رئيس الوزراء العراقي يحذّر من استخدام المخدرات في «تجنيد إرهابيين»

خلال افتتاحه أعمال «المؤتمر الثاني لمكافحة المخدرات» في بغداد

السوداني يفتتح «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات» (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني يفتتح «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات» (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

رئيس الوزراء العراقي يحذّر من استخدام المخدرات في «تجنيد إرهابيين»

السوداني يفتتح «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات» (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني يفتتح «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات» (رئاسة الوزراء العراقية)

حذّر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في افتتاح «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات»، من «استخدام المخدرات في تجنيد الإرهابيين»، ما يُسهم في تهديد الأمن الإقليمي.

وشارك على مستوى المؤتمر وزراء الداخلية وأجهزة مكافحة المخدرات من تسع دول عربية وإقليمية، بالإضافة إلى الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، و«جامعة نايف للعلوم الأمنية»، فضلاً عن مشاركة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المنظمة.

وأكد المشاركون، في بيان ختامي، ضرورة «توحيد الجهود الإقليمية والدولية المشتركة لتعزيز الأمن الإقليمي والعالمي لمواجهة تحدي انتشار المخدرات والمؤثرات العقلية وتهريبها؛ لحماية المجتمعات من خطر هذه الآفة، إدراكاً منها لحتمية تكامل العمل الأمني والاستخباري بين دولنا، الذي يأتي استجابة إلى ظروف المرحلة والتحديات والمشكلات المتشابهة التي نواجهها، علاوة على تماثل كثير من القوانين والأنظمة والتقاليد والمعتقدات التي ترفض هذه الآفة وتدينها، وتشجع على إقامة المؤسسات وإنشاء الأجهزة التي تحد من انتشار هذه الظاهرة والقضاء عليها».

مسؤولة أممية تشارك في «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات» (رئاسة الوزراء العراقية)

ومن جانبه، شدّد السوداني على «أهمية رفع مستوى التنسيق والتعاون المشترك في مواجهة هذه السموم الفتاكة بالمجتمعات والاقتصاد، وتأثيراتها في استقرار المنطقة بأسرها».

ونقل بيان صادر عن مكتب السوداني قوله في المؤتمر، إن «المخدرات والمؤثرات العقلية عامل أساسي من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة، وتهديدها لا يقتصر على الضرر الذي تستهدف به الشباب، وإنما يعني أن المستقبل بمجملهِ يقعُ في دائرة الأخطار».

وأشار السوداني إلى أن «التخادم بين الإرهاب وعصابات المخدرات يسعى إلى خلق مناطق معزولة، تخرجُ عن سيطرة القانون، وتستهدف زعزعة الأمن وهز الأسس المستقرة للمجتمعات»، مضيفاً أن «المخدرات استُخدمت في تجنيد الإرهابيين، من أجل خلق منطقة غير آمنة، ووقف التنمية وإضعاف الأوطان، وفعل المخدرات لا يختلف في نتائجه عن الحروب».

ورأى أن هدف المخدرات والإرهاب «يتمثّل في نَشرِ الصِّراع، وتوسعة ساحات العنف، لإنتاج التطرّف، والمزيد من اللاجئين، إذ إن المُخدّرات لم تعد مجرّد عقاقير كيميائية تلعب بعقولِ بعضِ الأفرادِ والمتعاطين، بل هي وسيلة لتدمير المجتمعاتِ من الداخل».

وتحدّث السوداني عن جملة إجراءات وقرارات استهدفت «تفتيتَ قدرة الجماعاتِ الإجرامية العاملة على هذهِ السموم، ورفع مستوى حصانة المجتمع، ضمن استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة المخدّرات».

ودعا السوداني إلى التنسيق والتعاون لملاحقة عصاباتِ المخدراتِ وتفكيكِها؛ لأن ذلك «سيخدم الأمن الإقليمي والدولي، إذ إن العراقَ منفتحٌ على كل تعاون أو جهد مع الأشقاءِ والأصدقاء».

ويعاني العراق منذ سنوات من مشكلة المخدرات التي تنامت بشكل كبير خلال العقدين الأخيرين، وتحول إلى دولة مستهلكة بعد أن كان دولة شبه خالية من المخدرات، وغالباً ما تمر تجارة المخدرات من حدوده الشرقية مع إيران والغربية مع سوريا، وتمر بكميات أقل عبر حدوده الشمالية مع تركيا.

مسؤول بوزارة الداخلية العراقية يقدّم تقريراً خلال «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات» (رئاسة الوزراء)

وأعلنت وزارة الداخلية، الأسبوع الماضي، أن عملياتها المتعلقة بمكافحة المخدرات أسفرت خلال النصف الأول من العام الحالي «ضبط مواد مخدرة، بواقع طن و822 كغم، و740 غراماً متنوعة»، وأكدت «وجود انخفاض بالمخدرات وبمعدل 4 في المائة، قياساً بالمدة نفسها عن العام السابق».

