نساء غزة يدفعن الثمن الأغلى للحرب

فضلاً عن فقدان الزوج فإن 81% يعانين القلق الشديد و72% الاكتئاب

فلسطينية تضع وعاء بلاستيكياً لحماية رأسها من أشعة الشمس خلال نزوحها من شرق خان يونس إلى مكان آمن الخميس (أ.ف.ب)
فلسطينية تضع وعاء بلاستيكياً لحماية رأسها من أشعة الشمس خلال نزوحها من شرق خان يونس إلى مكان آمن الخميس (أ.ف.ب)
TT

نساء غزة يدفعن الثمن الأغلى للحرب

فلسطينية تضع وعاء بلاستيكياً لحماية رأسها من أشعة الشمس خلال نزوحها من شرق خان يونس إلى مكان آمن الخميس (أ.ف.ب)
فلسطينية تضع وعاء بلاستيكياً لحماية رأسها من أشعة الشمس خلال نزوحها من شرق خان يونس إلى مكان آمن الخميس (أ.ف.ب)

أظهر تحقيق «المؤسسة الفلسطينية المحلية للتمكين» في رام الله، أنه بالإضافة إلى كون النساء والأطفال يشكلون 70 بالمائة من الشهداء والجرحى جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فإن النساء يتعرضن لأبشع عناء ويواجهن نواقص خطيرة تجعل حياتهن كارثية. وبالإضافة إلى فقدان نحو 40 بالمائة منهن الزوج تعيش 81 بالمائة من النساء القلق الشديد، و72 بالمائة يعانين الاكتئاب.

وأوضح المدير العام للمؤسسة عدي أبو كرش، خلال مؤتمر صحافي عُقد في مدينة رام الله، أن التحقيق يرصد واقع النساء على وجه التحديد، ويركز على جوانب متعددة من حياة الشعب الفلسطيني، ويسلط الضوء على مجموعة من المتغيرات النفسية والاجتماعية التي تعانيها المرأة الفلسطينية.

وتبين منه أن 88 بالمائة من المستطلعة آراؤهن لديهن وصول محدود ومتقطع إلى دورات المياه، وأكثر من 70 بالمائة لا يحصلن على الاستحمام الكافي، فضلاً عن انعدام أدوات النظافة الصحية، ما يحضر لجيل من النساء يعانين أمراضاً مزمنة.

فلسطينية بجانب طفلة تنتظر تلقي العلاج في مدينة غزة الخميس (أ.ف.ب)

وأشارت نتائج المسح الذي أجرته المؤسسة إلى أن 86 بالمائة من النساء أفدن بأن كمية المياه التي يحصلن عليها غير كافية، كما أن 69 بالمائة منهن يعانين تلوث المياه التي يتاح لهن استخدامها. وقالت نسبة من 61 بالمائة من النساء إنها تعتمد على المساعدات الإنسانية كمصدر رئيسي للغذاء، في حين تعاني 85 بالمائة منهن نقص الغذاء ذي القيمة الضروري لصحتهن ولأسرهن.

وقالت 41 بالمائة من النساء المستطلعة آراؤهن إنهن يحصلن أحياناً على الغذاء يومياً، وذكرت 29 بالمائة أنهن لا يحصلن على الغذاء يومياً، وذكرت 25 بالمائة أنهن يحصلن على الغذاء يومياً. ووفقاً للمسح، تعتمد 61 بالمائة من المستطلعة آراؤهن على المساعدات الإنسانية كمصدر أساسي لهن، وتعتمد 32 بالمائة على السوق، وتتناول 54 بالمائة من المستطلعة آراؤهن ​​وجبة واحدة يومياً بالمعدل، وأشارت 85 بالمائة من المستطلعة آراؤهن إلى أن الغذاء الذي يتناولنه غير ذي قيمة غذائية، وأعربن عن مخاوفهن بشأن الآثار الصحية لما هو متاح في السوق، كما سلطن الضوء على الحاجة إلى الأغذية ذات القيمة الغذائية، وخاصة للأطفال وحديثي الولادة والأمهات المرضعات.

فلسطينيات ينزحن من شرق خان يونس باتجاه أماكن آمنة الخميس (أ.ف.ب)

وقالت 36 بالمائة من المستطلعة آراؤهن إن لديهن احتياجات غذائية خاصة لأنفسهن أو لأفراد أسرهن لا يستطعن ​​الحصول عليها.

وتشير النساء إلى أن ارتفاع الأسعار أثناء الحرب وغياب الموارد المالية قد أثرا على قدرتهن على شراء الغذاء الكافي والمغذي، كما اشتكين من ندرة المواد الغذائية بشكل عام، وخاصة الفواكه والخضراوات الطازجة ومصادر الكالسيوم مثل البيض. وأعربت العديد من النساء عن حاجتهن إلى الدعم، وتخفيض الأسعار، وإمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من خيارات الغذاء الصحي.

وأضافت 89 بالمائة من النساء أنهن يعانين صعوبة بالغة في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، في حين تواجه 95 بالمائة منهن نقصاً حاداً في الأدوية والمستلزمات الطبية.

يُظهر التحقيق أن 81 بالمائة من النساء يعانين قلقاً شديداً، و72 بالمائة يعانين الاكتئاب، مما يعكس الحاجة الملحّة إلى خدمات الدعم النفسي والاجتماعي.

