل في بيروت، ورفعوا لافتات ورددوا هتافات تتهم الحاكم السابق بسرقة أموالهم، كما أقدموا على اعتراض الموكب خلال دخوله قصر العدل، وعلت الصيحات المطالبة بالاقتصاص منه.


مقالات ذات صلة

التعليم الرسمي اللبناني في «خطر»

المشرق العربي أهالي يشترون الكتب المدرسية من المكتبات مع بدء العام الدراسي الجديد (إ.ب.أ)

التعليم الرسمي اللبناني في «خطر»

لم يمرّ قرار وزارة التربية في لبنان بتحديد مساهمة مالية لتسجيل التلامذة بالمدارس الرسمية مرور الكرام، رغم أنها مقبولة مقارنةً بما يُدفع بالمدارس الخاصة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون على إطفاء حرائق ناتجة عن قصف إسرائيلي بجنوب لبنان (جمعية الرسالة)

إسرائيل ترهن وقف تهديدها للبنان بانسحاب «حزب الله» من جنوب الليطاني

تقول مصادر لبنانية إن إسرائيل أبلغت لبنان رسالة مفادها أنها مستمرة في حربها ضد «حزب الله» إلى أن يرضخ لشروطها بإبعاد قواته ما بين 10 و12 كلم من الحدود المشتركة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي «مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)

لبنان يواجه حزمة استحقاقات مالية «داهمة»

يشهد لبنان زحمة استحقاقات مالية مهمة ومتزامنة خلال الشهر الحالي؛ تبدأ بشروع الحكومة في مناقشة مشروع قانون الموازنة للعام المقبل.

علي زين الدين
المشرق العربي الراعي مُحاطاً بفعاليات شعبية ورجال دين خلال مناسبة دينية يوم الجمعة (البطريركية المارونية)

الراعي يصف شغور الرئاسة اللبنانية بـ«المتعمَّد»

وصف البطريرك الماروني بشارة الراعي الشغور في موقع رئاسة الجمهورية المتواصل منذ 22 شهراً بأنه «متعمَّد».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من بلدة كفركلا في جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (د.ب.أ)

ارتفاع وتيرة المواجهات في جبهة جنوب لبنان... وتل أبيب ترفض ربطها بهدنة غزة

ارتفعت وتيرة المواجهات في الجنوب بين إسرائيل و«حزب الله» في وقت كشف فيه وزير الخارجية اللبناني عن أن تل أبيب غير مهتمة بوقف النار في جبهة الجنوب

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لبنان يعلن استعداده لـ«مفاوضات غير مباشرة» مع إسرائيل لوقف الحرب

لبنانيون يشاركون في تشييع 3 عناصر من الدفاع المدني قتلوا في هجوم إسرائيلي السبت (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاركون في تشييع 3 عناصر من الدفاع المدني قتلوا في هجوم إسرائيلي السبت (أ.ف.ب)
TT

لبنان يعلن استعداده لـ«مفاوضات غير مباشرة» مع إسرائيل لوقف الحرب

لبنانيون يشاركون في تشييع 3 عناصر من الدفاع المدني قتلوا في هجوم إسرائيلي السبت (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاركون في تشييع 3 عناصر من الدفاع المدني قتلوا في هجوم إسرائيلي السبت (أ.ف.ب)

أعربت الحكومة اللبنانية عن استعدادها للقيام بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لوقف إطلاق النار ووقف الحرب المندلعة في الجنوب بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، وسط تبادل متصاعد لإطلاق النار، وتهديدات إسرائيلية بتوسعة الحرب.

وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، خلال استقباله السفراء والقائمين بأعمال سفارات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، «الحاجة إلى أن يتخذ مجلس الأمن الدولي إجراءات أكثر فاعلية وحسماً في معالجة الانتهاكات والهجمات الإسرائيلية على المدنيين اللبنانيين»، معتبراً أنه «يجب أن تكون استجابة مجلس الأمن سريعة وقوية، وتهدف إلى حماية المدنيين الأبرياء وعناصر الدفاع المدني، الذين يبذلون قصارى جهدهم لتخفيف آلام المدنيين».

وشدد على «أننا ندين بشدة الاستهداف الإسرائيلي المستمر للمدنيين اللبنانيين، الذي يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي وتهديداً لسلامة الشعب اللبناني وأمنه».

وشكر ميقاتي أعضاء مجلس الأمن على «دعمهم لتجديد ولاية اليونيفيل وعلى التزامهم المستمر بالاستقرار في لبنان»، داعياً «مجلس الأمن إلى تحمل مسؤوليته في الحفاظ على القانون الدولي والأمن، من خلال محاسبة المسؤولين عن استهداف المدنيين اللبنانيين».

وشدد على أنّ «لبنان يؤكد التزامه بالسلام والاستقرار وحماية شعبه»، مشيراً إلى «أهمية التعاون والدعم الدوليين في تحقيق الاستقرار الدائم والبناء في المنطقة».

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

وبعد الاجتماع قال وزير الخارجية، عبد الله بوحبيب: «أكد جميع السفراء خلال الاجتماع تأييدهم لعدم استهداف المدنيين، مع التذكير بالقانون الذي صدر في جنيف؛ حيث إن هناك قوانين دولية تحمي المدنيين كافة أثناء الحرب، باعتبار أن عمل الصحافي، أثناء الحروب ولدى تغطيته للعمليات، لا يعني أنه يؤيد طرفاً محدداً، كذلك عمل الدفاع المدني».

