اللبنانيون يعيشون على حافة الحرب... سباق بين التهدئة والتصعيد

المغتربون يتوافدون... والرئاسة تتحوّل ورقة مقايضة

المغني المصري أمير عيد يُحيي حفلة في مهرجان بيبلوس الدولي في جبيل الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المغني المصري أمير عيد يُحيي حفلة في مهرجان بيبلوس الدولي في جبيل الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

اللبنانيون يعيشون على حافة الحرب... سباق بين التهدئة والتصعيد

المغني المصري أمير عيد يُحيي حفلة في مهرجان بيبلوس الدولي في جبيل الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المغني المصري أمير عيد يُحيي حفلة في مهرجان بيبلوس الدولي في جبيل الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

منذ 10 أشهر دخل لبنان في دوامة الحرب، ففي 8 أكتوبر أعلن «حزب الله» عن إطلاق جبهة المساندة من جنوب لبنان، وتوسّعت لتتحوّل إلى جبهة مواجهة مع توسُّع المعركة، التي أدّت إلى تدمير معظم القرى الحدودية. ومنذ ذلك الحين يعيش لبنان على حافة الحرب، مرّ خلال هذه الأشهر بمراحل مختلفة؛ من التصعيد حيناً والتهدئة حيناً آخر، وذلك على وقع التهديدات التي يُطلقها طرفا النزاع، ومسار المفاوضات المرتبطة بغزة، انطلاقاً من أن «حزب الله» يربط وقف إطلاق النار في الجنوب بمصير جبهة غزة.

ونتج عن هذا الوضع واقع جديد في لبنان، الذي يرى البعض أنه تحوّل إلى «لبنانَين»؛ «لبنان الحرب» و«لبنان الحياة المستمرة»، وما بينهما السياسيون الذين يتقاذفون الاتهامات بالمسؤولية عن الانهيار الحاصل سياسياً واقتصادياً، وعن العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية بعد الفراغ المستمر منذ 21 شهراً.

السفارات تحذّر رعاياها... والمغتربون يتوافدون

منذ اليوم الأول لبدء المواجهات في الجنوب بدأت السفارات الأجنبية والعربية تطلق تحذيراتها، داعيةً رعاياها إلى عدم السفر إلى لبنان، بسبب خطر التصعيد عند الحدود الجنوبية، لتعود وتجدّد دعوتها في شهر يونيو (حزيران) الماضي إثر تصاعد حِدة العمليات العسكرية، وارتفاع مستوى التهديدات التي وصلت إلى حدّ تهديد المسؤولين في إسرائيل بإعادة لبنان إلى «العصر الحجري».

وهذا الأمر أدى في المرحلة الأولى إلى تقليص عدد الرحلات، وتوقّف مؤقت لبعض شركات الطيران العالمية لأيام معدودة قبل أن تعاود رحلاتها كالمعتاد. كذلك عمدت شركة «طيران الشرق الأوسط» إلى سحب عدد من طائراتها إلى إسطنبول وقبرص بوصفها خطوة احترازية، وبعد قرار شركات التأمين بتقليص تغطيتها كونَ لبنان بات في حالة حرب، لتعيدها بعد أسابيع إلى لبنان، حيث تعمل اليوم بـ20 طائرة من أصل 22، فيما لا تزال طائرة واحدة فقط في قبرص وأخرى في عمان.

وبعدما كانت التوقعات بانعكاس الحرب سلباً على موسم الأعياد، وهو ما أظهر خوفاً في صفوف المغتربين من المجيء إلى بلدهم في بادئ الأمر، عادوا «وقاوموا» كل التحذيرات، وأتوا إلى لبنان، فسُجّل وصول 13 ألف شخص إلى مطار بيروت قُبيل عيد الميلاد، وازدحمت بهم قاعات المطار، والأمر نفسه كان في فترة الأعياد في شهر أبريل (نيسان)، حيث اختار المغتربون تمضية إجازاتهم في لبنان، ما انعكس إيجاباً على الاقتصاد.

