عائلات فلسطينية تفر من هجوم إسرائيلي جديد على خان يونس

هجمات تقتل 20 على الأقل الجمعة... والوسطاء يدعون لاستئناف المحادثات

دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)
دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)
TT

عائلات فلسطينية تفر من هجوم إسرائيلي جديد على خان يونس

دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)
دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

عاودت الدبابات الإسرائيلية التوغل في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، اليوم الجمعة، لتجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح والفرار على امتداد الطرق المزدحمة، بينما واصل المقاتلون الفلسطينيون مهاجمة القوات الإسرائيلية من وسط الأنقاض، وفق ما قال سكان والجيش الإسرائيلي.

وفرَّت العائلات من شرق خان يونس، سواء بالسيارات أم سيراً على الأقدام، حاملة أمتعتها على عربات تجرُّها الحمير، وأخرى تسوقها الدراجات النارية، خلال نزوحها على الطرق؛ حيث أبطأ الزحام حركتها.

ومع تأهب إسرائيل ولبنان لتصعيد محتمل في القتال، يبذل مسؤولون من الولايات المتحدة ومصر وقطر جهوداً حثيثة لإحياء المساعي الرامية إلى وقف القتال في غزة، مع تحديد موعد لجولة جديدة من المحادثات في 15 أغسطس (آب) الحالي.

وفي الأسابيع القليلة الماضية، عادت القوات الإسرائيلية، التي اجتاحت قطاع غزة بأكمله تقريباً على مدى الحرب المستمرة منذ أكثر من 10 أشهر، إلى أنقاض المناطق التي أعلنت سابقاً طرد مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية منها.

«كله دمار كله خراب»!

وفي أحدث هجوم، ألقى الجيش منشورات تأمر السكان والنازحين في شرق خان يونس؛ المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة، بإخلاء المنطقة التي شهدت بالفعل موجات متكررة من القتال، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وتكدست العائلات في الحافلات والسيارات، وسعى كثير من النازحين إلى اللجوء للمواصي؛ وهي منطقة رملية تمتد على طول الساحل. لكن البعض عبّر عن مخاوفه من الذهاب إليها بعد تعرضها لهجمات في السابق، على الرغم من أن القوات الإسرائيلية أعلنتها منطقة آمنة.

وقالت أم رائد أبو عليان إنها وأفراد أسرتها فرّوا «من تحت النار شاردين بأرواحنا وأولادنا، طلعنا نجري من الخوف». وعندما سُئلت إلى أين ستذهب، أجابت: «الله أعلم. يحكون لنا عن مناطق إنسانية، مفيش ولا منطقة إنسانية في غزة، كله دمار كله خراب».

وفي وقت لاحق من اليوم الجمعة، قال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية أودت بحياة ستة فلسطينيين في منطقة المواصي. وأضافوا أن غارة أخرى على منزل قريب قتلت أربعة، بينهم فتاة، وأصابت عدة أشخاص.

وقال مسعفون وصحافيون إن صحافيين فلسطينيين هما تميم معمر وعبد الله السوسي، قُتلا مع عدد من أقاربهما.

وذكر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن مقتلهما يرفع عدد الصحافيين الفلسطينيين الذين قُتلوا بنيران إسرائيلية، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى 165.

وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته ضربت عشرات الأهداف، التابعة لمسلَّحي «حماس» في خان يونس ورفح بالقرب من الحدود المصرية، وأنها استولت على مستودعات أسلحة، ودمّرت بنية تحتية، وقتلت العشرات من المقاتلين المدجّجين بأسلحة؛ منها قذائف صاروخية.

محادثات الهدنة

وجاءت الدعوة لعقد اجتماع في 15 أغسطس الحالي؛ لمناقشة اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن، بعدما أخفقت محادثات سابقة في التوصل لهدنة منذ فترة توقُّف لأسبوع في القتال خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه سيرسل وفداً للمحادثات، لكنه أحجم عن ذكر مزيد من التفاصيل.

وقال مسؤول في «حماس»، لوكالة «رويترز»، إن الجماعة «تدرس» المقترح الجديد لعقد محادثات، رافضاً الخوض في التفاصيل.

ويُعتقد أن رئيس المكتب السياسي الجديد لحركة «حماس»، يحيى السنوار، يدير المعركة على الأرض.

