وزير الخارجية المصري في بيروت بعد هوكستين وسيجورنيه

جعجع يتهم «حزب الله» برفض تطبيق الـ1701... وينتقد الحكومة

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة الوطنية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة الوطنية)
TT

وزير الخارجية المصري في بيروت بعد هوكستين وسيجورنيه

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة الوطنية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة الوطنية)

اتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «حزب الله» بأنه يرفض تطبيق القرار الدولي 1701، قائلاً إن الحكومة «تلعب دور كشافة رسائل وجمعية خيرية، وتردد ما يقوم به الحزب»، داعياً إلى «تطبيق القرار 1701 كاملاً بمراحل متعددة، بدءاً من انسحاب (حزب الله) لمسافة 8 أو 10 كيلومترات، وتسلّم الجيش اللبناني هذه النقطة».

وجاء تصريح جعجع في ظل حراك دبلوماسي متواصل لتطويق فرص توسع الحرب القائمة في الجنوب. ووصل إلى بيروت خلال 3 أيام، 3 موفدين، هم المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين، ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، ووزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، فضلاً عن اتصال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، هاتفياً.

عبد العاطي في بيروت

واستهل عبد العاطي زيارته إلى بيروت، الجمعة، بلقاء رئيس البرلمان نبيه بري، الذي أكد «التطابق في وجهات النظر بين لبنان ومصر، باعتبار أن الجذر الحقيقي للصراع في المنطقة هو القضية الفلسطينية، ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة»، وفق ما أفادت رئاسة البرلمان.

ورأى بري أن «نجاح الجهود التي تبذل في العاصمة القطرية الدوحة لوقف إطلاق النار هي المدخل الأساسي لعودة الاستقرار والحلول في المنطقة».

بري مستقبلاً عبد العاطي (رئاسة البرلمان اللبناني)

من جهته، أكد عبد العاطي أن «أمن لبنان واستقراره هما مصلحة مصرية في المقام الأول، وهو أيضاً مصلحة عربية نعمل على صيانتها، ونحرص أيضاً على المحافظة عليها». وأكد «أهمية وقف التصعيد وعدم جرّ المنطقة إلى أتون حرب إقليمية شاملة»، لافتاً إلى أن «مصر تبذل كل جهد ممكن لوقف هذا التصعيد والعمل قدر الإمكان وبأسرع وقت ممكن للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، ووقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة».

وأكد «إدانة مصر لكل السياسات الاستفزازية، بما في ذلك انتهاك سيادة لبنان»، مجدداً تأكيده «دعم مصر لوحدة لبنان وسلامة أراضيه وسيادته، وأن أي انتهاك لهذه السيادة هو أمر مدان»، مضيفاً أن «العدوان على الضاحية الجنوبية لبيروت أمر مرفوض وأدانه سابقاً بشدة، وكذلك سياسة الاغتيالات مرفوضة تماماً». وتعهد بأن القاهرة «لن تألو جهداً في سبيل التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، باعتباره هو الأساس لوقف التصعيد وتخفيف حدة التوتر».

جعجع

وتعرضت الحكومة اللبنانية لانتقاد المعارضة، على خلفية دورها في هذه الحرب، ورأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه «على الحكومة أن تأخذ موقفاً انطلاقاً من المصلحة اللبنانية العليا، ولا يمكن أن تكون صدى لما يقوم به (حزب الله)».

وأكد جعجع في مؤتمر صحفي الجمعة، أنه «إذا طبقنا القرار الـ1701 نصبح في وضع أفضل بكثير من الوضع الحالي». وقال: «بعض الأذكياء من محور الممانعة، يقولون إن إسرائيل لا تريد تطبيق الـ1701، لكننا جميعنا نعلم أنهم هم من لا يريدون تطبيقه».

وأضاف: «في الوقت الحاضر، وصل آموس هوكستين حاملاً معه مقترحات، وجال على عدد من المسؤولين، لكنه يأخذ الجواب من (حزب الله) عبر وسطاء». ورأى أن «الحكومة اللبنانية ترتكب خيانة عظمى فيما يحدث في الجنوب؛ لأنها مسؤولة عن الشعب اللبناني، حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال».

ورأى جعجع أن «الحكومة تردد ما يقوم به الحزب، فهي تلعب دور كشافة رسائل من جهة وجمعية خيرية من جهة أخرى، على الرغم من أنها مسؤولة عن الشعب اللبناني، ولديها تفويض من الشعب»، مضيفاً: «حتى الآن، هناك 550 قتيلاً وشهيداً في الجنوب، وهذه كارثة». وتابع: «أنا لست في خصومة مع الحكومة اللبنانية الحالية، لكن من خلال رؤيتي للأمور، أرى أن الحكومة لا تتصرف كما يجب. وفي الوضع الحالي، الشعب اللبناني في حالة ترقب».