ورغم أن التصعيد المتجدّد الذي شهدته جبهة الجنوب أتى في شهر يونيو، أي في بداية الصيف، ما أدى إلى تردّد بعض المغتربين في زيارة لبنان، فإنه بمجرد أن تراجعت التهديدات عادوا وقرّروا تمضية عطلتهم إلى جانب عائلاتهم، وسجّل وصول نحو 400 ألف زائر خلال شهر يونيو، مع تقديرات بارتفاع الرقم في يوليو (تموز) وأغسطس (آب).

وهذه الأرقام المرتفعة تبدو واضحة من الزحمة التي تشهدها المطاعم والمقاهي، كذلك الحفلات الفنية التي يُحييها أشهر الفنانين اللبنانيين والعرب، لكن هذه الحركة لم تنسحب على الفنادق، التي تعتمد على زبائنها من الأجانب والسياح العرب، الذين التزموا بتعليمات سفاراتهم، وتجنّبوا المجيء إلى لبنان، وهو ما أدى إلى إقفال عدد كبير من فنادق بيروت وجبل لبنان، وفق ما يؤكد نقيب الفنادق بيار الأشقر.

لكن في المقابل فإن مجيء المغتربين انعكس إيجاباً على السياحة الداخلية، وعلى حركة المطاعم والمقاهي التي تكتظّ برُوّادها طوال أيام الأسبوع.

لبنان واحد في شعبه وتطلعاته للخلاص عبر الدولة

ورغم ذلك، يرفض المحلّل السياسي، علي الأمين، الحديث عن «لبنانَين»، قائلاً: «لا أرى لبنانَين، بل هناك لبنان واحد في شعبه، وفي تطلعاته للخلاص من خلال الدولة، والدولة وحدها». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «اللبنانيون مُصادَرون بقوة السلاح غير الشرعي من جهة، وبخطاب طائفي يذهب إلى تمجيد العزلة، وهي أسلحة تستخدم من جانب أطراف المنظومة الحاكمة التي يديرها (حزب الله)، ويحافظ على قواعدها برموش العين، وبعض خصومه يستسيغونها ولا ينقلبون عليها».

من هنا، يؤكد الأمين، الذي ينحدر من الجنوب، أن «القول إن الجنوب يعيش الحرب، وبقية اللبنانيين يعيشون السلام، فيه من التجنّي على اللبنانيين الموحَّدين في الألم والمتعلّقين بالأمل»، موضحاً: «لأن الحياة في المناطق التي تتعرض للعدوان هي نفسها في المناطق التي لا تطولها الاعتداءات، ويمكن أن ينطبق ذلك على الجنوب نفسه، فهناك مناطق آمنة الحياة فيها مستمرة، ومناطق غير آمنة دُمّرت وهجرها سكانها، وبالتالي لا يمكن القول: إن مَن يعيش بسلام من العدوان المباشر لا يتأثر أو يتفاعل مع مَن دُمّر بيته أو قُتل أو هُجّر...».

ويَعدّ الأمين أن «الانقسام فوقي ومفتعَل، وصناعة تجار الأزمات والحروب ومافيات الطوائف، وهذا واقع ملموس؛ لأن ما يُستثمر في الشرخ والتقسيم وفرز الشعب اللبناني إلى فئات متناحرة، لم يُستثمر جزء قليل منه في بناء الدولة وإصلاحها، وفي سبيل صلاح مؤسّساتها، تدمير الدولة هو منهج جلِيّ وواضح، ولا يقوم به المواطن، بل أحزاب ترى في وجودها فوق القانون فرصة حياتها، وفي خطاب الكراهية والعصبية مساحة وجودها وبقائها».