وتزداد المخاوف من اتساع نطاق الحرب لصراع أشمل في المنطقة. وتوعدت إيران بالرد على اغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية في طهران، وقتل إسرائيل قائداً كبيراً في جماعة «حزب الله» اللبنانية في ضربة على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال مسؤول فلسطيني مطّلع على جهود الوساطة، إن رد «حماس» على أحدث مقترح لعقد محادثات يجب أن «يُدرَس بعناية مع حلفائها، لو أن إسرائيل كانت جادة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، لأعلنت قبولها مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت (حماس) عليه».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي على مدرسة «التابعين» في مستشفى المعمداني بمدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:46

أكثر من 100 قتيل في «مجزرة الفجر» بمدينة غزة

ذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، أن أكثر من 100 فلسطيني لقوا حتفهم وأصيب العشرات بجروح في قصف إسرائيلي لمدرسة «التابعين» التي تؤوي نازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة «التعاون الإسلامي» بحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني (واس)

«التعاون الإسلامي» تحمّل إسرائيل مسؤولية اغتيال هنية في إيران

البيان الختامي للاجتماع الاستثنائي مفتوح العضوية للجنة التنفيذية على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المنعقد في مقر الأمانة العامة.

أسماء الغابري (جدة)
المشرق العربي فلسطينيون يغادرون خان يونس بعد أوامر إخلاء إسرائيلية (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يشن عملية برية جديدة في خان يونس

أفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن الجيش الإسرائيلي بدأ عمليات برية جديدة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يجلسون في خيمة دمرتها غارة إسرائيلية على وسط قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تعلن قصف مراكز قيادة لـ«حماس» في محيط مدرستين بغزة

قال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إنه قصف مراكز قيادة تابعة لحركة «حماس» في محيط مدرستين في قطاع غزة والتي كانت تستخدم لتنفيذ هجمات ضد القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

فصائل إيران وقوات دمشق تصعّد ضد «قسد» في شرق سوريا

نزوح عشرات المدنيين من البلدات التي تعرضت للهجوم باتجاه البادية السورية  (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
نزوح عشرات المدنيين من البلدات التي تعرضت للهجوم باتجاه البادية السورية (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

فصائل إيران وقوات دمشق تصعّد ضد «قسد» في شرق سوريا

نزوح عشرات المدنيين من البلدات التي تعرضت للهجوم باتجاه البادية السورية  (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
نزوح عشرات المدنيين من البلدات التي تعرضت للهجوم باتجاه البادية السورية (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تتصاعد حدة الهجمات على مناطق «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في شرق سوريا، بعد تعرضها فجر الجمعة، لقصف عنيف ومكثف، بعشرات قذائف «الهاون» والمدفعية الثقيلة، انطلقت من مناطق تمركز مجموعات محلية موالية لإيران بريف محافظة دير الزور، في تصعيد يبدو مرتبطاً بالحرب الإسرائيلية على غزة، والتطورات الإقليمية، عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية بالعاصمة الإيرانية، طهران.

وأفادت قوات «قسد» في بيان بمقتل 13 مدنياً وإصابة 5 آخرين بعد قصف نفذته قوات حكومة دمشق و«الدفاع الوطني» الموالية لإيران، على بلدتي الدحلة وجديدة بكارة بالريف الشرقي لدير الزور ليل الخميس/الجمعة، راح ضحيتها أفراد من عائلتين، بينهم 6 أطفال ونساء على وقع اشتباكات متواصلة منذ عدة أيّام بين الطرفين.

عناصر من ميليشيا تابعة لإيران (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

ووصفت دمشق التصعيد الحاصل في دير الزور بأنه احتجاجات أهلية ضد «الإدارة الذاتية» ورفض خطواتها الانفصالية. وقالت «وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)» اليوم الجمعة: «إن مناطق ريف دير الزور التي ينتشر فيها مسلحو ميليشيا (قسد) الانفصالية تشهد احتجاجات واسعة من قبل الأهالي ضد هذه الميليشيا المرتبطة بقوات الاحتلال الأميركي، وتنفذ أجندته في التنكيل والاعتداء على الأهالي لإجبارهم على الانخراط بمخططاتهم الانفصالية وإقحام أبنائهم للقتال ضمن صفوفهم».

وتحدثت مصادر محلية من بلدة الدحلة عن وصول وفد عسكري، يضم قادة ومسؤولين من التحالف الدولي والقوات الأميركية؛ إذ تفقدوا المواقع التي تعرضت للقصف، وقدموا واجب العزاء لذوي الضحايا، كما جالت دورية عسكرية مشتركة من قوات التحالف و«قسد» في بلدات ذيبان والبصيرة وأبو حمام، وهذه المناطق الساخنة شهدت هجمات عنيفة خلال الأيام الماضية.

