إسرائيل توسع القصف إلى «الخط الثاني» بعد الحدود بجنوب لبنان

مخاوف من موجة نزوح أخرى وتدميرها أسوة بالقرى الحدودية

الدخان يتصاعد جراء غارة جوية استهدفت بلدة كفركلا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد جراء غارة جوية استهدفت بلدة كفركلا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل توسع القصف إلى «الخط الثاني» بعد الحدود بجنوب لبنان

الدخان يتصاعد جراء غارة جوية استهدفت بلدة كفركلا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد جراء غارة جوية استهدفت بلدة كفركلا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

دخلت بلدات جديدة في جنوب لبنان، واقعة على الخط الحدودي الثاني مع إسرائيل، دائرة الاستهداف الإسرائيلي المكثف بوتيرة متصاعدة، في ظل غارات جوية وملاحقات في عمق الجنوب، أدت إلى مقتل شخصين باستهداف جوي في بلدة جويا، شرق مدينة صور.

وتختبر البلدات الواقعة على الخط الثاني من الحدود، بعمق يتراوح بين 5 و10 كيلومترات، ما اختبرته القرى الواقعة مباشرة على الشريط الحدودي بُعيد اندلاع الحرب في جنوب لبنان في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، لجهة القصف المدفعي المكثف، ويشمل ذلك القذائف الفوسفورية والانشطارية، حسبما قالت السلطات اللبنانية في وقت سابق.

الدخان يتصاعد من هضبة الجولان السوري المحتلة إثر سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» (أ.ف.ب)

قصف مدفعي انشطاري

ويتكرر المشهد في الوقت الراهن بالقرى الحدودية الواقعة على الخط الثاني، التي بدأت تتعرض لقصف مدفعي عنيف، بدءاً من ليل الثلاثاء، وامتدت حتى ظهر الأربعاء، وشملت بلدات مثل شقرا وبرعشيت في القطاع الأوسط، ودير سريان في القطاع الشرقي، ووادي زبقين في القطاع الغربي. وتعرضت تلك البلدات لقصف بالقذائف الانشطارية والمدفعية الثقيلة، بمعدل قذيفة كل دقيقتين، حسبما قالت مصادر ميدانية، وتواصل القصف المتقطع حتى ظهر الأربعاء.

ويتخوف سكان القرى من أن يكون «استعادة لسيناريو القرى الحدودية» التي تدرج القصف فيها من قصف مدفعي، إلى غارات جوية عنيفة، أدت إلى تدمير واسع في الأحياء السكنية والمنازل القائمة، ما دفع معظم السكان إلى إخلاء بلداتهم بعد نحو 4 أشهر من بدء الحرب، بضغط النار الإسرائيلية، وطالت منشآت حيوية مثل محولات كهرباء ومحطات ضخ مياه ومساجد ومحال تجارية، فضلاً عن ملاحقة كل زوار تلك البلدات، ومنهم المدنيون. ويقول السكان في تلك القرى إنها «لا تزال مليئة بالناس، وتستضيف نازحين من القرى الواقعة على الشريط الحدودي»، ما يزيد المخاوف من موجات نزوح جديدة.

10 كيلومترات

وتبعد بلدات الخط الحدودي الثاني مسافة تتراوح بين 5 و10 كيلومترات عن الحدود مع إسرائيل، وتفصلها عن القرى الواقعة عن الشريط الأول وديان وتضاريس تصل الخطين معاً، وهي مناطق مراقبة على مدار الساعة بالمسيرات الإسرائيلية التي تلاحق أي آلية تستعد للانتقال إلى الشريط الأول، حسبما يقول السكان، وخصوصاً وادي الحجير ووادي السلوقي اللذين يصلان تلك القرى بالعمق اللبناني. وتقع شقرا على تخوم وادي السلوقي التي تصل إلى بلدة ميس الجبل، كما يصل وادي الحجير العمق اللبناني ببلدات حولا ومركبا، كما تصل بلدة دير سريان، طريق الخردلي، ببلدات القطاع الشرقي.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بقصف مدفعي إسرائيلي استهدف أطراف بلدة الناقورة، وتعرضت أطراف بلدة زبقين والأودية المجاورة لقصف مدفعي متقطع، فيما استهدف قصف مدفعي انشطاري منطقة وادي حسن التي تربط أطراف قرى طيرحرفا والجبين وشيحين ومجدلزون، الواقعة جنوب مدينة صور، وتبعد عن الحدود نحو 10 كيلومترات.