الانتخابات الرئاسية تتحوّل إلى ورقة مقايضة مع معادلة «الجنوب - غزة»

بدأت الحرب في جنوب لبنان بعد سنة كاملة من الفراغ الرئاسي، وعدم قدرة الأفرقاء اللبنانيين على الاتفاق أو إنجاز الاستحقاق نتيجة الانقسام العمودي فيما بينهم، هذا الانقسام كرّسته بشكل أكبر الحرب في الجنوب، بين داعم لـ«حزب الله» و«حرب المساندة»، وبين رافضٍ زجَّ لبنان بالحرب رغم التأييد للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين، وهو انعكس سلباً على الأزمة الرئاسية؛ إذ لم يدعُ رئيس البرلمان إلى جلسة لانتخاب رئيس منذ شهر يونيو 2013 بعدما كانت قد عُقدت 12 جلسة، وانتهت من دون نتيجة.

وما زاد الأمر تعقيداً هو ربط الاستحقاق بنتائج الحرب، التي يربطها «حزب الله» بالحرب في غزة، ويؤكد مسؤولوه أن وقف إطلاق النار في الجنوب مرتبط بالهدنة في غزة، وقد باءت كل المبادرات الرئاسية التي تطلقها أطراف داخلية وخارجية بالفشل، وبات الجميع مقتنعاً بأن الانتخابات الرئاسية لن تُنجَز قبل إنهاء الحرب، رغم إعلان «حزب الله» عكس ذلك.

وهذا الأمر يتحدث عنه رئيس جهاز الإعلام في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور، مشيراً إلى اختلاف في مقاربة «حزب الله» للاستحقاق الرئاسي بين ما قبل الحرب وما بعدها، ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «قبل الحرب كان الحزب يعمل على قاعدة تعطيل الانتخاب؛ كي يرضخ الطرف الآخر وينتخب مرشحه، منطلقاً في ذلك من محطات سابقة، أما بعد الحرب فقد دخل عاملان؛ الأول خطير، وهو مخالِف للدستور؛ عبر محاولة الحزب وحليفه رئيس البرلمان نبيه بري فرضَ إلزامية الحوار قبل الانتخاب، كما ذهب رئيس كتلة (حزب الله) النائب محمد رعد للقول: (العرف أقوى من الدستور)، في إشارة إلى الحوارات التي سبقت انتخابات رئاسية سابقة».

ويرى جبور أن «حزب الله» يعطّل الانتخابات الرئاسية؛ لأنه يريد أن يكون المفاوض من فريقه السياسي، أي إما رئيس البرلمان في مرحلة الفراغ، أو رئيس محسوب عليه، متحدثاً كذلك عن تحوّل الحرب إلى ورقة مقايضة في يد «حزب الله»، يستعملها في الانتخابات الرئاسية، وبالتالي هم لن ينتخبوا رئيساً إلا على قاعدة بيع هذه الورقة، أو تكريس مفهوم الحوار قبل الانتخاب، وبالتالي تكريس المرجعية الشيعية السياسية.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

كرر وزير الدفاع الأميركي، السبت، التزام بلاده التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وذلك خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي الذي أكد تواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)
عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)
TT

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)
عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)

قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام الحدودية في جنوب لبنان، وأحكمت طوقاً نارياً على المقاتلين الموجودين فيها بالقصف المدفعي والجوي، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني، في محاولة للتوغل إلى وسط المدينة التي لا يزال مقاتلو «حزب الله» يوجدون فيها، ويحاولون التصدي للقوات الإسرائيلية، وذلك بعد 25 يوماً من محاولات السيطرة على المدينة الاستراتيجية.

وتزامنت تلك المحاولات البرية مع مجازر متنقلة، تركزت في بيروت، حيث قُتل 20 شخصاً على الأقل في غارة فجراً، كما انتقلت مساء إلى شرق لبنان، حيث قُتل 13 شخصاً في حصيلة أولية في بوداي وشمسطار... كما تزامنت مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية، أن الوزير لويد أوستن أكد لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أهمية ضمان سلامة وأمن قوات الجيش اللبناني وأفراد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).

