«هدنة غزة»: «تفاصيل دقيقة» تهدد مفاوضات القاهرة

مصر تطالب بضغط دولي لوقف إطلاق النار

رد فعل فلسطينية خلال جنازة قتلى سقطوا في غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)
رد فعل فلسطينية خلال جنازة قتلى سقطوا في غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: «تفاصيل دقيقة» تهدد مفاوضات القاهرة

رد فعل فلسطينية خلال جنازة قتلى سقطوا في غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)
رد فعل فلسطينية خلال جنازة قتلى سقطوا في غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

في وقت يبذل الوسطاء جهوداً لتجاوز نقاط الخلاف المتبقية والوصول إلى هدنة تنهي الحرب في قطاع غزة، أفادت معلومات أميركية بانتقال المناقشات لمرحلة «التفاصيل الدقيقة»، فيما تسود مخاوف من «عقبات رئيسية» تهدد المفاوضات، على رأسها تمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالبقاء في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر.

ووفق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، الاثنين، فإن «المفاوضين يواصلون في القاهرة (منذ الخميس) العمل للتوصل إلى اتفاق» هدنة بغزة، وفق ما نقلته شبكة «سي إن إن».

وأحرزت المفاوضات، وفق المسؤول ذاته، «تقدماً خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ حيث ناقش الوسطاء التفاصيل النهائية لاتفاق محتمل بما في ذلك أسماء الفلسطينيين في سجون إسرائيل الذين سيتم تبادلهم»، إلا أن «مثل هذا التقدم لا يضمن التوصل إلى اتفاق نهائي في أي وقت قريب رغم أن المفاوضين في العاصمة المصرية يناقشون التفاصيل الدقيقة للاتفاق».

ونفى مكتب نتنياهو تقارير إعلامية أفادت بأن إسرائيل وافقت على خفض قواتها في محور فيلادلفيا، من أجل إبرام اتفاق، مؤكداً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي «متمسك بمبدأ بقاء القوات الإسرائيلية».

رجل يجلس على الأنقاض بينما يتجمع الفلسطينيون لتلقي الطعام من مطبخ خيري في جباليا شمال غزة (رويترز)

وبخلاف عقبة محور فيلادلفيا، الممتد على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر، وفق الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بشير عبد الفتاح، لـ«الشرق الأوسط»، هناك عقبات رئيسية أخرى مثل ممر نتساريم الذي يقسم القطاع إلى نصفين تتمركز فيه قوات إسرائيلية، بخلاف الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

وباعتقاد عبد الفتاح أن ذلك التموضع للقوات الإسرائيلية سيبقى عائقاً للتوصل إلى اتفاق وفق ما يريد نتنياهو، مؤكداً أنه لو تنازل الأخير عن وجوده في معبر رفح فلن يتنازل عن محور فيلادلفيا، لكن هناك قضايا أخرى حالياً قيد النقاش ويمكن معالجتها، وتتمثل في عدد الأسرى وإتاحة حق الفيتو لإسرائيل على بعض الأسماء.

وتوقع «ألا يحدث تقدم حقيقي مع المساحات الشاسعة في الخلافات» مع إصرار نتنياهو على عدم التوصل لصفقة و«إضاعة الوقت لحين وصول حليفه دونالد ترمب» إلى البيت الأبيض.

وخلال لقائه رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، الثلاثاء، في العلمين، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المجتمع الدولي إلى «الضغط المكثف لإتمام اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة»، وأكد الجانبان «ضرورة التهدئة وخفض التصعيد الإقليمي»، حسب إفادة للرئاسة المصرية.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن واشنطن تريد بتصريحاتها الإيجابية المستمرة أن تطرح بارقة أمل عن مصير المفاوضات، مستدركاً: «لكن في ظل إصرار نتنياهو على عدم الخروج من فيلادلفيا، وعدم وجود ضغوط جادة من واشنطن فلا تقدم سيحدث، خصوصاً أن (حماس) متمسكة بانسحاب إسرائيلي كامل من غزة».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».