نازحو جنوب لبنان يخشون تهجيراً ثانياً: لم ولن نتأقلم بعيداً عن أرضنا

بعضهم ينتظر والبعض الآخر قرر المغامرة

مبنى مدمَّر نتيجة القصف الإسرائيلي في بلدة الخيام الحدودية (إ.ب.أ)
مبنى مدمَّر نتيجة القصف الإسرائيلي في بلدة الخيام الحدودية (إ.ب.أ)
TT

نازحو جنوب لبنان يخشون تهجيراً ثانياً: لم ولن نتأقلم بعيداً عن أرضنا

مبنى مدمَّر نتيجة القصف الإسرائيلي في بلدة الخيام الحدودية (إ.ب.أ)
مبنى مدمَّر نتيجة القصف الإسرائيلي في بلدة الخيام الحدودية (إ.ب.أ)

رغم مرور عشرة أشهر على نزوحهم من قراهم والعيش خارج منازلهم، فإن الجنوبيين الذين تركوا أرضهم هرباً من الحرب لم يتأقلموا مع «حياتهم الجديدة»، بل لا يزالون ينتظرون لحظة العودة إلى ديارهم، ويخشون في الوقت نفسه النزوح مرة ثانية، مع التهديدات بتوسع الحرب.

هم يحاولون قدر المستطاع تسيير أمورهم، لكن الحسرة تبقى على أرزاقهم ومنازلهم التي إن لم تدمّر فقد تعرضت لأضرار جسيمة تحتاج إلى وقت لإعادة إصلاحها.

بعضهم لا يزال ينتظر ويعد الأيام للعودة، والبعض الآخر قرّر عدم الاستسلام للانتظار، فبدأ من نقطة الصفر في مغامرة جديدة، كما فعل علي غندور الذي نزح من منطقة الخيام الحدودية إلى مدينة النبطية، حيث افتتح مطعماً، على غرار الذي كان يملكه في بلدته. ويتحدث علي لـ«الشرق الأوسط» عن رحلة نزوحه قائلاً: «صمدنا في الخيام، شهراً ونصف شهر بعد بدء الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) قبل أن ننتقل إلى زحلة في البقاع لمدة شهرين، لكن بعد ذلك، وعندما رأينا أن الحرب ستطول ولا نعرف متى ستنتهي، قررت البدء مجدداً من الصفر، وانتقلت إلى النبطية في الجنوب، حيث افتتحت مطعماً كالذي كنت أملكه في الخيام، آملاً على الأقل في تأمين لقمة العيش لي ولعائلتي. ساعدني بعض الأشخاص من الأقارب والأهل. استأجرت محلاً واستطعت نقل بعض المعدات واشتريت البعض الآخر. «هي مغامرة لا شك، لا سيما أنني دفعت كل ما أملك من المال مع ديون إضافية، لكن لا يمكننا انتظار المجهول»، بهذه الكلمات يصف علي خطوته، ويشدد على أن العودة الفورية إلى الخيام، في اليوم الثاني لتوقف الحرب ليست ممكنة، موضحاً: «الحياة في الخيام باتت معدومة، والعودة إليها تحتاج إلى سنتين أو أكثر، وبالتالي الأرجح سنبقى في النبطية على أمل ألا نضطر للنزوح مرة أخرى إذا توسعت الحرب».

ويؤكد علي أنه وعائلته لم يتأقلموا في حياتهم الجديدة، لكنه يحاول تسيير أمورهم بالحد الأدنى، ويقول: «دمّرنا نفسياً ومعنوياً ومادياً... ولا يمكن مقارنة مدخول المطعم الجديد بمطعم الخيام، الذي مضى على افتتاحه سبع سنوات، لكن على الأقل أؤمن لقمة العيش». ويلفت إلى أنه يحاول، على أبواب العام الدراسي الجديد، تأمين ولديه في مدرسة في النبطية، «السنة الماضية بالكاد تعلما، التدريس أونلاين بلا نتيجة، على أمل أن أتمكن من تسجيلهما هذا العام في مدرسة».

