سوريا: الانفلات الأمني يكشف هشاشة «تسويات» هندستها موسكو

تشهد تلبيسة توتراً مع متزعمي مجموعات على صلة بالأجهزة الأمنية

وضع غير مستقر في كناكر بريف دمشق الغربي يوليو الماضي (مواقع)
وضع غير مستقر في كناكر بريف دمشق الغربي يوليو الماضي (مواقع)
TT

سوريا: الانفلات الأمني يكشف هشاشة «تسويات» هندستها موسكو

وضع غير مستقر في كناكر بريف دمشق الغربي يوليو الماضي (مواقع)
وضع غير مستقر في كناكر بريف دمشق الغربي يوليو الماضي (مواقع)

تكشف حالة الانفلات الأمني التي تتصاعد بين حين وآخر في مناطق التسويات الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، عن هشاشة تلك التسويات التي انطلقت بإشراف روسي منذ عام 2018 بهدف تثبيت الوضع العسكري على الأرض، بعد استعادة دمشق سيطرتها على أكثر من 63 في المائة من الأراضي السورية، من خلال السيطرة الكاملة على محافظات الساحل والوسط والجنوب، وعلى أجزاء من المحافظات الشرقية ومحافظة حلب.

عدسة المرصد السوري رصدت تحركات أمنية شمال محافظة حمص يوليو الماضي

إلا أن انتشار السلاح وتحول الميليشيات المحلية الرديفة (تابعة للجيش السوري) من القتال إلى جانب القوات الحكومية إلى ممارسة نشاطات غير مشروعة، مثل التهريب والخطف والتشليح وغيرها من أعمال تهدد أمن المدنيين، أججا النزاعات المحلية العشائرية والعائلية، وهددا بتقويض «التسويات» التي لم تتوقف دمشق عن استنساخها من بلدة إلى بلدة، بهدف إخماد بؤر التوتر وملاحقة «المطلوبين» وسط غياب «الثقة» بالسلطات الحكومية.

صورة لوكالة «سانا» لعملية تسوية سابقة في بلدة محجة بدرعا عام 2021

ورغم مضي نحو خمس سنوات على انطلاق التسوية الشاملة في درعا جنوب سوريا، لم تتوقف الاغتيالات والتفجيرات، والخطف، وأحداث العنف التي شهدت تصاعداً في الأشهر القليلة الماضية، ليصل عدد القتلى إلى أكثر من 37 شخصاً خلال شهر يوليو الماضي، بينهم (26) مدنياً وفق أرقام موقع «درعا 24» المحلي.

وتعمل السلطات الأمنية الحكومية عبر فتح باب المفاوضات لاحتواء الأوضاع وإلى استبعاد المعارضين الذين احتفظوا بسلاحهم مقابل تسوية أوضاع المطلوبين للخدمة العسكرية.

وبحسب معلومات من مصادر محلية، تستفيد السلطات من حالة الانفلات الأمني للضغط على الأهالي لنزع السلاح من المناوئين لها، لكن ذلك يزداد تعقيداً مع انتشار عصابات التهريب المسلحة التي تزداد شراسة في المنطقة.

بالتوازي مع ذلك، عاد التوتر إلى ريف حمص حيث شهد الريف الجنوبي عند الحدود مع لبنان في مناطق سيطرة «حزب الله» اللبناني، مجزرة مروعة نتيجة خلاف بين عائلتين على استئجار أرض زراعية أدت إلى مقتل تسعة أشخاص قبل أسبوع، لتعود وتتجدد يوم الثلاثاء، وفق ما ذكرته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أن الخلاف لم يحل بعد وما زالت الأعمال الثأرية متواصلة بين أفراد العائلتين المسلحتين.

تلبيسة بمحافظة حمص التي تشهد توتراً أمنياً منذ يوليو الماضي (المرصد السوري)

وفي «تلبيسة» شمال حمص على الطريق الدولي حمص - حلب، استقدمت القوات الحكومية تعزيزات عسكرية وسط تهديدات بعمل عسكري.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن أهالي تلبيسة طالبوا روسيا بالالتزام ببنود اتفاق 2018 لوقف القتال، الذي نص على عدم إجراء أي عمل عسكري أو أمني في المنطقة بعد خروج مقاتلي المعارضة نحو الشمال السوري.

عدسة المرصد السوري رصدت تحركات أمنية شمال محافظة حمص يوليو الماضي

وتشهد مدينة تلبيسة منذ نحو العام، توتراً بين حين وآخر على خلفية التصادم مع متزعمي مجموعات مسلحة كانوا ضمن الميليشيات الرديفة في ريف حمص وعلى صلة بالأجهزة الأمنية الحكومية. حيث يقوم هؤلاء بعمليات خطف بغرض الحصول على الفدية، وخرجت مظاهرات في تلبيسة عدة مرات تطالب بوضع حد لهم.

مصادر محلية في حمص، قالت إن الأجهزة الأمنية تعتمد على تلك المجموعات لبسط سيطرتها على تلك المناطق التي لا يزال السلاح منتشراً فيها، بالإضافة لوجود أعداد كبيرة من المتخلفين عن الخدمة حيث تستخدم السلطات ورقة «تسوية أوضاعهم» لبسط سيطرتها الكاملة والقضاء على المعارضين؛ وفق مصادر في حمص لتفسير مطالبة أهالي تلبيسة للجانب الروسي بالالتزام بتنفيذ اتفاق 2018 لوقف القتال.