وجاء في بيان للوزارة أن أوستن شدد، خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي، على التزام الولايات المتحدة بالتوصل إلى حل دبلوماسي للصراع في لبنان، بما يسمح «بعودة المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين إلى منازلهم في المناطق الحدودية». وحث أوستن حكومة إسرائيل على اتخاذ خطوات بغية تخفيف الأوضاع الإنسانية السيئة في غزة، وأكد التزام أميركا بضمان الإفراج عن جميع المحتجزين.

عمال إنقاذ يبحثون عن ناجين جراء غارة إسرائيلية استهدفت شمسطار في شرق لبنان (أ.ف.ب)

معركة الخيام

وقالت مصادر مواكبة للتطورات الميدانية في جنوب لبنان، إن القوات الإسرائيلية تقدمت بالفعل إلى أحياء داخل مدينة الخيام، انطلاقاً من أطرافها الجنوبية والشرقية، ووسعت دائرة التوغل إلى الأطراف الشمالية الشرقية، بغرض إحكام الطوق على المدينة، لكنها شككت في روايات السيطرة على وسط المدينة ومركزها الحيوي، قائلة إن القتال في الأحياء الداخلية «لا يزال مستمراً، بدليل أن القصف المدفعي وقصف المسيرات والغارات الجوية لا تزال تستهدف المدينة».

وقطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد الناري المتوقع من الحقول المواجهة للأطراف الغربية، عبر السيطرة على أطراف برج الملوك وتل النحاس وبساتين الزيتون في القليعة المشفرة على سهل مرجعيون، كما توسعت غرباً باتجاه مجرى الليطاني في محاولة لمنع الإسناد المدفعي والصاروخي للقوات المدافعة عن المدينة.

وقالت المصادر إن القوات الإسرائيلية نفذت شعاعاً نارياً لمسافة سبعة كيلومترات على الأقل حول الخيام، لمنع رمايات الصواريخ المضادة للدروع، وذلك بقصف مدفعي مكثف وغارات جوية وغارات المسيرات، لافتة إلى أن القصف الجوي والمدفعي «يستهدف أيضاً أحياء المدينة». وقالت إن هذا الضغط الناري الهائل، «دفع (حزب الله) للاعتماد على المسيرات الانتحارية لضرب تجمعات الجيش الإسرائيلي في محاور التوغل وداخل الأحياء، إلى جانب القصف الصاروخي الذي يستهدف محيط المدينة ومداخلها الشرقية والجنوبية والشمال الشرقي».

رجال أمن لبنانيون في وسط بيروت وتبدو خلفهم صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله (أ.ب)

وأفادت قناة «المنار» الناطقة باسم «حزب الله» بـ«محاولة التفاف جديدة» نفذتها القوات الإسرائيلية من جهة نبع ابل السقي التي تؤدي إلى الأحياء الشمالية لمدينة الخيام، عبر تحرك لعدد من الجرافات والدبابات، انطلاقاً من وطى الخيام شرقاً في ظل سماع أصوات انفجارات ورشقات رشاشة في المحيط. وأفادت أيضاً بأن عدداً من آليات الجيش الإسرائيلي «غادرت من شرقي الخيام باتجاه الوطى ومنها نحو منطقة الوزاني» الواقعة في الجنوب الشرقي.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن الجيش الإسرائيلي «يستعمل منذ ليل الجمعة، شتى أنواع الأسلحة في عملية توغله ومحاولة سيطرته على البلدة، التي تعدّها إسرائيل بوابة استراتيجية تمكنها من التوغل البري السريع، خلافاً لما حدث في بعض البلدات الجنوبية الأخرى»، لافتة إلى أن «هذه المحاولات تترافق مع تصعيد واضح في القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي في اليومين الماضيين».

وقالت الوكالة إن الجيش الإسرائيلي «يحاول في خطته للتقدم البري في البلدة، تطويقها من جميع الجوانب والمحاور، مع غطاء جوي وبري واسع»، مضيفة: «ولا تقتصر خطة الجيش الإسرائيلي في الخيام على التوغل البري فقط، بل شملت تنفيذ عمليات تفخيخ بعض المنازل والمباني ونسفها، كما حدث في بعض البلدات الجنوبية الأخرى مثل العديسة ويارون وعيترون وميس الجبل».