ولفتت إلى أن «مجموع ما قُبض عليهم 7705 متهمين، وبواقع 1435 تاجر مخدرات، و198 مواد قانونية أخرى، و147 تاجراً دولياً، والعدد الكلي للمدانين الصادر بحقهم أحكام إعدام خلال 6 أشهر بلغ 72 حكماً، وضُبطت أسلحة مختلفة، وبواقع 781 قطعة سلاح في مجال مكافحة المخدرات».

بدوره، أكد وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، خلال كلمة له في المؤتمر، أن «خطر المخدرات يزداد بقوة، وآفة المخدرات أصبحت شبحاً يطارد شبابنا».

وشدد الشمري على «ضرورة التعاون والتنسيق للوقوف بوجه خطر المخدرات. وزارة الداخلية شرعت بإجراءات كثيرة وخطط مدروسة لمطاردة التجار، والعراق أطاح برؤوس كبيرة في تجارة المخدرات»، كاشفاً عن «إبرام مذكرات تفاهم مع دول كثيرة لمواجهة هذه الظاهرة».

وقال مدير دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، اللواء خالد المحنا، لـ«وكالة الأنباء العراقية» (واع): إن «وزارة الداخلية وبعد أن تبنّت ملف مكافحة المخدرات، بصفته أهم ملف في الوزارة، خطت استراتيجية وطنية شاملة أحد بنودها إقامة تعاون إقليمي دولي، لأن المخدرات من الجرائم العابرة للحدود والعابرة للوطنية، وهنالك جماعات محلية تتعامل مع جماعات دولية».

وأضاف المحنا، أن «الفضل الأول كان للعراق في تبني وإنشاء منظومة تعاون دولي إقليمي مشترك. وبغداد وجدت رغبة حقيقية من قبل دول الجوار بصفتها تواجه المشكلة نفسها، وفي بعض البلدان أخطر وأعقد من مشكلة العراق».

صورة تذكارية بين السوداني ووزراء داخلية دول جوار العراق ومشاركين في «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات» (رئاسة الوزراء العراقية)

وتابع: «كان هنالك تفاعل، وأبدت الدول رغبتها بهذا التجمع، وعُقد المؤتمر الأول في العام الماضي، وتمخض عنه كثير من النتائج التي سرعان ما آتت أُكلها، وأثمرت كثيراً من الإنجازات على الصعيدين المحلي والدولي».

ولفت إلى أن «مؤتمر بغداد الثاني يسعى إلى أن يكون هنالك تعزيز لهذا التعاون، وأن يكون هنالك عمل حقيقي مشترك لمواجهة خطر المخدرات»، مشيراً إلى أن «أهم المخرجات المرتقبة سيكون هنالك تعزيز للتعاون، ومكتب دائم في العراق لتناقل البيانات والخبرات».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: العراق يتحوّل إلى «محور» إقليمي لتهريب المخدرات

المشرق العربي كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: العراق يتحوّل إلى «محور» إقليمي لتهريب المخدرات

صادرت السلطات العراقية، العام الماضي، كميات قياسية من حبوب الكبتاغون، قد تصل قيمتها إلى 144 مليون دولار، وفق تقرير نشرته، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الولايات المتحدة​ الأميركي مايكل ترافيس ليك داخل قفص المتهمين في أثناء جلسة النطق بالحكم في محكمة مقاطعة خاموفنيتشيسكي الروسية (أ.ف.ب)

السجن 13 عاماً لأميركي في روسيا بتهمة الاتجار بالمخدرات

أصدرت محكمة روسية في موسكو، الخميس، حكماً بالسجن 13 عاماً على الأميركي مايكل ترافيس ليك، بعد اتهامه بالاتجار بالمخدرات.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية أفراد من البحرية المكسيكية في بوكا ديل ريو بولاية فيراكروز بالمكسيك في 25 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

العثور على 19 جثة في شاحنة بولاية مكسيكية مضطربة

قال مكتب مدعٍ عام محلي بالمكسيك في بيان إن مسؤولي الأمن عثروا على 19 جثة لرجال في صندوق شاحنة بولاية تشياباس جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)
المشرق العربي سوق الهال للخضراوات بدمشق (أرشيفية - سانا)

تجار يتحدثون عن عرقلة دخول شاحنات الفاكهة السورية إلى الأردن

شكّل انخفاض أسعار الفواكه والخضار الصيفية في دمشق لغزاً للسوريين الذين حرم أغلبهم من تناولها خلال الشهرين الماضيين لارتفاع أسعارها.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم تُظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي نشرتها الجمارك الإيطالية في الأول من يوليو 2024 ضباطاً خلال مصادرتهم مخدرات كيماوية أتت من الصين (أ.ف.ب)

إيطاليا وهولندا تصادران أطناناً من مواد لتصنيع المخدّرات آتية من الصين

صودر في إيطاليا وهولندا أكثر من سبعة أطنان من المكونات الكيميائية التي تُستخدم لإنتاج عشرات الملايين من حبوب «إم دي إم أيه»، كعقار إكستاسي، آتية من الصين.