وكما علي، تعد كل من أم سليمان وجورج الأيام لانتهاء الحرب؛ الأولى نزحت من يارون، البلدة الحدودية إلى البابلية في قضاء صيدا، والثاني هرب من بلدة دبل، إلى المتن، وكلاهما (يارون ودبل) في قضاء بنت جبيل.

تعيش أم سليمان في البابلية مع زوجها وابنتها وصهرها، في بيت صديق لهم، قدمه لهم من دون مقابل، فيما انتقل جورج وعائلته وشقيقتاه إلى بيت شقيقهم المهاجر إلى ألمانيا، في الدكوانة، قضاء المتن. والعائلتان تحاولان التأقلم بصعوبة على أمل العودة السريعة إلى بلدتيهما.

عمال الدفاع المدني اللبناني يخمدون حريقاً إثر غارة جوية إسرائيلية على بلدة شمع في جنوب لبنان في 1 أغسطس 2024 وسط اشتباكات حدودية مستمرة بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي «حزب الله» (أ.ف.ب)

تقول أم سليمان لـ«الشرق الأوسط» «خرجنا من منزلنا بعد 7 أكتوبر، حين اشتد القصف باتجاه قريتنا، لم نكن نتوقع أن تطول الحرب هذه المدة. وهذا الأمر بدأ ينعكس سلباً على صحتنا، نشعر وكأننا دائماً مرضى ومتعبون، هناك دائماً حرقة في القلب لكننا صابرون ومؤمنون بأننا سننتصر ونعود قريباً إلى منازلنا؛ لأننا لن نسمح للإسرائيلي أن ينجح فيما يريد ويهجّرنا من أرضنا».

وإضافة إلى خروجها من بلدتها، فالنزوح أبعد أم سليمان عن عائلتها، بحيث نزح كل منهم إلى منطقة، وتقول: «أصبحت بعيدة عن أهلي وإخوتي، وبعض الأحيان تمر أسابيع لأتمكن من رؤيتهم، بعدما كنا نعيش معاً في بلدة واحدة». ومع كل هذه الصعوبات، تعبّر أم سليمان عن خشيتها من أن تضطر للنزوح مرة ثانية مع التهديدات بتوسع الحرب، وتقول: «اليوم نعيش هاجساً إضافياً وهو: إلى أين سنذهب إذا توسعت الحرب؟ خاصة مع ما نسمعه عن ارتفاع أسعار الإيجارات بشكل جنوني. في حرب يوليو (تموز) 2006 هربنا إلى سوريا، لكن اليوم هذا الأمر غير ممكن، وتبقى أمنيتنا الوحيدة أن نعود إلى منزلنا في أقرب وقت».

في المقابل، يبدو جورج، ابن بلدة دبل، أكثر اطمئناناً لاعتباره أن منطقة الدكوانة الواقعة في قضاء المتن، حيث نزح، ستكون إذا توسعت الحرب، بعيدة عن الاستهداف، لكنه في الوقت عينه يعبر عن عدم قدرته على التأقلم، وهو الذي اعتاد العيش في الجنوب. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حظنا كان جيداً أننا استطعنا الانتقال إلى منزل شقيقنا، وتابعت عملي مدرساً (أونلاين) كما ابني وابنتي. لكن أختي المدرّسة، أيضاً، لم تحتمل النزوح الطويل وعادت إلى دبل، منذ نحو شهر». ويضيف «نرى أن وضعنا أفضل من كثيرين من النازحين، لكننا جميعاً ننتظر اليوم الذي ستنتهي فيه الحرب ونعود إلى منازلنا وأرضنا؛ لأننا تعبنا التهجير ولم نعد نحتمل المزيد».


مقالات ذات صلة

غارات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

شؤون إقليمية أعمدة دخان تتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت أطراف قرية كفركلا في جنوب لبنان في 7 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

غارات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، اليوم الخميس، غارات جوية استهدفت عدداً من المناطق في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة (رويترز)

بقضية أموال غير مشروعة... توجيه الاتهام لشقيق رياض سلامة في باريس

وُجّه الاتهام لرجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة، الجمعة، في إطار تحقيقات أجراها القضاء الفرنسي بقضية أموال غير مشروعة.