تطبيق القرار 1701

ودعا جعجع الحكومة اللبنانية لأن «تتسلم زمام الأمور كما يجب»، مضيفاً: «علينا البدء بتحديد المسؤوليات، لذلك على الحكومة أن تتابع الأمور مع هوكستين لتسأله عن اقتراحه، وهو تطبيق القرار 1701 كاملاً بمراحل متعددة، بدءاً من انسحاب (حزب الله) لمسافة 8 أو 10 كيلومترات واستلام الجيش اللبناني لهذه النقطة. بعدها، على الحكومة أن تتخذ قراراً وطنياً، فهذه الحكومة يجب ألا تكون مجرد تابع، وتردد صدى ما يفعله ويقوله (حزب الله)».

وأكد أن «مصالح الشعب اللبناني لا تتحقق من خلال ربط قضية لبنان بقضية غزة عسكرياً، لأن ذلك خطأ كبير».

وقال جعجع إن «(حزب الله) يساند استراتيجية إيران في المنطقة، وبكل الأحوال، لا يستطيع الحزب أن يتصرف بإرادة الشعب اللبناني رغماً عنه». وحمّل الحكومة اللبنانية «المسؤولية، لأنها يجب أن تتخذ موقفاً من هذا الموضوع، وأن تتحمل مسؤوليتها كاملة».

رد ميقاتي

ورد ميقاتي على جعجع، عادّاً أنه أطلق «أحكاماً باطلة واستخدام تعابير ربما سقط (عنه) معناها القانوني والدستوري الحقيقي، خصوصاً أنه على علم بكثير من المعطيات، ومنها ما هو ناتج من تراكمات سابقة ليست الحكومة الحالية مسؤولة عنها. ورأى في بيان لمكتبه الإعلامي أن «التنظير عن بعد ومن علو، رغم معرفة الظروف الدقيقة التي تعمل فيها الحكومة والمعطيات غير الخافية على أحد، هو قمة الافتراء والتجني».

وقال: «إن الحكومة تبذل كل ما هو مطلوب من عمل لتجاوز الصعوبات، وهي لم تقصر في أي أمر يتعلق بأي ملف، لا سيما بالنسبة إلى إيجاد حل للوضع في الجنوب ومعالجة تداعياته المباشرة وغير المباشرة. وعلى جميع القيادات السياسية، موالين ومعارضين، التعاون والتعاضد لتمرير المرحلة الصعبة، بدل تكرار المواقف والاتهامات التي لا فائدة منها سوى زيادة الشرخ بين اللبنانيين وتعميق الخلافات من دون الوصول إلى حل».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون صورة لمسيرات مع شعار «نحن القادرون» خلال إحياء عاشوراء بالشهر الماضي (أ.ب)

المنطقة مهددة بموجة «ردود متقابلة» تعمّم الاستنزاف وإطالة أمد التوتر

تنشط الاتصالات الدبلوماسية الغربية مع لبنان بهدف فرض ميزان جديد للتصعيد يجنب المنطقة الانزلاق إلى حرب موسعة، من غير أن تلغي الهواجس من موجة من الردود المتقابلة

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي مزارع تبغ في جنوب لبنان يشرف على تجفيف الأوراق تمهيداً لتوضيبها (الشرق الأوسط)

مزارعو التبغ في جنوب لبنان يخسرون مصدر عيشهم بفعل الحرب

اثنان فقط من أصل 885 مزارعاً للتبغ في بلدة عيترون الحدودية في جنوب لبنان، تمكّنوا من زراعة أراضيهم هذا العام بسبب القصف الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مستقبلاً وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (رئاسة الحكومة)

لبنان يقابل تهديدات غالانت بدعم جهود استئناف مفاوضات غزة

أعلنت الحكومة اللبنانية عن تأييدها لمضمون البيان المشترك لقادة الولايات المتحدة الأميركية ومصر وقطر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هينيس - بلاسخارت تتوسط وفداً من نواب قوى المعارضة (المركزية)

المعارضة اللبنانية ترفض إدخال لبنان في الحرب الدائرة

أبلغ نواب في المعارضة اللبنانية، الأمم المتحدة، رفضهم إدخال لبنان في الحرب الدائرة وتمسكهم بتطبيق القرار الأممي «1701».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«قبور فوق قبور»... وحفارون مُنهكون في غزة

الحفار سعدي حسن بركة قرب مقبرة دير البلح (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحفار سعدي حسن بركة قرب مقبرة دير البلح (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«قبور فوق قبور»... وحفارون مُنهكون في غزة

الحفار سعدي حسن بركة قرب مقبرة دير البلح (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحفار سعدي حسن بركة قرب مقبرة دير البلح (أرشيفية - أ.ف.ب)

في مقبرة السويد في دير البلح بقطاع غزة، يضطر الحفارون لبناء «قبور فوق قبور» بسبب عدد القتلى الكبير، جرّاء النزاع المتواصل منذ عشرة أشهر، وتعكف مجموعة منهم على تهيئة حُفَر مستطيلة متراصّة لتؤوي الضحايا المقبلين.