وتعدّ بلدة الخيام ذات رمزية خاصة بالنسبة للبنانيين؛ إذ كانت أول منشأة يحررها أهالي الجنوب بعد تطبيق إسرائيل القرار الدولي 425 في 25 مايو (أيار) 2000، وهو اليوم الذي يُطلق عليه «حزب الله»: «يوم التحرير».

طرق الإمداد

ومهد الجيش الإسرائيلي لهذا التقدم بقطع طريق النبطية - مرجعيون بالكامل، عبر استهداف الطريق عند نقطة الخردلي بغارة جوية، على وقع قصف مدفعي كثيف للمنطقة. وتحدثت الوكالة الوطنية عن قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة للخيام، وسهل مرجعيون وأطراف جديدة مرجعيون وأطراف القليعة.

الدخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

أما «حزب الله» فأعلن عن استهداف مقاتليه لتجمعات إسرائيلية عند مثلّث دير ميماس - كفركلا وشرقي الخيام، وتحدث عن تراجع نسبي للتحركات الإسرائيلية في دير ميماس بعد انسحاب جرافة ودبابة والإبقاء على عدد من الدبابات بين كروم الزيتون وبعض الآليات قرب الدير غرب البلدة.

وأعلن الحزب أن مقاتليه اشتبكوا، صباح السبت، مع قوة من الجيش الإسرائيلي حاولت التسلل باتجاه الأطراف الغربية لبلدة دير ميماس في جنوب لبنان. وقال الحزب في بيان صدر عنه إن الاشتباكات التي وقعت صباحاً، شملت استخدام الأسلحة الرشاشة والصاروخية، وأسفرت عن وقوع إصابات بين جنود القوة الإسرائيلية بين قتيل وجريح. وأشار البيان إلى أن الجيش الإسرائيلي قام بسحب المصابين من منطقة الاشتباك تحت غطاء ناري ودخاني كثيف.

وأعلن رئيس بلدية ديرميماس جورج نكد أن «جيش العدو الإسرائيلي دخل إلى بلدة ديرميماس يوم الجمعة، وتمركز عند أطراف البلدة في محيط دير مار ميما وتلة لوبية وبين بساتين الزيتون المحيطة بالبلدة، وأن هناك نحو العشرين شخصاً ما زالوا في البلدة فقط، ومن بينهم سيدة حامل، وتقوم البلدية بالتواصل مع الصليب الأحمر الدولي لإجلاء الأهالي».

القطاع الغربي

وعلى المحور الجنوبي، تقدمت القوات الإسرائيلية على أطراف بلدة البياضة، انطلاقاً من محيط شمع ومنطقة تلة أرميس، فيما تجددت الاشتباكات في بلدة الجبين الواقعة شرق طيرحرفا، كما تعرضت القوات الإسرائيلية لاستهدافات صاروخية في بلدة يارين.

وأعلن «حزب الله» أن مقاتليه، وبعد رصد تحركات لقوة إسرائيلية تحاول التقدم باتجاه بلدة البياضة، اشتبكوا معها عند الأطراف الشرقية للبلدة، وامتدت الاشتباكات لساعات. كما أعلن عن استهداف دبابة غربي بلدة شمع بصاروخ موجه.

وشهدت منطقتا البياضة ووادي حامول في القطاع الغربي اشتباكات عنيفة بين مقاتلي «حزب الله» وقوة إسرائيلية حاولت التوغل إلى المنطقة للالتفاف على بلدة الناقورة والتمركز في منطقة البياضة؛ كونها موقعاً استراتيجياً كاشفاً للساحل الممتد بين الناقورة وصور، حيث دارت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة والصاروخية، وسُمِعَ صداها في مدينة صور، فيما قامت المدفعية الإسرائيلية بقصف البياضة ومنطقتي حامول والتلال بين شمع والبياضة.