«الشرق الأوسط» (باريس- بيروت)
المشرق العربي باسيل يتوسط أبي رميا وندى البستاني خلال الحملة الانتخابية الأخيرة (إكس)

استقالات في تيار باسيل تُضعضع تأثير كتلته داخل البرلمان

قدّم النائب سيمون أبي رميا، الأربعاء، استقالته من «التيار الوطني الحر»، ومن «تكتّل لبنان القوي»، اللذَين يرأسهما النائب جبران باسيل.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارة جوية استهدفت بلدة كفركلا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل توسع القصف إلى «الخط الثاني» بعد الحدود بجنوب لبنان

دخلت بلدات جديدة في جنوب لبنان، واقعة على الخط الحدودي الثاني مع إسرائيل، دائرة الاستهداف الإسرائيلي المكثف بوتيرة متصاعدة

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب يحضر اجتماعاً مع نظيره المصري بالقاهرة 6 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

الحكومة الأسترالية تدعو لبنان إلى تجنب التصعيد

تلقى وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بوحبيب رسالة من الحكومة الأسترالية تمنت فيها تجنب التصعيد العسكري

«الشرق الأوسط» (بيروت)

كواليس اختيار السنوار... اعتبارات داخلية وإقليمية ومع إسرائيل

يحيى السنوار خلال المشاركة في مسيرة سابقة لدعم المسجد الأقصى في مدينة غزة (أ.ف.ب)
يحيى السنوار خلال المشاركة في مسيرة سابقة لدعم المسجد الأقصى في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

كواليس اختيار السنوار... اعتبارات داخلية وإقليمية ومع إسرائيل

يحيى السنوار خلال المشاركة في مسيرة سابقة لدعم المسجد الأقصى في مدينة غزة (أ.ف.ب)
يحيى السنوار خلال المشاركة في مسيرة سابقة لدعم المسجد الأقصى في مدينة غزة (أ.ف.ب)

قالت مصادر مطلعة على كواليس المشاورات التي انتهت باختيار قائد «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، رئيساً للحركة خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل في طهران، إن اعتبارات عديدة جاءت بالسنوار إلى رأس هرم الحركة، من بينها رغبته الشخصية في ذلك، وأيضاً اعتذار رئيس المكتب السياسي الأسبق خالد مشعل عن تولي المنصب مرة أخرى، إضافة إلى حسابات لها علاقة بإسرائيل والإقليم وطبيعة المرحلة.

واختارت «حماس» السنوار في اجتماع حاسم عُقد الثلاثاء، وبإجماع كامل بعد لقاءات دارت ليومين لحسم المسألة. وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية قيادات «حماس» في الخارج، بمَن فيهم قيادات قطاع غزة والضفة الغربية من أعضاء المكتب السياسي ومجلس الشورى ولجنته التنفيذية التي توجد في لبنان وتركيا قطر ومناطق أخرى، شاركوا جميعاً في الاجتماعات الحاسمة، ووافقوا على اختيار السنوار.

وبحسب المصادر، لم يُطرح اسم السنوار مباشرة بعد اغتيال هنية، وكان التركيز ينصب على تعيين خالد مشعل رئيساً للمكتب السياسي للحركة بشكل مؤقت لحين انتهاء الحرب في قطاع غزة، لكنه اعتذر نتيجة ظروفه الصحية، وبسبب ضغوط (لم تحددها المصادر) متعلقة بالعديد من الملفات والعلاقات الخارجية، في حين أشار البعض إلى أن مشعل أقرب إلى جماعة «الإخوان المسلمين» منه إلى إيران.

