حملة تهجير في غزة... وإسرائيل توسّع محور نتساريم

نحو 250 ألف شخص ينزحون قسراً من دير البلح خلال 72 ساعة

بلدية دير البلح تحدثت عن نزوح 250 ألف شخص خلال 72 ساعة (رويترز)
بلدية دير البلح تحدثت عن نزوح 250 ألف شخص خلال 72 ساعة (رويترز)
TT

حملة تهجير في غزة... وإسرائيل توسّع محور نتساريم

بلدية دير البلح تحدثت عن نزوح 250 ألف شخص خلال 72 ساعة (رويترز)
بلدية دير البلح تحدثت عن نزوح 250 ألف شخص خلال 72 ساعة (رويترز)

أجبرت إسرائيل عائلات جديدة على مغادرة دير البلح وسط قطاع غزة، في واحدة من حملات النزوح الكبيرة منذ بداية الحرب. وقالت بلدية دير البلح إنه جرت عملية تهجير قسري لنحو 250 ألف شخص خلال 72 ساعة، بينما خرج 25 مركز إيواء عن الخدمة. وتزامن ذلك مع تقرير عن توسيع إسرائيل ممر نتساريم الذي يفصل قطاع غزة شطرين من الشرق وحتى سواحل البحر المتوسط.

وفي الأيام القليلة الماضية، أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء عدة في أنحاء غزة هي الأوسع نطاقاً منذ بداية الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر، وشمل ذلك دير البلح التي يعيش فيها نحو مليون نازح يتوزعون على 200 مركز إيواء؛ الأمر الذي جعلها المنطقة الأكثر استيعاباً للنازحين اليوم مقارنةً مع مساحتها.

وشوهدت عائلات فلسطينية تترك دير البلح إلى مناطق أخرى غير معروفة بحثاً عن الأمان، بعدما قالت إسرائيل إنها ستعمل ضد «حماس» هناك وإن على سكان المنطقة المغادرة.

مريضة على سريرها خلال النزوح من مستشفى «شهداء الأقصى» في دير البلح (رويترز)

وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن العائلات في أنحاء قطاع غزة مضطرة إلى الفرار وترك منازلها، وهذا تجريد كامل من الإنسانية ومأساة لا تنتهي.

ومع دفع السكان إلى الخروج، قصفت إسرائيل دير البلح ومناطق أخرى في قطاع غزة في اليوم الـ325 للحرب.

وقال مسعفون إن ضربات إسرائيلية قتلت الكثير من الفلسطينيين في مخيم الشاطئ شمال القطاع، وفي دير البلح ومخيم النصيرات في الوسط، ومدينة رفح جنوباً.

وأجبرت أوامر الإخلاء الجديدة الكثير من الأُسر والمرضى كذلك على مغادرة مستشفى «شهداء الأقصى»، المرفق الطبي الرئيسي في دير البلح، حيث يحتمي الآلاف من السكان والنازحين خوفاً من القصف.

ويقع المستشفى بالقرب من المنطقة التي يشملها أمر الإخلاء.

وقالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن انفجاراً وقع الأحد على بعد نحو 250 متراً من مستشفى «شهداء الأقصى» الذي تدعمه المنظمة؛ ما أثار حالة من الذعر.

وجاء في البيان: «نتيجة لذلك؛ تدرس (أطباء بلا حدود) ما إذا كان ينبغي تعليق عمليات الرعاية المرتبطة بالجروح في الوقت الراهن، مع محاولة الإبقاء على خدمات العلاج المنقذة للحياة».

نزوح من دير البلح وسط قطاع الأحد (رويترز)

وقالت المنظمة نقلاً عن وزارة الصحة في غزة إن من بين نحو 650 مريضاً لم يبق سوى 100 في المستشفى، منهم سبعة في وحدة العناية المركزة. وأضافت: «هذا الوضع غير مقبول».

