«مجزرة الفجر» في غزة... الصور المرعبة تُغضب العالم

هجوم فلسطيني على الإدارة الأميركية وأسلحتها... إسرائيل تُشكك في أرقام الضحايا... «حماس»: لم يكن هناك مسلحون

جانب من تشييع ضحايا مدرسة التابعين بمدينة غزة السبت (رويترز)
جانب من تشييع ضحايا مدرسة التابعين بمدينة غزة السبت (رويترز)
TT

«مجزرة الفجر» في غزة... الصور المرعبة تُغضب العالم

جانب من تشييع ضحايا مدرسة التابعين بمدينة غزة السبت (رويترز)
جانب من تشييع ضحايا مدرسة التابعين بمدينة غزة السبت (رويترز)

قالت مصادر طبية فلسطينية إن ما لا يقل عن 100 شخص قُتلوا في هجوم جوي استهدف مدرسة للنازحين في مدينة غزة، في واحدة من المجازر الكبيرة التي نفذتها إسرائيل مؤخراً في مثل هذه المدارس، مخلفة دماراً هائلاً، وكومة كبيرة من الأشلاء المتناثرة المحترقة. وأثارت الصور المرعبة لضحايا المجزرة التي وقعت خلال صلاة الفجر، غضباً واسعاً حول العالم، وسط تنديد بما يتعرض له الفلسطينيون من مجازر جماعية، ومطالبات بتحقيق لكشف ملابسات ما حصل.

وهاجمت طائرات حربية إسرائيلية مصلى في مدرسة «التابعين»، الواقعة بحي الدرج شرق مدينة غزة، أثناء تأدية نازحين صلاة الفجر، بـ3 صواريخ مدمرة، مخلفة أكثر من 100 قتيل، و150 مصاباً من بين آلاف النازحين في المدرسة الصغيرة، وفق ما قال مسؤولون فلسطينيون.

وأفاد مسؤولون بأن الشيخ محمد حسن أبو سعدة، مدير الأوقاف في مديرية مدينة غزة، كان أحد القتلى في الهجوم، إضافة إلى عبد العزيز الكفارنة، نائب رئيس بلدية بيت حانون، والدكتور يوسف الكحلوت، أستاذ اللغة العربية في الجامعة الإسلامية.

دمار في موقع الهجوم الجوي الإسرائيلي على المدرسة بحي الدرج في مدينة غزة السبت (أ.ب)

وأظهرت مقاطع فيديو دماراً كبيراً وجثثاً محترقة وأشلاء متناثرة جراء الهجوم الذي جلب كثيراً من الاتهامات والإدانات لإسرائيل.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، إن «الاحتلال الإسرائيلي استهدف في مدرسة التابعين طابقين؛ الأول كان يؤوي النساء النازحات والأطفال، والأرضي الذي كان عبارة عن مصلى للنازحين». وأضاف: «كثير من الأشلاء لم يتم التعرف على هوية أصحابها».

‏وتابع في إحاطة صحافية: «الجميع فُجع بحجم المجزرة الكبيرة والمخيف. عدد الشهداء والجرحى كبير، بينهم أطفال ونساء، وجزء منهم أشلاء، وجزء آخر اشتعلت فيهم النيران في مشهد مخيف لم يراعِ أدنى الاعتبارات الإنسانية».

واحتاج التعامل مع الجثامين إلى وقت أطول مما يجب، بسبب الدمار الذي خلّفته الصواريخ ودرجة الحرارة العالية، وحقيقة وجود كثير من الأشلاء المتناثرة التي يجب جمعها.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي، من هول المذبحة لم تتمكن الطواقم الطبية والدفاع المدني وفرق الإغاثة والطوارئ من انتشال الجثامين بسرعة.

مدرسة التابعين التي حصلت فيها المجزرة السبت (أ.ب)

وعلّق الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، على صور المجزرة قائلاً: «الصور التي التقطت من مدرسة إيواء في غزة تعرضت لضربة إسرائيلية، مع عشرات الضحايا الفلسطينيين، مرعبة». وأضاف بوريل في منشور على منصة «إكس»: «لا يوجد أي مبرر لهذه المجازر، وإننا نشعر بالفزع إزاء العدد الإجمالي الرهيب للوفيات».

ووصف المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، فيليب لازاريني، ما جرى بأنه «يوم آخر من الرعب في غزة». وأضاف: «حان الوقت لوضع حد لهذه الأهوال والفظائع التي تتكشف أمام أعيننا، فلا يمكننا السماح لهذه الأحداث بأن تصبح أمراً واقعاً عادياً، فكلما تكررت، فقدنا إنسانيتنا الجماعية».

والهجوم على مدرسة «التابعين» هو الهجوم الـ13 الذي يستهدف مراكز لإيواء النازحين في أنحاء القطاع منذ بداية الشهر الحالي.