هنية ونائب الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني ورئيس حركة «الجهاد الإسلامي» والمتحدث باسم الحوثيين في مراسم القسم الدستوري للرئيس الإيراني بطهران (رويترز)

محور إيران

وأوضحت المصادر أنه بعد اعتذار مشعل تم بقوة طرح اسم أبو حسن عمر رئيس مجلس الشورى، ثم تقرر بعد مداولات شاركت فيها غزة، اختيار السنوار. وبحسب مصادر مقربة من «حماس»، فإن اختيار السنوار تم بمعرفته، وأبدى رغبة في تولي المنصب.

وقال أحد المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن السنوار كان ينوي الترشح أصلاً لرئاسة المكتب السياسي في دورته الجديدة، لكن الحرب فرضت عليه ظروفاً جديدة. واختيار السنوار يعكس تحكم قيادة قطاع غزة في كل المفاصل المهمة داخل «حماس» للدورة الثانية على التوالي، وهي القيادة التي خرج منها هنية ثم السنوار، وعملت بشكل حثيث على ضم «حماس» إلى المحور الذي تقوده إيران.

وقال مصدر آخر إن العلاقة مع إيران كانت في صلب الحسابات التي قادت إلى اختيار السنوار، موضحاً: «لا أتحدث عن ضغوط ولكن عن حسابات داخلية». وإضافة إلى أهمية وقوة غزة، فقد حسمت اعتبارات عديدة أخرى اختيار السنوار.

نتنياهو ووزير دفاعه غالانت (رويترز)

رسائل لإسرائيل

وأوضحت المصادر أن الحركة أرادت إرسال رسائل عدة؛ أولها «رسالة تحدٍّ لإسرائيل، وإظهار الإجماع داخل الحركة بأنه لا توجد خلافات حول أي شيء، بما في ذلك هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي يعتبر السنوار عقله المدبر، إلى جانب قائد (القسام) محمد الضيف، وإرجاع القيادة إلى الميدان، والتأكيد على أن (حماس) باقية في موقعها ضمن محور المقاومة» الذي تقوده إيران.

وبحسب المصادر، فإن الاختيار جاء رداً على الاغتيال بشكل رئيسي. وقالت المصادر إن «الرسالة الرئيسية لنتنياهو وإسرائيل، مفادها أن اغتيال هنية، المفاوض المرن الذي قدم الكثير من التنازلات من أجل وقف الحرب، أدى إلى تولي السنوار عدوكم الأول ومشعل الحرب، الذي تعتبرونه الأخطر والأكثر دموية. وإذا تريد حكومة إسرائيل المتطرفة المواصلة في الحرب، فهذا هو الرد».

وأضافت المصادر أن «الملف التفاوضي حول الهدنة أصبح الآن في يد السنوار، وعلى إسرائيل أن تتفاوض معه، شاءت أم أبت». وأكدت المصادر ذاتها أنه «بموازاة اختيار السنوار تقرر استئناف العملية التفاوضية حول وقف إطلاق النار في غزة، بحيث يشرف السنوار شخصياً على ذلك، كما تُرك للسنوار قرار اختيار نائب له».

یحیی السنوار في 28 أكتوبر 2019 (رویترز)

اعتبارات أخرى

أمّا الاعتبارات الأخرى التي أسهمت في اختيار السنوار فهي تتعلق بوضع الحركة في الخارج وعلاقتها بالدول. وقال أحد المصادر إن أحد هذه الاعتبارات «الخروج من أزمة الضغوط الهائلة على قيادة الخارج... الضغوط التي يمارسها الوسطاء من جهة والضغوط على الدول المستضيفة لطرد قيادة الحركة. فإرجاع القرار إلى غزة يخفف هذه الضغوط».

وأضاف المصدر: «كما أن إمكانية اغتيال أي شخص في الخارج يمكن أن تكون أسهل، لذلك فإن اختيار قيادي من داخل غزة أفضل الخيارات لمواجهة الكثير من التحديات التي تواجه الحركة في الخارج. ولا يعرف ما إذا كان اختيار السنوار سيؤدي غرضه، إذ رحبت دول وصمتت دول أخرى، بينما تعهدت إسرائيل بقتله، مستغلة تعيينه لتبرير السيطرة العسكرية على غزة والضفة الغربية».