وأعلن الجيش الإسرائيلي محيط المستشفى منطقة عسكرية مغلقة. لكن رغم ذلك، أكدت وزارة الصحة في غزة أن المنشأة الطبية لا تزال تواصل عملها. وذكرت الوزارة في بيان أن «إعلان الاحتلال الإسرائيلي محيط مستشفى «شهداء الأقصى» منطقة عمليات، تسبب بحدوث حالة من الهلع بين المرضى، وهروب عدد منهم من المستشفى خوفاً من تكرار سيناريو اقتحام المستشفيات الأخرى».

وأشارت إلى أن «الطواقم الصحية بالمستشفى متمسكة بتقديم رسالتها، وهناك نحو 100 مريض ما زالوا فيه، منهم 7 في العناية المركزة».

ومنذ بدء الحرب، عمد الجيش الإسرائيلي إلى استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية، وأخرج مستشفيات كثيرة من الخدمة؛ ما عرّض حياة المرضى والجرحى للخطر، حسب بيانات فلسطينية وأممية.

امرأة تعبر شارع صلاح الدين عقب أوامر الإخلاء الإسرائيلية لدير البلح (إ.ب.أ)

كما تمنع إسرائيل منذ بدء الحرب دخول المساعدات الإنسانية والطبية والوقود، إلا القليل منها، للمؤسسات الدولية، وهو ما لا يلبي احتياجات السكان المهولة، بحسب وكالة «أونروا» الأممية.

وقالت حركة «حماس»: «إن ما تشهده محافظة دير البلح المكتظة بالنازحين وسط قطاع غزة من تصعيد إجرامي وغارات وحشية، وعمليات تهجير تحت القصف والاستهداف، وحشر للمواطنين في قطاعات ضيقة تفتقر لأدنى مستويات الخدمة الإنسانية، وصولاً لإخراج مستشفى (شهداء الأقصى) من الخدمة، هو صورة من أبشع صور الإبادة الجماعية التي عرفتها الإنسانية في العصر الحديث، تنفّذها حكومة الاحتلال النازي، أمام سمع العالم وبصره».

وجددت الحركة مطالبتها المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها بوقف هذه «الإبادة الوحشية»، وإلزام الاحتلال بوقف جرائمه ضد المدنيين في دير البلح.

أثناء ذلك، استمرت الاشتباكات في مناطق عدة بقطاع غزة، ووسّع الجيش الإسرائيلي على نحو غير متوقع ممر نتساريم وسط القطاع، على الرغم من الخلافات الحادة حوله في المفاوضات.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، التي استندت إلى صور حديثة للأقمار الاصطناعية، أن التوسعة الجديدة تمثلت في إنشاء «4 مواقع عسكرية كبيرة» على طول الممر. وتابعت أن «القواعد الجديدة تتيح الإقامة لمئات الجنود، الذين ينتمون حالياً إلى لواءين احتياطيين».

ويرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الانسحاب من محور فيلادلفيا على حدود غزة مع مصر، ومحور نتساريم وسط القطاع، تحت أي ظرف؛ وهو ما يعرقل التوصل إلى اتفاق حتى الآن.

جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

إلى ذلك، أعلنت «كتائب القسام» أنها قتلت جنوداً إسرائيليين في كمين قرب خان يونس بجنوب قطاع غزة، وقنصاً في جنوب حي تل الهوى بمدينة غزة.

ومع استمرار الحرب، أعلنت وزارة الصحة أن حصيلة الضحايا ارتفعت إلى 40 ألفاً و435 شخصاً و93 ألفاً و534 مصاباً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

قال مسعفون إن ما لا يقل عن 40 فلسطينياً لقوا حتفهم في ضربات للجيش الإسرائيلي في غزة، في حين تلقت جهود إحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة دفعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي طائرة تقلع من مطار بيروت يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

شركات طيران تعلق رحلاتها للشرق الأوسط مع تفاقم التوتر

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنب المجالات الجوية التي تنطوي على مخاطر.

