هدنة غزة: المفاوضات في «مرحلة حرجة» قبل جولة القاهرة

بايدن يتهم «حماس» بـ«التراجع»... والحركة تعدّها «ادعاءات مضلّلة»

أشخاص يتفقدون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

هدنة غزة: المفاوضات في «مرحلة حرجة» قبل جولة القاهرة

أشخاص يتفقدون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

«مرحلة حرجة» تشهدها مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة قبيل جولة حاسمة في القاهرة، في ظل «عقبات» تحيط بالاتفاق واتهامات أميركية لـ«حماس» بالتراجع عن إبرام تسوية إثر رفضها شروطاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تراها «مخالفة» للمقترحات السابقة، وسط مساعٍ من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال زيارته للمنطقة لتقليل الفجوات مع الوسطاء.

ووفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن «مخاطر تقويض الاتفاق باتت أكبر من فرص تحقيقه»، حيث أبدوا تفاؤلاً حذراً بشأن مسار محادثات القاهرة، وعوّلوا على «جهود جادة من واشنطن لإجبار نتنياهو على تنازلات حقيقية» خصوصاً أنه أسهم بشكل كبير في «تضاؤل الآمال» التي كانت قد بلغت ذروتها في مفاوضات الدوحة قبل أسبوع.

واتهم الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، حركة «حماس» بأنها «تتراجع» عن خطة الاتفاق المطروحة مع إسرائيل، وذلك خلال رده على أسئلة صحافيين في مطار شيكاغو بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

ورفضت «حماس» في بيان، الثلاثاء، تصريحات بايدن، ووصفتها بأنها «ادعاءات مضلّلة، ولا تعكس حقيقة موقف الحركة الحريص على الوصول إلى وقفٍ للعدوان»، متهمة نتنياهو بأنه هو «من يعرقل الوصول لاتفاق، ويضع شروطاً وطلبات جديدة».

رد فعل امرأة فلسطينية بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في حي الرمال وسط غزة (أ.ف.ب)

ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مصدر لم يسمه، أن هناك «عقبتين رئيسيتين» أمام المفاوضات، «الأولى أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة العسكرية على ممر فيلادلفيا على الحدود بين مصر وغزة، والثانية إنشاء آلية لمنع تهريب الأسلحة من جنوب غزة إلى الشمال»، مشيراً إلى أن «حماس ترفض المطلبين».

وتتمسك مصر أيضاً، بحسب مصدر مصري «رفيع المستوى» تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية»، الاثنين، بـ«انسحاب إسرائيلي كامل من معبر رفح ومحور فيلادلفيا»، اللذين احتلتهما في مايو (أيار) الماضي، بعد محادثات فنية شهدتها القاهرة، وحضرها وفد إسرائيلي لم تسفر عن «تقدم»، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

يأتي ذلك وسط مطالب إسرائيلية تواجه نتنياهو للذهاب لاتفاق فوري وتمسك منتدى عائلات الرهائن، في بيان، الثلاثاء بـ«إمكانية تحقيق إعادة الـ 109 رهائن المتبقين بإتمام الصفقة الحالية»، وذلك رداً على إعلان الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، استعادة جثث 6 رهائن من غزة عقب عملية ليلية بجنوب غزة.

وهو ما أيده زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد عبر منصة «إكس» قائلاً: «تمر الأيام ونفقد مزيداً من الرهائن، وعلينا أن نعقد صفقة الآن»، ولم يرد نتنياهو مباشرة على تلك النداءات، واكتفى بتجديد التأكيد على عدم مغادرة محور فيلاديلفيا.

أشخاص يتفقدون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

ويقيّم مساعد وزير الخارجية الأسبق المصري، السفير حسين هريدي، المشهد الحالي قبل جولة القاهرة بأنه «حرج في ضوء رفض (حماس) المقترح الأميركي، ما ينبئ بأننا لسنا أمام اختراق حقيقي للذهاب لاتفاق ومخاطر عدم تحقيقه أكبر من فرصه»، متوقعاً أن تكون هناك «ضغوط على (حماس) قبل الاجتماع».

ويرى أن نتنياهو «يماطل» مهما كانت نتائج الضغوط على (حماس)، ولا يريد اتفاقاً، والرهائن ليسوا أولوية قصوى لديه بل ورقة يتلاعب بها ويستخدمها لتبرير هذه الحرب ويسهم في تضاؤل أي آمال لإبرام صفقة بشكل كبير ومؤثر.

