اتفاق غزة يُطرح على الحكومة الإسرائيلية للمصادقة عليه

أهالي الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» يتظاهرون في تل أبيب (رويترز)
أهالي الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» يتظاهرون في تل أبيب (رويترز)
TT

اتفاق غزة يُطرح على الحكومة الإسرائيلية للمصادقة عليه

أهالي الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» يتظاهرون في تل أبيب (رويترز)
أهالي الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» يتظاهرون في تل أبيب (رويترز)

تجتمع الحكومة الإسرائيلية، اليوم (الخميس)، لإعطاء الضوء الأخضر لاتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» في غزة الذي أعلنته الدوحة وواشنطن، بعد أكثر من 15 شهراً من حرب خلّفت عشرات آلاف القتلى ودماراً واسعاً وكارثة إنسانية في القطاع.

وبعد أكثر من عام من التعثر، ومع اقتراب تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، خلفاً لجو بايدن، تكثفت المفاوضات غير المباشرة الجارية في الدوحة، مما أدى مساء الأربعاء، إلى اتفاق بثلاث مراحل ينص على هدنة، اعتباراً من الأحد، وإطلاق سراح 33 رهينة محتجزين في قطاع غزة مقابل الإفراج عن ألف معتقل فلسطيني من السجون الإسرائيلية، وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

ولقي الأمر ترحيباً من عدد من العواصم والمنظمات الدولية، واحتفل آلاف الفلسطينيين عبر أنحاء قطاع غزة المحاصَر والمدمَّر جراء الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 مع شن حركة «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل.

وسارعت حركة «حماس» إلى التأكيد أن الاتفاق «إنجاز» للمقاومة و«ثمرة صمودها الأسطوري».

وفي إيران، رحَّب «الحرس الثوري»، الخميس بالاتفاق، معتبراً أنه «انتصار واضح وعظيم لفلسطين، وهزيمة أكبر للنظام الصهيوني الوحشي».

كما رحَّب رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف بالاتفاق الذي «جعل النظام الصهيوني يفشل في تحقيق هدفه الاستراتيجي».

لكن الحكومة الإسرائيلية لم تصدّق بعد على الاتفاق، واستمرت الغارات الإسرائيلية على القطاع ليل الأربعاء وفجر الخميس، موقعةً 27 قتيلاً.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان صدر خلال الليل عن مكتبه، أن العمل لا يزال جارياً على معالجة «آخر تفاصيل» الاتفاق، لكنه شكر دونالد ترمب وجو بايدن اللذين تعاونا بشكل وثيق في هذه المسألة، على «مساعدتهما في الاتفاق بشأن الرهائن».

ويعقد مجلس الوزراء الإسرائيلي اجتماعاً، الخميس، لبحث الاتفاق، ومن المتوقع أن يصدّق عليه رغم الخلافات، في ظل الغالبية التي يحظى بها نتنياهو.

ورأى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أن اتفاق الهدنة هو «الخيار الصحيح» لإعادة الرهائن، فيما ندد وزير المالية اليميني المتطرّف بتسلئيل سموتريتش، بـ«صفقة خطيرة» على أمن إسرائيل، موضحاً أن وزراء حزبه سيصوّتون ضدها.

إعادة الإعمار

تسبّب هجوم «حماس» في مقتل 1210 أشخاص، معظمهم من المدنيين، حسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخُطف خلال هجوم «حماس» 251 شخصاً ما زال 94 منهم محتجزين في قطاع غزة، فيما أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم.

وقُتل أكثر من 46 ألفاً و707 فلسطينيين، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعدّها الأمم المتحدة موثوقة.

وأوضح رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، الذي أسهمت بلاده في جهود الوساطة إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، بنود الاتفاق الرئيسية.

وقال إن «حماس ستطلق في المرحلة الأولى سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً بما يشمل النساء المدنيات والمجندات والأطفال وكبار السن والمرضى والجرحى المدنيين، مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ومراكز الاعتقال».

وأشار إلى أن «فريقاً مشتركاً» من الولايات المتحدة وقطر ومصر «سيراقب تنفيذ الاتفاق».

وشدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، لمواجهة الوضع الإنساني الكارثي الراهن، دون أي عراقيل».

مستقبل سياسي عالق

من جانبه، أعلن بايدن أن «المرحلة الأولى تمتد على ستة أسابيع، وتتضمن وقفاً كاملاً لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة في غزة، وإطلاق سراح عدد من الرهائن الذين تحتجزهم (حماس)، بما في ذلك النساء والمسنون والجرحى».

ولفت الرئيس الأميركي إلى أنّه في هذه المرحلة الأولى من الاتفاق «ستفرج إسرائيل عن مئات السجناء الفلسطينيين، وسيتمكن الفلسطينيون من العودة إلى أحيائهم في مناطق غزة كافة، وسيبدأ تدفّق المساعدات الإنسانية على غزة، وسيتمكن الناس الأبرياء من الحصول على قدر أكبر من هذه الإمدادات الحيوية».

وحسب بايدن، فإنّه خلال هذه المرحلة الأولى «ستتفاوض إسرائيل على الترتيبات اللازمة للوصول إلى المرحلة الثانية التي ستمثّل نهاية دائمة للحرب».