المشرق العربي إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مصر تحشد دولياً لمؤتمر «مساعدات غزة»

جددت القاهرة، الجمعة، تأكيدها ضرورة «وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي فتى فلسطيني يقفز قرب صاروخ غير منفجر بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مخيم النصيرات الجمعة (إ.ب.أ)

دبابات إسرائيلية تنسحب من مخيم النصيرات مخلِّفة عشرات القتلى

قال الجيش الإسرائيلي إن قواته التي تنفذ عمليات منذ الخامس من أكتوبر تستهدف منع مسلحي «حماس» من معاودة تنظيم أنفسهم وشن عمليات.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً
TT

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

دخلت فصائل مسلحة؛ بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا أمس، أجزاءً غرب مدينة حلب في شمال سوريا، وتقدمت على نحو كبير وسريع بعد قصفها في سياق هجوم بدأته قبل يومين على القوات الحكومية هو من أعنف جولات القتال منذ سنوات.

وبددت المعارك التي باغتت القوات الحكومية السورية؛ وروسيا وإيران الداعمتين لها، هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على الشمال الغربي السوري، بموجب تهدئة روسية - تركية.

وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لحلب. وقال شاهدا عيان من المدينة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا رجالاً مسلحين في منطقتهما، وسط حالة هلع في المدينة.

ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله».

ومع دخول ليل السبت، وتبين تقدم الجماعات المسلحة، أفاد «المرصد السوري» بتوجه «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة تابع لـ(ميليشيا لواء الباقر)، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور نحو حلب».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 255 شخصاً، وفقاً للمرصد، معظمهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 24 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام بالمعركة.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل بسطت سيطرتها على أكثر من 50 بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد، في أكبر تقدّم تحرزه المجموعات المسلحة المعارضة للنظام منذ سنوات.

وفي المقابل، وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى مدينة حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري الوكالة الفرنسية.

وقبل إعلان «المرصد السوري» دخول «هيئة تحرير الشام» إلى حلب، أفاد المصدر نفسه عن «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب».

وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل، ولن تتعرض لأي تهديد».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على إدلب وقرى محيطة بها.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا، التي تدعم قواتها في سوريا الرئيس بشار الأسد، تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا، وتريد من السلطات التحرك سريعاً لاستعادة النظام.

ودعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، بعد سلسلة الغارات الروسية - السورية.

وتسيطر «تحرير الشام» مع فصائل أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة «إكس»: «لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية»، مشيراً إلى «التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي».

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية، وأحياناً أصوات طائرات. آخر مرة سمعنا مثل هذه المعارك كانت قبل نحو 5 سنوات».

وأَضاف الموظّف في شركة اتصالات: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا، سئمنا هذه الحالة واعتقدنا أنها انتهت، لكن يبدو أنها تتكرر من جديد».

وكان عراقجي عدّ التطورات الميدانية في سوريا «مخططاً أميركياً - صهيونياً لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة عقب إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة»، وفق تصريحات أوردتها الوزارة الخميس.

وقال المحلّل نيك هيراس من معهد «نيو لاينز» للسياسات والاستراتيجية للوكالة الفرنسية، إن تركيا ترى أن «حكومة (الرئيس السوري) بشار الأسد تواجه وضعاً صعباً بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل الوجود الإيراني في سوريا، وترسل رسالة إلى دمشق وموسكو للتراجع عن جهودهما العسكرية في شمال غربي سوريا».

ويرى مدير «المرصد السوري» لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن الجيش السوري لم يكن مستعداً أبداً لهذا الهجوم. وأعرب عن استغرابه الضربات الكبيرة التي يتلقاها الجيش السوري على الرغم من الغطاء الجوي الروسي.

وتساءل: «هل كانوا يعتمدون على (حزب الله) المنهمك حالياً في لبنان؟».

بدوره، قال مسؤول بالأمم المتحدة، الجمعة، إن 27 مدنياً، بينهم 8 أطفال، لقوا حتفهم في قتال بشمال غربي سوريا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحدى أسوأ موجات العنف منذ أعوام بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.