صواريخ إسرائيلية لاعتراض صواريخ أطلقها «حزب الله» من جنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويعزو خبراء عسكريون هذه التوسعة إلى «ملاحقة إسرائيل للمجال الحيوي الذي يمكن أن يستخدمه (حزب الله) لإطلاق الصواريخ»، كما «لقطع طريق الإمداد العسكري عن البلدات الحدودية»، و«تضييق مساحة تحرك مقاتلي الحزب في القاعدة الخلفية». ويسعى الجيش الإسرائيلي، وفق هذه الاستراتيجية بتوسعة القصف، إلى الحد من إطلاق الصواريخ المنحنية التي ضاعف «حزب الله» إطلاقها في الأشهر الثلاثة الأخيرة، بعدما تراجع الجيش الإسرائيلي إلى حد كبير عن الحدود إلى الخط الثاني داخل شمال إسرائيل، وبات بعيداً عن مرمى الصواريخ الموجهة التي كثّف الحزب استخدامها في هذه الحرب، لضرب أهداف حدودية إسرائيلية.

اغتيالات بالعمق

لا تقتصر توسعة رقعة الاستهداف على الخط الثاني، بالنظر إلى أن المسيرات فرضت نطاقاً جديداً للملاحقات والاستهدافات، يقع على مسافات أبعد غير مقيدة بمسافات حدودية، وبينها الهجوم الذي نفّذته المسيرات على بلدة جويا الواقعة شرق مدينة صور، ما أدى إلى مقتل شخصين، أحدهما كان يستقل سيارة، والثاني كان يستقل دراجة نارية أصيب بالصاروخ الأول، فأطلقت عليه المسيرة صاروخاً آخر أدى إلى مقتله.

وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية، الأربعاء، مقتل شخصين وإصابة 6 آخرين جراء الغارة الإسرائيلية، وقال مركز عمليات طوارئ الصحة العامة إنه في حصيلة محدثة لغارة «العدو الإسرائيلي التي استهدفت دراجة نارية في بلدة جويا، ارتفع عدد الشهداء إلى شخصين و6 جرحى».

وأشار إلى «استهداف مسيرة معادية دراجة نارية بصاروخ في وادي حيدرة في بلدة جويا حيث أفيد عن وقوع إصابات»، لافتاً إلى أنه تصادف مرور سيارة بالقرب من الدراجة لحظة الاستهداف. وأعلن المركز أن «غارة العدو الإسرائيلي على بلدة عيترون أدت في حصيلة أولية إلى إصابة شخصين بجروح» .

في المقابل، أعلن «حزب الله» عن استهداف موقعي جل العلام والراهب ‏بالقذائف المدفعية والأسلحة الصاروخية.


مقالات ذات صلة

بقضية أموال غير مشروعة... توجيه الاتهام لشقيق رياض سلامة في باريس

المشرق العربي حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة (رويترز)

بقضية أموال غير مشروعة... توجيه الاتهام لشقيق رياض سلامة في باريس

وُجّه الاتهام لرجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة، الجمعة، في إطار تحقيقات أجراها القضاء الفرنسي بقضية أموال غير مشروعة.

«الشرق الأوسط» (باريس- بيروت)
خاص مبنى مدمَّر نتيجة القصف الإسرائيلي في بلدة الخيام الحدودية (إ.ب.أ)

خاص نازحو جنوب لبنان يخشون تهجيراً ثانياً: لم ولن نتأقلم بعيداً عن أرضنا

رغم مرور عشرة أشهر على نزوحهم من قراهم والعيش خارج منازلهم، فإن الجنوبيين الذين تركوا أرضهم هرباً من الحرب لم يتأقلموا مع «حياتهم الجديدة»

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي باسيل يتوسط أبي رميا وندى البستاني خلال الحملة الانتخابية الأخيرة (إكس)

استقالات في تيار باسيل تُضعضع تأثير كتلته داخل البرلمان

قدّم النائب سيمون أبي رميا، الأربعاء، استقالته من «التيار الوطني الحر»، ومن «تكتّل لبنان القوي»، اللذَين يرأسهما النائب جبران باسيل.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب يحضر اجتماعاً مع نظيره المصري بالقاهرة 6 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

الحكومة الأسترالية تدعو لبنان إلى تجنب التصعيد

تلقى وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بوحبيب رسالة من الحكومة الأسترالية تمنت فيها تجنب التصعيد العسكري

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية كفركلا في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل: مقتل قائد وحدة الصواريخ المضادة للدبابات في «حزب الله»

أعلن الجيش الإسرائيلي أن سلاحه الجوي قضى على «الإرهابي» حسن فارس جيشي من «حزب الله»، والذي كان يعمل قائدا لوحدة الصواريخ المضادة للدبابات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هل تساعد شخصية السنوار القوية في وقف الحرب؟

صور إسرائيليين قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر أو خطفتهم «حماس» إلى داخل قطاع غزة (أ.ب)
صور إسرائيليين قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر أو خطفتهم «حماس» إلى داخل قطاع غزة (أ.ب)
TT

هل تساعد شخصية السنوار القوية في وقف الحرب؟

صور إسرائيليين قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر أو خطفتهم «حماس» إلى داخل قطاع غزة (أ.ب)
صور إسرائيليين قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر أو خطفتهم «حماس» إلى داخل قطاع غزة (أ.ب)

شكّل إعلان حركة «حماس» اختيارها يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي للحركة، بدلاً من إسماعيل هنية، الذي اغتِيل الأسبوع الماضي في طهران، مفاجأة بالنسبة لكثير من المتابعين والمراقبين، وحتى للشارع الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة.