وأوضح أن المرحلة الثانية ستتضمن «تبادل (معتقلين فلسطينيين مقابل) الإفراج عن بقية الرهائن الأحياء، بمن فيهم الجنود الذكور، وسيتمّ سحب كلّ القوات الإسرائيلية المتبقية من غزة، وسيصبح وقف إطلاق النار المؤقت دائماً».

أما في المرحلة الثالثة، فسيتمّ خلالها «إعادة رفات الرهائن المتبقّين الذين قُتلوا، إلى عائلاتهم، وستبدأ خطة إعادة الإعمار الكبرى في غزة»، حسبما أوضح الرئيس المنتهية ولايته.

وتسببت الحرب في دمار هائل في قطاع غزة المحاصَر، وأدت إلى نزوح الغالبية الكبرى من سكانه الـ2.4 مليون نسمة وسط أزمة إنسانية حادة.

وقالت رندة سميح (45 عاماً)، وهي نازحة من مدينة غزة إلى مخيم النصيرات وسط القطاع: «لا أصدق أن هذا الكابوس الذي نعيشه منذ أكثر من عام سينتهي. لقد فقدنا كثيرين، فقدنا كل شيء، نحن بحاجة لكثير من الراحة».

وإن كان الاتفاق يوقف الحرب، إلا أنه يترك المستقبل السياسي عالقاً في القطاع الذي تحكمه حركة «حماس» منذ 2007.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي متظاهرة إسرائيلية بين توابيت رمزية للرهائن أمام المحكمة العليا في القدس الخميس (أ.ف.ب) play-circle 00:55

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل كادت تقتل رهينتين في غزة

كشفت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، صباح الخميس، عن أن إسرائيل كادت تقتل اثنين من أسراها لدى حركة «حماس» خلال غارة نفذتها على مدينة غزة خلال اليومين الماضيين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية أشخاص يتفقدون أنقاض المباني التي تضررت جرَّاء الغارات الإسرائيلية الليلة الماضية في جباليا شمال قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)

نتنياهو: «حماس» تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة

اتهم بنيامين نتنياهو حركة «حماس» بالتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة اليوم، مما أدى إلى تأخير موافقة الحكومة الإسرائيلية عليه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (أرشيفية - رويترز)

ملك الأردن يؤكد ضرورة استدامة وقف إطلاق النار في غزة

رحب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم (الخميس)، بالإعلان عن اتفاق لوقف الحرب الدائرة في قطاع غزة، مؤكداً على ضرورة استدامة وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (عمان)
شؤون إقليمية أقارب وأصدقاء الإسرائيليين الذين قتلتهم واختطفتهم «حماس» يتفاعلون مع الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن أمس (أ.ب)

لماذا ترفض عائلات بعض الأسرى الإسرائيليين اتفاق غزة؟

يعارض أعضاء أقلية متطرفة إسرائيلية إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل بوصفهم جزءاً من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )

نتنياهو: «حماس» تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة

أشخاص يتفقدون أنقاض المباني التي تضررت جرَّاء الغارات الإسرائيلية الليلة الماضية في جباليا شمال قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون أنقاض المباني التي تضررت جرَّاء الغارات الإسرائيلية الليلة الماضية في جباليا شمال قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو: «حماس» تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة

أشخاص يتفقدون أنقاض المباني التي تضررت جرَّاء الغارات الإسرائيلية الليلة الماضية في جباليا شمال قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون أنقاض المباني التي تضررت جرَّاء الغارات الإسرائيلية الليلة الماضية في جباليا شمال قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)

اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حركة «حماس» بالتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، اليوم (الخميس)، مما أدى إلى تأخير موافقة الحكومة الإسرائيلية عليه.

وقال نتنياهو في بيان: «تتراجع (حماس) عن أجزاء من الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الوسطاء وإسرائيل في محاولة لانتزاع تنازلات في اللحظة الأخيرة»، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف: «لن تجتمع الحكومة الإسرائيلية حتى يخطر الوسطاء إسرائيل أن (حماس) قبِلت جميع عناصر الاتفاق».

ومن جانبه، نفى عزت الرشق القيادي في «حماس» تراجع الحركة عن أي تفاهمات تم الاتفاق عليها وأكد «التزام» حماس باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الوسطاء.

كان من المقرر أن تجتمع الحكومة الإسرائيلية، اليوم، لإعطاء الضوء الأخضر لاتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» في غزة الذي أعلنته الدوحة وواشنطن، بعد أكثر من 15 شهراً من حرب خلّفت عشرات آلاف القتلى ودماراً واسعاً وكارثة إنسانية في القطاع.

وبعد أكثر من عام من التعثر، ومع اقتراب تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، خلفاً لجو بايدن، تكثفت المفاوضات غير المباشرة الجارية في الدوحة، مما أدى مساء الأربعاء، إلى اتفاق بثلاث مراحل ينص على هدنة، اعتباراً من الأحد، وإطلاق سراح 33 رهينة محتجزين في قطاع غزة مقابل الإفراج عن ألف معتقل فلسطيني من السجون الإسرائيلية، وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

في سياق متصل، كشف تلفزيون «الأقصى» الفلسطيني عن أن 22 شخصاً لقوا حتفهم جراء قصف إسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم (الخميس)، وذلك قبل أيام من بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار جرى الإعلان عنه أمس. وذكرت القناة أن أكثر من 100 فلسطيني قُتلوا في القصف الإسرائيلي على القطاع منذ فجر أمس (الأربعاء)، دون ذكر مزيد من التفاصيل.