الضبابية الحالية يصفها الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، بأنه «انتهاج لسياسة حافة الهاوية»، عبر رفع سقف التفاوض وتحسين الشروط والمكاسب، لكنه بالنهاية هو «لعب بالنار» قد يقود المنطقة لحرب شاملة»، مؤكداً أن تمسُّك نتنياهو بشرط البقاء في فيلاديلفيا «تفجير للمفاوضات».

وبتفاؤل حذر، يعد الدكتور أحمد فؤاد أنور، اجتماع القاهرة المرتقب «حاسماً»، داعياً إلى «انتظار محادثاته لأنه قد تضغط إدارة بايدن بشكل أكبر على نتنياهو لتجنب التصعيد بالمنطقة مع إيران وقد تقبل (حماس) بحلول وسط في اللحظات الأخيرة»

ووسط حالة الترقب والقلق، لا تزال إدارة بايدن التي تخشى من تصعيد بين إسرائيل وإيران تدفع في مسار إبرام الاتفاق.

وقادماً من تل أبيب، زار بلينكن، الثلاثاء، مصر لمواصلة جهود الوسطاء لإبرام اتفاق هدنة، حيث بحث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «نتائج زيارته لإسرائيل، وسبل تحريك الموقف وإحراز تقدم».

وأكد الرئيس المصري أن «الوقت قد حان لإنهاء الحرب الجارية»، مشدداً على «خطورة توسع نطاق الصراع إقليمياً على نحو يصعب تصور تبعاته»، وفق إفادة للرئاسة المصرية.

وحذر هريدي من أن عدم الذهاب لصفقة قد يدفع إيران و«حزب الله» اللبناني لتنفيذ ضرباتهما تجاه إسرائيل، ومن ثم «نشهد توتراً جديداً بالمنطقة»، بينما دعا إلى التروي، وانتظار نتائج زيارة بلينكن للمنطقة، و«هل طرح حلولاً وسطاً للذهاب لاتفاق أم لا؟».

ويتفق معه أنور بأن إفشال إسرائيل للمفاوضات قد يجر المنطقة لأوضاع غاية في الخطورة، فإيران تجاوبت خلال الفترة الأخيرة مع فرص إبرام اتفاق عبر المفاوضات، لكن إذا فشلت المحادثات فستدخل في ضربة ضد إسرائيل، و«ستدخل المنطقة في دوامة ضربات متبادلة».

وتتوعد طهران تل أبيب برد قاسٍ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية بطهران، وأيضاً «حزب الله» اللبناني لمقتل قائده فؤاد شكر في بيروت نهاية يوليو (تموز) الماضي، وسط مخاوف دولية من اندلاع «حرب شاملة».


مقالات ذات صلة

مقتل طفل وإصابة آخرين جراء انفجار أجسام من مخلّفات إسرائيلية في غزة

المشرق العربي فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبان دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية بمدينة غزة 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مقتل طفل وإصابة آخرين جراء انفجار أجسام من مخلّفات إسرائيلية في غزة

قالت وكالة وفا الفلسطينية إن طفلاً قُتل، وأُصيب عدد من المواطنين بجروح، على أثر انفجار أجسام من مخلّفات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون حاملين أكياس طحين على طول شارع الرشيد في غرب جباليا 17 يونيو 2025 بعد أن دخلت شاحنات مساعدات إنسانية شمال قطاع غزة عبر معبر زيكيم الحدودي الذي تسيطر عليه إسرائيل (أ.ف.ب)

تنديد بمنع إسرائيل منظمات إنسانية من دخول غزة

ندد كثير من المسؤولين في منظمات إنسانية دولية، الخميس، بسعي إسرائيل إلى فرض «سيطرة سياسية» على أنشطتها في غزة، بعد منع 14 منظمة من دخول القطاع.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى مبنى المستشارية في برلين (د.ب.أ)

ويتكوف يجتمع مع الوسطاء بشأن اتفاق غزة في ميامي

قال مسؤول في البيت الأبيض إن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيلتقي، غداً الجمعة، مسؤولين قَطريين ومصريين وأتراكاً في ميامي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز) play-circle

عقوبات أميركية على قاضيين إضافيين في «الجنائية الدولية»

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قاضيين إضافيين بالمحكمة الجنائية الدولية، في خطوة دعم لإسرائيل، التي يواجه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مذكرة توقيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص فلسطينيون يتسوقون وسط الدمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة فبراير الماضي (د.ب.أ)

خاص «أوراق بالية وضرائب على التدخين»... كيف تدفع «حماس» رواتب عناصرها؟

بعد أكثر من شهرين على بدء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل و«حماس»، استعادت الحركة سيطرتها النسبية في بعض المناطق، لكن كيف تعالج الأزمات الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

عبد العاطي لـ«الشرق الأوسط» : مصر والسعودية جناحا الأمة ينصلح الحال دونهما

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي لـ«الشرق الأوسط» : مصر والسعودية جناحا الأمة ينصلح الحال دونهما

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

وصف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي العلاقات المصرية - السعودية بـ«المتميزة»، وقال إن القاهرة والرياض هما جناحا الأمة، و«لن ينصلح الحال من دونهما». وتابع عبد العاطي في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «التنسيق على المستوى السياسي في أبهى وأفضل حالاته، وقريباً سيتم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي».