ومحافظة دير الزور تنقسم عسكرياً بين «قسد» المدعومة من الولايات المتحدة والتحالف الدولي المناهض لتنظيم «داعش»، وتسيطر على الضفة الشرقية والشمالية لنهر الفرات، بما في ذلك حقول النفط والغاز، وأكبرها حقلا «العمر النفطي» و«كونيكو للغاز»، في حين تسيطر القوات الحكومية وفصائل محلية موالية لإيران، أبرزها ميليشيا «الدفاع الوطني»، على الضفة الغربية للنهر الذي يمر عبر مركز مدينة دير الزور وبلدات الميادين والبوكمال المحاذية للحدود العراقية.

واستنكرت «الإدارة الذاتية» المجزرة المروعة في بلدتي الدحلة وجديدة بكارة، وحمّلت النظام السوري مسؤوليتها عبر بيان، قالت فيه: «يتجاهل النظام الانتهاك الواضح والمتكرر لسيادته في دمشق وغيرها من المناطق، لخلق الفتنة وضرب الاستقرار في المناطق التي تشهد استقراراً تاماً»، ودعم مجموعات وفصائل محلية تتبع حكومة دمشق للإشراف على إدارة المعارك في مناطق دير الزور.

واتهم بيان الإدارة قوى إقليمية، بينها تركيا وإيران بالعمل على «فرض الفوضى وتطويق جهود الاستقرار، خصوصاً بعد فشلها قبل أكثر من عام في النيل من إرادة أبناء دير الزور ورموزها الاجتماعية وعشائرها الأصيلة»، في إشارة إلى الدور التي تقوم بها الفصائل المحلية الموالية لإيران.

تقاطع مصالح طهران ودمشق

ربط فلاديمير فان ويلجنبرغ، وهو باحث مساهم في معهد «واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» ومؤلف كتاب «أكراد شمال سوريا: الحكم والتنوع والصراعات»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، تقاطع مصالح دمشق وطهران بتجدد هجمات دير الزور، وقال: «لدى دمشق وإيران مصلحة متزايدة في استغلال الاضطرابات القبلية في دير الزور لممارسة ضغوط إضافية في المنطقة، في ظل النزاع المستمر بين إسرائيل و(حماس)».

وقفة احتجاجية في دوار الحصان بريف دير الزور الغربي ضد هجمات المجموعات المحلية المدعومة من إيران (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

ورأى ويلجنبرغ أن الجماعات المدعومة من إيران ستكثف هجماتها على القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا؛ إذ «من المرجح أن تستمر قوات العشائر في تنفيذ هجمات الكر والفر في دير الزور، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تتمكن من السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات (قسد)».

وأكد أن نفوذ إيران والنظام السوري، وعلى الرغم من الجهود الحثيثة من الضفة الغربية من دير الزور لمحاولة إثارة الاضطرابات في المنطقة، «ظل محدوداً نوعاً ما في الضفتين الشرقية والشمالية، لأن سكان دير الزور معادون بمعظمهم لدمشق، ويعارضون تمدد وتعاظم الدور الإيراني فيها».

وتندلع اشتباكات مماثلة بين الحين والآخر بريف دير الزور كان آخرها في سبتمبر (أيلول) 2023، في المناطق التي يتمركز فيها مئات الجنود الأميركيين منذ عام 2019 للمساعدة في هزيمة «داعش»، كما تُشكل الممتدة بين مدينة البوكمال الحدودية مع العراق المجاور حتى مدينة الميادين، مركز ثقل لمجموعات محلية وأجنبية موالية لإيران.

تدريبات مشتركة لـ«قسد» وقوات «التحالف الدولي» ضد «داعش» في ريف الحسكة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكانت إلهام أحمد، رئيسة دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية، قالت في تصريح سابق إن الاشتباكات الدائرة بريف دير الزور ليست حوادث معزولة، وأن هناك أدلة على تورط ميليشيات مدعومة من إيران والحكومة السورية بالوقوف خلفها، لإثارة الاضطرابات وضرب استقرار المنطقة، وصرف انتباه السوريين عن الحركات الاحتجاجية في مدينة السويداء، جنوب سوريا، على حد تعبيرها.

ولإيران انتشار واسع في شرق سوريا، وتحديداً في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق. ووفق مركز «جسور» ومؤسسة «إنفورماجين» لتحليل البيانات، تنتشر الميليشيات الإيرانية في سوريا منذ عام 2012، من بينها ميليشيا عربية وأخرى أجنبية يقودها «الحرس الثوري» الإيراني و«فيلق القدس» التابع له. وتوجد هذه الميليشيات في أكثر من 50 قاعدة، وقرابة 500 نقطة عسكرية، وقدر عدد هؤلاء بنحو 100 ألف مقاتل منضوين في 70 ميليشيا عسكرية.