فلسطينيات في حالة صدمة عقب الغارة الإسرائيلية على المدرسة في مدينة غزة (رويترز)

وجاء الهجوم في ذروة ضغوط أميركية - مصرية - قطرية من أجل وقف الحرب، بعد دعوة لاجتماع حاسم منتصف الشهر الحالي، وفيما تستعد واشنطن لتمويل إسرائيل بمبلغ 3.5 مليار دولار لصالح عمليات التسليح.

وحمّلت الرئاسة الفلسطينية الإدارة الأميركية المسؤولية عن المجزرة الجديدة جراء دعمها المالي والعسكري والسياسي للاحتلال. وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة: «إن هذه الجريمة تأتي استمراراً للمجازر اليومية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، وكذلك في الضفة الغربية، التي تؤكّد مساعي دولة الاحتلال لإبادة شعبنا، عبر سياسة المجازر الجماعيّة وعمليات القتل اليومية، في ظل صمت دولي مريب».

وأضاف: «أنه في الوقت الذي تعلن فيه الإدارة الأميركية الإفراج عن 3.5 مليار دولار لصالح إسرائيل، لإنفاقها على أسلحة وعتاد عسكري أميركي، تقوم فوراً بارتكاب جريمة نكراء ومجزرة بحق أهلنا في غزة، النازحين في مدرسة بمدينة غزة، تتحمل الإدارة الأميركية المسؤولية المباشرة عن هذه المجزرة، وعن تواصل العدوان الإسرائيلي السافر على قطاع غزة في شهره العاشر».

فلسطيني يعلوه الغبار عقب الغارة الإسرائيلية على المدرسة في حي الدرج بغزة السبت (د.ب.أ)

وأكد الناطق الرئاسي أن «على الإدارة الأميركية إجبار دولة الاحتلال فوراً على وقف عدوانها ومجازرها ضد شعبنا الأعزل، واحترام قرارات الشرعية الدولية، ووقف دعمها الأعمى الذي يُقتل بسببه الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ العُزل».

كما اتهمت «حماس» الإدارة الأميركية بقتل الفلسطينيين عبر تزويدها إسرائيل بالأسلحة القاتلة.

وقال عضو المكتب السياسي للحركة، عزت الرشق، إن المجزرة ارتكبت بأسلحة أميركية عمياء، وليست ذكية.

واتهام الأسلحة الأميركية بقتل الفلسطينيين، لم يقتصر على السلطة و«حماس».

وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، إنه في أكبر مخيمات الاعتقال وأكثرها عاراً في القرن الحادي والعشرين، تقوم إسرائيل بإبادة الفلسطينيين في حي واحد، ومستشفى واحد، ومدرسة واحدة، بأسلحة أميركية وأوروبية. وأضافت ألبانيز أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وسط عدم اكتراث كل «الأمم المتحضرة».

باحة المدرسة في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)

وأشارت إلى أن تاريخ إسرائيل في اغتيال الفلسطينيين بالداخل والخارج «طويل، ولا يمكن أن يبقى دون حساب».

وجاء الهجوم على الإدارة الأميركية، في وقت أكد فيه محمد المغير، مدير دائرة الإمداد بجهاز الدفاع المدني في غزة، أن إسرائيل استخدمت في مجزرة «التابعين» 3 صواريخ أميركية فتاكة تزن أكثر من 2000 رطل، وتصل حرارتها إلى 7 آلاف درجة.

ولم يشر الجيش الإسرائيلي إلى نوع القنابل، لكنه قال إنها 3 قنابل صغيرة ودقيقة.

ومع توالي ردود الفعل العربية والدولية الواسعة والغاضبة التي تضمنت اتهامات لإسرائيل بالسعي لتخريب اتفاق محتمل لوقف النار، حاولت إسرائيل الخروج من مأزقها باتهام «حماس» و«الجهاد الإسلامي» باستخدام مدرسة «التابعين» مركزاً للقيادة والسيطرة، وبالتشكيك في الأرقام الفلسطينية.

وزعم ناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن القصف على مدرسة «التابعين» طال مقر قيادة عسكرية لـ«حماس» و«الجهاد الإسلامي».

وأضاف: «إن عناصر حركة (حماس) استخدموا المدرسة المخصصة مأوى للسكان للاختباء وتخطيط وتنفيذ عمليات عدائية ضد قوات الجيش ومواطني إسرائيل». وأكد أن إسرائيل اتخذت قبل الهجوم إجراءات كثيرة لتقليص احتمال المساس بالمدنيين، بما في ذلك استخدام ذخيرة دقيقة، واعتماد معلومات استخباراتية.

تشييع ضحايا مدرسة التابعين في غزة السبت (د.ب.أ)

وشكك الناطق الإسرائيلي بالأرقام الفلسطينية عن الضحايا. وقال إنها «مبالغ بها، ولا تتناسب مع المعلومات المتوفرة لدى الجيش الإسرائيلي». وأضاف: «وفقاً للمعلومات الاستخباراتية، قُتل 20 مسلحاً بينهم قادة كبار نشطوا في الموقع، واستخدموه للانطلاق بعمليات مسلحة».

