نصر الله يتفهم المزاج الشعبي ويعد اللبنانيين بفرصة لتنفس الصعداء

تقديراً منه لتعب جمهوره من طول أمد مساندته لـ«حماس»

شبان لبنانيون يستمعون في مقهى بمنطقة الشياح في ضاحية بيروت الجنوبية إلى كلمة أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله متحدثا عن الردّ على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ف.ب)
شبان لبنانيون يستمعون في مقهى بمنطقة الشياح في ضاحية بيروت الجنوبية إلى كلمة أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله متحدثا عن الردّ على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ف.ب)
TT

نصر الله يتفهم المزاج الشعبي ويعد اللبنانيين بفرصة لتنفس الصعداء

شبان لبنانيون يستمعون في مقهى بمنطقة الشياح في ضاحية بيروت الجنوبية إلى كلمة أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله متحدثا عن الردّ على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ف.ب)
شبان لبنانيون يستمعون في مقهى بمنطقة الشياح في ضاحية بيروت الجنوبية إلى كلمة أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله متحدثا عن الردّ على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ف.ب)

شكَّل الخطاب الذي ألقاه أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وأعلن فيه انتهاء المرحلة الأولى من رد «الحزب» على إسرائيل باغتيالها أحد أبرز قيادييه العسكريين فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية قبل أسابيع، مناسبة للتوجه إلى جمهوره، ليس لتبديد القلق الذي يساوره حيال تأخره في الرد فحسب، وإنما لمصارحته بطبيعة المرحلة السياسية الراهنة في ظل استمرار مساندته لحركة «حماس»، انطلاقاً من أنه لا نية لديه لتوسعة الحرب، وإن كان الموقف نفسه ينسحب على إسرائيل، وإنما على قاعدة أن لكل منهما حساباته الذاتية في ضوء الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة الأميركية، وأدى إلى توافق الخصمين على إنهاء المرحلة الأولى.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية غربية أن واشنطن تصدرت الضغوط الدولية لنزع فتيل التفجير، ومنع تدحرج المواجهة بين إسرائيل و«الحزب» نحو إشعال الحرب على نطاق واسع، وأن الضغوط أدت لتجاوب الطرفين لمنع تفلت الوضع وإبقائه تحت السيطرة.

وكشفت المصادر الدبلوماسية المواكبة للاتصالات التي تولتها واشنطن بين بيروت وتل أبيب بأن الأخيرة تجاوبت مع دعوتها للإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى، وقوبلت برد مماثل من «حزب الله»، مع أنها كانت قد بادرت للقيام بهجوم استباقي. وقالت إنه لا مجال أمامها سوى العودة إلى قواعد الاشتباك التي اهتزت أخيراً تحت ضغط ارتفاع منسوب المواجهة العسكرية لتطول العمقين اللبناني والإسرائيلي.

ولفتت إلى أن «الحزب» تجاوب مع الوساطة الأميركية من خلال الحكومة اللبنانية. وأكدت أن هناك ضرورة للتقيُّد بقواعد الاشتباك في ظل عدم استعدادهما لتوسعة الحرب وذلك بامتناعهما عن استهداف البنى التحتية والمدنيين، وتحييدهما لضاحيتي بيروت الجنوبية وتل أبيب عن القصف.

ورأت أن «الحزب» لم يكن في وارد توسعة الحرب، وإلا فلماذا نأى بنفسه عن استخدامه ما في مخزونه من صواريخ دقيقة وذكية رداً على الغارات التي نفذها الطيران الحربي الإسرائيلي استباقاً لرده على اغتيال شكر؟

وقالت إن المواجهة بين الطرفين يُفترض أن تبقى تحت سقف تلك التي انطلقت مع مساندة «الحزب» لـ«حماس» وما تخللها من تبادل للخروق التي تتراوح بين هبّة باردة وأخرى ساخنة.

أما على صعيد التداعيات اللبنانية لمساندة «الحزب» لـ«حماس»، فأكدت المصادر السياسية أن ما يهم «الحزب»، بعد انقضاء أكثر من 10 أشهر عليها، التوجه إلى جمهوره، وعبره إلى اللبنانيين، لأن من حق جميع هؤلاء أن يلتقطوا أنفاسهم، لأن طول أمد المساندة شكّل مفاجأة لهم لم تكن في حسبانهم فأتعبتهم، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الجنوبيين من بلداتهم الأمامية الواقعة على خط النار بين «الحزب» وتل أبيب.