وتابع: «أدان معظم السفراء بشكل غير مباشر هذه الاعتداءات، وأكدوا أنهم ضد استهداف المدنيين، وتم الاتفاق على عدم استعمال كلمة (عدم التصعيد) وإنما علينا استعمال كلمة (وقف الاعتداءات)».

وقال بوحبيب: «نحن كحكومة نريد وقف إطلاق النار ووقف الحرب، وأبلغنا معظم المعنيين استعدادنا للقيام بمفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين من أجل ذلك». ولفت إلى قرار أعلنه رئيس الحكومة، وهو «الطلب من بعثتنا في الأمم المتحدة التشاور مع أعضاء مجلس الأمن بشأن جلسة لمجلس الأمن عن لبنان، وخصوصاً عن استهداف المدنيين»، كما لفت إلى أن «هناك دعماً قوياً للبنان من كل الجهات، وهذا الذي يمنع حصول حرب شاملة في جنوبنا».

وأوضح بوحبيب: «نحن لم نطلب من مجلس الأمن وقف القتال، ولكن طلبنا اجتماعاً استشارياً قد يؤدي إلى ذلك، أو يؤدي إلى عدم استهداف المدنيين؛ لذلك نحن نعمل على كل المنابر الدولية. نحن نتكلم مع كل الدول ومع مجلس الأمن وفي حال حصول وقف إطلاق نار يجب أن يكون هناك قرار جديد».

وأشار إلى أن «إسرائيل هي من ترفض، أما (حزب الله) فمن المعقول أن يرفض، ولكنه ليس دولة ليقول نعم أو لا، الدولة اللبنانية هي التي تقول نعم أم لا. إذا كان هناك نوع من قرار جيد نقبل به كدولة، فسنحاول أن نقنع (حزب الله) به، وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية، فـ(حزب الله) ليس عضواً في الأمم المتحدة، بل لبنان و(حزب الله) معنا من هذه الناحية».

وأوضح، رداً على سؤال، أن أي قرار سيصدر بوقف إطلاق النار سيكون قراراً جديداً، وليس نسخة معدلة من القرار 1701.

تهديدات إسرائيلية

ويأتي الطلب اللبناني وسط تهديدات إسرائيلية توسعت من كابينت الحرب إلى المعارضة، إذ رأى عضو كابينت الحرب الإسرائيلي السابق ورئيس كتلة «المعسكر الوطني»، بيني غانتس، أن على إسرائيل شن حرب على لبنان، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى بين إسرائيل وحركة «حماس» في الفترة القريبة.

وقال غانتس، خلال كلمة أمام مؤتمر الحوار الشرق أوسطي الأميركي (MEAD) في واشنطن، ليل الأحد: «حان وقت الشمال. ونحن متأخرون، وأعتقد أن علينا تنفيذ صفقة من أجل إعادة المخطوفين، حتى لو كان ذلك بثمن مؤلم جداً، لكن إذا لم نتوصل إلى ذلك خلال أيام أو عدة أسابيع قليلة، ينبغي الصعود إلى حرب في الشمال وضمان أن نتمكن من إعادة السكان إلى بيوتهم». وتابع أنه «بإمكاننا تحقيق هذه الغاية، حتى لو تطلّب ذلك استهداف دولة لبنان نفسها، وأنا لا أرى طريقاً آخر».

الدخان يتصاعد في جنوب لبنان بعد غارة إسرائيلية (رويترز)

ميدانياً، أعلن الجيش الإسرائيلي أن الطائرات الحربية والمروحية هاجمت ليل الأحد - الاثنين مباني عسكرية ومنصة إطلاق تابعة لـ«حزب الله» في مناطق كفركلا والطيبة وحنين ويارين.

وأكد مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية أن غارة «شنها العدو الإسرائيلي على بلدة حانين أدت إلى إصابة 4 أشخاص بجروح استدعت إدخالهم إلى المستشفى للعلاج».

إسرائيلية تتفقد الأضرار بعد هجمات نفذها «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل (رويترز)

في المقابل، أعلن «حزب الله» عن إطلاق مسيّرات انقضاضية هاجمت مقر قيادة لواء غولاني ومقر وحدة إيغوز 621 في ثكنة شراغا شمال عكا، كما أعلن عن استهداف موقع جل العلام بمحلقتين انقضاضيتين «أصابتا ‏أهدافهما بشكل مباشر».

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن هجوم الطائرات المسيّرة لـ«حزب الله» خلّف إصابة مباشرة في شقة سكنية بالطابق الـ14 في مبنى سكني جديد بشمال نهاريا.

وقال «حزب الله» في بيانات أخرى إنه استهدف موقع معيان باروخ بالأسلحة الصاروخية، وإن «وحدة ‏الدفاع ‏الجوي في المقاومة الإسلامية تصدت لطائرة حربية صهيونية، وأطلقت باتجاهها ‏صاروخ أرض جو؛ ‏مما أجبرها على مغادرة الأجواء اللبنانية»، فضلاً عن استهداف موقع المرج بقذائف المدفعية، وموقع حبوشيت بالأسلحة الصاروخية.

«الجماعة الإسلامية»

بدورها، أعلنت «قوات الفجر - الجناح العسكري للجماعة الإسلامية»، في بيان، عن توجيه رشقة صاروخية استهدفت موقع «بيت هلل» في كريات شمونة. وبعد الظهر، أعلنت «قوات الفجر» استهدافها بصلية صاروخية ثانية الموقع نفسه.

أضرار بمبنى في نهاريا انفجرت فيه طائرة مسيّرة أطلقها «حزب الله» (رويترز)