وقفة احتجاجية في دوار الحصان بريف دير الزور الغربي ضد هجمات المجموعات المحلية المدعومة من إيران (المرصد السوري)

وفي دير الزور شهد التوتر تصعيداً خطيراً لدى إطلاق «قوات العشائر» المدعومة من دمشق لقتال «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، الشهر الجاري، ما هدد بتغيير خريطة مناطق سيطرة دمشق في المناطق الشرقية، لولا التدخل الروسي وفرض وقف القتال للحفاظ على تثبيت الوضع العسكري.

ويربط متابعون ازدياد التوتر في مناطق التسويات التي أشرفت عليها موسكو، بتقليص الأخيرة نفوذها في سوريا بعيداً عن مناطق تواجد قواعدها العسكرية، بعد انخراطها في الحرب الأوكرانية، كذلك توتر علاقتها مع إسرائيل على خلفية موقفها الداعم لكييف، الأمر الذي استغلته إيران لتعود وتنشر ميليشياتها جنوب سوريا قريباً من إسرائيل.

إلا أن اندلاع الحرب في غزة أعاد موسكو إلى الجنوب قريباً من مرتفعات الجولان، كمراقبة، دون أن يسهم ذلك بشكل فعلي بالحد من التوتر في المناطق الجنوبية؛ لتزداد التسويات الشاملة التي هندستها موسكو هشاشة.


مقالات ذات صلة

مسلحون يغلقون معبر «أبو الزندين» بعد افتتاحه رسمياً

المشرق العربي مسلحون يمنعون شاحنات من عبور معبر أبو الزندين (المرصد السوري)

مسلحون يغلقون معبر «أبو الزندين» بعد افتتاحه رسمياً

تحدى متزعمو مجموعات مسلحة في ريف حلب الشرقي فتح معبر «أبو الزندين» مرة أخرى، بعد أن منعوا عبور شاحنات محملة بالقمح والشعير بقوة السلاح.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي استهدف  معبر أبو الزندين بقذائف «الهاون» (متداولة)

تعرض معبر «أبو الزندين» في سوريا للقصف بعد ساعات من افتتاحه رسمياً

بعد ساعات من افتتاحه رسمياً أمام المدنيين، الاثنين، تعرض معبر «أبو الزندين» في ريف حلب الشرقي لقصف بقذائف «الهاون»، وسط حالة احتقان شعبي رفضاً لإعادة افتتاحه.

المشرق العربي صورة متداولة لافتتاح معبر «أبو الزندين» (وكالة سنا)

افتتاح رسمي لمعبر «أبو الزندين» التجاري بين مناطق الحكومة والمعارضة

أظهرت مقاطع فيديو بثّها ناشطون شاحنات تجارية قالوا إنها عبَرَت، اليوم الأحد، معبر «أبو الزندين» إشارة الى بدء حركة التجارة بين مناطق سيطرة الحكومة والمعارضة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جانب من الحشد في ساحة الحرية وسط مدينة السويداء الجمعة (موقع السويداء 24)

بعد عام على انطلاقته... احتجاج السويداء يتجدد بزخم أقوى

على مدى عام، تواصل الحراك الشعبي في السويداء بإصرار، رغم محاولات الأجهزة الأمنية والسلطة في دمشق احتواء الحراك.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر (أرشيفية)

تركيا تُعيد تأكيد شروطها لسحب قواتها من شمال سوريا

رهنت تركيا مجدّداً سحب قواتها من شمال سوريا بتحقيق عدد من الشروط، في مقدمتها إقرار دستور شامل، وإجراء انتخابات حرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

فصائل عراقية تتوعّد واشنطن بهجمات أقوى

صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)
صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

فصائل عراقية تتوعّد واشنطن بهجمات أقوى

صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)
صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)

توعّدت فصائل عراقية موالية لإيران بهجمات أقوى ضد القوات الأميركية في العراق، بعد «فشل الدبلوماسية» و«انتهاء الهدنة».

وأعلنت «كتائب سيد الشهداء»، أمس (الأربعاء)، أن «إخفاق الدبلوماسية لإنهاء الوجود الأميركي سيدفعها إلى استئناف عملياتها لتحرير الأراضي». وقال متحدث باسم الحركة، إنهم «ينتظرون من الحكومة موقفاً رسمياً بشأن المفاوضات». وتابع: «مع ذلك، نعلم أنهم (الأميركيين) ليسوا جادين في الانسحاب». من جهتها، قالت حركة «النجباء» إنها «لم تعد ملزمة بالهدنة مع القوات الأميركية»، التي كانت تهدف إلى منح الحكومة الوقت اللازم للتفاوض. وقال حيدر اللامي، عضو مجلس الحركة، في تصريح صحافي، إن «فصائل المقاومة أنهت الهدنة، وجميع الخيارات متاحة لاستهداف جميع القواعد الأميركية داخل العراق».

ونقلت مصادر أن قادة فصائل مسلّحة عقدوا اجتماعاً خلال اليومين الماضيين، واتفقوا على «استئناف الهجمات قريباً بوتيرة أعلى بمعزل عن التطورات في غزة، حتى لو توصلت (حماس) إلى اتفاق لوقف النار هناك».

وجاءت هذه التطورات، بعد ساعات من تأكيد الحكومة العراقية تأجيل موعد إعلان انتهاء مهمة «التحالف الدولي» بسبب ما وصفته وزارة الخارجية بـ«التطورات الأخيرة»، في إشارة إلى قصف قاعدة «عين الأسد».