وتتوقف أمام التوقيت الذي اختاره «الحزب» للرد على إسرائيل، وتقول إنه حدد التوقيت المناسب، فجر الأحد الماضي، حرصاً منه على عدم تعريض الجنوبيين إلى الخطر في حال قرر تحديده لساعة الصفر في وضح النهار الذي يصادف يوم عطلة ما يضطر هؤلاء للخروج من منازلهم.

وتقول إن نصر الله توخى أيضاً من خطابه بقوله إنه يمكن للبنان أن يرتاح، بما يسمح للبنانيين أن يريحوا أعصابهم ويلتقطوا أنفاسهم، ومن يريد العودة إلى بيته فليعد إليه مطمئناً وآمناً، ويستطيع أن يأخذ النفس ويرتاح ويزاول عمله كالمعتاد، وهذا من حقه، بعد أن «أعلن العدو أن ما جرى اليوم انتهى».

وتؤكد أنه يخص بدعوته هذه سكان الضاحية الجنوبية لاضطرار معظمهم لترك منازلهم والنزوح إلى مناطق آمنة خوفاً من استهداف إسرائيل للضاحية في ردها على رد «الحزب» ثأراً منها لاغتيالها شكر.

وتتعامل مع دعوة نصر الله هذه من زاوية أنه أخذ على عاتقه مسؤولية دعوتهم للعودة إلى منازلهم ومزاولة أعمالهم بصورة طبيعية. وترى أنه لم يكن مضطراً ليغامر بمصيرهم لو لم تتوافر له جملة من المعطيات السياسية بأنه لا نية لديه لتوسعة الحرب، وهذا ما ينسحب أيضاً على إسرائيل التي تحاصرها الضغوط الأميركية لمنع رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو من الجنوح نحو توسعتها، خصوصاً أن القطع البحرية الأميركية الموجودة في المتوسط مخصصة للدفاع عنها في حال تعرضت لهجوم من محور الممانعة، ولن توضع تحت تصرفه لاستدراج واشنطن للدخول في صدام مع إيران.

مواطنون لبنانيون يشاهدون أمين عام «حزب الله» في كلمة متلفزة له للحديث عن الردّ على اغتيال القيادي فؤاد شكر في مقهى بمدينة النبطية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وترى المصادر نفسها أن نصر الله رسم في خطابه سقفاً لطبيعة مساندة محور الممانعة لـ«حماس» لا يمكنه إلا التقيُّد به، ولن يحيد عنه، لأن طهران، وإن كانت تحتفظ لنفسها بحق الرد على إسرائيل باغتيالها رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، فإنها ليست في وارد إشعال المنطقة، بينما لم تنقطع عن التواصل مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وتراهن على انتخاب نائبته كامالا هاريس خلفاً له، وبالتالي لا تحبذ حرق المراحل باستدراج المنطقة إلى المجهول.

وعليه فإن الإيجابية التي أبداها نصر الله، بحسب المصادر، في محاكاته لجمهور المقاومة لا يأتي من فراغ، وإنما ينطق بلسان مزاج السواد الأعظم من اللبنانيين، والجنوبيين خصوصاً، الذي هم بحاجة لتنفس الصعداء ليكون في وسعهم ترتيب أوضاعهم بعد أن أتعبتهم فترة الانتظار المترتبة على اشتعال الوضع جنوباً والتي لا يمكن التكهن بموعد وكيفية نهايتها.


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني تقف قرب المبنى المستهدف في البسطة (الشرق الأوسط) play-circle 00:39

مصدر أمني لبناني: استهداف قيادي بـ«حزب الله» في ضربة بيروت

كشف مصدر أمني لبناني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «قيادياً كبيراً» في «حزب الله» الموالي لإيران جرى استهدافه في الغارة الإسرائيلية التي طاولت فجر اليوم بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد نتيجة غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش الإسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

أعلن «حزب الله»، السبت، أن عناصره اشتبكت مع قوة إسرائيلية كانت تتقدم باتجاه بلدة البياضة بالجنوب اللبناني، وأسفرت الاشتباكات عن قتلى وجرحى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)
عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)
TT

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)
عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل 5 في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

وأضافت التقارير أن القتلى هم أم وأطفالها الأربعة.

وذكرت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» أمس (الجمعة) أن إسرائيل شنت غارة على قرية دورس بمحافظة بعلبك الهرمل، مما أسفر عن مقتل سبعة مدنيين.

وأشارت الوكالة إلى أن الغارة استهدفت منزل مدير عام مستشفى دار الأمل الجامعي في دورس.

وفي وقت سابق من أمس، كشفت وزارة الصحة اللبنانية أن الهجمات الإسرائيلية على لبنان منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 قتلت 3 آلاف و645 شخصاً.