يعمل الحفارون تحت إشراف سعدي حسن بركة، البالغ 63 عاماً وهو يركز نشاطه، الآن، في هذه المقبرة الممتدّة على نحو 5 هكتارات ونصف الهكتار، بعدما أضحت مقبرة أنصار (نحو ثلاثة هكتارات ونصف الهكتار) «مليئة بالشهداء».

وتقع المقبرتان في مدينة دير البلح، وسط القطاع المعرَّض لقصفٍ تشنُّه إسرائيل منذ أكثر من عشرة أشهر، بعد الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، داخل الدولة العبرية.

الحفار سعدي حسن بركة يعمل في مقبرة دير البلح (أرشيفية - أ.ف.ب)

الحفار سعدي حسن بركة يعمل في مقبرة دير البلح (أرشيفية - أ.ف.ب)

يقول بركة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قبل الحرب، كنا ندفن حالة أو حالتين، أو حتى خمساً في الأسبوع، بينما ندفن، اليوم، ثلاثمائة أو مائتين.. شيء لا يتصوره العقل».

ويؤكد أنه لا يتوقف عن العمل «من السادسة صباحاً حتى السادسة مساء، كل يوم».

«طوابق الشهداء»

يتقدم بركة، الذي غطّى الغبار جلبابه الأسود بفعل الغبار الذي يثيره الحفر طوال اليوم، فريقاً من 12 عاملاً، يعمل بعضهم على الحفر، بينما ينقل آخرون الحجارة لتهيئة المدافن.

ويتابع بأسى: «المقبرة مليئة.. أضع قبوراً فوق قبور، ثلاثة قبور فوق بعض. أصبحنا نبني طوابق للشهداء».

ويؤكد: «أنا أحفر قبوراً منذ 28 سنة، مرت علينا حروب 2008 و2012 و2014... لكن لم أشهد مثل جرائم هذه الحرب».

لا تنتهي محنته بانتهاء عمله اليومي، إذ تُلازمه صور الموتى ليلاً طاردةً النوم من عينيه. ويؤكد: «لا أعرف النوم بسبب مشاهد الأطفال المقطّعين والنساء».

ويروي قائلاً: «دفنتُ 47 امرأة من عائلة الطباطيبي، بينهن 16 كُنَّ حوامل. أيّ ذنب اقترفن؟!».

الحفار سعدي حسن بركة يعمل في مقبرة دير البلح (أرشيفية - أ.ف.ب)

واندلعت الحرب في قطاع غزة على أثر هجومٍ نفّذته حركة «حماس»، في السابع من أكتوبر الماضي، على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1198 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لحصيلة أعدّتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وأسفرت الغارات والقصف والهجمات الإسرائيلية في غزة عن مقتل 40005 أشخاص، على الأقل، وفق وزارة الصحة، التابعة لـ«حماس».

ومنذ بدء الحرب يؤكد بركة أنه دفن «اثنين أو ثلاثة تابعين لـ(حماس)»، بينما الباقون «كلهم أطفال ونساء».

«لماذا الأطفال؟!»

ويتابع بغضب: «إذا كانت لإسرائيل مشكلة مع السنوار ومع هنية، الله يرحمه، فلماذا يقتلون الأطفال؟!».

وهو مقتنع «بأنهم (الإسرائيليين) يريدون القضاء على الشعب الفلسطيني كله».

ويواصل مساعدو بركة تهيئة حُفَر جديدة، في المساحات القليلة التي لا تزال شاغرة متصببين عرقاً تحت الشمس، تحيط بهم شواهد قبور بِيض.

وينقل زملاء لهم، شكّلوا سلسلة الحجارة الخرسانية التي تضاعف سعرها، وفق بركة، «من شيقل واحد قبل الحرب إلى 12 شيقلاً، اليوم، جراء توقف مصانعها عن العمل لغياب الكهرباء والمواد الأولية».

تشهد أكوام الأتربة الطرية على عمليات دفن جرت في الأيام القليلة الماضية، جِنازات باتت تقتصر على عمال الحفر.

ويقول بركة: «قبل الحرب عندما يموت أي شخص كان يحضر الجنازة نحو ألف» آخرين.

أما اليوم «إذا جاء 30 أو 300 شهيد لا يكون معهم سوى 20 شخصاً.. شيء مؤسف»، على ما يوضح، بينما تضجُّ الأجواء فوقه بطنين المُسيّرات، كأنما لتُذكِّره بأن الموت يتربص بغزة.