شعارات «بيكفّي - تعبنا» و«ما بدنا حرب» تنتشر في لبنان... ولا أحد يتبنّاها

المعارضة عدّتها تعبيراً عن رأي الغالبية الرافضة لمشروع «حزب الله»

لوحة إعلانية ضخمة في أحد شوارع بيروت تتضمن عبارة داعية لوقف الحرب (أ.ف.ب)
لوحة إعلانية ضخمة في أحد شوارع بيروت تتضمن عبارة داعية لوقف الحرب (أ.ف.ب)
TT

شعارات «بيكفّي - تعبنا» و«ما بدنا حرب» تنتشر في لبنان... ولا أحد يتبنّاها

لوحة إعلانية ضخمة في أحد شوارع بيروت تتضمن عبارة داعية لوقف الحرب (أ.ف.ب)
لوحة إعلانية ضخمة في أحد شوارع بيروت تتضمن عبارة داعية لوقف الحرب (أ.ف.ب)

ظهرت في بعض الشوارع اللبنانية لوحات إعلانية تحمل شعارات، منها «بيكفّي - تعبنا»، «ما بدنا حرب» (لا نريد حرباً)، انتشر أغلبها في المناطق المحسوبة على قوى وأحزاب المعارضة وبعض أحياء العاصمة بيروت، تعبيراً عن حالة اعتراض على «حرب المساندة» التي فتحها «حزب الله» في جنوب لبنان، المرشّحة أن تأخذ البلد إلى حربٍ واسعة في ظلّ ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية بين إسرائيل و«حزب الله» واغتيال قادة كبار من الحزب.

اللافت في الأمر أن هذه الشعارات التي تثير غضب الموالين لـ«حزب الله»، ما زالت «يتيمة الأب»، إذ لم تتبنَّها أي من قوى المعارضة، ولا حتى المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية التي تنادي دوماً بتحييد لبنان عن صراعات وحروبٍ لا يقدر على تحمّل نتائجها وتبعاتها، لكن بغض النظر عمّن يقف خلفها، تعدّ المعارضة أن هذه الشعارات تمثل رأي معظم اللبنانيين.

جانب من الحملات الإعلانية في شوارع لبنان (أ.ف.ب)

المعارضة: اعتراضات طبيعية

ويعدّ قيادي في المعارضة اللبنانية، أن هذه الشعارات «تمثّل رأي السواد الأعظم من الشعب اللبناني، بكل طوائفه ومناطقه وانتماءاته». ويرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الضحايا الذين يُقتَلون جراء العمليات الإسرائيلية، يسقطون قرابين على مذبح المشروع الإيراني، وليس على طريق القدس أو دفاعاً عن فلسطين».

ويقول القيادي الذي رفض ذكر اسمه: «من الطبيعي أن ترتفع الأصوات الاعتراضية أكثر فأكثر، وهذا موقف كلّ الرافضين للخيارات التي اتخذها الحزب وجرّ لبنان إليها»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «البيئة الشيعية التي كانت تغفر كل أخطاء (حزب الله)، بدأت حالة التململ تظهر لديها، بعد أن تسبب الحزب في تدمير بيوتها ومقتل أبنائها وتهجيرهم، وأثبت عقم سرديته بأنه وحده القادر على حمايتهم وحماية البلد».

ولا يختلف اثنان في لبنان على مبدأ العداء لإسرائيل، وأن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى للعرب والمسلمين، لكنّ ثمّة خلافاً حقيقياً حيال تفرّد فريق وحده بجرّ البلد إلى الحرب.

ويسأل القيادي في المعارضة: «لماذا تُفتح جبهة لبنان دون سواها من الجبهات الأخرى؟ لماذا أعفى نصر الله إيران وسوريا من مسؤولية الانخراط في الحرب مع إسرائيل؟ هل يعقل أن يبقى لبنان ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإيرانية مع الولايات المتحدة والغرب؟»، عادّاً أن «الأضرار التي لحقت بالمؤسسات السياحية، وضرب الموسم السياسي بالغة ولا تعوّض، بينما الحكومة مستقيلة من مسؤولياتها تجاه الشعب اللبناني ومصالحه ومستقبل أبنائه».