ويأتي إعلان «حماس»، الذي حمل رسالة في طياتها الكثير من التحدي لإسرائيل، في وقت تسعى الأخيرة بكل ما أوتِيَت من قوة استخباراتية وعسكرية الوصول للسنوار، الذي تَعدُّه المسؤول الأول عن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويثير هذا الإعلان الكثير من التساؤلات حول دلالات اختيار السنوار، خصوصاً أنه قد يَلقى مصيراً مشابهاً لمصير سلفه، لكن الأهم بالنسبة للغزيّين التوّاقين إلى إنهاء الحرب، فهو إلي أي حد يقرّبهم اختيار السنوار من هذه النهاية، أو سيُبعدهم؟

يحيى السنوار يتحدث خلال اجتماع في مدينة غزة في 30 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

يقول المحلّل السياسي مصطفى إبراهيم في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن اختيار السنوار خلفاً لهنية هو بمثابة رسالة تحدي لجميع الأطراف، ورسالة أيضاً بأن جميع قادة «حماس» تدعم هجوم السابع من أكتوبر، وأنها بصفتها حركة مستمرة في المقاومة، ولن تتراجع عن مواقفها المُعلَنة.

ويرى إبراهيم أنه لم يكن أمام «حماس» أي خيار بديل؛ لأن اختيار أي شخصية أخرى كان سيُفهم أنه تخلٍّ عن السنوار، الذي كان ينوي المنافسة على رئاسة الحركة، ولا يعتقد إبراهيم أن السنوار سيتراجع عن المرونة التي أبدتها الحركة مؤخراً، خلال مفاوضات وقف إطلاق النار.

وقال: «إنه كان في قلب المفاوضات، ولم يكن بعيداً، أو غير ذي صلة بها كما كانت بعض التقارير الإسرائيلية تشير إلى ذلك».

يحيى السنوار لدى وصوله إلى احتفالية إحياء «يوم القدس» في غزة 14 أبريل 2023 (غيتي)

يضيف إبراهيم، أن «حماس» لا تزال حركة متماسكة قيادياً، ويجري الاتفاق بـ«الإجماع» على أي قرار، وقد يكون للسنوار تشدُّد في بعض المواقف، لكنه يدرك أن أوضاع الفلسطينيين في غزة صعبة، والحرب طالت، لذلك سيكون مع أي مرونة من أجل التوصل لاتفاق.

ويتّفق المختص بالشؤون الفلسطينية ضياء حسن، مع إبراهيم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه على عكس الاعتقاد السائد بأن يحيى السنوار يقف عائقاً أمام أي اتفاق، فإنه في الكثير من المراحل «أبدى مرونة أكبر من قيادات أخرى داخل الحركة باتجاه التوصل لاتفاق»، لافتاً إلى أن السنوار كثيراً ما كان يدقّق في كل حرف يصل عبر الوسطاء، تماماً مثل هنية، لكنه أسهم بشكل غير متوقع في العديد من المراحل بإبداء مرونة في بعض القضايا.

ويرى حسن أن السنوار سيسعى لوقف الحرب، وأن قوته ستساعده على ذلك.

رجل يحمل جثة فتاة قُتلت أثناء القصف الإسرائيلي لمدرسة تضم نازحين فلسطينيين غرب غزة (أ.ف.ب)

من جهة أخرى، فإن الشارع في قطاع غزة الذي يئنّ تحت حرب طاحنة، ارتفعت المخاوف لديه أكثر في هذا الاختيار.

يقول أحمد أبو ذكري، من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة: «لا أعرف ما إذا كان يساعدنا ذلك، ولا أهتم بما يقوله أي أحد، أنا لن أرحب إلا بالذي سيُوقِف هذه الحرب وفقط».

نازحون فلسطينيون يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

أما أنسام داود، من سكان حي تل الهوى، فتشير إلى أن «السنوار كان بالنسبة لنا شخصية محبوبة، لكن الكثير منا ينظر إليه بعد أن حلّت بنا المجازر والدمار، على أنه السبب في كل ذلك؛ لذا فإن تعيينه قائداً لحركة (حماس) كان مفاجئاً وصادماً، خصوصاً أن غالبية من المواطنين، وأنا واحدة منهم، تفضّل شخصية من خارج قطاع غزة تنظر إلينا نظرة أكثر اهتماماً كما كان يفعل هنية».

من جهته، يقول مجدي أبو عودة، من سكان مدينة غزة، ونازح إلى دير البلح وسط قطاع غزة، الرسالة من اختيار السنوار أغضبت الكثير من سكان القطاع، الذين كانوا «يفضّلون أن يكون القائد الجديد شخصية ذات مواقف أكثر مرونةً وأقل تشدداً»، مضيفاً أن «الناس تقول إن القائد الحقيقي هو الذي يمكن له أن يوقف الحرب وحسب».