«الشرق الأوسط» (روما)

الأمم المتحدة: العراق يتحوّل إلى «محور» إقليمي لتهريب المخدرات

كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)
كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: العراق يتحوّل إلى «محور» إقليمي لتهريب المخدرات

كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)
كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)

صادرت السلطات العراقية، العام الماضي، كميات قياسية من حبوب الكبتاغون، قد تصل قيمتها إلى 144 مليون دولار، وفق تقرير نشرته، الاثنين، الأمم المتحدة، التي حذّرت من أن البلاد تتحول إلى «محور» مهم لتهريب المخدرات.

واستضاف العراق، الاثنين، مؤتمراً شارك فيه وزراء ومسؤولون من دول إقليمية وعربية، بهدف تعزيز التعاون المشترك في مجال مكافحة المخدرات.

وأورد تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة: «شهد العراق طفرة هائلة في الاتجار بالمخدرات واستهلاكها خلال السنوات الخمس الماضية»، لا سيما حبوب الكبتاغون المخدّرة والميثامفيتامين، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ووفق التقرير، صادرت السلطات العراقية في عام 2023 «رقماً قياسياً بلغ 24 مليون قرص كبتاغون»، يفوق وزنها 4.1 طن، وتقدَّر قيمتها بما بين 84 مليون دولار و144 مليوناً وفقاً لسعر الجملة.

وأشار التقرير إلى أن «مضبوطات الكبتاغون زادت بنحو 3 أضعاف» بين عامَي 2022 و2023، لافتاً إلى أن المضبوطات في العام الماضي «أعلى بمقدار 34 مرة» من تلك في 2019.

والكبتاغون تسمية قديمة لعقار يعود إلى عقود مضت، لكن تلك الحبوب، وأساسها الأمفيتامين المحفّز، باتت اليوم المخدّر الأول على صعيد التصنيع والتهريب، وحتى الاستهلاك في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي.

وحذّر تقرير الأمم المتحدة من أن «العراق معرّض لأن يصبح محوراً متزايد الأهمية بالنسبة لمنظومة تهريب المخدرات عبر الشرق الأوسط والأدنى، حيث يقع العراق في نقطة تقاطع منظمة عالمية معقدة لتهريب المخدرات».

وغالباً ما تعلن بغداد ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة، أبرزها الكبتاغون الذي يتمّ تهريبه بشكل أساسي من سوريا، التي باتت المصدر الرئيسي لتصنيع تلك الحبوب المخدرة.

وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن 82 في المائة من حبوب الكبتاغون المضبوطة في المنطقة بين عامَي 2019 و 2023 مصدرها سوريا، يليها لبنان (17 في المائة).

ويتحول العراق تدريجياً أيضاً إلى ممرّ لتهريب الميثامفيتامين، ومصدره الأساسي جنوب غرب آسيا، وخصوصاً أفغانستان، نحو دول الخليج وأوروبا. وسُجّلت في العراق زيادة في المضبوطات تناهز 6 أضعاف بين 2019 و2023.

وحذّر تقرير الأمم المتحدة من أنه «رافق ارتفاع عمليات نقل المخدرات عبر العراق والدول المجاورة، زيادة في الاستهلاك المحلي في جميع أنحاء البلاد».

وكثّفت حكومات دول المنطقة مؤخراً جهودها لمكافحة تهريب المخدرات، بضغط أساسي من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية.

وخلال مؤتمر بغداد، الاثنين، قال رئيس الحكومة العراقية محمّد شياع السوداني إن «العراقَ مُنفتحٌ على كلِّ تعاونٍ أو جهدٍ مع الأشقاء والأصدقاء»، لمواجهة ما وصفه بـ«جريمة عابرة للحدود». وقال: «سندعم كل جهد يستهدفُ القضاءَ على بؤرِ سمومِ المخدّراتِ ومحطاتِ تصنيعِها».

وأوصى المشاركون بالمؤتمر في بيان ختامي بـ«تعزيز آليات العمل المشترك، واعتماد مبدأ التكامل في العمل الأمني من أجل قطع طرق تهريب المخدرات».