حرب «إسناد غزة» التي بدأها «حزب الله» من جنوب لبنان ما زالت تلقى اعتراضات من جمهور واسع من اللبنانيين (أ.ف.ب)

«حزب الله»: حملة تخدم العدو

وما يثير غضب بيئة الحزب ومؤيديه أن هذه الحملة تأخذ صدى في الإعلام الإسرائيلي، الذي يرى فيها وسيلة للتأثير في الحزب، وتشكّل ضغطاً داخلياً عليه حتى لا يتسبب بدمار لبنان.

ويؤكد مصدر مقرب من «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «جهات معروفة تقف وراء هذه الحملة وتروّج لكذبة أن الحزب يريد الحرب ويأخذ البلد إلى الخراب»، مشيراً إلى أن هذه الحملة «التي بدأت في الطرقات وترافقت مع انتشار واسع على وسائل التواصل الاجتماعي تخدم، عن قصد أو غير قصد، العدو الذي يضمر الشر للبنان واللبنانيين».

ومع أن هذه الحملة بقيت مجهولة الهوية، فإنها تحظى بمتابعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاعل واسع من الجمهور.

سعيد: اللبنانيون يرفضون الحرب

ويرى رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، أن الشعارات المرفوعة وإن لم يتبنّها أحد «تعبّر عن السواد الأعظم من البشرية، وبينهم اللبنانيون الذين يرفضون الحرب؛ لأن الناس بالفطرة ترفض الحرب والعنف». ويؤكد سعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن اللبنانيين «لن يخضعوا لأجندة فريق يأخذهم إلى الحرب ويقرر بالنيابة عنهم مصيرهم ومصير بلدهم ومستقبل أبنائهم»، ويشدد في الوقت نفسه على أن «هذه الشعارات وحدها لا تثني (حزب الله) عن جرّ البلد إلى الحرب، بل وحدة اللبنانيين وتمسّكهم بثوابتهم».

ويضيف سعيد: «(حزب الله) يسعى لتحقيق مصلحة إيران في لبنان، لكن للأسف لا يوجد فريق في لبنان يقف بوجهه ويقدّم رؤية عن نهائية الكيان اللبناني، والتمسّك باتفاق الطائف والشرعيتين العربية والدولية».

ويتفق كثيرون على أن «حزب الله» يستمدّ قوته من ضعف خصومه واختلافهم لأسباب مصلحية سياسية وحزبية. ويعطى فارس سعيد مثالاً على ذلك أن «الأحزاب المسيحية بدأت تتحضّر لمعركة الانتخابات النيابية قبل عامين من موعدها، وتسعى لتعزيز كتلها في البرلمان، خصوصاً بعد إقالة واستقالة عدد من نواب التيار العوني، في حين أنها غائبة عن الحدث الحقيقي في معبر فيلادلفيا والتسويات التي تُرتَّب على مستوى المنطقة».

وبرأي فارس سعيد فإن مشكلة لبنان «تكمن في أن فريقاً يخطط لإلحاق لبنان كلياً بمشروع إيراني خطير، ونحن نعالج ذلك بلوحات تُرفع على الطرقات لا يمكن أن تغيّر المشهد أو تبدّل في مشروع إيران و(حزب الله)».


مقالات ذات صلة

مواجهات جبهة جنوب لبنان في امتحان ردّ «حزب الله» المنتظر

المشرق العربي عنصر في الصليب الأحمر اللبناني يركض بجانب سيارة القيادي بـ«حماس» سامر الحاج الذي اغتالته مُسيّرة إسرائيلية بمدينة صيدا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

مواجهات جبهة جنوب لبنان في امتحان ردّ «حزب الله» المنتظر

شهدت المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل تصاعداً في طبيعة العمليات خلال الساعات الأخيرة، وتحديداً بعد اغتيال المسؤول الأمني بمخيم عين الحلوة سامر الحاج.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (أ.ب)

جهود لبنانية لحفظ قنوات التواصل المالي مع الخارج

تبذل السلطات النقدية في لبنان جهوداً كبيرة لضمان استقرار الليرة والتخفيف من تداعيات الأوضاع السياسية المتعلقة بالحرب جنوب البلاد والحفاظ على التواصل مع الخارج.