وحمّل الوزير المصري إسرائيل مسؤولية تعثر الانتقال للمرحلة الثانية من «اتفاق غزة»، مضيفاً أن القاهرة تُعوّل على قيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنفاذ الاتفاق، ومشيراً إلى اتصالات إيجابية وحوار مستمر مع واشنطن.

وأكد عبد العاطي أهمية دور «مجلس السلام العالمي» في تعبئة وحشد الموارد المالية الخاصة بتنمية غزة وإعادة إعمارها والتعافي المبكر، ومراقبة صرف أموال إعادة الإعمار


إسرائيل تدفع لإعدام 100 من عناصر «القسام»

 مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)
مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تدفع لإعدام 100 من عناصر «القسام»

 مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)
مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)

دفع مسؤولون إسرائيليون، أمس، في اتجاه إنشاء محكمة عسكرية خاصة، وتكييف الملابسات والاتهامات التي تُفضي إلى إعدام 100 من عناصر وحدة «النخبة» التابعة لـ«كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، لدورهم في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير العدل ياريف ليفين، إمكانية إنشاء المحكمة المخصصة لمحاكمة 450 من عناصر «القسام» الذين تعتقلهم إسرائيل منذ بداية الحرب.

وتحدث مسؤولون مطلعون على الملف لوسائل إعلام عبرية بأن «أصحاب التهم الخطيرة ممن ستطلب بحقهم النيابة العسكرية أحكاماً بالإعدام هم 100 شخص».

وحضر مسؤولون كبار من الجيش الإسرائيلي ووزارة العدل النقاش، بمن فيهم المدعي العام العسكري إيتاي أوفير، وذلك لبحث إنشاء إطار قانوني خاص لمحاكمة عناصر «النخبة». وقال كاتس: «تلتزم إسرائيل بمعاقبة مرتكبي الهجوم بطريقة تجعل الأمر واضحاً لا لبس فيه، أي شخص يلحق الأذى بالمدنيين الإسرائيليين ستحاسبه بالكامل». وحسب المسؤولين الإسرائيليين فإن النيابة العسكرية ستطلب أحكاماً بالإعدام، وفي الغالب سيُنفذ الحكم بالرصاص، بعدما رفضت نقابة الأطباء قتلهم بالسم.

وقالت «القناة 14»، التي أوردت النبأ، إن «السلطات المختصة تحتجز هؤلاء في موقع عسكري خاص تحت الحراسة المشددة، وفي ظروف اعتقال تُثير حفيظة مؤسسات الحقوق الدولية».


حراك أميركي لاحتواء «خلافات الشرعية» اليمنية

السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)
السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)
TT

حراك أميركي لاحتواء «خلافات الشرعية» اليمنية

السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)
السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)

دخلت الولايات المتحدة على خط إنهاء التوتر في مناطق الشرعية اليمنية، إذ أظهرت سلسلة لقاءات واتصالات أجراها سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاغن مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني اتجاهاً أميركياً نحو تثبيت الشراكة السياسية، والأمنية مع الحكومة اليمنية، واحتواء الخلافات داخل معسكر الشرعية، والالتزام بدعم وحدة الحكومة.

وشملت هذه التحركات لقاءً جمع السفير فاغن برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أعقبه لقاء آخر مع عضو المجلس الشيخ عثمان مجلي، إلى جانب اتصال مرئي مع عضو المجلس اللواء سلطان العرادة، في سياق مشاورات تناولت مسار العلاقات الثنائية، والتطورات السياسية، والعسكرية، والملفات ذات الأولوية، وفي مقدمهتا مكافحة الإرهاب، والتعامل مع تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق ما صدر عن هذه اللقاءات، فقد جرى التطرق إلى المستجدات في المحافظات الشرقية، وما رافقها من إجراءات أحادية، والجهود الإقليمية، التي تقودها السعودية والإمارات، لاحتواء التوتر، وإعادة تطبيع الأوضاع، بما يحافظ على التوافق داخل إطار الشرعية.