وردت «حماس» مؤكدة أنه لم يكن في مدرسة «التابعين» أي مسلح، وأن الجيش الإسرائيلي يكذب مجدداً ويختلق الذرائع السخيفة، لاستهداف المدنيين. وقالت الحركة إن المجزرة تُشكّل تصعيداً خطيراً في «مسلسل الجرائم والمجازر غير المسبوقة في تاريخ الحروب التي تُرتَكَب في قطاع غزة على يد النازيين الجدد، وهي تأكيدٌ واضحٌ من الحكومة الصهيونية، على مُضيّها في حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني، عبر الاستهداف المتكرر والممنهج للمدنيين العزل، في مراكز النزوح والأحياء السكنية، وارتكاب أبشع الجرائم بحقّهم».

وشددت الحركة على أن السياسة المؤكدة والصارمة والمعمول بها لدى المقاتلين من كل الفصائل هي عدم الوجود بين المدنيين لتجنيبهم الاستهداف الصهيوني.


مقالات ذات صلة

مقتل 22 فلسطينياً في غارة إسرائيلية على مدينة غزة

المشرق العربي شارك المشيعون في تشييع جثمان فلسطينيين قتلوا في غارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح (د.ب.أ)

مقتل 22 فلسطينياً في غارة إسرائيلية على مدينة غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة، صباح الخميس، مقتل 22 شخصاً خلال الليل في غارة إسرائيلية على مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ مجلس الشيوخ الأميركي (رويترز)

مجلس الشيوخ الأميركي يجهض حظر إرسال أسلحة هجومية إلى إسرائيل

أحبط مجلس الشيوخ مساعي صدّ تسليم الأسلحة الهجومية لإسرائيل بسبب ممارساتها خلال الحرب في غزة، وفشل داعمو الطروحات في الحصول على الأصوات اللازمة لإقراره.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي مسعفون ينقلون مصابين إلى المستشفى جراء القصف الإسرائيلي لفي غزة (أ.ف.ب)

مجزرة إسرائيلية مروعة في محيط مستشفى كمال عدوان بغزة

نفذ الجيش الإسرائيلي مجزرة مروعة بحق السكان المدنيين سقط نتيجتها 66 شهيدا وأكثر من 100جريح، إثر تدمير حي سكني كامل في محيط مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

واشنطن تحبط مشروعاً لوقف النار في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن، مستخدمة حق «الفيتو» لإبطال مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليي

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت (رويترز)

بن غفير وسموتريتش يتهمان غالانت بالسماح لـ«حماس» بالاستمرار في حكم غزة

انتقد أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية غالانت بعد أن حذر من أنّ تحمل المسؤولية عن توزيع المساعدات الإنسانية في غزة قد يجر إسرائيل للحكم العسكري.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الإسرائيلي: مقتل 9 مسلحين في اشتباكات خلال مداهمة في جنين

جرافات وآليات إسرائيلية تغلق شوارع مدينة جنين، خلال عملية عسكرية نفذتها القوات الإسرائيلية (د.ب.أ)
جرافات وآليات إسرائيلية تغلق شوارع مدينة جنين، خلال عملية عسكرية نفذتها القوات الإسرائيلية (د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي: مقتل 9 مسلحين في اشتباكات خلال مداهمة في جنين

جرافات وآليات إسرائيلية تغلق شوارع مدينة جنين، خلال عملية عسكرية نفذتها القوات الإسرائيلية (د.ب.أ)
جرافات وآليات إسرائيلية تغلق شوارع مدينة جنين، خلال عملية عسكرية نفذتها القوات الإسرائيلية (د.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، أن قواته نفذت «عمليات لمكافحة الإرهاب» في جنين، خلال اليومين الماضيين، في إطار سلسلة من العمليات التي يقوم بها، شمال الضفة الغربية.

وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية بأن طائرة إسرائيلية قامت، خلال العملية، باستهداف 3 مسلحين يعملون في القطاع وقتلتهم، مشيرة إلى أن بعضهم كان متورطاً في هجمات إطلاق نار وقعت مؤخراً عند مواقع عسكرية وتجمعات إسرائيلية.

وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه لاحظ وقوع انفجارات ثانوية في أعقاب المداهمة، وهو ما يشير إلى وجود أسلحة ومتفجرات في المنطقة.

وفي اشتباكات لاحقة، قُتِل 6 مسلحين. كما دمرت القوات الإسرائيلية 4 معامل تستخدم لتصنيع القنابل وعشرات العبوات الناسفة المزروعة تحت الطرق، بحسب ما نقلته الصحيفة على موقعها الإلكتروني عن الجيش الإسرائيلي.