علي زين الدين (بيروت)
العالم العربي رفعت واشنطن من ضغوطها على نتنياهو لاستئناف محادثات وقف النار (أ.ف.ب)

محادثات وقف النار «الغزاوية» ترتبط باستجابة نتنياهو لضغط واشنطن

يعلّق اللبنانيون آمالاً كبيرة على الدعوة الأميركية - المصرية - القطرية لاستئناف محادثات وقف النار في غزة، ويأملون انسحابها على جنوب لبنان.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» خلال المشاركة في ذكرى أسبوع على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ب)

«قواعد الاشتباك» بين «حزب الله» وإسرائيل تتساقط… والرد على شكر يحدد مصيرها

رغم تمسّك «حزب الله» بمعادلة «الردود المدروسة» ضمن قواعد الاشتباك التي سبق أن وضعها، تعكس المواجهات بين الطرفين سقوطاً تدريجياً لهذه القواعد.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة (رويترز)

بقضية أموال غير مشروعة... توجيه الاتهام لشقيق رياض سلامة في باريس

وُجّه الاتهام لرجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة، الجمعة، في إطار تحقيقات أجراها القضاء الفرنسي بقضية أموال غير مشروعة.

«الشرق الأوسط» (باريس- بيروت)

مقتل إسرائيلي وإصابة ثان بإطلاق نار في الضفة

طلاب فلسطينيون يتظاهرون في مدينة نابلس بالضفة الغربية الأحد احتجاجاً على المجزرة التي نفذتها إسرائيل ضد مدرسة بغزة السبت (إ.ب.أ)
طلاب فلسطينيون يتظاهرون في مدينة نابلس بالضفة الغربية الأحد احتجاجاً على المجزرة التي نفذتها إسرائيل ضد مدرسة بغزة السبت (إ.ب.أ)
TT

مقتل إسرائيلي وإصابة ثان بإطلاق نار في الضفة

طلاب فلسطينيون يتظاهرون في مدينة نابلس بالضفة الغربية الأحد احتجاجاً على المجزرة التي نفذتها إسرائيل ضد مدرسة بغزة السبت (إ.ب.أ)
طلاب فلسطينيون يتظاهرون في مدينة نابلس بالضفة الغربية الأحد احتجاجاً على المجزرة التي نفذتها إسرائيل ضد مدرسة بغزة السبت (إ.ب.أ)

قُتل إسرائيلي، وأُصيب آخر في عملية إطلاق نار بشمال الضفة الغربية المحتلة، الأحد، وفق ما أعلن الإسعاف والجيش الإسرائيليان.

وجاء في بيان للإسعاف الإسرائيلي أن الفِرق الطبية "أعلنت وفاة رجل في العشرينات من عمره"، في حين نُقل رجل يبلغ 33 عاماً بواسطة مروحية «مصاباً بطلقات نارية في أطرافه السفلى»، جراء هجوم في منطقة غور الأردن بشمال الضفة الغربية المحتلة.

وأكد الجيش مقتل مدني إسرائيلي في الهجوم. وقال الجيش، في بيان: «أطلق إرهابيون النار من مركبة عابرة على عدد من المركبات في المنطقة». وأضاف: «نتيجة للهجوم، قُتل مدني إسرائيلي، وأُصيب مدني إسرائيلي آخر، وهو يتلقى حالياً العلاج من الفرق الطبية». وتابع: «بدأ الجنود ملاحقة الإرهابيين وقطع الطرقات وتمشيط المنطقة».

وتشهد الضفة الغربية، التي تحتلّها إسرائيل منذ عام 1967، تصاعداً في العنف منذ أكثر من عام، لكنّ الوضع تدهور منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقُتل ما لا يقل عن 617 فلسطينياً بأيدي القوات الإسرائيلية والمستوطنين في الضفة الغربية، منذ هجوم حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، وفقاً لإحصاءات صحافية استناداً إلى أرقام فلسطينية رسمية. وقُتل ما لا يقل عن 18 إسرائيلياً؛ بينهم جنود، في هجمات فلسطينية بالضفة الغربية خلال الفترة نفسها، وفقاً لأرقام إسرائيلية رسمية.