شاب فلسطيني يواسي قريبته خارج مستشفى في خان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

وبيّن التحقيق أن هناك انعداماً في الخصوصية عند 78 بالمائة من النساء، نتيجة موجات النزوح المتكررة والعيش في خيام مكتظة ومتراصة، وأن عشرات الآلاف من الأسر، المرأة فيها مسؤولة عن توفير مصادر الوقود؛ إذ تتعرض لانبعاثات وقود الحطب، ما يهدد المنظومة الصحية للنساء في قطاع غزة، وأن 68 بالمائة من النساء يتعرضن للعنف الجسدي، و73 بالمائة يتعرضن للعنف النفسي في أماكن النزوح خلال الحرب؛ لأن المرأة مسؤولة عن توفير الغذاء نتيجة استشهاد المعيل، و89 بالمائة من النساء يعانين أعراض الاكتئاب والصدمة، مؤكداً أن الآثار النفسية التي تتعرض لها النساء ستبقى معهن بعد الحرب.

بدورها، قالت وزيرة شؤون المرأة منى الخليلي، إن النساء يدفعن الثمن في العدوان على قطاع غزة؛ إذ يقع على عاتقهن تبعات النزوح القسري، وتأمين المسكن والملبس والمشرب لعائلاتهن، والمحافظة على أجسادهن صحياً. وأضافت أن العدوان ليس مجرد أرقام ونسب؛ فلكل فرد في القطاع حكاية وقصة، ولديه ماضٍ وحاضر ومستقبل، وعنده أحلام مستقبلية تدمرها هذه الحرب.

فلسطينيات يبكين قريباً لهن قُتل بقصف إسرائيلي في مدينة غزة الخميس (أ.ف.ب)

وتابعت الخليلي أنه بتدمير المدارس، واستهداف المعلمين والطلبة، أبدت الفتيات قلقهن على مستقبلهن بسبب حرمانهن من التعليم المدرسي والجامعي، وأثر العدوان في النسيج المجتمعي بحكم النزوح القسري وصعوبة تأمين مقومات الحياة، واحتل العنف النفسي أعلى نسب العنف الذي تعرضت له النساء خلال العدوان. ولفتت إلى أن أطنان المتفجرات التي ألقاها الاحتلال على القطاع تهدد حياة المواطنات؛ إذ إن كثيراً من النساء ليس لديهن دراية بالتعامل مع مخلفات العدوان، ما يهدد مستقبلهن.

ونوهت بأن الوزارة سعت إلى إشراك النساء في جهود الإغاثة والتعافي، ووضعت الخطط لذلك مع الشركاء كافة، وأحرزت تقدماً في بعض المناطق، إلا أنه بحسب الدراسة فإن 57 بالمائة من النساء صرحن بأن مشاركتهن في الحياة العامة وتقديم المساعدات منخفضة جداً.

وأضافت أن الحكومة الفلسطينية وضعت خططاً لتأمين دخول المساعدات الإنسانية، وأخذت احتياجات النساء في الحسبان، ونظمت عدداً من اللقاءات الدولية مع الشركاء كافة لإشراك النساء في عملية الإغاثة وخطط التعافي مستقبلاً.


مقالات ذات صلة

العالم العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
أوروبا الأمن يقف في حراسة قبل اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع بأناني بمنطقة لاتسيو بإيطاليا (إ.ب.أ)

الشرق الأوسط وأوكرانيا على جدول أعمال اجتماع مجموعة السبع

يجتمع وزراء خارجية مجموعة السبع قرب روما، اليوم، لإجراء محادثات تركز على النزاع في الشرق الأوسط، بحضور نظرائهم الإقليميين، وكذلك على الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (روما)
شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

لبنان يندّد بالهجوم على جنود إيطاليين بقوة «اليونيفيل»

وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)
وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)
TT

لبنان يندّد بالهجوم على جنود إيطاليين بقوة «اليونيفيل»

وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)
وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)

ندّد لبنان، اليوم (الاثنين)، بالهجمات على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في جنوب البلاد، ومن بينها هجوم صاروخي وقع الأسبوع الماضي، وأسفر عن إصابة 4 جنود إيطاليين بجروح طفيفة، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وتراقب قوة حفظ السلام متعددة الجنسيات، والبالغ قوامها 10 آلاف جندي، الأعمال القتالية على امتداد خط ترسيم الحدود مع إسرائيل، وهي منطقة تشهد اشتباكات عنيفة بين «حزب الله» المدعوم من إيران والقوات الإسرائيلية.

وتعرّض جنود «اليونيفيل» لعدة هجمات من الجانبين منذ شنّ إسرائيل حملة برية عبر الحدود ضد «حزب الله» في نهاية سبتمبر (أيلول).

وقال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عبد الله بو حبيب، خلال مؤتمر في روما: «يدين لبنان بشدة أي هجوم على (اليونيفيل)، ويدعو جميع الأطراف إلى احترام سلامة وأمن القوات ومواقعها».

وتحدّث بو حبيب، قبل حضوره اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في أناني جنوب شرقي روما مع وزراء آخرين من الشرق الأوسط الذي من المقرر أن يناقش الحروب في المنطقة.

وأضاف: «يدين لبنان الهجمات الأخيرة على القوة الإيطالية، ويستنكر مثل هذه الأعمال العدائية غير المبررة».

وقالت إيطاليا إن «حزب الله» مسؤول على الأرجح عن الهجوم الذي نُفّذ يوم الجمعة ضد عناصرها ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.

ودعا وزير الخارجية اللبناني إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1701» الذي أفضى إلى إنهاء حرب سابقة بين «حزب الله» وإسرائيل عام 2006، من خلال فرض وقف لإطلاق النار، وواجه تحديات وتعرّض لانتهاكات خلال السنوات الماضية.

وأكد بو حبيب أن «لبنان مستعد للوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في القرار المذكور أعلاه». وأضاف: «هذا يعني حرفياً، وأنا أنقل اقتباساً: لن يكون هناك سلاح من دون موافقة الحكومة اللبنانية ولا سلطة خلافاً لها».