وبينما اعتبر قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي أن اختيار السنوار يعني أنه «لا أمل للكيان الإسرائيلي بمستقبله»، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى «تصفية سريعة» للسنوار، وكتب على منصة «إكس» قائلاً إن «تعيين يحيى السنوار على رأس (حماس) خلفاً لإسماعيل هنية، هو سبب إضافي لتصفيته سريعاً ومحو هذه المنظمة من الخريطة».

وأضاف كاتس: «انتخاب السنوار زعيماً لـ(حماس) يجب أن يرسل رسالة واضحة للعالم بأن القضية الفلسطينية أصبحت الآن تحت سيطرة إيران و(حماس) بشكل كامل، وأن عدم التدخل الإسرائيلي في غزة يعني سقوط المنطقة بالكامل تحت سيطرة (حماس). وفي الضفة الغربية، لا يستطيع عباس والسلطة الفلسطينية البقاء إلا بفضل العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة ضد البنية الأساسية لـ(حماس) و(الجهاد الإسلامي)، التي تدعمها وتروج لها إيران. والحل هو الإدارة الذاتية الفلسطينية في الضفة الغربية، ما يسمح لهم بإدارة حياتهم بأنفسهم. إن إسرائيل لا بد أن تحافظ على سيطرتها على الأمن والشؤون الخارجية لمنع إنشاء معقل آخر للتطرف الإسلامي الإيراني وتمكين الفلسطينيين من إدارة شؤونهم الداخلية، وأي شيء آخر سيؤدي إلى إنشاء بؤرة إيرانية أخرى في المنطقة، وهو ما سينفجر في وجه العالم وكل دول المنطقة. ويجب على العالم أن يرى الواقع كما هو، وأن يدعم إسرائيل، التي تقف حالياً في طليعة المعركة ضد المحور الإيراني والإسلامي المتطرف».

فلسطينيون يتفقدون الدمار الذي لحق بمدينة دير البلح في وسط قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي (د.ب.أ)

فرص الهدنة

وغرّد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي قائلاً: «لا مكان للسنوار إلا في القبر». أمّا أميركا التي استشاطت غضباً من إسرائيل لاغتيالها هنية، باعتباره كان يقوض مباحثات التهدئة، فلم ترَ أن تعيين السنوار يمسّ بفرص المفاوضات. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن السنوار «كان ولا يزال صانع القرار الرئيسي فيما يتعلق بإبرام اتفاق وقف إطلاق النار، وعليه الآن أن يقرر بشأن الصفقة».

وعملياً، فإن اختيار السنوار سيبطئ المباحثات لأن التواصل معه معقد ويحتاج إلى أيام. لكن هناك مَن يرى في إسرائيل أنه بغض النظر عن أهداف «حماس»، فقد تورطت تل أبيب بسبب تعيين السنوار على رأس حركة «حماس». وكتب آفي يسخاروف في صحيفة «يديعوت» العبرية أن اختيار السنوار لقيادة «حماس» يظهر أنها اختارت المسار الذي تسلكه منذ بداية الحرب «حركة رجل واحد وبرؤية واحدة».

وأضاف أن «غزة في حالة خراب والذراع العسكرية لـ(حماس) في حالة خراب، والآن أيضاً الذراع السياسية للمنظمة التي انحازت إلى الرجل الذي قاد سكان غزة إلى أكبر كارثة عرفوها منذ النكبة، يتجه إلى أكبر خراب وللهاوية». وكتب إيهود يعاري في «القناة 12» قائلاً إن «الإعلان عن تعيين السنوار في منصب رئيس المكتب السياسي ما هو إلا رمزي، لكن ليس له أي معنى عملي في هذه المرحلة لأن السنوار يواجه صعوبة في التواصل مع بقية القيادات». وأضاف أنه فقط «انتصار للمعسكر الموالي لإيران».